زيد علي كريم / الكفل
يقول الله تعالى في سورة الأحقاف : (حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ۖ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ).
توقّفت عند هذه الآية اليوم طويلًا…، فبلوغ الأربعين ليس مجرد رقم في تقويم العمر، بل هو منعطف في طريق الروح، حيث تبدأ النفس تراجع ما مضى، وتتهيأ لما هو آت .
الأربعون في اللغة:
تعني أربع عشرات وهي كلمة تدل على العدد (40). وتستخدم الكلمة في سياقات متعددة، مثل: ذكرى الأربعين التي تشير إلى مرور أربعين يوما على الوفاة، وتستخدم في الشؤون الدينية كما في الآية القرآنية حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة ، والتي تدل على مرحلة اكتمال النضج، وفي أحكام الزكاة حيث يُؤخذ جزء من أربعين جزءًا.
الرقم (40) في القرآن الكريم :
ورد لفظ أربعون في القرآن الكريم أربع مرات: ثلاثة منها في قصة موسى عليه السلام؛ اثنتان منهما في وعد الله تعالى له، والثالثة في مدة التيه، وأما الرابعة، فهي في بلوغ الإنسان أشده.
الرقم (40) في السنة النبوية :
ورد هذا العدد كثيرًا: فمن ذلك نزول الوحي على النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم بعد الأربعين، وأن من صلّى عليه أربعون شفعهم الله فيه، وأطوار خلق الجنين، ودعاؤه صلى الله عليه وآله وسلم أربعين صباحا... ، وورد عنه أيضاً : ((
من حفظ عني أربعين حديثاً حشره الله مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا)).
الرقم (40) عند الائمة:
ورد عن الأئمة عليهم السلام أن الرقم أربعون
له دلالات هامة تتعلق بالنضج والكمال والشدة، ومنها: نزول الوحي على النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهو في سن الأربعين، وبكاء السماء والأرض على الإمام الحسين (ع) لأربعين صباحاً، واستحباب الدعاء لأربعين مؤمناً، وكون زيارة الأربعين من علامات المؤمن كما ورد عن الإمام العسكري (ع).
وفي خلاصة القول؛ أن الرقم «40» ليس مجرد عدد يتكرر في النصوص الدينية والتاريخية، بل هو قانون إلهي يحكم رحلة الإنسان في سعيه نحو الكمال، في الأربعين يكتمل العقل ويستقيم الفكر، وفي الأربعين تتجلى الحكمة في أبهى صورها، وفي الأربعين يتوازن القلب بين الانفعال والتأمل، وفي الأربعين تتطهر الروح وتسمو إلى معارج الإخلاص.
فالرقم «40» هو إعلان بأن الكمال يحتاج إلى الصبر، وأن التحولات الكبرى في النفس والمجتمع لا تأتي فجأة، بل تمرّ بمراحل من البناء والتصفية، حتى تنضج الثمار في وقتها المقدّر.







د.فاضل حسن شريف
منذ ساعتين
من الذاكرة الرمضانية الكربلائية.. الجزء الاول
مخاطر سهولة النشر ومجانية التواصل
تَهدِيمُ [البقيع] إِرهابٌ [حَضارِيٌّ]!
EN