رَوَى ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ فِي تَارِيخِهِ
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى الْفَقِيهِ وَكَانَ مِمَّنْ خَرَجَ
لِقِتَالِ الْحَجَّاجِ مَعَ ابْنِ الْأَشْعَثِ أَنَّهُ قَالَ فِيمَا كَانَ يَحُضُّ
بِهِ النَّاسَ عَلَى الْجِهَادِ إِنِّي سَمِعْتُ عَلِيّاً رَفَعَ اللَّهُ
دَرَجَتَهُ فِي الصَّالِحِينَ وَأَثَابَهُ ثَوَابَ الشُّهَدَاءِ وَالصِّدِّيقِينَ
يَقُولُ يَوْمَ لَقِينَا أَهْلَ الشَّامِ: أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ إِنَّهُ مَنْ
رَأَى عُدْوَاناً يُعْمَلُ بِهِ وَمُنْكَراً يُدْعَى إِلَيْهِ فَأَنْكَرَهُ بِقَلْبِهِ
فَقَدْ سَلِمَ وَبَرِئَ وَمَنْ أَنْكَرَهُ بِلِسَانِهِ فَقَدْ أُجِرَ وَهُوَ
أَفْضَلُ مِنْ صَاحِبِهِ وَمَنْ أَنْكَرَهُ بِالسَّيْفِ لِتَكُونَ كَلِمَةُ
اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَكَلِمَةُ الظَّالِمِينَ هِيَ السُّفْلَى فَذَلِكَ
الَّذِي أَصَابَ سَبِيلَ الْهُدَى وَقَامَ عَلَى الطَّرِيقِ وَنَوَّرَ فِي
قَلْبِهِ الْيَقِينُ.
- وَفِي كَلَامٍ آخَرَ
لَهُ يَجْرِي هَذَا الْمَجْرَى فَمِنْهُمُ الْمُنْكِرُ لِلْمُنْكَرِ بِيَدِهِ
وَلِسَانِهِ وَقَلْبِهِ فَذَلِكَ الْمُسْتَكْمِلُ لِخِصَالِ الْخَيْرِ وَمِنْهُمُ
الْمُنْكِرُ بِلِسَانِهِ وَقَلْبِهِ وَالتَّارِكُ بِيَدِهِ فَذَلِكَ مُتَمَسِّكٌ بِخَصْلَتَيْنِ
مِنْ خِصَالِ الْخَيْرِ وَمُضَيِّعٌ خَصْلَةً وَمِنْهُمُ الْمُنْكِرُ بِقَلْبِهِ
وَالتَّارِكُ بِيَدِهِ وَلِسَانِهِ فَذَلِكَ الَّذِي ضَيَّعَ أَشْرَفَ
الْخَصْلَتَيْنِ مِنَ الثَّلَاثِ وَتَمَسَّكَ بِوَاحِدَةٍ وَمِنْهُمْ تَارِكٌ
لِإِنْكَارِ الْمُنْكَرِ بِلِسَانِهِ وَقَلْبِهِ وَيَدِهِ فَذَلِكَ مَيِّتُ
الْأَحْيَاءِ وَمَا أَعْمَالُ الْبِرِّ كُلُّهَا وَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
عِنْدَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ إِلَّا كَنَفْثَةٍ
فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ وَإِنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ
الْمُنْكَرِ لَا يُقَرِّبَانِ مِنْ أَجَلٍ وَلَا يَنْقُصَانِ مِنْ رِزْقٍ
وَأَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ إِمَامٍ جَائِرٍ.