المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



عمر بن أبي ربيعة  
  
6479   09:18 صباحاً   التاريخ: 2-9-2021
المؤلف : شوقي ضيف
الكتاب أو المصدر : تاريخ الأدب العربي - العصر الاسلامي
الجزء والصفحة : ص:350-354
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-12-2015 14677
التاريخ: 7-2-2018 3060
التاريخ: 14-08-2015 3409
التاريخ: 30-12-2015 5665

 

عمر (1) بن أبي ربيعة

في بيت قرشي واسع الثراء، هو بيت بني مخزوم، ولد عمر في سنة 23 للهجرة، لأبيه عبد الله بن أبي ربيعة، ولأم يمنية أو حضرمية تسمي مجدا. وكان أبوه في الذروة من قومه ثراء، واستعمله الرسول صلي الله عليه وسلم واليا على إقليم من اليمن يسمي الجند، وظل عليه في عهد عمر وعثمان، حتي إذا حصر الأخير جاء لينصره فسقط عن راحلته قرب مكة فمات سنة خمس وثلاثين.

وهو أحد من نزل بأهله في مكة بعد هجرتهم (2)، وفيها ولد له عمر، وبها نشأ، ترعاه عين أمه الغريبة، وكان جميلا فدللته، يؤازرها في ذلك ما ورثه عن أبيه من أموال وفيرة.

وإذن فعمر شاعر مكي، وليس بصحيح أنه من أهل المدينة كما توهم

 

350

بعض المعاصرين، وبنوا دراستهم له على هذا الوهم (3)، وفي الكامل للمبرد إشارات لذلك كثيرة تنقض هذا الوهم نقضا (4) ومما يشهد لذلك شهادة قاطعة قوله:

وأنا امرؤ بقرار مكة مسكني … ولها هواي فقد سبت قلبي

وقد عاش حياته للغزل الصريح، ويسر له ثراؤه هذه المعيشة، فالدنيا دائما مشرقة باسمة من حوله، والمغنون والمغنيات من أهل مكة مثل ابن سريج وابن مسجح والغريض يلزمونه ويغنونه في شعره، حتي لنظن أنهم كانوا يقاسمونه حياته، فضلا عما كان يعطيهم من عطايا جزيلة (5). ويقول الرواة إنه كان ببيته مغنيتان تغنيانه في أشعاره هما بغوم وأسماء. وسرعان ما يطير غزله الى المدينة، فإذا مغنوها ومغنياتها من مثل معبد وجميلة يغنون فيه، ويلم بالمدينة كثيرا، ويصبح أكبر غزل في عصره، ولهذا لم يكن غريبا أن يخلف أضخم ديوان لا في عصره فحسب، بل في جميع العصور العربية.

وهو في غزله يخضع ملكاته لفن الغناء الذي عاصره، إذ يستخدم الأوزان الخفيفة والمجزوءة، حتي يحملها المغنون والمغنيات ما يريدون من ألحان وإيقاعات كما يستخدم لغة سهلة، فيها عذوبة وحلاوة، حتي تفسح لهم في روعة النغم.

ونراه لا يصطنع أي ثوب من ثياب التكلف، بل يظهرنا على حقيقته في غزله وأنه لا يزال يتخذ الشباك لكل امرأة جميلة في مكة، وتحول الى مواسم الحج، يعلن حبه إعلانا لكل امرأة ذات حسن يلقاها، يقول:

يقصد الناس للطواف احتسابا … وذنوبي مجموعة في الطواف

وتذهب مواسم الحج، فيتصدي لكل فتاة جميلة بمكة، وخاصة الثريا بنت على الأموية. وينزل المدينة فيتصدي للقرشيات الجميلات بها من مثل سكينة بنت الحسين وزينب الجمحية. وعلي هذا النحو كان لا يزال يتغزل في فتيات قريش النبيلات، ومن ثم وصف ترفهن وما كن فيه من نعيم، وديوانه من خير الدواوين التي تصور ما غرقت فيه القرشيات لهذا العصر من حضارة

 

351

وحلي وطيب، على نحو ما نري في قوله:

قالت ثريا لأتراب لها قطف … قمن نحيي أبا الخطاب من كثب (6)

فطرن طيرا لما قالت وشايعها … مثل التماثيل قد موهن بالذهب

يرفلن في مطرفات السوس آونة … وفي العتيق من الديباج والقصب (7)

تري عليهن حلي الدر متسقا … مع الزبرجد والياقوت كالشهب

ونراه أحيانا يلهج بصبابته وحبه وما يذوق من وجد وألم، متلطفا لصاحبته، ملحا على أن تواصله بودها، مستعطفا، متضرعا، بمثل قوله:

ما كنت أشعر إلا مذ عرفتكم … أن المضاجع تمسي تنبت الإبرا

قد لمت قلبي وأعياني بواحدة … فقال لي: لا تلمني وادفع القدرا

ولكن هذا يأتي نادرا في غزله، إذ قلما يشكو من هجر أو يتألم لصد، فقد تحول بشعره يملؤه تيها بنفسه. ويقال إنه كان جميلا، وكأنما انعكست فيه صورة الحب، فهو لا يشكو الغرام والعشق، بل محبوبته هي التي تشكو من ذلك، فهي التي تحيطه بشباك التضرع والاستعطاف، وهي التي ما تني مسهدة تتعذب في حبه وتتمني لو تراه. واسمعه يقول على لسان إحدي صواحبه:

تقول إذ أيقنت أني مفارقها … يا ليتني مت قبل اليوم يا عمرا

ويقول على لسان ثانية:

ما وافق النفس من شئ تسر به … وأعجب العين إلا فوقه عمر

ويقول عن ثالثة:

قد حلفت ليلة الصورين جاهدة … وما على المرء إلا الحلف مجتهدا (8)

لأختها ولأخري من مناصفها … لقد وجدت به فوق الذي وجدا (9)

لو جمع الناس ثم اختير صفوهم … شخصا من الناس لم أعدل به أحدا

 

352

ويصور شغل ثلاث أخوات به، فيقول:

قالت الكبرى أتعرفن الفتي … قالت الوسطي نعم هذا عمر

قالت الصغرى وقد تيمتها … قد عرفناه وهل يخفي القمر

ولم يقف بإعجاب المرأة به عند ذلك الحد، فقد أخذ يصور كلفها به وتصديها له، وأنها تدور حوله لعلها تجد سبيلا إليه، وهو في أثناء ذلك يتدلل ويتمنع، وهي تسعي الى الوصول منتهزة كل فرصة، حتي بين مشاعر الحج، يقول:

قالت لترب لها تحدثها … لنفسدن الطواف في عمر

قومي تصدي له ليعرفنا … ثم اغمزيه يا أخت في خفر

قالت لها قد غمزته فأبي … ثم اسبطرت تسعي على أثري (10)

وعلي هذا النحو نراه في غزله، يوقد قلوب الفتيات حبا، وهن يتمنين عطفه وحنانه، وبذلك يعكس الصورة المألوفة في الغزل العربي، إذ لا يزال الشاعر يطلب ويأمل ويتضرع ويرجو العطف والحنان، بل لا يزال يعلن العشق والهيام مسترحما مستعطفا، أما عند عمر فهذا كله موجود ولكن لا في تصوير حبه هو وإنما في تصوير حب الفتيات والنساء له وما يوقد به قلوبهن من العشق والصبابة.

فعمر في غزله معشوق لا عاشق، أو على الأقل في جمهور هذا الغزل، ويستتم خطوط هذه الصورة لا بإعلان الفتيات والنساء حبهن له فحسب، بل أيضا بما يصفن من خطوب هذا الحب، فهن يتحدثن عن هجرانه، وهن يذقن مرارة الغيرة ويصطلين بنارها المحرقة، وهن يتألمن من الوشاة ومن فقدهن لعطفه وأنهن لا يجدن عنده إلا الإعراض والصدوف، يقول على لسان إحداهن:

أمن أجل واش كاشح بنميمة … مشي بيننا صدقته لم تكذب

وأتاح له ذلك أن يصور عواطف المرأة ونفسيتها وما يتعمقها من دقائق الحب وما يثير في قلبها من المشاعر الرقيقة، وكيف تتخذ الأسباب لاسترضاء عاشقها حين تراه ينصرف عنها، وكيف تتقدم لها بعض صديقاتها تحاول أن تعيد الصفاء بينهما، يقول:

 

353

قالت على رقبة يوما لجارتها … ما تأمرين فإن القلب قد شغلا (11)

فجاوبتها حصان غير فاحشة … برجع قول وأمر لم يكن خطلا

اقني حياءك في ستر وفي كرم … فلست أول أنثي علقت رجلا (12)

لا تظهري حبه حتي أراجعه … إني سأكفيكه إن لم أمت عجلا

وترضي خطتها وتوصيها أن تكذب عنده الوشاة، وتتوسل إليها أن لا تسرف في لومه وعذله:

فإن عهدي به والله يحفظه … وإن أتي الذنب ممن يكره العذلا

وتكثر الرسل بينه وبين محبوباته في ديوانه. ونراه يعمد الى مراسلة بعضهن، على شاكلة هذه الرسالة التي أرسل بها الى الثريا، وقد سار عنها أو سارت عنه:

كتبت إليك من بلدي … كتاب موله كمد

كئيب واكف العين‍ … ين بالحسرات منفرد (13)

يؤرقه لهيب الشو … ق بين السحر والكبد (14)

فيمسك قلبه بيد … ويمسح عينه بيد

وترد عليه الثريا شعرا (15)، وهو يعد أول من اتخذ هذا الأسلوب من تبادل الرسائل بينه وبين صواحبه، وقد تبعه فيه العباسيون.

ومن أهم ما يطبع غزله هذا الحوار القصصي الذي رأيناه على لسان محبوباته يصفن فيه لجاراتهن وأخواتهن وجواريهن حبهن له وهيامهن به. ونراه يعمد أحيانا الى تصوير اقتحامه لليل والأهوال والأحراس على بعض صواحبه على نحو ما نعرف في قصيدته:

أمن آل نعم أنت غاد فمبكر … غداة غد أم رائح فمهجر (16)

 

354

ويمضي فيصور قضاءه الليل في الحديث معها حتي تباشير الصباح، وكأنه في ذلك يحاكي امرأ القيس في معلقته إذ يصف بعض مغامراته، ولكن خلافا واضحا يقوم بينهما، فامرؤ القيس يغامر مع نساء متزوجات، أما عمر فيغامر مع فتيات نبيلات، وهي عنده مغامرات لا تتعدي اللقاء والمتعة بالحديث.

وعمر من هذه الناحية صريح ولكنها صراحة لا تنتهي الى إباحية ولا الى إثم. ومن ثم كنا ننفي القصص التي تزعم أن بعض الخلفاء حين حج نفاه الى الطائف أو الى دهلك إحدي جزر البحر الأحمر، ونظن ظنا أن هذا من انتحال الرواة.

ويقولون إنه مات وقد قارب السبعين أو جاوزها (17)، وإذا صح ذلك يكون قد توفي حوالي سنة ثلاث وتسعين للهجرة.

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) انظر في ترجمة عمر الأغاني (طبع دار الكتب) 1/ 61 وما بعدها، 9/ 239 وما بعدها والشعر والشعراء 2/ 535 والموشح ص 201 والخزانة 1/ 238 ومرآة الجنان لليافعي 1/ 182 وابن خلكان وشذرات الذهب 1/ 40 وأمالي القالي 2/ 51، 309، وذيل الأمالي ص 68، وحديث الأربعاء (طبعة الحلبي) 1/ 372 وما بعدها وشاعر الغزل (في سلسلة اقرأ) لعباس محمود العقاد وكتاببنا: التطور والتجديد في الشعر الأموي (طبع دار المعارف) ص 239 والشعر والغناء في المدينة ومكة ص 239. وقد نشر تس؟ ؟ ؟ ديوانه والحق به دراسة عن حياته وشعره ولغته؟ ؟ ؟ . ونشر الديوان بمصر وفي بيروت

(2) ابن سعد 5/ 328.

(3) انظر عمر بن أبي ربيعة حياته وشعره لجبور طبع بيروت.

(4) الكامل ص 374، 570 وراجع أخباره في الأغاني مع مغبي مكة ومع الثريا.

(5) انظر الأغاني (طبع دار الكتب) 1/ 359، 3/ 322، 4/ 296، 8/ 208.

(6) قطف: جمع قطوف وهي بطيئة الخطو. كثب: قريب.

(7) مطرفات: ثياب نفيسة. السوس: بلد بالمغرب. القصب: الحرير.

(8) الصوران: موضع قرب المدينة.

(9) مناصف: جمع منصف كمنبر، وهو الخادم.

(10) اسبطرت: أسرعت

(11) رقبة: انتظار.

(12) اقني حياءك: احتفظي به.

(13) واكف العينين: سائل الدموع.

(14) السحر: الرئة.

(15) أغاني (دار الكتب) 1/ 235 وما بعدها.

(16) غاد: من الغدوة وهي البكرة أو أول النهار، رائح: من الرواح وهو العشي أو من الزوال الى الغروب. مهجر: من الهاجرة وهي نصف النهار. وانظر في هذه القصيدة وشرحها المبرد ص 381، 570.

(17) أغاني (دار الكتب) 1/ 71

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.