أورد الثعلبي
والواحدي وغيرهما من علماء التفسير أن الأغنياء أكثروا مناجاة النبي (ص) وغلبوا
الفقراء على المجالس عنده حتى كره رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك واستطالة
جلوسهم وكثرة مناجاتهم ، فأنزل الله تعالى : « يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم
الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهرا » فأمر بالصدقة أمام
المناجاة ، وأما أهل العسرة فلم يجدوا ، وأما الاغنياء فبخلوا ، وخف ذلك على رسول
الله صلى الله عليه وآله وخف ذلك الزحام ، وغلبوا على حبه والرغبة في مناجاته حب
الحطام! واشتد على أصحابه ، فنزلت الآية التي بعدها راشقة لهم بسهام الملام ،
ناسخة بحكمها حيث أحجم من كان دأبه الاقدام. وقال علي عليه السلام : إن في كتاب
الله لآية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل أحد بها بعدي ، وهي آية المناجاة ، فإنها
لما نزلت كان لي دينار فبعته بدراهم ، وكنت إذا ناجيت الرسول تصدقت حتى فنيت ،
فنسخت بقوله : « ءأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات » الآية.
ونقل الثعلبي قال : قال علي عليه السلام : لما
نزلت دعاني رسول الله فقال : ما ترى؟ ترى دينارا؟ فقلت : لا يطيقونه ، قال : فكم؟
قلت : حبة أو شعيرة ، قال : إنك لزهيد! فنزلت : « ءأشفقتم أن تقدموا » الزهيد :
القليل وكأنه يريد مقلل.
إذا انسكبت دموع
في خدود تبين من بكى ممن تباكى
وقال ابن عمر :
ثلاث كن لعلي عليه السلام لو أن لي واحدة منهن كانت أحب إلي من حمر النعم :
تزويجه بفاطمة ، وإعطاؤه الراية يوم خيبر ، وآية النجوى.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 35 / صفحة [ 605 ]
تاريخ النشر : 2025-11-22