أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-8-2016
714
التاريخ: 23-8-2016
818
التاريخ:
785
التاريخ: 22-5-2020
889
|
إعلم أنّ المهمّ في هذه المسألة بيان حكومة هذا الاستصحاب على استصحاب الحكم الفعلي، وحاصل الإشكال فيها أنّ المستصحب في جانب الحكم الفعلي هو الإباحة الثابتة قبل الغليان في مسألة العصير الزبيبي، ورفعها ملازم للحرمة الفعليّة اللازمة للحرمة المعلّقة عند حصول الغليان، وحيث إنّ الملازمة كاللزوم في فعليّة الحرمة ثابتة للأعمّ من الحكم الظاهري والواقعي فإشكال مثبتيّة الاستصحاب المقصود ترتيب رفع الإباحة عليه مرتفع.
وكذا لا شبهة أيضا في جريان ما هو ملاك الحكومة في البين، ببيان أنّ استصحاب الحرمة المعلّقة موضوعه الشكّ في الحرمة المعلّقة، والملازم للحرمة الفعليّة اللازمة للحرمة المعلّقة إنّما هو نفس رفع الإباحة، لا رفعها في موضوع الشكّ في الإباحة، فإنّ الحرمة سواء ظاهريّا أم واقعيّا ملازم مع ارتفاع الإباحة، نعم في موضوع نفس الحرمة إن كان شكا وإن كان واقعا.
ولكنّ الإشكال كلّه أنّ الكلام بعينه وارد في العكس أيضا، فيقال: استصحاب الإباحة أيضا موضوعه الشكّ فيها والمضادّة من الطرفين، فلازم هذه الإباحة ولو في الظاهر عدم علّة ضدّها أعني الحرمة المعلّقة، وهذه الحرمة المعلّقة التي يحكم بعدمها العقل ليس موضوعها الشكّ في نفسها، نعم يحكم بعدمها في موضوع الشكّ في الإباحة، وبالجملة، عين تقريب الحكومة في جانب استصحاب الحرمة التعليقيّة جار في استصحاب الحليّة الفعليّة.
والحقّ عدم ورود هذا الإشكال، وأنّ الإشكال من جهة اخرى، توضيح الحال يحتاج إلى بسط المقال.
فنقول: وعلى اللّه الاتّكال: إن كان لنا حكم تعليقي كأكرم زيدا إن جاءك، فطرأ حالة شككنا في بقاء هذا الحكم، لا إشكال في تماميّة الأركان وأنّ الحكم التعليقي أيضا نوع من الحكم، لا أنّه لا حكم قبل المعلّق عليه، فمقتضى الاستصحاب هو الحكم الظاهري بأنّه إن جاءك زيد فأكرمه، ثمّ كما في حال القطع عند حصول المجيء كان لازم ذلك الحكم التعليقي الواقعي هو الفعليّة عند الشكّ، أيضا لازم هذا الحكم الظاهري التعليقي هو الفعليّة عند حصول المجيء، وليس مثبتا من هذه الجهة، لأنّ اللازم من لوازم نفس الحكم، الأعمّ من الظاهري والواقعي.
لكنّ الكلام في أنّ هنا استصحابا آخر مخالفا، وهو أنّ الزيد قبل حصول المجيء ليس في حقّه حكم (أكرمه) مجعولا، فقضيّة الاستصحاب عدم المجعوليّة، فهل أحد هذين مقدّم على الآخر أولا؟ قال شيخنا المرتضى قدّس سرّه: إنّ الاستصحاب التعليقي مقدّم على الفعلي، للحكومة وهو محلّ إشكال.
وتوضيحه بعد تقديم مقدّمة، وهي أنّ ملاك حكومة أصل على آخر أن يكون مفاد أحد الأصلين مولّدا لحكم في موضوع في غير حال الشكّ في ذلك الموضوع، وكان مفاد الآخر إثبات نقيض ذلك الحكم في ذلك الموضوع في حال الشكّ، فحينئذ لا محالة الأصل الأوّل يزيل الحكم الثاني، مثلا الأصل أو الاستصحاب المفيد لطهارة الماء يتولّد منه حكم بأنّ الثوب المغسول بهذا الماء طاهر، لا طاهر إذا شككت، ومقتضى الاستصحاب في نفس الثوب أنّه إذا شككت فيه فابن على النجاسة، ومن المعلوم حكومة ما مفاده هذا طاهر على ما مفاده هذا: إن شككت في طهارته، فابن على نجاسته، ووروده على ما مفاده هذا: إن ليس لك طريق فابن على نجاسته.
إذا تمهّدت هذه المقدّمة نقول: ليس هذا الملاك موجودا في المقام، وذلك لأنّ حكم أكرمه في قولنا: إن جاءك زيد فأكرمه ليس قبل المجيء وبعده إلّا حكما واحدا، غاية الأمر قبل المجيء لا فعليّة له، وبعده يتّصف بها، فإذا كان قضيّة الاستصحاب جعل هذا الخطاب التعليقي في موضوع الشكّ اعني: إذا شككت فابن على وجود خطاب: إن جاءك فأكرمه، فليس هنا حكم آخر متولّدا من هذا الحكم.
نظير طهارة الثوب في المثال بأن يقال هنا أيضا: يترتّب عليه حكم آخر وهو خطاب «أكرمه» الفعلي بعد تحقّق المجيء، وهو حكم في غير موضوع الشكّ، فيقدّم على ذلك الاستصحاب المفيد؛ لأنّ خطاب أكرمه الفعلي غير مجعول إذا شككت، بل هنا حكم واحد في موضوع الشكّ، فيرجع الأمر بالأخرة إلى أنّ هنا أصلين، أحدهما يقول: هذا العصير المغلى مثلا حلال إذا شككت، والآخر يقول: حرام إذا شككت، فيكون مثل ما إذا كان من أثر طهارة الماء طهارة الثوب إذا شكّ في طهارته؛ إذ لا شبهة في عدم الحكومة حينئذ، لعدم الناظريّة لأحدهما على الآخر.
إن قلت: هذا بالنسبة إلى الحرمة متين، وأمّا بالنسبة إلى رفع الحليّة فلا، لأنّه من باب المضادّة، وليس حكما في حال الشكّ.
قلت: لا يفرق الحال من هذه الجهة بين الحرمة وعدم الحليّة؛ لأنّا نقول: مفاد القضيّة الاستصحابيّة التعليقيّة أنّه إذا شككت في أنّ الزبيب إذا غلى حرام أو حلال فاستصحب حكمه السابق، وهو أنّه إذا غلى يحرم ولا يحلّ، فكلّ من يحرم ولا يحلّ وارد في موضوع الشكّ فيه. فالحاصل بالأخرة أنّ مفاد أحد الأصلين أنّه يحلّ ولا يحرم إذا شككت، ومفاد الآخر أنّه يحرم ولا يحلّ إذا شككت، وليس بين هذين حكومة، هذا.
والذي اختاره شيخنا الاستاد دام بقاه في دفع إشكال المعارضة هو اختيار طريقة اخرى غير الحكومة المصطلحة، وهو أن يقال: الحكم وإن كان قبل الشرط وبعده واحدا، فلهذا ليس هنا مناط الحكومة، ولكن مع ذلك لا شكّ أنّه يحدث لنا شكّ آخر عند حدوث الغليان غير الشكّ الذي كان قبل تحقّقه، فإنّه قبل تحقّقه كنّا نشكّ في ثبوت الحكم التعليقي فيه وارتفاعه، ولكن لا نشكّ في الشرب الخارجي، وأمّا بعده فمضافا إلى ذلك الشكّ نشكّ أيضا في أنّ هذا الشرب حرام فعلي أولا؟ والحرمة وإن كانت نفس الحرمة المشكوكة السابقة، لكن صفة الفعليّة مشكوك حادث، وكانت في السابق مقطوع العدم.
ومنشأ هذا الشكّ الثاني هو الشكّ الأوّل؛ لأنّ الفعليّة من آثار وجود الحكم المعلّق، فيندرج تحت قاعدة تقدّم الأصل الجاري في المنشأ على الجارى في الناشئ، ولو لم يرجع إلى الحكومة المصطلحة، ويأتي تفصيله إن شاء اللّه تعالى في محلّه.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|