أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-1-2018
14852
التاريخ: 25-2-2020
2590
التاريخ: 7-1-2019
15534
التاريخ: 14-1-2019
2336
|
البحث الرابع
رأس المـــــــال
1ـ تحول النقد الى رأس المال
أ ـ النـقد ورأس المـال
تضمنت الأبحاث السابقة تحديداً لمفهوم السلعة والنقد ووظائفه الخاصة وقوانين الدورة النقدية وذلك نظراً للدور الذي تقوم به السلعة ويقوم به النقد في الاقتصاد السلعي الرأسمالي فبالرغم من أن علاقات التبادل السلعي – النقدي كانت قد ظهرت إلى جانب الاقتصاد الطبيعي في المجتمعات التي سبقت المجتمع الرأسمالي إلا أن المحتوى الخاص للسلعة والنقد في الاقتصاد الرأسمالي يختلف عن محتوى ووظيفة السلعة والنقد في الاقتصاديات السابقة للاقتصاد الرأسمالي ، وقد أشرنا في فصول سابقة إلى أن الإنتاج والتبادل كان غالباً بهدف في تلك الاقتصاديات إلى تحقيق إشباع الحاجات المباشرة ، بينما أصبح تحقيق الربح هو الهدف الأساسي من النشاط الاقتصادي في النظام الرأسمالي (1) .
من أجل ذلك يصبح من الضروري تحديد مفهوم رأس المال لأن مفهوم رأس المال قد يختلط في أذهان البعض بمفهوم وسائل الإنتاج أو النقد.
إن النقد كما رأينا عبارة عن شيء محدد له قيمة ما وإن الثروة النقدية عندما تكون في حالتها الساكنة وتأخذ شكل الاكتناز لا يمكن اعتبارها رأسمالاً إلا إذا تحولت هذه الثروة واتخذت شكل استثمار ما يكون الهدف من ورائه تحقيق الربح ويظهر رأس المال في صورة تزايد مستمر في الثروة النقدية .
حول رأس المال لم يكن هناك اتفاق بين علماء الاقتصاد على تحديد مفهومه ؛ إن أنصار النظرية الميركالتيلية لم يفرقوا بين رأس المال والثروة النقدية وحسب رأيهم لا يوجد هناك فرق بين النقد ورأس المال ، أما نظريات الاقتصاديين الكلاسيكين الأوائل فقد طابقت بين رأس المال ووسائل الإنتاج ؛ إن أصحاب النظرية الفيزيوقراطية على سبيل المثال حددوا مفهوم رأس المال على أنه عبارة عن العدد والمواد الأولية وغيرها من العناصر المادية المستعملة في عملية الإنتاج ، إلا أن النظرية الماركسية لم تأخذ بهذه التفسيرات لأن رأس المال عبارة عن علاقة اجتماعية بين طبقة تملك وسائل الإنتاج وطبقة اجتماعية أخرى تملك فقط قوة العمل ومن خلال هذه العلاقة الاجتماعية فقط يمكن لصاحب رأس المال أن يحول النقد إلى رأس مال .
ب ـ المعادلة العامة لرأس المال – الربح الرأسمالي
بصرف النظر عن اختلاف التفسيرات حول طبيعة وجوهر رأس المال فإن رأس المال يجسد من الناحية الظاهرية على الأقل حركة النقد في حالتها المتغيرة المتزايدة ؛ إن صاحب رأس المال يبدأ بالنقد وينتهي بالنقد ولكن يشترط في النقد الأخير أن يكون أكبر من حيث الكمية من النقد الأساسي الذي بدأ به وهذا الفرق بين النقد الأولي والنقد النهائي هو ما يطلقون عليه عادة الربح الرأسمالي وهذه المعادلة العامة لرأس المال هي القانون العام الذي يحكم حركة رأس المال في الاقتصاد الرأسمالي في أي زمان ومكان ومهما اختلفت أنواع رأس المال .
ولكن إذا كانت حركة رأس المال تهدف إلى تحقيق زيادة ما في القيمة تمثل الربح فإن هذا يعني أن أية زيادة في القيمة تعكس في جوهرها حركة رأس المال ، ولتوضيح هذه الفكرة يمكن القول بأن المنتج السلعي الصغير يحقق هو الآخر زيادة في القيمة النقدية للسلعة التي يقوم بإنتاجها ، فعندما يقوم الحرفي الصغير مثلاً باستخدام عمله وجهده الشخصي في تحويل المواد التي يستعملها إلى سلعة جديدة ، فإن قيمة السلعة الجديدة تكون أكبر من قيمة المواد المستخدمة في إنتاجها ، لأنه بواسطة عمله هذا يضيف قيمة إضافية جديدة إلى قيمة المواد المستعملة في عملية إنتاج السلعة الجديدة ، فعندما يقوم صانع النسيج بتحويل القطن الخام إلى نسيج فإن القيمة الجديدة لهذه السلعة المنتجة تكون أكبر من قيمة القطن الخام وغيره من المواد المستعملة في إنتاج النسيج وهو عندما يقوم ببيع السلعة المنتجة الجديدة في السوق فهو يحصل على قيمة تزيد عن قيمة المواد المستخدمة في إنتاجها ، إلا أن النقد الذي يستخدم في شراء المواد الأولية وغيرها لا يأخذ في هذه الحالة شكل رأس المال ، لأن تحويل النقد إلى رأس مال يشترط فيه توفر بعض الشروط والأسس التي تختلف عن شروط وأسس الإنتاج السلعي الحرفي الصغير .
ومن خلال المقارنة بين معادلة التداول السلعي الصغير وبين معادلة التداول السلعي الرأسمالي يمكن توضيح الاختلاف بين زيادة النقد في الاقتصاد السلعي الصغير وبين زيادة النقد وتحوله إلى رأس مال في الاقتصاد السلعي الرأسمالي .
ففي حالة التداول السلعي الصغير تظهر مراحل معادلة التداول السلعي في السوق على الشكل التالي :
أولاً - في المرحلة الأولى يقوم المنتج السلعي الصغير بتحويل السلعة التي أتم إنتاجها إلى نقد في السوق أو بكلمة أخرى يقوم المنتج الصغير ببيع السلعة الناتجة في السوق ويحصل في هذه الحالة على كمية من النقد تعادل قيمة المواد المستخدمة مضافاً إليها القيمة التي أضافها عمله الخاص .
ســـلعة - نقــد - ســـلعة
ثانياً - في المرحلة الثانية يقوم بتحويل النقد إلى سلعة عندما يستخدم النقد المتحقق من عملية البيع في شراء سلع جديدة تلبي احتياجاته المختلفة سواء منها المواد الأولية اللازمة لعملية إنتاج جديدة أو مواد غذائية من أجل إشباع حاجاته الشخصية .
نقـــد - ســـلعة - نقد زائد
أولاً ــ في المرحلة الأولى كما هو واضح من هذه المعادلة يقوم صاحب رأس المال بتحويل النقد إلى سلعة وهي تشمل عناصر الإنتاج المادية الضرورية من آلات ومواد أولية وغيرها ، كما تشمل هذه المرحلة أيضاً شراء وتأمين قوة العمل اللازمة وبعد إنجاز هذه المرحلة تبدأ عملية إنتاج السلعة الجديدة .
ثانياً – في المرحلة الثانية يقوم بتحويل وبيع السلعة الناتجة إلى نقد في السوق ويكون النقد المتحقق من عملية البيع عادة أكبر من النقد الذي بدأ به في المرحلة الأولى ويطلق على النقد الجديد النقد الزائد ، ويتكون النقد الزائد من النقد الأولي ( ن ) مضافاً إليه مبلغاً معيناً فلو بدأ بنقد مقداره مليون دولار وانتهى بنقد زائد مقداره مليون ونصف المليون دولار فإن النقد العائد يعوض النقد الأساسي المدفوع مضافاً عليه نصف مليون دولار .
إلا أنه يوجد بين هاتين المعادلتين اختلاف أساسي يتناول المحتوى والهدف لكل منهما :
1- في معادلة التداول السلعي الصغير يعتمد المنتج الحرفي في غالب الأحيان على عمله الشخصي في إنتاج السلعة بينما يعتمد صاحب رأس المال على عمل الغير حيث يقوم بشراء قوة العمل في سوق العمل.
2- في معادلة التداول السلعي الصغير تمثل القيمة الاستعمالية بداية ونهاية الدورة وتكون هي بحد ذاتها الغاية من عملية الإنتاج والتبادل بينما في التداول الرأسمالي تتحول القيمة الاستعمالية إلى مجرد واسطة ووسيلة لتحقيق غاية أخرى هي الحصول على النقد المتضمن للربح ، ويصبح النقد بحد ذاته الغاية من عملية الإنتاج والتداول الرأسمالي .
ج - شروط وقوانين الإنتاج الرأسمالي :
لا بد من توفر شروط معينة حتى تتم عملية الإنتاج الرأسمالي حيث أن العلاقات التي تحيط بعملية الإنتاج في ظروف الاقتصاد الرأسمالي تختلف عن علاقات الإنتاج التي سادت الاقتصاديات ما قبل الرأسمالية ، ففي ظروف الإنتاج السلعي لاحظنا كيف أن المنتج الصغير يعتمد على عمله الخاص في عملية الإنتاج كما يكون عادة مالكاً لوسائل إنتاجه الخاصة . إن عملية الإنتاج الرأسمالية لا تقوم إلا بعد توفر شروط معينة هي :
1ــ وجود وسائل الإنتاج في السوق :
إذ يتوجب توفر وسائل الإنتاج المختلفة في السوق من أبنية وآلات ومواد أولية وغيرها من العناصر المادية وفي هذه الحالة يقوم صاحب رأس المال بتخصيص جزء من النقد لتحويله إلى مبلغ وشراء مختلف الوسائل المادية الضرورية للبدء بعملية الإنتاج .
2- وجود قوة عمل حرة في سوق العمل :
ويقصد بذلك ضرورة وجود قوة عمل " حرة " من الناحية القانونية يتوفر لأصحابها حق التصرف بها ، أي أن يكون لهم حق بيع قوة عملهم لأصحاب رؤوس الأموال في السوق ومن ناحية ثانية يجب أن يكون هؤلاء الأشخاص ( العمال ) مضطرين لبيع قوة عملهم لنهم لا يتمتعون بملكية وسائل الإنتاج التي تتيح لهم الفرصة لإقامة أي عمل اقتصادي مستقل وخاص بهم .
ولتوضيح هذه الناحية يمكن مقارنة شروط قوة العمل في النظام الرأسمالي بشروطها في أنظمة الرق والقنانة الإقطاعية ، فلم تكن قوة العمل في النظامين الآخرين حرة من الناحية القانونية .
وكما لاحظنا فإن للسادة في نظام الرق حتى التصرف الكامل بالرقيق إلى جانب الملكية المطلقة لوسائل الإنتاج إذ لم يكن ينظر إلى الرقيق إلا كجزء ( متميز ) من وسائل الإنتاج .
وفي النظام الإقطاعي نجد أن الفلاح القن ( رغم أنه لم يعد ملكية شخصية السيد وأصبح يتمتع بملكية بعض أدوات الإنتاج والحيوانات وأحياناً منزل السكن ، وأصبح يملك الحق في جزء مما ينتجه ) يبقى مقيداً بشروط تحرمه من حقوقه الشخصية ، كمنع انتقاله من استثمار إقطاعي إلى استثمار إقطاعي آخر ، أو إلزامه بشروط في العمل والإنتاج والحياة يحددها الإقطاعي عادة ، وغير ذلك ، فلم يكن يملك الحق ببيع قوة عمله في السوق ، أي بالتحول إلى عامل مأجور ، بينما نجد أن النظام الرأسمالي قد " حرر " قوة العمل من الناحية الحقوقية ، لكنه لم يحررها من الناحية الاقتصادية ، إن وضع العامل في الإنتاج الرأسمالي يختلف عن وضع المنتج الحرفي الصغير و إن المنتج الحرفي يتمتع بحق التصرف بقوة عمله ويمتلك إلى جانب ذلك وسائل الإنتاج الخاصة به وهو في هذه الظروف يستطيع أن يستخدم بحرية تامة عناصر الإنتاج المادية والذاتية وفق مقتضيات الإنتاج ووفق مصالحه الفردية الخاصة المباشرة .
3- إنتاج سلعة ذات مواصفات جديدة :
حيث يشترط من استخدام عناصر الإنتاج المختلفة المادية منها والذاتية تحقيق سلعة جديدة تحمل مواصفات معينة هي :
أولاً : من زاوية القيمة الاستعمالية فإنه من البديهي أن تحمل السلعة الجديدة قيمة استعمالية تختلف عن القيمة الاستعمالية للمواد المستخدمة في إنتاجها ، فالقيمة الاستعمالية للنسيج مثلاً وهو السلعة الناتجة الجديدة تختلف عن القيمة الاستعمالية للمادة المستخدمة في إنتاجه وهي القطن .
ثانياً : يشترط في ظروف الإنتاج الرأسمالي أن تكون القيمة التبادلية للسلعة الجديدة في السوق أكبر من قيمة العناصر المختلفة والمستخدمة في عملية إنتاجها ، إن قيمة متر النسيج في السوق تكون في الأحوال العادية أكبر من قيمة العناصر المستخدمة في إنتاجه والتي تشمل استهلاك نسبة معينة من قيمة البناء والآلات وكامل قيمة المواد الأولية بالإضافة إلى الأجر المدفوع فإذا كانت قيمة متر النسيج عشر ليرات بينما بلغت قيمة العناصر المستخدمة في إنتاجه سبع ليرات فإن الفارق يشكل الربح الرأسمالي .
إن صاحب رأس المال لا يُقدم عادة على عملية الإنتاج دون أن يدرك مسبقاً إمكانية تحقيق هذه الزيادة في قيمة السلعة الجديدة وأن يكون النقد الذي انتهى إليه أكبر من النقد الذي بدأ به وبالتالي يمكن القول بأن الجوهر الأساسي لرأس المال والإنتاج الرأسمالي يكمن إذن في تحقيق الربح الذي يعد القانون الاقتصادي الأساسي والدافع المحرك للنشاط الاقتصادي في النظام الرأسمالي .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ الاسهام في الاقتصاد السياسي- كارك ماركس – وزارة الثقافة – دمشق 1970
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|