التفسير بالمأثور/الامامة/الإمام الصادق (عليه السلام)
علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن قال: حدثنا حماد، عن عبد الاعلى قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول
العامة : إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من مات وليس له إمام مات ميتة
جاهلية، فقال: الحق و الله، قلت: فإن إماما هلك ورجل بخراسان لا يعلم من وصيه لم
يسعه ذلك؟
قال: لا يسعه إن الامام إذا هلك وقعت حجة وصيه على من هو معه في البلد وحق
النفر على من ليس بحضرته إذا بلغهم، إن الله عز وجل يقول: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ
كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا
قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ } [التوبة: 122] قلت:
فنفر قوم فهلك بعضهم قبل أن يصل فيعلم؟ قال: إن الله عز وجل يقول: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ
يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [النساء: 100] قلت:
فبلغ البلد بعضه فوجدك مغلقا عليك بابك، ومرخي عليك سترك، لا تدعوهم إلى نفسك ولا
يكون من يدلهم عليك فبما يعرفون ذلك؟
قال : بكتاب الله المنزل قلت: فيقول الله عز وجل كيف؟ قال: أراك قد تكلمت في هذا
قبل اليوم، قلت: أجل، قال فذكر ما أنزل الله في علي عليه السلام وما قال له رسول
الله صلى الله عليه وآله في حسن وحسين عليهما السلام وما خص الله به عليا عليه
السلام وما قال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله من وصيته إليه ونصبه إياه وما
يصيبهم وإقرار الحسن والحسين بذلك و وصيته إلى الحسن وتسليم الحسين له بقول الله :
{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ
أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ
اللَّهِ } [الأحزاب: 6] قلت فإن الناس تكلموا في أبي جعفر عليه السلام ويقولون:
كيف تخطت من ولد أبيه من له مثل قرابته ومن هو أسن منه وقصرت عمن هو أصغر منه،
فقال: يعرف صاحب هذا الامر بثلاث خصال لا تكون في غيره: هو أولى الناس بالذين قبله
وهو وصيه، وعنده سلاح رسول الله صلى الله عليه وآله ووصيته وذلك عندي، لا أنازع
فيه، قلت : إن ذلك مستور مخافة السلطان؟ قال: لا يكون في ستر إلا وله حجة ظاهرة، إن أبي
استودعني ما هناك، فلما حضرته الوفاة قال: ادع لي شهودا فدعوت أربعة من قريش، فيهم
نافع مولى عبد الله بن عمر، قال: اكتب هذا ما أوصى به يعقوب بنيه {يَا بَنِيَّ
إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ
مُسْلِمُونَ} [البقرة: 132] وأوصى محمد بن علي إلى ابنه جعفر بن محمد وأمره أن
يكفنه في برده الذي كان يصلي فيه الجمع وأن يعممه بعمامته وأن يربع قبره ويرفعه
أربع أصابع، ثم يخلي عنه، فقال: اطووه، ثم قال للشهود : انصرفوا رحمكم الله ، فقلت
بعد ما انصرفوا : ما كان في هذا يا أبت أن تشهد عليه؟ فقال : إني كرهت أن تغلب وأن
يقال: إنه لم يوص، فأردت أن تكون لك حجة فهو الذي إذا قدم الرجل البلد قال: من وصي
فلان، قيل فلان، قلت: فإن أشرك في الوصية؟ قال: تسألونه فإنه سيبين لكم.
المصدر : أصول الكافي
المؤلف : ثقة الاسلام محمد بن يعقوب الكليني
الجزء والصفحة : ج1 ، ص 378 - 379
تاريخ النشر : 2024-04-08