في الصّمتِ العميقِ ليلًا، يتردّدُ صوتُ الصلاةِ في أروقةِ المسجدِ، صوتٌ عذبٌ يُرَتِّلُ آياتِ الذّكرِ والحكمةِ، ينسابُ بكلِّ هدوءٍ الى الأفئدةِ المكلومةِ ليطمئنَهَا، ويَنبُضُ في صدرِ كلِّ مظلومٍ ليحرّرَهُ من طواغيتِهِ.
رجلٌ عُرِفَ بجليسِ المساكينِ، وناصرِ المستضعفينَ، نصفُ ليلِهِ الأوّل تفقّدُ الرّعيّةِ وقضاءُ حوائجِهِم، ونصفُ ليلِهِ الآخَر عبادةٌ وتهجّدٌ.
أمّا نهارُهُ فكانَ يَحفِلُ بالعلمِ والتدريسِ ولم يَبقَ بيتٌ لم يدخُلْهُ نورُ علمِهِ الذي أضاءَ المشرقَينِ.
تَتَلمذَ على يدَيهِ أكثرُ مِنْ أربعةِ آلافٍ من طلبةِ العلم والمحدِّثين، مِن شَتّى أرجاءِ المَعمورَةِ؛ فقيلَ: لم يُحدِّث مُحدِّثٌ النّاسَ حتّى يقولَ: حدّثنِي جعفرُ بنُ محمدٍ الصّادق، وعندَما رحلَ (صلوات الله عليه) تعاضَدَ على حَملِ نعشِهِ كتِفُ مِسكينٍ، وعمامةُ علمٍ، حتّى عجَّتْ أصواتُ البُكاءِ بصُنوفِ اللّغاتِ ومختلفِ المذاهبِ والأديانِ.. فأعظمَ اللهُ لَكُم الأجرَ بهذا المُصابِ الجَلل.







زيد علي كريم الكفلي
منذ 4 ساعات
مخاطر سهولة النشر ومجانية التواصل
بغداد فرحة العرب
من قتل علياً عليه السلام ؟
EN