التفسير بالمأثور/الامامة/الإمام الصادق (عليه السلام)
الكافي محمد بن
يحيى عن سلمة بن الخطاب عن الحسن بن عبد الرحمن عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن
أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل : (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا
بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ
خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا) قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله دعا قريشا إلى ولايتنا
فنفروا وأنكروا فقال الذين كفروا من قريش للذين آمنوا الذين أقروا لأمير المؤمنين
ولنا أهل البيت ( أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا ) تعييرا
منهم فقال الله ردا عليهم ( وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ ) من الأمم
السالفة ( هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَرِءْياً ) قلت قوله ( مَنْ كانَ فِي
الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا ) قال كلهم كانوا في الضلالة لا
يؤمنون بولاية أمير المؤمنين عليه السلام
ولا بولايتنا فكانوا ضالين مضلين فيمد لهم في ضلالتهم وطغيانهم حتى يموتوا فيصيرهم
الله شرا مكانا وأضعف جندا قلت قوله ( حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا
الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً
وَأَضْعَفُ جُنْداً ) قال أما قوله ( حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ ) فهو
خروج القائم وهو الساعة فسيعلمون ذلك اليوم وما نزل بهم من الله على يدي قائمه
فذلك قوله ( مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً ) يعني عند القائم (وَأَضْعَفُ جُنْداً) قلت
قوله ( وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً ) قال يزيدهم ذلك اليوم هدى
على هدى باتباعهم القائم حيث لا يجحدونه ولا ينكرونه قلت قوله ( لا يَمْلِكُونَ
الشَّفاعَةَ إِلاَّ مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً ) قال إلا من دان
الله بولاية أمير المؤمنين والأئمة من بعده عليه السلام فهو العهد عند الله قلت
قوله ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ
الرَّحْمنُ وُدًّا ) قال ولاية أمير
المؤمنين عليه السلام هي الود الذي قال الله قلت ( فَإِنَّما يَسَّرْناهُ
بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا ) قال
إنما يسره الله على لسانه حين أقام أمير
المؤمنين عليه السلام علما فبشر به المؤمنين وأنذر به الكافرين وهم الذين ذكرهم
الله في كتابه ( لُدًّا ) أي كفارا وقال سألته عن قول الله ( لِتُنْذِرَ قَوْماً
ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ فَهُمْ غافِلُونَ ) قال لتنذر القوم الذي أنت فيهم كما أنذر
آباؤهم فهم غافلون عن الله وعن رسوله وعن وعيده ( لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى
أَكْثَرِهِمْ ) ممن لا يقرون بولاية أمير المؤمنين عليه السلام والأئمة من بعده (
فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ) بإمامة أمير المؤمنين والأوصياء من بعده فلما لم يقروا
كانت عقوبتهم ما ذكر الله ( إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالاً فَهِيَ
إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ ) في نار جهنم ثم قال ( وَجَعَلْنا مِنْ
بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا
يُبْصِرُونَ ) عقوبة منه لهم حيث أنكروا ولاية أمير المؤمنين والأئمة من بعده هذا
في الدنيا وفي الآخرة في نار جهنم مقمحون ثم قال يا محمد ( وَسَواءٌ عَلَيْهِمْ
أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ) بالله وبولاية علي ومن
بعده ثم قال ( إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ ) يعني أمير المؤمنين (وَخَشِيَ
الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ) يا محمد ( بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ ).
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 24 / صفحة [ 332 ]
تاريخ النشر : 2025-03-08