كشف من غزواته
صلوات الله عليه وقعة الجمل والمجتمعون لها لما رفضوا عليا ونقضوا بيعته ونكثوا
عهده وغدروا به وخرجوا عليه وجمعوا الناس لقتاله مستخفين بعقد بيعته التي لزمهم
فرض حكمها مُسفّين إلى إثارة فتنة عامة باءوا بإثمها لم ير إلا مقاتلتهم على
مسارعتهم إلى نكث بيعته ومقاتلتهم عن الخروج عن حكم الله ولزوم طاعته وكان من
الداخلين في البيعة أولا والملتزمين لها ثم من المحرضين ثانيا على نكثها ونقضها
طلحة والزبير فأخرجا عائشة وجمعا من استجاب لهما وخرجوا إلى البصرة ونصبوا لعلي
عليه السلام حبائل الغوائل وألبوا عليه مطيعهم من الرامح والنابل مظهرين المطالبة
بدم عثمان مع علمهم في الباطن أن عليا عليه السلام ليس بالآمر ولا القاتل. ومن
العجب أن عائشة حرضت الناس على قتل عثمان بالمدينة وقالت: اقتلوا نعثلا قتل الله
نعثلا فلقد أبلى سنة رسول الله وهذه ثيابه لم تبل. وخرجت إلى مكة وقتل عثمان وعادت
إلى بعض الطريق فسمعت بقتله وأنهم بايعوا عليا فورم أنفها وعادت وقالت: لأطالبن
بدمه. فقيل لها: يا أم المؤمنين أنت أمرت بقتله وتقولين هذا ؟ قالت: لم يقتلوه حيث
قلت وتركوه حتى تاب وعاد كالسبيكة من الفضة وقتلوه. وخرج طلحة والزبير من المدينة
على خفية ووصلا إليها بمكة وأخرجاها إلى البصرة. ورحل علي عليه السلام من المدينة
يطلبهم فلما قرب من البصرة كتب إلى طلحة والزبير: أما بعد فقد علمتما أني لم أرد
الناس حتى أرادوني ولم أبايعهم حتى أكرهوني وأنتما ممن أرادوا بيعتي وبايعوا ولم
تبايعا لسلطان غالب ولا لعرض [غرض " خ "] حاضر، فإن كنتما بايعتما
طائعين فتوبا إلى الله عز وجل عما أنتما عليه، وأن كنتما بايعتما مكرهين فقد
جعلتما السبيل عليكما بإظهاركما الطاعة وإسراركما المعصية. وأنت يا زبير فارس قريش
وأنت يا طلحة شيخ المهاجرين ودفعكما هذا الامر قبل أن تدخلا فيه كان أوسع لكما من
خروجكما منه بعد إقراركما به.
وأما قولكما:
إني قتلت عثمان بن عفان فبيني وبينكما من تخلف عني وعنكما من أهل المدينة ثم يلزم
كل امرئ بقدر ما احتمل. وهؤلاء بنو عثمان - إن قتل مظلوما كما تقولان - أولياؤه
وأنتما رجلان من المهاجرين وقد بايعتماني ونقضتما بيعتي وأخرجتما أمكما من بيتها
الذي أمر الله أن تقر فيه والله حسيبكما والسلام. وكتب إلى عائشة: أما بعد فإنك
خرجت من بيتك عاصية لله تعالى ولرسوله تطلبين أمرا كان عنك موضوعا ثم تزعمين أنك
تريدين الاصلاح بين الناس فخبريني ما للنساء وقود العساكر ؟ وزعمت أنك طالبة بدم
عثمان وعثمان رجل من بني أمية وأنت امرأة من بني تيم بن مرة ولعمري إن الذي عرضك
للبلاء وحملك على المعصية لأعظم إليك ذنبا من قتلة عثمان وما غضبت حتى أغضبت ولا
هجت حتى هيجت فاتقي الله يا عائشة وارجعي إلى منزلك واسبلي عليك سترك والسلام.
فجاء الجواب إليه: يا ابن أبي طالب جل الامر عن العتاب ولن ندخل في طاعتك أبدا
فاقض ما أنت قاض والسلام.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 32 / صفحة [ 125 ]
تاريخ النشر : 2025-08-24