اليوم : الثلاثاء ٠٢ شوال ١٤٤٦هـ المصادف ۰۱ نيسان۲۰۲٥م

التفسير بالمأثور
الأخذ بالكتاب والسنة وترك البدع والرأي والمقاييس
الاخلاق والآداب
الاستغفار والتوبة وأنواعها وشرائطها
الاسراء والمعراج
الاسلام والايمان والكفر
التقوى والعمل والورع واليقين
التوحيد
الجنة والنار
الحديث والرواية
الدعاء
الدنيا
الذنب والمعصية واتباع الهوى
الشيعة
العدل
العلم
الفتنة والفقر والابتلاء والامتحان
الفقه وقواعده
القران الكريم
القلب
المعاد
الموت والقبر والبرزخ
المؤمن
الناس واصنافهم
أهل البيت (عليهم السلام)
تأويل الآيات والروايات
سيرة وتاريخ
عفو الله تعالى وستره ونعمته ورحمته
أقوال متفرقة
النبوة
الامامة
التفسير بالمأثور/أهل البيت (عليهم السلام)/الإمام الرضا (عليه السلام)
ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا...
تاريخ النشر : 2025-03-30
ابن شاذويه المؤدب وجعفر بن محمد بن مسرور معا عن محمد الحميري عن أبيه عن الريان بن الصلت قال : حضر الرضا عليه السلام مجلس المأمون بمرو وقد اجتمع في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق وخراسان ، فقال المأمون : أخبروني عن معنى هذه الاية : « ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا » فقالت العلماء : أراد الله عزوجل بذلك الامة كلها.
فقال المأمون : ما تقول يا أبا الحسن؟ فقال الرضا عليه السلام : لا أقول كما قالوا ولكني أقول : أراد الله عزوجل بذلك العترة الطاهرة.
فقال المأمون : وكيف عنى العترة من دون الامة؟ فقال له الرضا عليه السلام : إنه لو أراد الامة لكانت بأجمعها في الجنة لقول الله عزوجل : « فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير » ثم جمعهم كلهم في الجنة فقال : « جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من أساور من ذهب » الاية ، فصارت الوراثة للعترة الطاهرة لا لغيرهم.
فقال المأمون : من العترة الطاهرة؟ فقال الرضا عليه السلام : الذين وصفهم الله في كتابه فقال عزوجل : «إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا» وهم الذين قال رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله : « إني مخلف فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ألا وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، أيها الناس لا تعلموهم فانهم أعلم منكم ».
قالت العلماء : أخبرنا يا أبا الحسن عن العترة أهم الآل أم غير الآل؟
فقال الرضا عليه السلام : هم الآل.
فقالت العلماء : فهذا رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله ‌وسلم يؤثر عنه أنه قال : « امتي آلي »  وهؤلاء أصحابه يقولون بالخبر المستفاض الذي لا يمكن دفعه : « آل محمد امته ». فقال أبوالحسن عليه السلام : أخبروني هل تحرم الصدقة على الال؟ قالوا :  نعم ، قال : فتحرم على الامة؟ قالوا : لا ، قال : هذا فرق ما بين الال والامة ، ويحكم أين يذهب بكم أضربتم عن الذكر صفحا أم أنتم قوم مسرفون؟ أما علمتم أنه وقعت الوراثة والطهارة على المصطفين المهتدين دون سائرهم؟
قالوا : ومن أين يا أبا الحسن؟
قال : من قول الله عزوجل : « ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون » فصارت وراثة النبوة والكتاب للمهتدين دون الفاسقين ، أما علمتم أن نوحا عليه السلام حين سأل ربه « فقال رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين » وذلك أن الله عزو جل وعده أن ينجيه وأهله فقال له ربه عزوجل « يانوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين ».
فقال المأمون : هل فضل الله العترة على سائر الناس؟
فقال أبو الحسن عليه السلام : إن الله عزوجل أبان فضل العترة على سائر الناس في محكم كتابه.
فقال له المأمون : أين ذلك من كتاب الله؟
قال له الرضا عليه السلام : في قوله عزوجل « إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض » وقال عزوجل في موضع آخر : « أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما » ثم رد المخاطبة في أثر هذا إلى سائر المؤمنين فقال : « يا أيها الذين آمنو أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم » يعني الذين قرنهم بالكتاب الحكمة وحسدوا عليهما فقوله عزوجل : « أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما » يعني الطاعة للمصطفين الطاهرين ، فالملك ههنا هو الطاعة لهم.
قالت العلماء : فأخبرنا هل فسر الله تعالى الاصطفاء في الكتاب؟
فقال الرضا عليه السلام : فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثني عشر موطنا وموضعا ، فأول ذلك قوله عزوجل : « وأنذر عشيرتك الاقربين ورهطك منهم المخلصين » هكذا في قراءة ابي بن كعب ، وهي ثابتة في مصحف عبد الله بن مسعود وهذه منزلة رفيعة وفضل عظيم وشرف عال حين عنى الله عزوجل بذلك الال فذكره لرسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله فهذه واحدة.
والاية الثانية في الاصطفاء : قوله عزوجل : « إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا » وهذا الفضل الذي لا يجحده أحد معاند أصلا، لانه فضل بعد طهارة تنتظر، فهذه الثانية.
وأما الثالثة : فحين ميز الله الطاهرين من خلقه فأمر نبيه صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله بالمباهلة بهم في آية الابتهال فقال عزوجل : يا محمد « فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين » فأبرز النبي (صلى الله عليه وآله) عليا والحسن والحسين وفاطمة عليهم السلام وقرن أنفسهم بنفسه ، فهل تدرون ما معنى قوله : وأنفسنا وأنفسكم؟
قالت العلماء : عنى به نفسه.
فقال أبو الحسن عليه السلام : إنما عنى بها علي بن أبي طالب عليه السلام ومما يدل على ذلك قول النبي صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله : « لينتهين بنو وليعة أو لابعثن إليهم رجلا كنفسي » يعني علي بن أبي طالب عليه السلام ، وعنى بالابناء الحسن والحسين ، وعنى بالنساء فاطمة عليها السلام فهذه خصوصية لا يتقدمهم فيها أحد ، وفضل لا يلحقهم فيه بشر ، وشرف لا يسبقهم إليه خلق ، إذ جعل نفس علي صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله كنفسه فهذه الثالثة.
وأما الرابعة : فاخراجه صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله الناس من مسجده ما خلا العترة حتى تكلم الناس في ذلك وتكلم العباس فقال : يارسول الله تركت عليا وأخرجتنا؟ فقال رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله : « ما أنا تركته وأخرجتكم ، ولكن الله عزوجل تركه وأخرجكم وفي هذا تبيان قوله لعلي عليه السلام : « أنت مني بمنزلة هارون من موسى ». قالت العلماء : وأين هذا من القرآن؟
قال أبو الحسن عليه السلام : أوجدكم في ذلك قرآنا أقرأه عليكم ، قالوا : هات قال قول الله عزوجل : « وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة » ففي هذه الاية منزلة هارون من موسى ، وفيها أيضا منزلة علي عليه السلام من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ومع هذا دليل ظاهر في قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين قال : ألا إن هذا المسجد لا يحل لجنب ، إلا لمحمد وآله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله.
قالت العلماء : يا أبا الحسن هذا الشرح وهذا البيان لا يوجد إلا عندكم معشر أهل بيت رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله.
فقال : من ينكر لنا ذلك؟ ورسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله يقول : « أنا مدينة الحكمة وعلي عليه السلام بابها فمن أراد المدينة فليأتها من بابها » ففيما أوضحنا وشرحنا من الفضل والشرف والتقدمة والاصطفاء والطهارة ما لا ينكره معاند، ولله عزوجل الحمد على ذلك فهذه الرابعة.
والاية الخامسة : قول الله عزوجل : « وآت ذا القربى حقه » خصوصية خصهم الله العزيز الجبار بها واصطفاهم على الامة ، فلما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله ‌وسلم قال : ادعو الي فاطمة ، فدعيت له فقال : يافاطمة قالت : لبيك يا رسول الله ، فقال صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله : هذه فدك هي مما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب وهي لي خاصة دون المسلمين ، وقد جعلتها لك لما أمرني الله به فخذيها لك ولولدك » فهذه الخامسة.
والآية السادسة قول الله عزوجل « قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى » وهذه خصوصية للنبي صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله ‌وسلم إلى يوم القيامة ، وخصوصية للال دون غيرهم ، وذلك أن الله عزوجل حكى في ذكر نوح عليه السلام في كتابه : « يا قوم لا أسألكم عليه مالا إن أجري إلا على الله وما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقوا ربهم ولكني أراكم قوما تجهلون ».
وحكى عزوجل عن هود عليه السلام أنه قال : « لا أسألكم عليه أجرا إن أجري إلا على الذي فطرني أفلا تعقلون » وقال عزوجل لنبيه محمد صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله ‌وسلم : قل يا محمد : « لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى » ولم يفرض الله مودتهم إلا وقد علم أنهم لا يرتدون عن الدين أبدا ولا يرجعون إلى ضلال أبدا.
وأخرى أن يكون الرجل واد للرجل فيكون بعض أهل بيته عدوا له فلا يسلم له قلب الرجل ، فأحب الله عزوجل أن لا يكون في قلب رسول الله (صلى الله عليه وآله) على المؤمنين شئ ، ففرض الله عليهم مودة ذوي القربى ، فمن أخذ بها وأحب رسول الله وأحب أهل بيته لم يستطع رسول الله أن يبغضه ، ومن تركها ولم يأخذ بها وأبغض أهل بيته فعلى رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله ‌وسلم أن يبغضه لانه قد ترك فريضة من فرائض الله عزوجل فأي فضيلة وأي شرف يتقدم هذا أو يدانيه؟ فأنزل الله عزوجل هذه الاية على نبيه صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله « قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى » فقام رسول الله في أصحابه فحمد الله وأثنى عليه وقال ، أيها الناس إن الله عزوجل قد فرض لي عليكم فرضا فهل أنتم مؤدوه؟ فلم يجبه أحد.
فقال : أيها الناس إنه ليس بذهب ولا فضة ولا مأكول ولا مشروب ، فقالوا : هات إذا ، فتلا عليهم هذه الاية فقالوا : أما هذا فنعم فما وفى بها أكثرهم.
وما بعث الله عزوجل نبيا إلا أوحى ، إليه أن لا يسأل قومه أجرا لان الله عزوجل يوفيه أجر الانبياء ، ومحمد صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله فرض الله عزوجل مودة قرابته على امته ، وأمره أن يجعل أجره فيهم ليودوه في قرابته بمعرفة فضلهم الذي أوجب الله عز وجل لهم ، فان المودة إنما تكون على قدر معرفة الفضل.فلما أوجب الله عزوجل ذلك ثقل لثقل وجوب الطاعة فتمسك بها قوم أخذ الله ميثاقهم على الوفاء ، وعاند أهل الشقاق والنفاق وألحدوا في ذلك فصرفوه عن حده الذي حده الله ، فقالوا : القرابة هم العرب كلها وأهل دعوته ، فعلى أي الحالتين كان فقد علمنا أن المودة هي للقرابة ، فأقربهم من النبي صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله أولاهم بالمودة وكلما قربت القرابة كانت المودة على قدرها.
وما أنصفوا نبي الله في حيطته ورأفته ، وما من الله به على امته مما تعجز الالسن عن وصف الشكر عليه أن لا يؤدوه في ذريته وأهل بيته ، وأن لا يجعلوهم فيهم بمنزلة العين من الراس حفظا لرسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله فيهم وحبا له ، فكيف والقرآن ينطق به ويدعو إليه؟ والاخبار ثابتة بأنهم أهل المودة والذين فرض الله مودتهم ووعد الجزاء عليها.فما وفى أحد بها.
فهذه المودة لا يأتي بها أحد مؤمنا مخلصا إلا استوجب الجنة لقول الله عز وجل في هذه الاية : « والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاؤون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى » مفسرا ومبينا.
ثم قال أبو الحسن عليه السلام : حدثني أبي عن جدي عن آبائه عن الحسين بن علي عليه السلام قال : اجتمع المهاجرون والانصار إلى رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله ‌وسلم فقالوا : إن لك يا رسول الله مؤونة في نفقتك وفيمن يأتيك من الوفود ، وهذه أموالنا مع دمائنا فاحكم فيها بارا ماجورا ، أعط ما شئت وأمسك ما شئت من غير حرج ، قال : فأنزل الله عزوجل عليه الروح الامين فقال : يا محمد « قال لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى » يعني أن تودوا قرابتي من بعدي ، فخرجوا.
فقال المنافقون : ما حمل رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله على ترك ما عرضنا عليه إلا ليحثنا على قرابته من بعده إن هو إلا شئ افتراه في مجلسه وكان ذلك من قولهم عظيما ، فأنزل الله عزوجل هذه الاية : « أم يقولون افترى على الله كذبا » الاية ، وأنزل : « أم يقولون افتراه قل إن افتريته فلا تلمكون لي من الله شيئا هو أعلم بما تفيضون فيه كفى به شهيدا بيني وبينكم وهو الغفور الرحيم ».
فبعث إليهم النبي صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله فقال : هل من حدث؟ فقالوا : إي والله يا رسول الله لقد قال بعضنا كلاما غليظا كرهناه ، فتلا عليهم رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله الاية فبكوا واشتد بكاؤهم فأنزل الله عزوجل : « وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئآت ويعلم ما تفعلون » فهذه السادسة.
وأما الاية فقول الله تبارك وتعالى : « إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما » وقد علم المعاندون منهم أنه لما نزلت هذه الاية قيل : يا رسول الله قد عرفنا التسليم عليك فكيف الصلاه عليك؟
فقال : تقولون : اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد.فهل بينكم معاشر الناس في هذا خلاف؟
قالوا : لا ، قال المأمون : هذا ما لا خلاف فيه أصلا وعليه إجماع الامة فهل عندك في الال شئ أوضح من هذا في القرآن؟
قال أبو الحسن عليه السلام : نعم أخبروني عن قول الله عزوجل : « يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين عل صراط مستقيم » فمن عنى بقوله : يس؟
قالت العلماء : يس محمد صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله لم يشك فيه أحد.
قال أبوالحسن عليه السلام : فإن الله عزوجل أعطى محمدا وآل محمد صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله ‌وسلم من ذلك فضلا لا يبلغ أحد كنه وصفه إلا من عقله ، وذلك أن الله عزوجل لم يسلم على أحد إلا على الانبياء عليهم السلام فقال تبارك وتعالى : « سلام على نوح في العالمين » وقال :  « سلام على إبراهيم » وقال : « سلام على موسى وهارون » ولم يقل : سلام علي آل نوح ، ولم يقل : سلام على آل إبراهيم ، ولا قال : سلام على آل موسى وهارون ، وقال عزوجل : « سلام على آل يس » يعني آل محمد.
فقال المأمون : قد علمت أن في معدن النبوة شرح هذا وبيانه ، فهذه السابعة. وأما الثامنة فقول الله عزوجل : « واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى » فقرن سهم ذي القربى مع سهمه بسهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فهذا فصل أيضا بين الال والامة ، لان الله عزوجل جعلهم في حيز وجعل الناس في حيز دون ذلك ورضي لهم ما رضي لنفسه ، واصطفاهم فيه فبدأ بنفسه ثم ثنى برسوله ثم بذي القربى في كل ما كان من الفئ والغنيمة وغير ذلك مما رضيه عزوجل لنفسه فرضيه لهم فقال وقوله الحق : « واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى » فهذا تأكيد مؤكد وأثر قائم لهم إلى يوم القيامة في كتاب الله الناطق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد.
وأما قوله عزوجل : « واليتامى والمساكين » فإن اليتيم إذا انقطع يتمه خرج من الغنائم، ولم يكن له فيها نصيب ، وكذلك المسكين إذا انقطعت مسكنته لم يكن له نصيب من المغنم ولا يحل له أخذه ، وسهم ذي القربى إلى يوم القيامة قائم فيهم للغني والفقير منهم ، لانه لا أحد أعنى من الله عزوجل ولا من رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله ‌وسلم فجعل لنفسه منها سهما ولرسوله سهما ، فما رضيه لنفسه ولرسوله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله رضيه لهم. وكذلك الفئ ما رضيه منه لنفسه ولنبيه صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله ‌وسلم رضيه لذي القربى ، كما أجراهم في الغنيمة فبدأ بنفسه جل جلاله ثم برسوله ثم بهم وقرن سهمهم بسهم الله وسهم رسوله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله.
وكذلك في الطاعة قال : « يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم » فبدأ بنفسه ثم برسوله ثم بأهل بيته ، وكذلك آية الولاية : «إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا» فجعل ولايتهم مع طاعة الرسول مقرونة بطاعته كما جعل سهمهم مع سهم الرسول مقرونا بسهمه في الغنيمة والفئ ، فتبارك الله وتعالى ما أعظم نعمته على أهل البيت؟
فلما جاءت قصة الصدقة نزه نفسه ونزه رسوله ونزه أهل بيته فقال : « إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله » فهل تجد في شئ من ذلك أنه عزوجل سمى لنفسه أو لرسوله أو لذي القربى؟ لانه لما نزه نفسه عن الصدقة ونزه رسوله نزه أهل بيته ، لا بل حرم عليهم لان الصدقة محرمة على محمد وآله وهي أوساخ أيدي الناس لا تحل لهم ، لانهم طهروا من كل دنس ووسخ ، فلما طهرهم الله عزوجل واصطفاهم رضي لهم ما رضي لنفسه ، وكره لهم ما كره لنفسه عزوجل فهذه الثامنة.
وأما التاسعة فنحن أهل الذكر الذين قال الله عزوجل : « فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون » فنحن أهل الذكر فسألونا إن كنتم لا تعلمون.
فقالت العلماء : إنما عنى بذلك اليهود والنصارى! فقال أبوالحسن عليه السلام : سبحان الله وهل يجوز ذلك؟ إذا يدعونا إلى دينهم و يقولون : إنه أفضل من دين الاسلام!
فقال المأمون : فهل عندك في ذلك شرح بخلاف ما قالوا يا أبا الحسن؟ فقال عليه السلام : نعم الذكر رسول الله ونحن أهله ، وذلك بين في كتاب الله عزوجل حيث يقول في سورة الطلاق : « فاتقوا الله يا اولي الالباب الذين آمنوا قد أنزل الله إليكم ذكرا ، رسولا يتلو عليكم آيات الله مبينات » فالذكر رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله ‌وسلم ونحن أهله ، فهذه التاسعة.
وأما العاشرة : فقول الله عزوجل في آية التحريم : « حرمت عليكم امهاتكم وبنا تكم وأخواتكم » الاية إلى آخرها فأخبروني هل تصلح ابنتي أو ابنة ابني وما تناسل من صلبي لرسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله أن يتزوجها لو كان حيا؟
قالوا : لا.
قال : فأخبروني هل كانت ابنة أحدكم يصلح له أن يتزوجها لو كان حيا؟
قالوا : نعم قال : ففي هذا بيان لاني أنا من آله ولستم من آله ، ولو كنتم من آله لحرم عليه بناتكم كما حرم عليه بناتي ، لانا من آله وأنتم من امته فهذا فرق بين الال والامة ، لان الال منه والامة إذا لم تكن من الال ليست منه ، فهذه العاشرة.
وأما الحادي عشر : فقول الله عزوجل في سورة المؤمن حكاية عن رجل من آل فرعون : « وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم » تمام الاية ، فكان ابن خال فرعون ،  فنسبه إلى فرعون بنسبه ولم يضفه إليه بدينه ، وكذلك خصصنا نحن إذ كنا من آل رسول الله صلى الله عليه بولادتنا منه وعممنا الناس بالدين ، فهذا فرق ما بين الال والامة فهذه الحادي عشر.
وأما الثاني عشر : فقوله عزوجل : « وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها » فخصنا الله عزوجل بهذه الخصوصية إذ أمرنا مع الامة باقامة الصلاة ثم خصنا من دون الامة ، فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يجئ إلى باب علي وفاطمة عليهما السلام بعد نزول هذه الاية تسعة أشهر كل يوم عند حضور كل صلاة خمس مرات فيقول : الصلاة رحمكم الله وما أكرم الله عزوجل أحدا من ذراري الانبيآء بمثل هذه الكرامة التي أكرمنا بها وخصنا من دون جميع أهل بيته.
فقال المأمون والعلمآء : جزاكم الله أهل بيت نبيكم عن الامة خيرا ، فما نجد الشرح والبيان فيما اشتبه علينا إلا عندكم.
المصدر :  بحار الأنوار
المؤلف :  العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة :  جزء 25 / صفحة [ 221 ]


Untitled Document
دعاء يوم الثلاثاء
بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، الحَمْدُ للهِ وَالحَمْدُ حَقُّهُ كَما يَسْتِحِقُّهُ حَمْداً كَثِيراً، وَأَعُوذُ بِهِ مِنْ شَرِّ نَفْسِي؛ إِنَّ النَّفْسَ لأَمّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلّا ما رَحِمَ رَبِّي، وَأَعُوذُ بِهِ مِنْ شَرِّ الشَّيْطانِ الَّذِي يَزِيدُنِي ذَنْباً إِلى ذَنْبِي، وَأحْتَرِزُ بِهِ مِنْ كُلِّ جَبّارٍ فاجِرٍ، وَسُلْطانٍ جائِرٍ، وَعَدُوٍّ قاهِرٍ. اللّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ جُنْدِكَ فَإِنَّ جُنْدَكَ هُمُ الغالِبُونَ، وَاجْعَلْنِي مِنْ حِزْبِكَ فَإِنَّ حِزْبَكَ هُمُ المُفْلِحُونَ، وَاجْعَلْنِي مِنْ أوْلِيائِكَ فَإِنَّ أَوْلِياَءَكَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاهُمْ يَحْزَنُون. اللّهُمَّ أصْلِحْ لِي دِينِي فَإِنَّهُ عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأصْلِحْ لِي آخِرَتِي فَإِنَّها دارُ مَقَرِّي، وَإِلَيْها مِن مُجاوَرَةِ اللِّئامِ مَفَرِّي، وَاجْعَلِ الحَياةَ زِيادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَالوَفاةَ راحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيِّينَ وَتَمامِ عِدَّةِ المُرْسَلِينَ، وَعَلى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ وَأَصْحابِهِ المُنْتَجَبِينَ، وَهَبْ لِي فِي الثُّلاثاءِ ثَلاثًا: لاتَدَعْ لِي ذَنْباً إِلّا غَفَرْتَهُ، اَلا غَمّاً إِلّا أَذْهَبْتَهُ، وَلا عَدُوّاً إِلّا دَفَعْتَهُ. بِبِسْمِ الله خَيْرِ الأَسْماء، بِسْمِ الله رَبِّ الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، أسْتَدْفِعُ كُلَّ مَكْرُوهٍ أَوَّلُهُ سَخَطُهُ، وَأَسْتَجْلِبُ كُلَّ مَحْبُوبٍ أَوَّلُهُ رِضاهُ، فَاخْتِمْ لِي مِنْكَ بِالغُفْرانِ يا وَلِيَّ الإِحْسانِ.

زيارات الأيام
زيارة الإمام السجاد والباقر والصادق (عليهم السلام) يوم الثلاثاء
اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يا خُزّانَ عِلْمِ اللهِ اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يا تَراجِمَةَ وَحْيِ اللهِ اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يا اَئِمَّةَ الْهُدى اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يا اَعْلامَ التُّقى اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يا اَوْلادَ رَسُولِ اللهِ اَنَا عارِفٌ بِحَقِّكُمْ مُسْتَبْصِرٌ بِشَأْنِكُمْ مُعاد لِاَعْدائِكُمْ مُوال لِاَوْلِيائِكُمْ بِاَبى اَنْتُمْ وَاُمّى صَلَواتُ اللهِ عَلَيْكُمْ. اَللّهُمَّ اِنّى اَتَوالى آخِرَهُمْ كَما تَوالَيْتُ اَوَّلَهُمْ وَاَبْرَأُ مِنْ كُلِّ وَليجَة دُونَهُمْ وَاَكْفُرُ بِالْجِبْتِ وَالطّاغُوتِ وَاللاتِ وَالْعُزّى صَلَواتُ اللهِ عَلَيْكُمْ يا مَوالِيَّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا سَيِّدَ الْعابِدينَ وَسُلالَةَ الْوَصِيّينَ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا باقِرَ عِلْمِ النَّبِيّينَ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا صادِقاً مُصَدِّقاً فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ يا مَوالِيَّ هذا يَوْمُكُمْ وَهُوَ يَوْمُ الثلاثاء وَاَنَا فيهِ ضَيْفٌ لَكُمْ وَمُسْتَجيرٌ بِكُمْ فَاَضيفُوني وَاَجيرُوني بِمَنْزِلَةِ اللهِ عِنْدَكُمْ وَآلِ بَيْتِكُمُ الطَّيِّبينَ الطّاهِرينَ.

 شعار المرجع الالكتروني للمعلوماتية




البريد الألكتروني :
info@almerja.com
الدعم الفني :
9647733339172+