أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/النبوة/قصص الأنبياء وما يتعلق بهم/قصص الانبياء في كتب التفسير/تفسير علي ين ابراهيم
أبي، عن ابن فضال، عن عبد الله بن بحر،
عن ابن مسكان، عن أبي بصير عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن بلية أيوب عليه السلام التي ابتلي بها في
الدنيا لأي علة كانت ؟ قال: لنعمة أنعم الله عليه بها في الدنيا وأدى شكرها، وكان
في ذلك الزمان لا يحجب إبليس عن دون العرش، فلما صعد ورأى شكر نعمة أيوب حسده
إبليس فقال: يا رب إن أيوب لم يؤد إليك شكر هذه النعمة إلا بما أعطيته من الدنيا،
ولو حرمته دنياه ما أدى إليك شكر نعمة أبدا، فسلطني على دنياه حتى تعلم أنه لا
يؤدي إليك شكر نعمة أبدا، فقيل له: قد سلطتك على ماله وولده، قال: فانحدر إبليس فلم
يبق له مالا ولا ولدا إلا أعطبه، فازداد أيوب لله شكرا وحمدا، فقال: فسلطني
على زرعه يا رب، قال: قد فعلت، فجاء مع شياطينه فنفخ فيه فاحترق، فازداد أيوب
لله شكرا وحمدا، فقال: يا رب سلطني على غنمه، فسلطه على غنمه فأهلكها فازداد أيوب
لله شكرا وحمدا، فقال: يا رب سلطني على بدنه، فسلطه على بدنه ماخلا عقله وعينيه
فنفخ فيه إبليس فصار قرحة واحدة من قرنه إلى قدمه، فبقي في ذلك دهرا طويلا يحمد
الله ويشكره حتى وقع في بدنه الدود، و كانت تخرج من بدنه فيردها ويقول لها:
ارجعي إلى موضعك الذي خلقك الله منه، ونتن حتى أخرجه أهل القرية من القرية وألقوه
على المزبلة خارج القرية، وكانت امرأته رحمة بنت يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن
إبراهيم خليل الله صلى الله عليهم وعليها تتصدق من الناس وتأتيه بما تجده. قال:
فلما طال عليه البلاء ورأى إبليس صبره أتى أصحابا له كانوا رهبانا في الجبال وقال
لهم: مروا بنا إلى هذا العبد المبتلى فنسأله عن بليته، فركبوا بغالا شهبا وجاؤوا،
فلما دنوا منه نفرت بغالهم من نتن ريحه، فقرنوا بعضا إلى بعض ثم مشوا إليه،
وكان فيهم شاب حدث السن فقعدوا إليه فقالوا: يا أيوب لو أخبرتنا بذنبك لعل الله
كان يهلكنا إذا سألناه وما نرى ابتلاءك بهذا البلاء الذي لم يتبل به أحد إلا من
أمر كنت تستره، فقال أيوب: وعزة ربي إنه ليعلم أني ما أكلت طعاما إلا ويتيم أو ضعيف
يأكل معي، وما عرض لي أمران كلاهما طاعة لله إلا أخذت بأشدهما على بدني، فقال الشاب:
سوأة لكم عمدتم إلى نبي الله فعيرتموه حتى أظهره من عبادة ربه ما كان يسترها
؟ فقال أيوب: يا رب لو جلست مجلس الحكم منك لأدليت بحجتي، فبعث الله إليه غمامة
فقال: يا أيوب أدلني بحجتك فقد أقعدتك مقعد الحكم وها أناذا قريب ولم أزل،
فقال: يا رب إنك لتعلم أنه لم يعرض لي أمران قط كلاهما لك طاعة إلا أخذت بأشدهما
على نفسي، ألم أحمدك ؟ ألم أشكرك ؟ ألن اسبحك ؟ قال: فنودي من الغمامة بعشرة
آلاف لسان: يا أيوب من صيرك تعبد الله والناس عنه غافلون ؟ وتحمده وتسبحه وتكبره
والناس عنه غافلون ؟ أتمن على الله بما لله المن فيه عليك ؟.
قال: فأخذ أيوب
التراب فوضعه في فيه، ثم قال: لك العتبى يا رب أنت الذي فعلت ذلك بي، قال: فأنزل
الله عليه ملكا فركض برجله فخرج الماء فغسله بذلك الماء، فعاد أحسن ما كان وأطرأ،
وأنبت الله عليه روضة خضراء، ورد عليه أهله وماله وولده وزرعه، وقعد معه الملك
يحدثه ويؤنسه، فأقبلت امرأته ومعها الكسر فلما انتهت إلى الموضع إذا الموضع
متغير وإذا رجلان جالسان، فبكت وصاحت وقالت: يا أيوب ما دهاك ؟ فناداها أيوب فأقبلت
فلما رأته وقد رد الله عليه بدنه ونعمته سجدت لله شكرا، فرأى ذوائبها مقطوعة، وذلك
أنها سألت قوما أن يعطوها ما تحمله إلى أيوب من الطعام وكانت حسنة الذؤابة
فقالوا لها: تبيعينا ذؤابتك هذه حتى نعطيك، فقطعتها ودفعتها إليهم، وأخذت منهم
طعاما لأيوب، فلما رآها مقطوعة الشعر غضب وحلف عليها أن يضربها
مائة، فأخبرته أنه كان سببه كيت وكيت فاغتم أيوب من ذلك، فأوحى الله إليه:
" وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث " فأخذ مائة شمراخ فضربها ضربة
واحدة، فخرج من يمينه. ثم قال: " ووهبنا
له أهله ومثلهم معهم رحمة منا وذكرى لأولي الالباب
" قال: فرد الله عليه أهله الذين ماتوا قبل البلية، ورد عليه أهله الذين ماتوا
بعد ما أصابهم البلاء كلهم أحياهم الله تعالى له فعاشوا معه. وسئل أيوب بعد ما
عافاه الله: أي شئ كان أشد عليك مما مر عليك ؟ قال: شماتة الاعداء، قال فأمطر الله
عليه في داره فراش الذهب وكان يجمعه فإذا ذهب الريح منه بشئ عدا خلفه فرده،
فقال له جبرئيل: ما تشبع يا أيوب ؟ قال: ومن يشبع من رزق ربه ؟.
- محمد بن جعفر، عن محمد بن عيسى بن
زياد، عن ابن فضال، عن ابن بكير وغيره، عن أبي عبد
الله عليه السلام في قول الله: " وآتيناه أهله ومثلهم
معهم " قال أحيى الله له أهله الذين كانوا قبل البلية، وأحيي له أهله الذين ماتوا
وهو في بلية.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 12 / صفحة [341]
تاريخ النشر : 2024-08-07