أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-1-2021
2422
التاريخ: 2023-03-12
1164
التاريخ: 9-1-2021
4068
التاريخ: 24-3-2022
1905
|
تعد هذه المرحلة أولى المراحل للدعوى الجزائية التي تبدأ بعد تحريك الشكوى أو تقديم الأخبار عنها (1) وهي تهدف إلى معرفة ظروف الجريمة والمعلومات المتعلقة بمرتكبيها، وكل ما من شأنه أن يوصل إلى كشف تفاصيلها ، وقبل الخوض في صلب الموضوع، لابد وأن نوضح مسألة مهمة ألا وهي الفرق بين المفهوم الواسع والضيق للتحقيق الابتدائي، لكي لا يثير ذلك لبساً وليكون أكثر فائدة عند التعمق في الموضوع لاسيما وأن هنالك خلافاً فيه. فالمفهوم الواسع للتحقيق الابتدائي يجعل من مرحلة جمع الأدلة داخلة ضمن مفهوم التحقيق الابتدائي وليست منفصلة عنه أي لا تشكل مرحلة مستقلة(2) في حين أن التحقيق الابتدائي على وفق المفهوم الضيق يقوم على اعتبار مرحلة جمع الأدلة مرحلة مستقلة، إذ يكون دور القائم بالتحقيق جمع الأدلة وتدقيقها لإثبات وقوع الجريمة تمهيدا لإصدار قرار بإحالة الدعوى الجزائية على المحكمة المختصة أو غلقها حسبما يتراءى له من الأدلة المتحصلة. (3) ويتم التمييز بين جمع الأدلة والتحقيق الابتدائي، من خلال الرجوع إلى الإجراء نفسه، فإذا ما كان هذا الجراء يمس الحرية الشخصية من خلال القبض أو التفتيش... الخ. كان من إجراءات التحقيق الابتدائي، وان كان لا يهدف إلا للحصول على المعلومات كالمعاينة (الكشف) كان من إجراءات الاستدلال(4).
ونتيجة لما تقدم فقد أخذت بعض القوانين الجزائية بالمفهوم الواسع للتحقيق الابتدائي والبعض الآخر بالمفهوم الضيق.
ولأهمية هذه المرحلة شأنها في ذلك شأن بقية المراحل في الدعوى الجزائية، فقد أوجد المشرع العراقي في قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم ( 23 لسنة 1971 ) نصوصاً تؤكد على تحقيق السرعة في هذه المرحلة، لضمان عدم ضياع الأدلة، وتمهيداً لإنجاز التحقيق في أقصر مدة، حيث يقع العبء خلال هذه المرحلة على أعضاء الضبط القضائي. (5) فإذا ما أخبر أي منهم بوقوع جريمة مشهودة فعليه أن يقوم بأخبار قاضي التحقيق والادعاء العام بوقوعها، وينتقل إلى محل الحادث ليباشر الإجراءات الخاصة بالدعوى الجزائية ، وتحقيقاً للسرعة في إجراءات هذه المرحلة على عضو الضبط القضائي أن يقوم باستنفار قاضي التحقيق والمدعي العام إلى مكان الحادث إذ أكد المشرع العراقي على ذلك بالقول : (على) عضو الضبط في حدود اختصاصه المبين في المادة (39) إذا اخبر عن جريمة مشهودة أو اتصل علمه بها أن يخبر قاضي التحقيق والادعاء العام بوقوعها وينتقل فوراً إلى محل الحادث ويدون إفادة المجنى عليه، ويسأل المتهم عن التهمة المسندة إليهم شفوياً ويضبط الأسلحة وكل ما يظهر انه استعمل في ارتكاب الجريمة ويعاين آثارها المادية
ويحافظ عليها ويثبت حالة الأشخاص والأماكن وكل ما يفيد في اكتشاف الجريمة...)). (6) والهدف الذي يبتغيه المشرع العراقي من السرعة خلال هذه المرحلة هو المحافظة على الأدلة من الضياع، كون الوقت الذي يمر يسبب ضياع لها سواء كان ضياعها (إحداثاً أو تسبباً) (عمداً أو إهمالا) فانه سوف يؤدي إلى تأخير حسم الدعوى الجزائية وبالتالي عدم تحقيق فلسفته التشريعية القائمة على أساس السرعة، والتي تبدو واضحة بشكل جلي من خلال اهتمامه بتحقيقها في القوانين الأخرى ، ففي عام 2005 صدر قانون المحكمة الجنائية العراقية العليا) رقم 10 لسنة 2005 وملحقه ليؤكد المشرع خلاله على سريان قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 على إجراءات المحكمة المذكورة (7).
وتحقيقاً للسرعة في الإجراءات فقد أوجب قانون المحكمة الجنائية العراقية على قاضي التحقيق، أن يشرع بنفسه بتدقيق المعلومات التي تصله سواء كانت من جهات حكومية أو غير حكومية ليقرر فيما إذا كانت كافية للبدء بالتحقيق من عدمه، (8) وان إناطة جمع الأدلة بقاضي التحقيق، يدلل على أهمية هذا الموضوع وضرورة الإسراع بحسمه لاسيما وأن المحكمة المذكورة تختص بجرائم ذات أهمية كبيرة. ومن الجدير بالذكر أن المشرع العراقي قد أخذ في هذا القانون بالمفهوم الواسع للتحقيق وليس بالمفهوم الضيق له بالقول: التحقيق) هو جميع الأعمال والأنشطة التي تمارس بموجب القانون وهذه المواد لجمع المعلومات والأدلة قبل صدور قرار الإحالة أو بعده)) (9).
فضلاً عما تقدم فقد نص المشرع على العديد من الفقرات التشريعية في قانون المحكمة الجنائية العراقية العليا لتحقيق فلسفته التشريعية التي لا تختلف عن فلسفة المشرع في قانون أصول المحاكمات الجزائية في تحقيق السرعة في مرحلة جمع الأدلة للحفاظ عليها، وذلك من خلال تعيين العدد الكافي من قضاة التحقيق وفي إعطائهم الحرية في جمع الأدلة الخاصة بالإثبات من أي مصدر يرونه مناسباً ومخاطبة الجهات ذات العلاقة مباشرة من دون اللجوء إلى سلسلة المراجع (10).
ولم يقتصر المشرع العراقي اهتمامه بتحقيق السرعة في هذه المرحلة تمهيدا لحسم الدعوى الجزائية على القوانين أنفة الذكر ولكن اهتم بها كذلك في نطاق القوانين الإجرائية الأخرى كقانون (أصول المحاكمات العسكرية) (11) وقانون أصول المحاكمات الجزائية لقوى الأمن الداخلي)(12)، فقد أكد المشرع في قانون أصول المحاكمات العسكري على سريان أحكام قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 على كل ما لم يرد به نص خاص في القانون الأول.(13) وقد أوجد نصوصاً تشريعية تؤكد على السرعة خلال هذه المرحلة فقد نصت المادة (6 / الفقرة أولاً ) على أن ((على كل عسكري أن يخبر آمره عن كل جريمة أو موت فجائي أو وفاة مشتبه بها علم بها أو أطلع عليها، وعلى هذا الأمر تقديم الأخبار إلى أمر الوحدة ذات العلاقة))
كما نصت الفقرة ثالثاً من المادة نفسها أعلاه (( على كل سلطة غير عسكرية لحق علمها بوقوع جريمة يعود النظر فيها إلى المحاكم العسكرية، أن يخبر فوراً أقرب سلطة عسكرية عنها)). فعبارة (على) الواردة في الفقرتين المتقدمتين تدل على الوجوب في الإخبار وذلك للحفاظ على الأدلة والإسراع بجمعها تمهيدا لحسم التحقيق فيها، كما أعطى المشرع في هذا القانون للمدعي العام العسكري ولأمر الوحدة أن يتولوا التحقيق بأنفسهم (14).
والحال نفسه في قانون الأصول الجزائية لقوى الأمن الداخلي رقم (13) لسنة 2008، فقد أكد المشرع على ضرورة الإسراع بجمع الأدلة من خلال صياغة النصوص القانونية صياغة تدل على الوجوب في القيام بالأعمال الخاصة بهذه المرحلة فقد نصت المادة (4 / الفقرة أولاً ) ((على رجل الشرطة إخبار مرجعه عن كل جريمة علم بها أو موت فجائي أو وفاة مشتبه بها)). كما ونصت الفقرة ثانياً من المادة نفسها على رجل الشرطة الذي وقعت عليه جريمة أن يخبر مرجعه بها)). كما أعطى المشرع في هذا القانون لأمر الضبط أن يتولى التحقيق بنفسه أو أن يشكل مجلسا تحقيقيا او يكلف ضابطا بذلك (15) و أوجب على القائم بالتحقيق أن يباشر (فوراً) بالتحقيق، وأن ينتقل إلى محل وقوع الجريمة، وينظم محضرا بذلك . (16) يتضح مما تقدم أن المشرع العراقي قد استخدم عبارات تؤكد على ضرورة السرعة في الإجراءات الخاصة بجمع الأدلة لضرورة حسم التحقيق في القضايا الجزائية، لاسيما وأنه قد أخذ بالمفهوم الواسع للتحقيق الابتدائي وليس بالمفهوم الضيق في القوانين أنفة الذكر (17).
ولم يقف المشرع عند هذا الحد فقط بل امتد ذلك إلى إسقاط حق المتضرر من الجريمة في تقديم الشكوى بعد مضي المدة القانونية والبالغة ثلاثة أشهر من يوم علم المجنى عليه بمن ارتكب الجريمة، أو زوال العذر القهري الذي حال من دون تقديمها في جرائم الحق الشخصي (18)، كل ذلك لتحقيق السرعة، حيث أن التأخير يسبب ضياع الأدلة مما يجعل تقديم الشكوى بعد مضي هذه المدة عديم الفائدة، لأن الأدلة قد تكون قد ضاعت نتيجة لهذا التأخير كما إن تحديد هذه المدة من شأنه تحقيق الاستقرار لحماية حقوق الأفراد، كما أكد المشرع إضافة لذلك على عدم جواز إيقاف الدعوى أو تعطيلها إلا في الأحوال التي بينها القانون . (19) ومن الجدير بالذكر ان اتجاه المشرع العراقي في قانون أصول المحاكمات العسكرية) وقانون (أصول المحاكمات الجزائية لقوى الأمن الداخلي) هو اتجاه محمود فيما يخص النص على سريان قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 . على كل ما لم يرد به نص خاص في القوانين المذكورة. وذلك لغرض معالجة الإشكالات التي تواجه التحقيق والمحاكمة وتحقيق التناسق والترابط بين التشريعات كافة في الدولة باعتبارها تشريعات متكاملة تعتنق مبادئ واحدة وتستهدف غرض واحد.
____________
1 - تحرك الدعوى الجزائية بشكوى شفوية، أو تحريرية تقدم إلى قاضي التحقيق أو المحقق أو أي مسؤول في مركز الشرطة، أو أي من أعضاء الضبط القضائي من المضرور من الجريمة أو من يقوم مقامه قانونا أو أي شخص علم بوقوعها، في حين أن الإخبار هو إيصال المعلومات من الناقل لها لآخر وقد استعمل المشرع لفظ يخبر - وأعطى هذا الحق، لمن وقعت عليه الجريمة، ولكل من علم بوقوع جريمة تحرك الدعوى الجزائية فيها بلا شكوى أو بموت مشتبه به ويترتب عليه تحريك الدعوى الجزائية، أنظر المادتين (1) و (47) من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة 1971.
2- د. رؤوف عبيد، مبادئ الإجراءات الجنائية في القانون المصري، دار الفكر العربي، القاهرة، 2006 ، ص 283.
3- د. سامي النصراوي، ج 1، ص319
4- سعيد حسب الله عبد الله شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية، ط1، دار ابن الأثير، الموصل، 2005 ص 119.
5- بينت المادة (39) من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة 1971 أعضاء الضبط القضائي، وهم الأشخاص الآتي بيانهم :-
- ضباط الشرطة ومأمورو المراكز والمفوضون.
- مختار القرية والمحلة في التبليغ عن الجرائم وضبط المتهم وحفظ الأشخاص الذين تجب المحافظة عليهم.
- مدير محطة السكك الحديدية، ومعاونه ومأمور سير القطار والمسؤول عن إدارة الميناء البحري أو الجوي وربان السفينة أو الطائرة ومعاونه في الجرائم التي تقع فيها.
- رئيس الدائرة أو المصلحة الحكومية، أو المؤسسة الرسمية وشبه الرسمية في الجرائم التي تقع فيها.
- الأشخاص المكلفون بخدمة عامة الممنوحون سلطة التحري عن الجرائم واتخاذ الإجراءات بشأنها في حدود ما خولوا به بمقتضى القوانين الخاصة.
6- أنظر المادة (43) من القانون نفسه
7- نصت المادة (16) من قانون المحكمة الجنائية العراقية العليا على أن : (( يسري قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة 1971 وقواعد الإجراءات وجمع الأدلة الملحقة بهذا القانون والتي تعد جزءا لا يتجزأ منه ومكملا له على الإجراءات التي تتبعها المحكمة))
8- نصت المادة (18) من القانون نفسه على أن يشرع) قاضي التحقيق في التحقيق أما من تلقاء نفسه أو بناء على معلومات تصله من أي مصدر خصوصا المعلومات الواردة من الشرطة أو من أية جهة حكومية أو غير حكومية ويتولى قاضي التحقيق تقويم المعلومات الواردة إليه ليقرر ما إذا كانت الأدلة كافية للبدء في التحقيق))
9- أنظر القاعدة (1) الفقرة (16) من قواعد الإجراءات وجمع الأدلة الخاصة بالقانون نفسه.
10- أنظر: المادة (8) الفقرة أولا وسادسا من القانون نفسه.
11- صدر قانون أصول المحاكمات العسكرية رقم (30) لسنة 2007 في 2007/7/25 ونشر في الوقائع العراقية بالعدد (4046 في 2007/8/ 29
12- صدر قانون أصول المحاكمات الجزائية لقوى الأمن الداخلي، المرقم (17) لسنة 2008 في 2008/2/19 ونشر في الوقائع العراقية بالعدد (4068) في 2008/3/17.
13- أنظر: المادة (104) من قانون أصول المحاكمات العسكرية.
14- أنظر المادة (7) و 8 ) من القانون نفسه.
15- أنظر المادة (5) من قانون أصول المحاكمات الجزائية لقوى الأمن الداخلي.
16- انظر: المادة (9) من القانون نفسه .
17- استخدم المشرع العراقي عبارات (يجب فورا) وهي تدل على اللزوم وليس التخيير هادفا من ورائها إلى سرعة حسم هذه المرحلة الممهدة لحسم الدعوى الجزائية سواء كان ذلك في نطاق قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة (1971) أو القوانين الأخرى.
18- أنظر: المادة (6) من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971.
19- أنظر: المادة (2) من القانون نفسه.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|