أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-1-2023
![]()
التاريخ: 24-2-2016
![]()
التاريخ: 2025-02-17
![]()
التاريخ: 16-1-2020
![]() |
إن القصة التي سوف أحكيها فى هذا الجزء يمكن تلخيصها بطريقة بالغة البساطة: تقريبا كل المادة المضيئة في الكون - أي المادة التي يمكننا رؤيتها تكمن في العناقيد المجرية الفائقة. وتلك العناقيد المجرية الفائقة مثل أوتار بالغة الطول تنتظم فيها مجموعات المجرات وكأنها حبات من اللؤلؤ تصطف في عقد، وقد أطلق اصطلاح الفراغات على المسافات المروعة بين هذه العناقيد المجرية الفائقة، وتخلو تلك الفراغات - نسبياً - من المادة المضيئة، كما سوف نرى وشيكا.
وقد بدأ الاعتقاد باحتمال وجود العناقيد المجرية الفائقة بالعمل الذي قام به (جورج أبل) والمذكور أنفا. وعلى الرغم من أنها لم تكن مجال بحث أساسي، فقد شهدت الستينيات وأوائل السبعينيات من القرن العشرين تدفقا وطيدا من المحاولات لاستخدام أسلوب ،ما ، مثل تقنية (أبل)، لاستنباط البنية ذات المقياس المروع للكون. وفي العام 1967 ، نشر (دونالد شين) و(كارل ورتانن من مرصد (ليك) في كاليفورنيا. فهرساً مفصلاً يتضمن مواقع مليون مجرة في السماء، وكان هذا - حتى ذلك الوقت - مسحاً شاملاً لم يسبق له مثيل. وكان العالمان يؤديان عملهما المضني كلية بالعين المجردة، وقد تمكنا من تفحص وتحليل ألاف من الألواح الفوتوغرافية، وسجلا مواضع المجرات فوقها.
هب أنك كلفت بمهمة تفحص وتحليل خريطة شارع لكل مدينة كبيرة في الولايات المتحدة، وطلب منك تسجيل أماكن كل التقاطعات الرئيسية بها. سوف تكون مهمتك الشاقة متماثلة مع تلك التي أنجزها (شين) و(ورتانن).
ولا عجب أنهما استغرقا اثنى عشر عاماً لإتمام هذه المهمة البالغة الصعوبة ووفقا للمعتقدات والأفكار المتعارف عليها في علم الفلك، قاما بتطوير كل الطرق الممكنة لينجزا مهمتهما في إحصاء المجرات، في غمرة المهام الشاقة الأخرى. وكان ورتانن) - باعتباره مدير مختبر - بمقدوره أن يكون قادراً على العمل في تفحص وتحليل أحد الألواح الفوتوغرافية، بينما يجرى محادثات هاتفية طويلة حتى السام والملل، مع مديرين ينعمون بمكاتب أنيقة فاخرة وباستخدام المسح الذي قام به (شين) و(ورتانن)، تمكن (ب.ج.أ جيم بيبلز) ومعاونوه في جامعة برنستون) من تجميع خريطة كاملة للكون بأسره. وكان هذا أول تصور ذهني شامل للكون، ومن ثم فقد حازت تلك الخريطة على شعبية واسعة ورواجاً كبيراً. وظهرت فى كل أنواع الكتب الدراسية وفى لوحات ضخمة ملونة، وعلقت في معظم الأقسام الفلكية بالولايات المتحدة، بل لقد تم تسويقها لتزين داخل وعاء للحساء والرأى عندنا أن الأمر البالغ التأثير في الخريطة، الاعتقاد بأنها تظهر - بشكل أخاذ للغاية - البنية الخيطية والشبيهة بالنسيج المشبك الكون.
بيد أن المظهر قد يخدع. فعندما نشرت لأول مرة خريطة (بيبلز) الكاملة عن الكون. كانت هناك مناقشات ومجادلات عديدة، عن كيفية شرحها وتفسيرها ما دامت الألواح الفوتوغرافية، التي كانت مصدراً لها تشتمل على صور للسماء ذات بعدين فقط، إذن فليست هناك ضمانة بأن تلك المجرات التي تبدو منتظمة على طول خيط رفيع ملفوف هي في حقيقة الأمر، ترتبط مع بعضها. وربما كانت مواضعها لا تعدو أن تكون على طول نفس خط الرؤية من كوكب الأرض، ومن ثم، فهى – على غير ما هو مفترض في الخريطة – غير مرتبطة ببعضها .
وثمة حقيقة أخرى يجب التنويه عنها حول خريطة المليون مجرة، إنها تثقيفية بشكل واضح ومحددة، وتمس طبقة رقيقة ملساء من العقل البشري. لا تلقى إلا القليل من التقدير والامتنان إن بصيرتنا وعقولنا - متأقلمة بمهارة وبراعة - لرؤية نماذج في بيئتنا. وبالنسبة لأسلافنا الأوائل الرئيسيات، كان هذا النوع من المهارة أساسياً لا غنى عنه لأداء بعض المهام اليومية، مثل البحث عن الفاكهة الصالحة للأكل، بين الأوراق المتشابكة للنباتات.
ولقد حملنا هذا الإرث معنا فى القدرة الرائعة للعقل البشري، المتمثلة في تتبع واكتشاف النماذج في البيئة. ولم يبتكر حاسوب حتى الآن يماثل قدرة طفل في الثالثة من عمره، عندما يتعلق الأمر برؤية النماذج في بيئتنا بأذهاننا إننا في الواقع، لدينا قدرة رائعة لإدراك النماذج، تلك التي نراها عادة بأذهاننا وحتى لو لم تكن هناك فكر في اختبار (رورشاخ)، الذي طوره علماء النفس ليعاونهم في دراساتهم المتعلقة بالشخصية الإنسانية، ويتكون هذا الاختبار من سلسلة من البطاقات الصغيرة تظهر عليها بقع غير منتظمة من الحبر. وليس هناك نموذج جوهري في البقع، ولكنك إذا نظرت إليها، فسوف ترى أشياء متباينة، فعقل كل شخص يفرض بشكل إلزامي نماذجه الخاصة به على تلك البقع، وهذا ما يعطى الطبيب النفسي رؤية ثاقبة للطريقة التي يعمل بها العقل وعودة إلى خريطة المجرات، لكى نتساءل ما الذي نستفيده من الألواح الفوتوغرافية، التي كانت مصدراً لها تشتمل على صور للسماء ذات بعدين فقط، إذن فليست هناك ضمانة بأن تلك المجرات التي تبدو منتظمة على طول خيط رفيع ملفوف هي في حقيقة الأمر، ترتبط مع بعضها. وربما كانت مواضعها لا تعدو أن تكون على طول نفس خط الرؤية (1) من كوكب الأرض، ومن ثم، فهى – على غير ما هو مفترض في الخريطة – غير مرتبطة ببعضها.
وثمة حقيقة أخرى يجب التنويه عنها حول خريطة المليون مجرة، إنها تثقيفية بشكل واضح ومحددة، وتمس طبقة رقيقة ملساء من العقل البشري. لا تلقى إلا القليل من التقدير والامتنان إن بصيرتنا وعقولنا - متأقلمة بمهارة وبراعة - لرؤية نماذج في بيئتنا. وبالنسبة لأسلافنا الأوائل الرئيسيات، كان هذا النوع من المهارة أساسياً لا غنى عنه لأداء بعض المهام اليومية، مثل البحث عن الفاكهة الصالحة للأكل، بين الأوراق المتشابكة للنباتات.
ولقد حملنا هذا الإرث معنا فى القدرة الرائعة للعقل البشري، المتمثلة في تتبع واكتشاف النماذج في البيئة. ولم يبتكر حاسوب حتى الآن يماثل قدرة طفل في الثالثة من عمره، عندما يتعلق الأمر برؤية النماذج في بيئتنا بأذهاننا إننا في الواقع، لدينا قدرة رائعة لإدراك النماذج، تلك التي نراها عادة بأذهاننا وحتى لو لم تكن هناك فكر في اختبار (رورشاخ)، الذي طوره علماء النفس ليعاونهم في دراساتهم المتعلقة بالشخصية الإنسانية، ويتكون هذا الاختبار من سلسلة من البطاقات الصغيرة تظهر عليها بقع غير منتظمة من الحبر. وليس هناك نموذج جوهري في البقع، ولكنك إذا نظرت إليها، فسوف ترى أشياء متباينة، فعقل كل شخص يفرض بشكل إلزامي نماذجه الخاصة به على تلك البقع، وهذا ما يعطى الطبيب النفسي رؤية ثاقبة للطريقة التي يعمل بها العقل وعودة إلى خريطة المجرات، لكى نتساءل ما الذي نستفيده من هذا النموذج الكوني، الذي يشبه النسيج المشبك ؟ هل هو - في الحقيقة - موجود هناك في السماء، أم أن الكون قدم لنا اختبار (رورشاخ) ولكن على مدى بالغ الضخامة؟ وهذا ليس سؤالاً فلسفيا مجرداً، ويمكن بالفعل الإجابة عنه بتطبيق بعض الإحصائيات شديدة البساطة والمخطط مرسوم في الشكل (1) (إلى اليسار). ركز انتباهك على مجرة واحدة، مثل تلك التي معنونة أثم إحص كم عدد المجرات التي توجد على بعد أقل من المسافة، بعيداً عن أ. وفى الشكل، هناك أربع من هذه المجرات. ويمكنك أن تكرر ذلك الإحصاء لقيم متباينة للمسافة ر، ملقيا بشبكتك إلى مدى أرحب، بينما تتوسع في إجراء هذا الإحصاء. وتمثل هذه العملية بالدوائر المتحدة المركز الموجودة في الشكل. وعندما تفرغ من تلك العملية للمجرة أ، حول اهتمامك إلى مجرة أخرى مثل المعنونة ب وكرر نفس الأداء. ولن تنتهي من هذه المهمة، حتى تعمل ذلك، لكل مجرة في المجموعة.
الشكل (1)
وعندما تنتهي المهمة (لا حاجة بنا للقول بأنها تؤدى بواسطة الحاسوب)، يكون لديك، ما يطلق عليه علماء الرياضيات وظيفة الارتباط الذاتي". إنها تخبرك عن مدى احتمالية وجود مجرتين ضمن مسافة معينة، تحدد بعد كل منهما عن الأخرى. ومن هذه الاحتمالية يمكنك أن تفسر وتشرح أهمية خريطة المجرات كما يلي: إذا كانت الاحتمالية كبيرة بالنسبة للقيم الصغيرة لـ ر، فهذا يعنى أن المجرات - على الأرجح - تريض بالقرب من بعضها، ويكون هذا دليلاً على حدوث التجمع في شكل عناقيد مجرية.
أما إذا لم تكن هناك قيمة معينة لـ ر، تكون لها احتمالية كبيرة وذات دلالة أكثر من أي مجرة أخرى، يكون معنى ذلك أن المجرات سوف تتبعثر - بشكل أو آخر - عشوائياً عبر الفضاء، ومن ثم لن تتكون العناقيد المجرية.
ويرسم بيانيا (شكل (1) إلى اليمين وظيفة الارتباط الذاتي، لمخطط (شين - ورتانن). ويوضح هذا الرسم بجلاء الآثار المترتبة على تكوين العناقيد المجرية، إنها الأكبر بالنسبة للقيم الصغيرة لـ ر. ما دام هذا الاختيار مستقلاً عن المدركات الحسية وقبل أن نستطرد في البحث، يجب أن أشير إلى معركة كبرى اندلعت مؤخراً، حول . جانب آخر من مسح (شين - ورتانن للمجرات. وكانت الناقدة الرئيسية هي (مارجريت جيلر) من مركز (هارفارد - سيمثونيان للفيزياء الفلكية، وتركزت مجادلاتها على الحقيقة التي مفادها أنه عندما قام (شين) و(ورتانن) بإجراء مسحهما المجرات، قسما السماء إلى مربعات ثم وزعا هذه المربعات بحيث يقوم كل منهما بتفحص عدد منها. ووجهة نظر (مارجريت جيلر) تنحصر فى أنه إذا كان لدى أحد الباحثين معايير مختلفة عن الآخر، فيما يتعلق بتفسير وشرح الألواح الفوتوغرافية فعلى سبيل المثال، قد
يتقبل أحدهما بقعة ضبابية معينة على أنها مجرة، بينما لا يتقبلها الباحث الآخر)، وسوف تكون النتيجة وجود نموذج من النقاط الفاتحة والداكنة فوق خريطة المجرات. ومثل هذا النموذج يمكنه بسهولة أن يظهر - على غير الحقيقة – أن بنية الكون خيطية.
وقد لجأ المدافعون عن خريطة المجرات، ومن أبرزهم (ب.ج.أ بيبلز)، إلى الرد على المعارضين بسلسلة من الحسابات المعقدة والتقنية إلى حد ما، ومن ثم بدا أن السؤال كله، غرق في لجة من الإحصائيات والرياضيات التي لا يهتم بها سوى الخبراء، ولقد ذكرت الصراع فقط للتأكيد على مدى الصعوية التي تكتنف التوصل إلى إجابة نهائية السؤال الذي يتعلق بالبنية الكونية ذات المقياس المروع، باستخدام التقنيات الفوتوغرافية العادية، لعلم الفلك التقليدي. ويجب ) الاحتفاظ بهذا الأمر جيداً في ذهنك حتى نقوم – فيما بعد في هذا الفصل - بتقديم فكرة مسح الإزاحة نحو الأحمر. وكما سوف نرى وشيكا، فإن مثل تلك المسوحات تزودنا بمقياس أكثر وثوقية، عن الطريقة التي تتجمع بها المجرات في السماء. وثمة عدد كبير من مسوحات الإزاحة نحو الأحمر الرئيسية أجريت منذ أواخر السبعينيات من القرن العشرين اكتشفت عشرات من بني طويلة شبيهة بالأوتار، أطلق عليها العناقيد المجرية الفائقة. وكان أكبر هذه يمر عبر الكوكبتين (الجبار) و(الفرس الأعظم، وهاتان الكوكبتان تتميزان بالجلاء والوضوح في السماء ليلاً، خلال فصل الخريف وبداية فصل الشتاء. وهذا العنقود المجرى الفائق هو أضخم بنية معروفة في الكون. وفي الرسم بالشكل 2-5 نظهر مخططاً لهذا العنقود المجرى الفائق معتمدين على نموذج أبدعه (دافيد باتوسكي)، عندما كان يعمل في جامعة (أريزونا). ويتكون هذا النموذج من ثلاثة وأربعين عنقوداً مجريا تنتظم معا على خيطين رفيعين ملفوفين ومتشعبين، ويحيط الامتدادات. بهذين الخيطين ذاتهما مساحات هائلة فارغة، وهي التي نطلق عليها الفراغات.
والرأى عندى أن أكثر الأشياء إثارة في الشكل (2) ليست البنية الدقيقة للعنقود المجرى الفائق، ولكن الحجم النحيل والرقيق له إنه يمتد لمسافة تبلغ بليون سنة ضوئية عبر السماء، وهذا جزء يمكن تقديره وقياسه واستيعابه، من الحجم الكلي للكون وحيث إننا قد وجدنا بالفعل بنى بهذه الضخامة المروعة، فإن الأمر يبدو لي أنه تنبؤ قوى بأن الكون متكتل وخيطي، حتى آخر الحدود التي يمكن أن تصل إليها أرصادنا. ولا أرى إلا أملاً ضئيلاً، بأن التجانس سوف يوجد فجأة، عند قياسات مروعة تزيد على بليون سنة ضوئية.
الشكل 2
وأتساءل هل العنقود المجرى الفائق بكوكبه الجبار وكوكبه الفرس الأعظم، أضخم بنية في الكون؟ بالتأكيد هو الأضخم حسب إمكانيات أرصادنا حتى الوقت الحاضر، ولكن على المرء أن يتذكر بأن كل المسوحات التي أجريت حتى الآن، قد اكتشفت أقل من واحد بالمائة من حجم الكون في نطاق بليون سنة ضوئية بعداً من كوكب الأرض، ويمعنى آخر، أقل من واحد بالمائة من حجم الكون الكلى الذى يمكن رصده، وسوف يكون من المذهل، أننا - فى حداثة مسوحاتنا المنهاجية للسماء - تعثرنا على الفور بأضخم بنية في الكون، وحتى النجاح بالصدفة يجب أن تكون له حدود وهذا يعني أننا نتوقع إيجاد بني كونية أضخم مع تعمق وتوسع أبحاثنا المستقبلية.
|
|
مريض يروي تجربة فقدانه البصر بعد تناوله دواءً لإنقاص الوزن
|
|
|
|
|
كارثة تلوح في الأفق بعد تحرك أكبر جبل جليدي في العالم
|
|
|
|
|
قسم التطوير يناقش بحوث تخرج الدفعة الثانية لطلبة أكاديمية التطوير الإداري
|
|
|