أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-10
385
التاريخ: 2023-11-24
1259
التاريخ: 2024-03-24
958
التاريخ: 20-6-2017
2179
|
وردت مجموعة كبيرة من الروايات عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليه السلام) في حق الجار واحترامه وتقديره ففي حديث قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله): (مَا زَالَ جَبْرَئِيلُ ـ عليه السلام ـ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثه) (1).
وعَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (عليه السلام) عَنْ أَبِيهِ (عليه السلام) قَالَ: قَرَأْتُ فِي كِتَابِ عَلِيٍّ (عليه السلام) أَنَّ رَسُولَ الله (صلى الله عليه وآله) كَتَبَ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَمَنْ لَحِق بِهِمْ مِنْ أَهْلِ يَثْرِبَ: أَنَّ الْجَارَ كَالنَّفْسِ غَيْرُ مُضَارٌ وَلَا اثمٍ وَحُرْمَةٌ الْجَارِ عَلَى الْجَارِ كَحُرْمَةِ أُمِّهِ.... الْحَدِيثُ مُخْتَصَر (2) المنطق الفرعوني:
إن المنطق الفرعوني الذي تحدث عنه القرآن الكريم بقوله حكاية عن فرعون وغطرسته: {قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} [غافر: 29]، إلغاء الطرف الآخر من جميع وجوده وكيانه ومشاعره وأحاسيسه، ولا يعرض عليهم إلا ما يراه حتى وإن كانت دعوى الربوبية وعلى الآخرين أن يسلم بذلك طوعاً أو كراهية.
هذا المنطق الذي يمثل منتهى التجبر والتكبر والاستبداد وعدم الاعتراف بالطرف الآخر ومصادرة حريته وكرامته وإنسانيته كإنسان.. هذا المنطق الظالم الهمجي المخالف للعقل السليم والذوق والشرائع السماوية والقوانين الوضعية وحقوق الإنسان في العالم..
هذا المنطق مع الأسف الشديد هو المنطق المسيطر على أكثرية العالم بالرغم مما يدعى من تقدم وحضارة ومعرفة ودعوى حقوق الإنسان فإنه هو منطق أكثر السياسيين وأكثر الاجتماعيين وفي بعض الحوزات العلمية ومن يدعي الوعظ والإرشاد والإصلاح وإن غلف وزوق برتوش الديمقراطية مرة وحقوق الإنسان أخرى والدفاع عن حقوق الشعوب المستضعفة ثالثة وباسم الدين رابعة وباسم العلم خامسة وباسم أهل البيت (عليهم السلام) سادسة وباسم السلف الصالح والصحابة سابعة وهكذا دواليك فإن المنطق واحد منطق : فرعوني: {مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى} [غافر: 29]، وإن اختلفت مسمياته.
منطق الإسلام
وفي مقابل المنطق الفرعوني، منطق الإسلام منطق العدل والإنصاف حتى مع الأعداء ... منطق الحرية والكرامة والمساواة بين أفراد الشعوب... هذا المنهج والمنطق النابع من الرحمة والرأفة.. هذا المنطق الذي جهله أكثرية المسلمين بما فيهم عدد من أهل العلم وابتعدوا عنه عملياً.
هذا المنطق الذي يقول فيه نبي الرحمة (صلى الله عليه وآله) ويطمئن أعداءه بعدالته معهم مهما عاملوه وكفروا برسالته بقوله: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [سبأ: 24]، فيناديهم أنا معكم في النجاح وفي الخسران وأنه يدعوهم إلى ما يؤمن به وهو معهم في الهداية أو في الضلال، ثم يواصل حواريته معهم ويؤدبه ربه سبحانه فيخاطبه بقوله: {قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [سبأ: 25]، ومرة يبرز أدب الحوار حتى مع الأعداء المشركين بالله فيقول إذا كنتم تقولوا أننا مجرمون فأنتم غير مسؤولين عن إجرامنا ولا يستنكف أن يحكي تصورهم وما يقولونه فيه ولكن عندما أراد أن يعبر عما يصدر عنهم من أفعال عبر بقوله: { قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [سبأ: 25]، وكم هو فارق بين التعبيرين حيث ينفذ هذا الادب الرفيع حتى مع المشركين في أعماق العدو والمخالف ويكون مصداقاً لقوله تعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: 34].
إن هذا المنهج القرآني القويم هو الذي اتخذه أهل البيت (عليهم السلام) منهجاً لهم ليس مع محبيهم ومواليهم فحسب بل مع مخالفيهم وألد أعدائهم، هذا المنهج كفيل بأن يرفع مختلف المشاكل العالقة بين أفراد المجتمع على المستوى الفردي أو الاجتماعي والدولي والإنساني وفي ما يلي نعرض رواية وقعت بين رجل من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) وأحد جيرانه، ثم يعرض الإمام (عليه السلام) المنطق الفرعوني الذي قد استعمله هذا الشخص مع جاره أو هو في الحقيقة سلوك متبع لعدد من الناس.
فمَنْ عُمَرَ بْنِ عِكْرِمَةَ (3)، قَالَ:
دَخَلْتُ عَلى أَبِي عَبْدِ اللهِ (عليه السلام) فَقُلْتُ لَهُ (4): لِي جَارٌ يُؤْذِينِي؟
فَقَالَ: (ارْحَمْهُ).
فَقُلْتُ: لَا رَحِمَهُ اللَّهُ، فصَرَف وَجْهَهُ عَنِّي، قَالَ: فَكَرِهْتُ أَنْ أدعه (5).
فَقُلْتُ: يَفْعَلُ بِي كَذَا وَكَذَا (6)، وَيَفْعَلُ بِي (7) وَيُؤْذِينِي.
فَقَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ كَاشَفْتَهُ انْتَصَفْتَ مِنْهُ (8)؟.
فَقُلْتُ: بَلَى (9) أُرْبِي (10) عَلَيْهِ.
فَقَالَ: إِنَّ ذَا مِمَّنْ يَحْسُدُ النَّاسَ عَلى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ (11) مِنْ فَضْلِهِ، فَإِذَا رَأَى نِعْمَةً عَلى أَحَدٍ فَكَانَ (12) لَهُ أَهْلٌ، جَعَلَ بَلَاءَهُ (13) عَلَيْهِمْ (14)، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ (15) أَهْلُ، جَعَلَهُ (16) عَلى خَادِمهِ، فَإِنْ (17) لَمْ يَكُنْ لَهُ خَادِمٌ، أَسْهَرَ لَيْلَهُ وَأَغاظَ (18) نَهَارَهُ، إِنَّ (19) رَسُولَ اللهِ (صلى الله عليه وآله) أَتاهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: إِنِّي اشْتَرَيْتُ دَاراً في (20) بَنِي فُلانٍ، وَإِنْ أَقْرَبَ جِيرَانِي مِنِّي جِوَاراً مَنْ لا أَرْجُو خَيْرَهُ، وَلَا آمَنُ شَرَّهُ.
قَالَ: فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله) عَلِيّاً (عليه السلام) وَسَلْمَانَ (21) وَأَبَا ذَرُ - وَنَسِيتُ آخر (22) وأظنُّهُ (23) الْمِقْدَادَ - أَنْ يُنَادُوا فِي الْمَسْجِدِ بِأَعْلَى أَصْوَاتِهِمْ (24) بِأَنَّهُ لا إِيمَانَ (25).
لِمَنْ لَمْ يَأْمَنَ (26) جَارُهُ (27) بَوَائِقَهُ (28) فَنَادَوْا بِهَا ثَلَاثَاً، ثُمَّ أَوْمَأ بِيَدِهِ إِلَى (29) كُلِّ أَرْبَعِينَ دَاراً مِنْ (30) بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ (31)، (32).
فكلام الإمام الصادق (عليه السلام) ومنطقه هو المنطق القرآني بينما الطرف الآخر منطقه هو المنطق الفرعوني.
وأربي عليه: أي أزيد أي آخذ حقي وزيادة فلذلك تأذى الإمام من هذا الموقف وهذا السلوك الخاطئ. ثم شرح الإمام المنهج والمنطق الفرعوني المتبع للحساد والمنحرفين عن خطهم وسلوكهم فإن هؤلاء عندما يتعادون ويختلفون مع غيرهم ولو لأتفه الأسباب فإنهم لا ينتقمون ممن يعادونه فقط بل يتعدى الحال بهم إلى أقرب المقربين لمن يختلف معهم ثم الأبعد فالأبعد ثم الأصدقاء ثم من يتكلم. معه ويسلم عليه فإن لم يجدوا أحداً من مناصريه ومؤيديه بقي الغيظ في قلوب هؤلاء من شدة الحسد. وهذا هو سلوك الجبناء الحاقدين على غيرهم لأتفه الأسباب فمرة باسم الدين ومرة باسم المذهب وأخرى باسم السياسة وهكذا دواليك حتى ولو كان من هبوب الريح وخفقان الطير.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ من لا يحضره الفقيه ج 1، ص 52، حدیث 108.
2ـ الكافي ج 2، ص 666، ورواه كاملاً في الكافي ج 5، ص 31، الطبع القديم.
3ـ هكذا في نسخ (ألف، جس، جف، جك) وحاشية (ش، بع، جق، جم). وفي سائر النسخ والمطبوع والوافي والوسائل: (عمرو بن عكرمة)، وما أثبتناه هو الظاهر، فقد ذكر الشيخ الطوسي في رجاله، ص 254، الرقم 3570، عمر بن عكرمة الكوفي في أصحاب الصادق (عليه السلام).
4ـ في نسخ (ب، ز، ص، بس، بف)، والوافي والوسائل: - (له).
5ـ في نسخ (ب، ج، د، ص): + (فقال: ارحمه، فقلت: لا رحمه الله، فصرف وجهه عني، قال - في (ب، ج) فكرهت أن أدعه).
6ـ في نسخ (ج، ص، بس، بف): والوافي: - (وكذا).
7ـ في نسخة (بس) والوسائل: - (بي) وفي شرح المازندراني: - (ويفعل بي).
8ـ (انتصفت منه): أخذت حقي كَمَلًا حتى صرت وهو على النصف سواء. ترتيب كتاب العين، ج 3، ص 1800، (نصف)، وفي شرح المازندراني، ج 11، ص 126: أي إن أظهرت العداوة له استوفيت منه حقك وعدلت. وفي الوافي: المكاشفة: المعاداة جهاراً، يعني إن جاهرته بالإيذاء قدرت على الانتقام منه وهضمه ودفع شره عنك، وإن جاهرته بعد إساءته فهل لك أن تتم حجتك عليه وتثبت ظلمه إياك بحيث يقبل منك ذلك.
9ـ في نسخ (ب، ج، د، بس، بف) والوافي والوسائل: (بل).
10ـ (الربا): الفضل والزيادة. المصباح المنير، ص 217 (ربو). وفي شرح المازندراني: يعني بل أزيد في الإحسان إليه والحاصل أن الصادر مني هو الإحسان دون المكاشفة.
11ـ في (ص): - (الله).
12ـ في الوافي وكتاب الزهد: (وكان).
13ـ في نسخة (بس)، وحاشية (ص): (بلاء).
14ـ في نسخة (ص): (عليه).
15ـ في نسخة (ز): - (له).
16ـ في نسخة (ص): (حمله) بالحاء المهملة.
17ـ في شرح المازندراني والوافي والزهد: (وإن).
18ـ في نسخة (بف): (غاظ). وفي الزهد: (واغتمض). و(الغيظ): الغضب المحيط
بالكبر، وهو أشد العنق. وهو مصدر من غاظه الأمر يغيظه وأغاظه. واغتاظ فلان
من كذا. المصباح المنير، ص 459 (غيط). وفي شرح المازندراني: (تعلق الإسهار والإغاظة بالليل والنهار تعلق مجازي، والأصل: أسهره في ليله وأغاظه في نهاره بالإيذاء له وايصال المكاره. هذا من باب الاحتمال، والله يعلم).
19ـ في نسخة (ص): (وان).
20ـ في نسخة (ب): (من).
21ـ في نسخة (ب): - (وسلمان).
22ـ في نسخة (ز): (الآخر).
23ـ في نسخة (ص): (أظن أنه). وفي (بس): (أظن)، وفي (بف): + (قال). وفي
الوافي: + (قال و).
24ـ في نسخة (ص) – (بأعلى أصواتهم).
25ـ في شرح المازندرانی، ج 18، ص 127، يمكن ان يراد به نفي الإيمان الكامل، إذ الإيمان عند أهل العصمة كأنه هذا حتى كأن غيره ليس بأيمان... أن قلت: من لم يأمن جاره بوائقه، إن وقعت منه اذيه او تسبب فيها فالأمر واضح، وإن لم يقع فغايته أنه هم بها. فيعارض ما مر في باب (من هم بالسيئة والحسنة) أن من هم سيئة ولم يعمل لم تكتب عليه. قلت: اولا عدم الكتابة لا يدل على عدم نقص الإيمان به، وثانياً أن المراد بمن لم يأمن جاره بوائقه، من أوصل بوائقه وأذاه إلى جاره، على أن الهم الذي لا يكتب إنما هو الهم الذي لم يقع متعلقه بالخارج كالهم بشرب الخمر ولم يشرب، وهذا وقع متعلقه بالخارج لتأذي جاره بتوقعه ذلك كالمحارب يخيف السبيل ولم يصب.
26ـ في نسختي (د، ص): (لا يأمن).
27ـ في حاشية (بس): (جواره).
28ـ (بوائقه) أي غوائله وشروره. واحدها: بائقة، وهي الداهية. النهاية، ج 1، ص 162(بوق).
29ـ في الزهد: (ثم أمر فنودى أن) بدل (ثم أو ما بيده إلى).
30ـ في (ز) والوافي: - (من).
31ـ في الزهد: + (يكون ساكنها جاراً له).
32ـ الكافي (الطبعة الحديثة)، ج 4، ص 754، الحديث 3756، وفي الطبع القديم، ج 2، ص 666، وفي الكافي أيضاً، كتاب العشرة، باب حد الجوار، ح 3772، عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن عمرو بن عكرمة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتمام الرواية فيه: (كل أربعين داراً جيران من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله) الزهد، ص 109، ح 116، عن فضالة بن أيوب، مع اختلاف يسير. معاني الأخبار، ص 165، ح 1، بسنده عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) وتمام الرواية فيه: قال: (قلت له: جعلت فداك ما حد الجار؟ قال: أربعين داراً من كل جانب) الوافي، ج 5، ص 520، ح 2488، الوسائل، ج 12، ص 121، ح 15824، إلى قوله: (أسهر ليله وأغاظ نهاره).
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|