التفسير بالمأثور/الامامة/الإمام الصادق (عليه السلام)
علي بن محمد، عن عبد الله بن إسحاق العلوي، عن محمد بن زيد الرزامي عن محمد
بن سليمان الديلمي، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: حججنا مع أبي عبد الله
عليه السلام في السنة التي ولد فيها ابنه موسى عليه السلام، فلما نزلنا الأبواء
وضع لنا الغداء وكان إذا وضع الطعام لأصحابه أكثر وأطاب، قال: فبينا نحن نأكل إذا
أتاه رسول حميدة فقال له: إن حميدة تقول: قد أنكرت نفسي وقد وجدت ما كنت أجد إذا
حضرت ولادتي وقد أمرتني أن لا أستبقك بابنك هذا، فقام أبو عبد الله عليه السلام
فانطلق مع الرسول، فلما انصرف قال له أصحابه: سرك الله وجعلنا فداك فما أنت صنعت
من حميدة؟ قال سلمها الله وقد وهب لي غلاما وهو خير من برأ الله في خلقه ولقد
أخبرتني حميدة عنه بأمر ظنت أني لا أعرف ولقد كنت أعلم به منها، فقلت:
جعلت فداك وما الذي أخبرتك به حميدة عنه؟ قال: ذكرت أنه سقط من بطنها حين
سقط واضعا يديه على الأرض، رافعا رأسه إلى السماء، فأخبرتها أن ذلك أمارة رسول
الله صلى الله عليه وآله وأمارة الوصي من بعده، فقلت: جعلت فداك وما هذا من أمارة رسول الله صلى الله عليه وآله وأمارة الوصي من بعده؟ فقال لي: إنه لما كانت
الليلة التي علق فيها بجدي أتى آت جد أبي بكأس فيه شربة أرق من الماء وألين من
الزبد وأحلى من الشهد وأبرد من الثلج وأبيض من اللبن، فسقاه إياه وأمره بالجماع،
فقام فجامع فعلق بجدي ولما أن كانت الليلة التي علق فيها بأبي أتى آت جدي فسقاه
كما سقى جد أبي وأمره بمثل الذي أمره فقام فجامع فعلق بأبي، ولما أن كانت الليلة
التي علق فيها بي أتى آت أبي فسقاه بما سقاهم وأمره بالذي أمرهم به فقام فجامع
فعلق بي، ولما أن كانت الليلة التي علق فيها بابني أتاني آت كما أتاهم ففعل بي كما
فعل بهم فقمت بعلم الله وإني مسرور بما يهب الله لي، فجامعت فعلق بابني هذا
المولود فدونكم فهو والله صاحبكم من بعدي، إن نطفة الامام مما أخبرتك وإذا سكنت
النطفة في الرحم أربعة أشهر وأنشئ فيها الروح بعث الله تبارك وتعالى ملكا يقال له:
حيوان فكتب على عضده الأيمن {تَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا
مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } [الأنعام: 115] وإذا وقع
من بطن أمه وقع واضعا يديه على الأرض رافعا رأسه إلى السماء فأما وضعه يديه على
الأرض فإنه يقبض كل علم لله أنزله من السماء إلى الأرض وأما رفعه رأسه إلى السماء
فان مناديا ينادي به من بطنان العرش من قبل رب العزة من الأفق الاعلى باسمه واسم
أبيه يقول: يا فلان بن فلان أثبت تثبت، فلعظيم ما خلقتك أنت صفوتي من خلقي وموضع
سري وعيبة علمي وأميني على وحيي وخليفتي في أرضي، لك ولمن تولاك أوجبت رحمتي ومنحت
جناني وأحللت جواري، ثم وعزتي وجلالي لأصلين من عاداك أشد عذابي وإن وسعت عليه في
دنياي من سعة رزقي فإذا انقضى الصوت - صوت المنادي - أجابه هو واضعا يديه رافعا
رأسه إلى السماء يقول {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ
وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ
الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: 18] قال: فإذا قال ذلك أعطاه الله العلم الأول
والعلم الآخر واستحق زيارة الروح في ليلة القدر، قلت: جعلت فداك الروح ليس هو
جبرئيل؟ قال: الروح هو أعظم من جبرئيل، إن جبرئيل من الملائكة وإن الروح هو خلق
أعظم من الملائكة، أليس يقول الله تبارك وتعالى: { تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ
وَالرُّوحُ} [القدر: 4].
محمد بن يحيى وأحمد بن محمد، عن محمد بن الحسين، عن أحمد بن الحسن، عن
المختار ابن زياد، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي بصير مثله.
المصدر : أصول الكافي
المؤلف : ثقة الاسلام محمد بن يعقوب الكليني
الجزء والصفحة : ج1 ، ص 385 - 387
تاريخ النشر : 2024-04-08