اللّهمَّ إِنِّي أَسأَلكَ مِنْ نُورِكَ بِأَنْورهِ ، وَكُلُّ نُورِكَ نَيِّرٌ ، اللّهمَّ إِنِّي أَسأَلكَ بِنُورِكَ كلِّهِ |
![]() ![]() |
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-05-31
![]()
التاريخ: 17-10-2016
![]()
التاريخ: 2023-06-27
![]()
التاريخ: 17-10-2016
![]() |
اعلم أنّ من أجلّ ما يرد على السالك بقدم المعرفة إلى اللَّه من عالم الملكوت ، وأعظم ما يفاض على المهاجر عن القرية الظالم أهلها من حضرة الجبروت ، وأكرم خلعة البست عليه بعد خلع نعل الناسوت من ناحية الوادي المقدّس والبقعة المباركة ، وأحلى ما يذوقه من الشجرة المباركة في جنّة الفردوس بعد قلع الشجرة الملعونة من عالم الطبيعة : انشراح صدره لأرواح المعاني وبطونها وسرّ الحقائق وكمونها ، وانفتاح قلبه على تجريدها عن قشور التعيّنات وبعثها عن قبور الهيئات المظلمات ، ورفضها عن غبار عالم الطبيعة وإرجاعها من الدنيا إلى الآخرة ، وخلاصها عن ظلمة التعيّن إلى نورانية الإرسال ، ومن دركات النقص إلى درجات الكمال .
ومن هذه الشجرة المباركة والعين الصافية انفتاح أبواب التأويل على قلوب السالكين والدخول في مدينة العلماء الراسخين ، والسفر من طريق الحسّ إلى منازل الكتاب الإلهي ؛ فإنّ للقرآن منازل ومراحل وظواهر وبواطن ، أدناها ما يكون في قشور الألفاظ وقبور التعيّنات . كما ورد : « إنّ للقرآن ظهراً وبطناً وحدّاً ومطلعاً » ([1]).
وهذا المنزل الأدنى رزق المسجونين في ظلمات عالم الطبيعة ؛ ولا يمسّ سائر مراتبه إلّا المطهّرون عن أرجاس عالم الطبيعة وحدثه ، والمتوضئون بماء الحياة من العيون الصافية ، والمتوسّلون بأذيال أهل بيت العصمة والطهارة ، والمتّصلون بالشجرة المباركة الميمونة ، والمتمسّكون بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها ، والحبل المتين الذي لا نقض له ، حتّى لا يكون تأويله أو تفسيره بالرأي ومن قبل نفسه ؛ فإنّه لا يعلم تأويله إلّا اللَّه والراسخون في العلم .
فإذا انشرح صدره للإسلام وصار على هدىً ونور من ربّه ، علم أنّ النور لم يكن محصوراً في هذه المصاديق العرفية : من الأعراض التي لا يظهر بها إلّا سطوح الأجسام الكثيفة ، ولا تظهرها إلّا على العضو البصري - مع الشرائط المقرّرة ([2]) - دون سائر المدارك ، ولم يبق نفسه في آ نَين ؛ بل يظهر له أنّ العلم أيضاً نور يقذفه اللَّه في قلب من يشاء من عباده ؛ وحقيقة النور التي هي الظهور بذاتها والإظهار لغيرها متجلّية فيه بالطريق الأتمّ والسبيل الأوضح الأقوم . فنور العلم متجلٍّ من مجالي جميع المدارك ، بل من المرائي التي فوق المدارك ، من النفوس الكلّية الإلهية والعقول المجرّدة القدسية والملائكة المنزّهة المقدّسة .
ويظهر به بواطن الأشياء كظواهرها ؛ وينفذ على تخوم الأرض وثخن السماء ، ويبقى نفسه مرّ الليالي والأيّام .
بل يحيط بعض مراتبه على الزمان والزمانيات وينطوي لديه المكان والمكانيات ، بل بعض مراتبه واجب به وعمّت الأراضي والسماوات وهو أحاط بكلّ شيء علماً.
وعند ذلك قد ينكشف على قلب السالك ، بفضل اللَّه وموهبته ، أنّ النور هو الوجود ، وليس في الدار غيره نور وظهور ، وإليه يرجع كلّ نور وظهور : « يا منوّر النور » ([3]) ، « يا جاعل الظلمات والنور » ([4]) ، اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ([5]) .
ونورانية الأنوار العرضية والعلوم بمراتبها منه ؛ وإلّا فماهيّاتها ظلمات بعضها فوق بعض ، وكدورات متراكمة بعضها في بعض .
فنورانية عوالم الملك والملكوت وظهور سرادقات القدس والجبروت بنوره ، وهو النور المطلق والظهور الصرف بلا شوب ظلمة وكدورة ، وسائر مراتب الأنوار من نوره .
وفي دعاء كميل : « وبنور وجهك الذي أضاء له كلّ شيء » ([6]) .
وفي « الكافي » عنه ؛ أي القمّي عن الحسين بن عبداللَّه الصغير ، عن محمّد بن إبراهيم الجعفري ، عن أحمد بن علي بن محمّد بن عبداللَّه بن عمر بن علي بن أبي طالب ، عن أبي عبداللَّه عليه السلام ، قال : « إنّ اللَّه كان إذ لا كان ، فخلق الكان والمكان ، وخلق الأنوار وخلق نور الأنوار الذي نوّرت منه الأنوار ، وأجرى فيه من نوره الذي نوّرت منه الأنوار ، وهو النور الذي خلق منه محمّداً وعليّاً ، فلم يزالا نورين أوّلين ؛ إذ لا شيء كوّن قبلهما ، فلم يزالا يجريان طاهرين مطهّرين في الأصلاب الطاهرة حتّى افترقا في أطهر طاهِرَينِ ، في عبداللَّه وأبي طالب » ([7]).
نور : في نقل الكلام المنسوب إلى الشيخ محيي الدين
قد نسب داود بن محمود القيصري ([8]) شارح « فصوص الحكم » ([9]) ، ومحمّد بن حمزة ابن الفناري ([10]) شارح « مفتاح غيب الجمع والوجود » ([11]) للمحقّق العارف محمّد بن إسحاق القونوي ([12]) في شرحيهما إلى الشيخ الكبير محيي الدين العربي الأندلسي ([13]) أنّ « النور » من أسماء الذات ؛ وقد جعل الاسم الذي دلالته على الذات أظهر ، من أسماء الذات ، والذي دلالته على الصفات أو الأفعال أظهر ، منهما .
قال ابن الفناري : « قلت : الشيخ الكبير بعد ما ضبطها بهذا الجدول ( ثمّ كتب الجدول وذكر في الأسماء الذات « النور » ) قال : وهذه الأسماء الحسنى منها ما يدلّ على ذاته - جلّ جلاله - وقد يدلّ مع ذلك على صفاته أو أفعاله أو معاً ، فما كان دلالته على الذات أظهر جعلناه من الأسماء الذات ، وهكذا فعلناه في أسماء الصفات وأسماء الأفعال من جهة الأظهر ؛ لا أنّه ليس له مدخل في غير جدولها كالربّ ، فإنّ معناه « الثابت » فهو للذات ، و « المصلح » فهو من أسماء الأفعال ، وبمعنى « المالك » فهو من أسماء الصفات .
وقال فيه أيضاً : واعلم أنّا ما قصدنا بها ( أي : بالأسماء المذكورة في الجدول ) حصر الأسماء ، ولا أنّه ليس ثمّة غيرها ، بل سقنا هذا الترتيب تنبيهاً . فمتى رأيت اسماً من أسمائه الحسنى فألحقه بالأظهر فيه » ؛ ([14]) انتهى ما نسب إلى الشيخ .
أقول : كون النور من أسماء الصفات بل من أسماء الأفعال أظهر ؛ لأنّه في مفهومه مأخوذ مظهرية الغير ، فإذا اعتبر بالغير الأسماء والصفات في الحضرة الإلهية كان من أسماء الصفات ، وإذا اعتبر به مراتب الظهورات العينية كان من أسماء الأفعال ، كما في قوله تعالى : اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ([15]) ، وقوله يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ ([16]) ؛ وقول سيّد الموحّدين أمير المؤمنين - عليه السلام - في دعاء كميل : « وبنور وجهك الذي أضاء له كلّ شيء » ([17]) ، وكما في دعاء سمات : « وبنور وجهك الذي تجلّيت به للجبل فجعلته دكّاً وخرّ موسى صعقاً » ([18]) ، فهو تحت اسم الظاهر ربّ الشهادة المطلقة أو الشهادة المقيّدة .
وكذلك الربّ الذي عيّن الشيخ أنّه من أسماء الذات ، فهو بأسماء الأفعال أشبه .
ولأمثال هذه المقامات زيادة إيضاح وبيان لا يناسب وضع هذه الأوراق والصفحات ، مع ضيق المجال والأوقات ، وكثرة تهاجم البلايا وتراكم النقمات .
اللهمّ أصلح العاقبة واقلع شجرة الظلمة .
[1] تفسير العيّاشي 1 : 11 / 5 ؛ علم اليقين 1 : 551 .
[2] راجع مجموعه مصنّفات شيخ إشراق ، حكمة الإشراق 2 : 134 ؛ كشف المراد : 196 ؛ الحكمة المتعالية 8 : 197 .
[3] البلد الأمين : 550 ؛ بحار الأنوار 91 : 390 . ( دعاء جوشن الكبير ) .
[4] إقبال الأعمال : 492 ؛ بحار الأنوار 95 : 54 ؛ القبسات : 483 .
[5] النور ( 24 ) : 35 .
[6] مصباح المتهجّد : 584 ؛ إقبال الأعمال : 220 .
[7] الكافي 1 : 441 / 9 ؛ الوافي 3 : 681 / 1282 .
[8] داود بن محمود ( - 751 ق ) من أكابر العرفاء المحقّقين . تلقّى العلم في مسقط رأسه « قره مان » وفي قاهرة . شرح « فصوص الحكم » لابن عربي ووضع له مقدّمة جامعة في تمهيد أسّس التصوّف وسمّاه مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم . من سائر آثاره : « نهاية البيان في دراية الزمان » و « شرح تائية ابن الفارض » .
راجع معجم المؤلّفين 4 : 142 ؛ هدية العارفين 1 : 361 .
[9] شرح فصوص الحكم ، القيصري : 45 - 46 .
[10] شمس الدين محمّد بن حمزة الفناري الرومي ( 751 - 834 ق ) عالم منطقي ، أصولي ، ذو خبرة في الأدب والقراءات . درس عند علاء الدين الأسود وجمال الدين محمّد الأقصرائي . رحل إلى مصر وحضر درس الشيخ أكمل الدين وغيره . نصب قاضياً في بورسا وعلا شأنه عند السلاطين العثمانيين . كان على مذهب أبي حنيفة مشتهراً بالميل إلى ابن عربي وقد كان يدرس كتابه « الفصوص » . من آثاره : « شرح ايساغوجي » ، « شرح الفوائد الغياثية » ، « فصول البدائع في أصول الشرائع » و « مصباح الانس بين المعقول والمشهود في شرح مفتاح غيب الجمع والوجود » .
راجع معجم المؤلّفين 9 : 272 و 273 ؛ روضات الجنّات 8 : 103 ؛ هدية العارفين 2 : 188 و 989.
[11] مصباح الانس : 284 - 285 .
[12] أبو المعالي محمّد بن إسحاق القونوي ( - 673 ق ) الملقّب بصدر الدين . من كبار العرفاء ومن أشهر تلامذة ابن عربي وشارحي آثاره . وكان ذا صلة بالعلوم الشرعية أيضاً شافعي المذهب . اشتغل بالتدريس في قونية وتخرّج عليه بعض العلماء ذو الشأن ؛ منهم قطب الدين الشيرازي . من آثاره : شرح فصوص الحكم الموسوم ب « الفكوك في مستندات حكم الفصوص » ، « النصوص في تحقيق الطور المخصوص » و « مفتاح غيب الجمع والوجود » ؛ كلّها محطّ أنظار العلماء والمحقّقين .
راجع معجم المؤلّفين 9 : 43 ؛ هدية العارفين 2 : 130 و 131 .
[13] إنشاء الدوائر : 29 .
[14] مصباح الانس : 284 - 285 .
[15] النور ( 24 ) : 35 .
[16] النور ( 24 ) : 35 .
[17] مصباح المتهجّد : 584 ؛ إقبال الأعمال : 220 .
[18] مصباح المتهجّد : 299 ؛ بحار الأنوار 87 : 99 .
|
|
هل يمكن أن تكون الطماطم مفتاح الوقاية من السرطان؟
|
|
|
|
|
اكتشاف عرائس"غريبة" عمرها 2400 عام على قمة هرم بالسلفادور
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تقيم ندوة علمية عن الاعتماد الأكاديمي في جامعة جابر بن حيّان
|
|
|