أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-05-22
822
التاريخ: 31-1-2022
2138
التاريخ: 2024-06-12
658
التاريخ: 2024-11-19
147
|
اعلم أن وجوب التوبة عام في الأشخاص والأحوال، فلا ينفك أحد عنه البتة، قال تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 31]. فعمّم الخطاب، وكل إنسان عن معصية بجوارحه، فإن خلا في بعض الأحوال عن معصية الجوارح فلا يخلو عن الهم بالذنوب بالقلب، فإن خلا عن الهم فلا يخلو عن وسواس الشيطان بإيراد الخواطر المتفرقة المذهلة عن ذكر الله، فإن خلا عنه فلا يخلو عن الغفلة والقصور في العلم بالله وصفاته وآثاره بحسب طاقته، وكل ذلك نقص وله أسباب وترك أسبابه بتشاغل أضدادها رجوع عن طريق إلى ضده.
والمراد بالتوبة الرجوع، ولا يتصور الخلو في حق الآدمي عن هذا النقص، وإنما يتفاوتون في المقادير، وأما الأصل فلا بد منه.
إلا أن الأنبياء والأوصياء ذنوبهم ليست كذنوبنا (1)، فإنما هي ترك دوام الذكر والاشتغال بالمباحات وحرمانهم زيادة الأجر بسبب ذلك، ولهذا ورد: ((إن حسنات الأبرار سيئات المقربين)) (2). وقال الصادق (عليه السلام): إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يتوب إلى الله ويستغفره في كل يوم وليلة مائة مرة من غير ذنب، إنّ الله يخص أولياءه بالمصائب ليأجرهم عليها من غير ذنب (3) ــ أي كذنوبنا، فإن ذنب كل أحد إنما هو بحسب قدره ومنزلته عند الله.
وهذا باب شريف ينفتح منه معاني اعتراف الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) بذنوبهم وبكائهم وتضرعهم (4).
ثم اعلم أنه لا يكفي في تدارك الشهوات تركها في المستقبل، بل لابد من محو آثارها التي انطبعت في القلب بنور الطاعات، قال (صلى الله عليه وآله): أتبع السيئة بالحسنة تمحها (5).
وينبغي أن تكون الحسنة الماحية للسيئة مناسبة لتلك السيئة، فيكفر سماع الملاهي بسماع القرآن وحضور المجالس التي يذكر الله فيها وأنبياؤه وخلفاؤه (6).
ويكفر القعود بالمسجد جنبا (7) بالعبادة فيه ونحو ذلك، وليس ذلك شرطا.
روي أن رجلاً قال لرسول الله (صلى الله عليه وآله): إني عالجت امرأة فأصبت منها كل شيء إلا المسيس فاقض على بحكم الله. فقال: أما صليت معنا؟ فقال: بلى. فقال: إنّ الحسنات يذهبن السيئات (8).
وينبغي أن يكون عن قرب عهد بالخطيئة، بأن يتندم عليها ويمحو أثرها قبل أن يتراكم الرين على القلب فلا يقبل المحو، قال الله تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [النساء: 17، 18].
قال الصادق (عليه السلام): ذلك إذا عاين الآخرة (9)، وذلك أن التوبة مقبولة قبل أن يعاين (10).
وعن النبي (صلى الله عليه وآله) (11) قال: من ترك المبادرة إلى التوبة بالتسويف كان بين خطرين عظيمين: أحدهما أن تتراكم الظلمة على قلبه من المعاصي حتى يصير ريناً (12) وطبعاً فلا يقبل المحو. والثاني أن يعاجله المرض أو الموت فلا يجد مهلة للاشتغال بالمحو (13).
ولذلك ورد في الخبر: ((إنّ أكثر صياح أهل النار التسويف (14) )) (15).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر: الحديث التالي لتستبين أن ليس للمعصومين عليهم السلام من ذنب.
(2) كشف الغمة، الأربلي: 2/ 254.
(3) الكافي، الكليني: 2/ 450، كتاب الإيمان والكفر، باب نادر/ ح2.
(4) هذا مشابه لبحث النسب الآنف الذكر، وهو مما اختلط بين عقائد المدرستين حينما تم الإعتماد من قبل السيد المؤلف (قدس سره) على منابع العامة في أصل فكرة البحث، وهذا القول مخالف لعقائد الخاصة ومخالف للعصمة، لذا نوهنا عنه.
(5) مجموعة ورام، ورام بن أبي فراس: 1/ 89 ــ 90، باب العتاب. وفيه: "اتبع السيئة الحسنة تمحها".
(6) المقصود بهم الأئمة عليهم السلام وليس سواهم.
(7) الأصل في المساجد مع المجنب قوله تعالى: ((يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ ولا جُنُباً إِلاَّ عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا...الآية)) سورة النساء/ 43، وعن أبي جعفر عليه السلام في الآية قال: أن معناه لا تقربوا مواضع الصلاة من المساجد وأنتم جنب إلا مجتازين.
وسائل الشيعة، الحر العاملي: 2/10، كتاب الطهارة، باب 15 جواز مرور الجنب والحائض في المساجد إلا المسجد الحرام ومسجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم/ ح20
وأمّا القعود فهو منهي عنه في المساجد على جنب، وحيث الأخذ عن الغزالي فقد مزج القول ههنا بين عقائد الخاصة والعامة، وإلى هذا أشرنا للتنبيه مكررا.
(8) انظر: المحجة البيضاء، الفيض الكاشاني: 7/ 85، كتاب التوبة، بيان ما ينبغي أن يبادر إليه التائب. إحياء علوم الدين، الغزالي: 4/ 42، كتاب التوبة، بيان ما ينبغي إن جرى عليه ذنب إما عن قصد وشهوة غالبة أو عن إلمام بحكم الاتفاق.
(9) تفسير الأصفى، الفيض الكاشاني: 1/ 200، تفسير سورة النساء. تفسير كنز الدقائق، المشهدي: 2/ 395، تفسير سورة النساء.
(10) انظر: الكافي، الكليني: 2/ 440، كتاب الإيمان والكفر، باب فيما أعطى الله عزّ وجل آدم عليه السلام وقت التوبة/ ح2.
(11) في الإحياء ورد النص عن لقمان (عليه السلام) من مواعظه لابنه.
(12) الرين: الطبع على القلب، ران يرين على قلبه، أي: طبع.
كتاب العين، الفراهيدي: 8/ 277، مادة "رين".
(13) انظر: إحياء علوم الدين، الغزالي: 4/ 11 ــ 12، كتاب التوبة، بيان أن وجوب التوبة عام في الأشخاص والأحوال فلا ينفك عنه أحد البتة.
(14) في الإحياء: "من التسويف".
(15) إحياء علوم الدين، الغزالي: 4/ 12، كتاب التوبة، بيان أن وجوب التوبة عام في الأشخاص والأحوال فلا ينفك عنه أحد البتة.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|