أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/الاسلام والمسلمين/الإمام علي (عليه السلام)
أقول : وجدت في كتاب سليم بن قيس ، عن سلمان أن أمير المؤمنين عليه السلام
قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : لتركبن أمتي سنة بني إسرائيل حذو
النعل بالنعل ، وحذو القذة بالقذة ، شبرا بشبر ، وذرعا بذراع ، وباعا بباع ، حتى
لو دخلوا جحرا لدخلوا فيه معهم إن التوراة والقرآن كتبته يد واحدة في رق واحد بقلم
واحد ، وجرت الامثال والسنن سواء.
ثم قال أبان : قال سليم : وسمعت علي بن أبى طالب عليه السلام يقول : إن الامة
ستفرق على ثلاث وسبعين فرقة اثنتان وسبعون فرقة في النار ، وفرقة في الجنة وثلاث
عشرة فرقة من الثلاث وسبعين تنتحل محبتنا أهل البيت ، واحدة منها في الجنة واثنتا
عشرة في النار ، وأما الفرقة الناجية المهدية المؤمنة المسلمة الموفقة المرشدة ،
فهي المؤتمة بي ، المسلمة لأمري ، المطيعة لي ، المتبرئة من عدوي ، المحبة لي ، المبغضة لعدوي ، التي قد عرفت حقي
وإمامتي ، وفرض طاعتي من كتاب الله وسنة نبيه ، فلم ترتد ولم تشك لما قد نور الله
في قلبها من معرفة حقنا وعرفها من فضلنا ، وألهمها وأخذ بنواصيها فأدخلها في
شيعتنا حتى اطمأنت قلوبها ، واستيقنت يقينا لا يخالطه شك أني أنا وأوصيائي بعدي
إلى يوم القيامة هداة مهتدون ، الذين قرنهم الله بنفسه ونبيه في آي من كتاب الله
كثيرة ، وطهرنا وعصمنا ، وجعلنا شهداء على خلقه ، وحجته في أرضه ، وخزانه على علمه
، ومعادن حكمه ، وتراجمة وحيه ، وجعلنا مع القرآن والقرآن معنا ، لا نفارقه ولا
يفارقنا ، حتى نرد على رسول الله صلى الله عليه وآله حوضه ، كما قال ـ وتلك
الفرقة الواحدة من الثلاث والسبعين فرقة هي الناجية من النار ، ومن جميع الفتن
والضلالات والشبهات ، هم من أهل الجنة حقا هم يدخلون الجنة بغير حساب ، وجميع تلك
الفرق الاثنتين والسبعين فرقة هم المتدينون بغير الحق، الناصرون دين الشيطان ،
الآخذون عن إبليس وأوليائه ، هم أعداء الله وأعداء رسوله ، وأعداء المؤمنين يدخلون
النار بغير حساب ، برؤا من الله ومن رسوله وأشركوا بالله وكفروا به ، وعبدوا غير
الله من حيث لا يعلمون ، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا يقولون يوم القيامة والله
ربنا ما كنا مشركين يحلفون لله كما يحلفون لكم ، ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم
الكاذبون.
قال : قيل يا أمير المؤمنين أرأيت من قد وقف فلم يأتم بكم ولم يضادكم ولم
ينصب لكم، ولم يتولكم ، ولم يتبرء من عدوكم ، وقال : لا أدري وهو صادق؟ قال : ليس أولئك
من الثلاث والسبعين فرقة إنما عنى رسول الله صلى الله عليه وآله بالثلاث
والسبعين فرقة الباغين النصابين الذين قد شهروا أنفسهم ، ودعوا إلى دينهم ، ففرقة
واحدة منها تدين بدين الرحمن ، واثنتان وسبعون تدين بدين الشيطان ، وتتولى على
قبولها ، وتتبرء ممن خالفها ، فأنا من وحد الله وآمن برسول الله صلى الله عليه وآله
ولم يعرف ولايتنا ولا ضلالة عدونا ، ولم ينصب شيئا ولم يحرم ، وأخذ بجميع ما ليس
بين المختلفين من الامة خلاف في أن الله أمر به أو نهى عنه [ وكف عما بين المختلفين
من الامة خلاف في أن الله أمر به أو نهى عنه ] فلم ينصب شيئا ولم يحلل ولم يحرم
ولا يعلم ، ورد علم ما أشكل عليه إلى الله ، فهذا ناج وهذه الطبقة بين المؤمنين
وبين المشركين هم أعظم الناس وجلهم ، وهم أصحاب الحساب والموازين والاعراف والجهنميون الذين يشفع لهم الانبياء
والملائكة والمؤمنون ، ويخرجون من النار فيسمون الجهنميين فأما المؤمنون فينجون
ويدخلون الجنة بغير حساب وانما الحساب على أهل هذه الصفات بين المؤمنين والمشركين
والمؤلفة قلوبهم والمقترفة والذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا والمستضعفين الذين
لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا ، لا يستطيعون حيلة الكفر والشرك ، ولا يحسنون
أن ينصبوا ، ولا يهتدون سبيلا إلى أن يكونوا مؤمنين عارفين ، فهم أصحاب الاعراف
وهؤلاء كلهم لله فيهم المشية إن أدخل أحدهم النار فبذنبه ، وإن تجاوز عنه فبرحمته.
قلت : أيدخل النار المؤمن العارف الداعي؟ قال : لا ، قلت : أيدخل الجنة من
لا يعرف إمامه؟ قال : لا ، إلا أن يشاء الله ، قلت أيدخل النار إلا كافر أو مشرك قال
: لا يدخل النار إلا كافر إلا أن يشاء الله ، قلت : فمن لقي الله مؤمنا عارفا بإمامه
مطيعا له أمن أهل الجنة هو؟ قال : نعم ، إذا لقى الله وهو مؤمن ، قال الله عزوجل :
« الذين آمنوا وعملوا الصالحات » « الذين آمنوا وكانوا يتقون » «الذين آمنوا ولم
يلبسوا إيمانهم بظلم» قلت فمن لقي الله منهم على الكباير قال : هو في مشيته إن عذبه فبذنبه ، وإن تجاوز عنه
فبرحمته ، قلت فيدخله النار وهو مؤمن؟ قال: نعم ، بذنبه لأنه ليس من المؤمنين
الذين عنى أنه لهم ولي وأنه لا خوف عليهم ولاهم يحزنون ، هم المؤمنون الذين يتقون
الله والذين يعملون الصالحات والذين لم يلبسوا إيمانهم بظلم.
وعن أبان ، عن سليم بن قيس قال : سمعت أبا ذر وسلمان والمقداد يقولون إنا
لقعود عند رسول الله صلى الله عليه وآله ما معنا غيرنا إذا رهط من المهاجرين
كلهم بدريون فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : تفترق أمتي بعدي ثلاث فرق
فرقة على الحق مثلهم كمثل الذهب كلما سبكته على النار ازداد طيبا وجودة ، إمامهم
هذا أحد الثلاثة ، وفرقة أهل باطل مثلهم كمثل الحديد كلما أدخلته النار ازداد خبثا
ونتنا إمامهم هدا أحد الثلاثة ، وفرقة مذبذبين ضلالا لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ،
إمامهم هذا أحد الثلاثة فسألتهم عن الثلاثة فقالوا : امام الحق والهدى علي بن ابي
طالب ، وسعد إمام المذبذبين، وحرصت أن يسموا لى الثالث فأبوا علي وعرضوا لي حتى
عرفت من يعنون.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 28 / صفحة [ 14 ]
تاريخ النشر : 2025-07-16