ابن الوليد، عن الصفار، عن
ابن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن الحسين ابن علوان، عن الاعمش، عن عباية الاسدي قال:
كان عبد الله بن العباس جالسا على شفير زمزم
يحدث الناس، فلما فرغ من حديثه أتاه رجل فسلم عليه، ثم قال: يا عبد الله إني رجل
من أهل الشام، فقال: أعوان كل ظالم إلا من عصم الله منكم، سل عما بدا لك، فقال: يا
عبد الله بن عباس إني جئتك أسألك عمن قتله علي بن أبي طالب من أهل لا إله إلا الله
لم يكفروا بصلاة ولا بحج ولا بصوم شهر رمضان ولا بزكاة، فقال له عبد الله: ثكلتك
امك، سل عما يعنيك ودع مالا يعنيك، فقال: ما جئتك أضرب إليك من حمص للحج ولا للعمرة،
ولكني أتيتك لتشرح لي أمر علي بن أبي طالب وفعاله، فقال له: ويلك إن علم العالم
صعب لا يحتمله ولا تقربه القلوب الصدئة، اخبرك أن علي بن أبي طالب عليه السلام
كان مثله في هذه الامة كمثل موسى والعالم عليهما السلام، وذلك أن الله تبارك وتعالى
قال في كتابه: " يا موسي إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك
وكن من الشاكرين * وكتبنا له في الالواح من كل شئ موعظة وتفصيلا لكل شئ " فكان
موسى يرى أن جميع الاشياء قد اثبتت له، كما ترون أنتم أن علماءكم قد أثبتوا جميع
الاشياء. فلما انتهى موسى إلى ساحل البحر فلقي العالم فاستنطق بموسى ليضل علمه ولم
يحسده كما حسدتم أنتم علي بن أبي طالب وأنكرتم فضله، فقال له موسى عليه السلام:
" هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدا " فعلم العالم أن موسى لا يطيق بصحبته
ولا يصبر على علمه فقال له: " إنك لن تستطيع معي صبرا * وكيف تصبر على ما لم
تحط به خبرا " فقال له موسى: " ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك
أمرا " فعلم العالم أن موسى لا يصبر على علمه
فقال: " فإن اتبعتني فلا تسألني عن شئ حتى أحدث
لك منه ذكرا " قال: فركبا في السفينة فخرقها العالم، وكان خرقها لله عزوجل
رضى وسخطا لموسى، ولقي الغلام فقتله فكان
قتله لله عزوجل رضى وسخطا لموسى، وأقام الجدار فكانت
إقامته لله عزوجل رضى وسخطا لموسى، كذلك كان علي بن أبي طالب عليه السلام لم يقتل
إلا من كان قتله لله عزوجل رضى ولأهل الجهالة من الناس سخطا.
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
المصدر : بحار الأنوار
الجزء والصفحة : جزء 13 / صفحة [292]