أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/الامامة/مواضيع متفرقة
قال ابن أبي
الحديد في شرح نهج البلاغة: روى إبراهيم بن ديزيل الهمداني في كتاب صفين عن يحيى
بن سليمان عن يحيى بن عبد الملك بن حميد بن أبي غنية، عن أبيه عن إسماعيل بن رجاء
عن أبيه ومحمد بن الفضيل عن الاعمش عن إسماعيل بن رجاء: عن أبي سعيد الخدري رحمه
الله قال: كنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) فانقطع شسع نعله فألقاها إلى علي
(عليه السلام) يصلحها ثم قال: إن منكم من يقاتل علي تأويل القرآن كما قاتلت على
تنزيله. فقال أبو بكر: أنا هو يا رسول الله ؟ قال: لا. فقال عمر بن الخطاب: أنا هو
يا رسول الله ؟ قال: لا ولكنه ذاكم خاصف النعل. [قال:] و [كان] يد علي (عليه
السلام) [على نعل النبي (صلى الله عليه وآله] يصلحها.
قال أبو سعيد
فأتيت عليا فبشرته بذلك فلم يحفل به كأنه شيء قد كان علمه من قبل.
وروى ابن ديزيل
في هذا الكتاب أيضا عن يحيى بن سليمان عن ابن فضيل عن إبراهيم بن الهجري عن أبي
صادق قال: قدم علينا أبو أيوب الانصاري العراق فأهدت له الازد جزرا فبعثوها معي
فدخلت إليه فسلمت عليه وقلت له: يا أبا أيوب قد كرمك الله بصحبة نبيه صلى الله
عليه وآله ونزوله عليك فما لي أراك تستقبل الناس بسيفك تقاتلهم هؤلاء مرة وهؤلاء
مرة ؟ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله عهد إلينا أن نقاتل مع علي الناكثين
فقد قاتلناهم وعهد إلينا أن نقاتل معه القاسطين فهذا وجهنا إليهم يعني معاوية
وأصحابه وعهد إلينا أن نقاتل مع علي المارقين ولم أرهم بعد.
- و [أيضا] قال
[ابن أبي الحديد]: روى كثير من المحدثين عن علي (عليه السلام) أن رسول الله صلى
الله عليه وآله قال له: إن الله قد كتب عليك جهاد المفتونين كما كتب علي جهاد
المشركين. قال: فقلت: يا رسول الله ما هذه الفتنة التي كتب علي فيها الجهاد ؟ قال:
قوم يشهدون أن لا إله إلا الله وأني رسول الله وهم مخالفون للسنة. فقلت: يا رسول
الله فعلام أقاتلهم وهم يشهدون كما أشهد ؟ قال: على الاحداث في الدين ومخالفة
الامر. فقلت: يا رسول الله إنك كنت وعدتني الشهادة فاسأل الله أن يعجلها لي بين
يديك. قال: فمن يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين ؟ أما إني وعدتك بالشهادة
وتستشهد يضرب على هذه فتخضب هذه فكيف صبرك إذا ؟ فقلت: يا رسول الله ليس ذا بموطن
صبر هذا موطن شكر ! ! قال: أجل أصبت فأعد للخصومة فإنك مخاصم. فقلت: يا رسول الله
لو بينت لي قليلا فقال: إن أمتي ستفتن من بعدي فتتأول القرآن وتعمل بالرأي وتستحل
الخمر بالنبيذ والسحت بالهدية والربا بالبيع وتحرف الكتاب عن مواضعه وتغلب كلمة
الضلال فكن حلس بيتك حتى تقلدها فإذا قلدتها جاشت عليك الصدور وقلبت لك الامور
تقاتل حينئذ على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله فليست حالهم الثانية بدون
حالهم الاولى. فقلت: يا رسول الله فبأي المنازل أنزل هؤلاء المفتونين من بعدك ؟
أبمنزلة فتنة أم بمنزلة ردة ؟ فقال: بمنزلة فتنة يعمهون فيها إلى أن يدركهم العدل.
فقلت: يا رسول الله أيدركهم العدل منا أم من غيرنا ؟ فقال: بل منا، بنا فتح الله
وبنا يختم وبنا ألف الله بين القلوب بعد الشرك وبنا يؤلف بين القلوب بعد الفتنة.
فقلت: الحمد لله على ما وهب لنا من فضله.
وقال عند قوله
(عليه السلام) في الخطبة الشقشقية: " فلما نهضت بالأمر نكثت طائفة ومرقت أخرى
وفسقت آخرون " ما هذا لفظه: فأما الطائفة الناكثة فهم أصحاب الجمل، وأما
الطائفة القاسطة فأصحاب صفين وسماهم رسول الله صلى الله عليه وآله القاسطين، وأما
الطائفة المارقة فأصحاب النهروان. وأشرنا نحن بقولنا: سماهم رسول الله القاسطين إلى
قوله: " ستقاتل بعدي الناكثين والقاسطين والمارقين " وهذا الخبر من
دلائل نبوته صلوات الله عليه، لأنه إخبار صريح بالغيب لا يحتمل التمويه والتدليس
كما تحتمله الاخبار المجملة. وصدق قوله عليه السلام: " والمارقين ".
قوله أولا في الخوارج: " يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ".
وصدق قوله: الناكثين كونهم نكثوا البيعة بادئ بدء وقد كان يتلو وقت مبايعتهم
" ومن نكث فإنما ينكث على نفسه " وأما أصحاب الصفين فإنهم عند أصحابنا
مخلدون في النار لفسقهم فصح فيهم قوله تعالى: * (وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا)
*.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 32 / صفحة [ 307 ]
تاريخ النشر : 2025-09-01