التفسير بالمأثور/العدل/الإمام علي (عليه السلام)
روي عن علي بن محمد العسكري
عليهما السلام في رسالته إلى أهل الاهواز في نفي الجبر والتفويض أنه قال: روي
عن أمير المؤمنين عليه السلام: أنه سأله رجل بعد انصرافه من الشام فقال: يا أمير المؤمنين
أخبرنا عن خروجنا إلى الشام أ بقضاء وقدر ؟ فقال له أمير المؤمنين: نعم يا
شيخ ما علوتم تلعة ولا هبطتم بطن واد إلا بقضاء من الله وقدره ; فقال الرجل: عند
الله أحتسب عنائي والله ما أرى لي من الاجر شيئا. فقال علي عليه السلام: بلى فقد عظم
الله لكم الاجر في مسيركم وأنتم ذاهبون، وعلى منصرفكم وأنتم منقلبون، ولم تكونوا
في شئ من حالاتكم مكرهين ؟ فقال الرجل: وكيف لا نكون مضطرين والقضاء والقدر
ساقانا وعنهما كان مسيرنا ؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام: لعلك أردت
قضاءا لازما وقدرا حتما لو كان ذلك كذلك لبطل الثواب و العقاب، وسقط الوعد والوعيد،
والامر من الله والنهي، وما كانت تأتي من الله لائمة لمذنب، ولا محمدة لمحسن،
ولا كان المحسن أولى بثواب الاحسان من المذنب، ولا المذنب أولى بعقوبة الذنب من المحسن،
تلك مقالة إخوان عبدة الاوثان، وجنود الشيطان، وخصماء الرحمن، وشهداء الزور والبهتان،
وأهل العمى والطغيان، هم قدرية هذه الامة ومجوسها ; إن الله تعالى
أمر تخييرا، ونهى تحذيرا، وكلف يسيرا، ولم يعص مغلوبا، ولم يطع مكرها، ولم يرسل الرسل
هزلا، ولم ينزل القرآن عبثا، ولم يخلق السماوات والأرض وما بينهما باطلا، ذلك
ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار. قال ثم تلا عليهم: " وقضى ربك
ألا تعبدوا إلا إياه " قال: فنهض الرجل مسرورا وهو يقول: أنت الامام الذي نرجو بطاعته
* يوم النشور من الرحمن رضوانا وساق الابيات إلى قوله: أنى يحب وقد صحت عزيمته ؟
* على الذي قال أعلن ذاك إعلانا " .
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 5 / صفحة [ 95 ]
تاريخ النشر : 2024-04-28