بالتعاون مع العتبة الكاظمية المقدسة أقامت جامعة بغداد كلية التربية/ ابن رشد، قسم علوم القرآن الكريم المؤتمر الفكري الدولي " الافتراضي الأول " تحت شعار: ( الرسول وأهل بيته "عليهم السلام" أصالة الماضي ومنار المستقبل )، عبر منصة (class room)، بمشاركة كوكبة من الباحثين والأكاديميين - في الجامعات العراقية، و نخبة من الأساتذة والباحثين من جمهوية إيران الإسلامية، ولبنان ومصر وتونس والذي يهدف إلى تأصيل تراث أهل البيت "عليهم السلام" بين الماضي والحاضر، وترسيخ المعرفة تجاه الأسس الفكرية والعلمية والمعرفية لأهل البيت "عليهم السلام"، وتجسيد الوحدة والانسجام بين المجتمع الإسلامي ومواجهة تحديات العصر، وتكريس التواصل المعرفي بين محبي أهل البيت "عليهم السلام" في العالم، وأثر فكر أهل البيت "عليهم السلام" في تطوير المجتمع نحو القيم النبيلة.
استهل افتتاح المؤتمر بتلاوة آيٍ من الذكر الحكيم شنّف بها أسماع الحاضرين قارئ العتبة المقدسة الحاج همام عدنان، وقراءة سورة الفاتحة المباركة أهدي ثوابها إلى أرواح شهدائنا الأبرار، أعقبها قراءة النشيد الوطني، وأنشودة الفردوس.
بعدها كلمة للأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة ألقاها أمينها العام الأستاذ الدكتور حيدر حسن الشمّري قائلاً: ( أن تراثنا الإسلامي لا يخلو من القيم الإنسانية التي لو وظّفت بصورة صحيحة فإننا يمكن أن نَحيا حياة مليئة بالودّ والاحترام بعيدة عن لغة العنف والكراهية، واليوم بصدد المؤتمر الفكري الأول، فهو جهد مبارك إن شاء الله تعالى يصبُ في إحياء أمر النبي محمد وآله الأطهار "عليهم السلام"، إذ روي عن عبد السلام بن صالح الهروي قال سمعت أبا الحسن علي بن موسى الرضا "عليه السلام" يقول: ( رحم الله عبداً أحيا أمرنا، فقلت لهُ: كيف يُحيي أمركم قال: يتعلم علومنا ويعلمها الناس فإن الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتبعونا )، ومما تعلمنا من أهل البيت "عليهم السلام" هو نصرة الحقّ والدين والدفاع عن بيضة الإسلام، والجهاد في سبيل الله، ولا يخفى عليكم أن فتوى الدفاع الكفائي وما حدث بعدها من محاربة التكفيريين والحفاظ على العراق ومقدساته هو مصداق حقيقي للسير على نهج النبي وآله الأطهار "عليهم السلام".
وأضاف: إننا نودّ أن نُشيد بخطوة عقد المؤتمر بطريقة التباعد الاجتماعي، إنما هي التزاماً بتوجيهات المرجعية الدينية الرشيدة، وخلية الأزمة لمحاربة انتشار وباء كورونا القاتل وللحفاظ على الأرواح والأنفس، فلا يخفى عليكم صعوبة الوضع الصحي الراهن، وضرورة زيادة الوعي الجماهيري لمواجهة خطر الوباء كما واجهنا من قبل خطورة الدواعش.
لقد سعت العتبة الكاظمية المقدسة في إقامة المؤتمرات والفعاليات الثقافية والفكرية لأنها من الوسائل التي تعمل على تعميق الارتباط بين الناس وبين النبي وآله "عليهم السلام" وباعتقادنا أن هذه المُلتقيات والبحوث يجب أن تتميز بثلاثة أمور: أولاً تكريس محبة أهل البيت "عليهم السلام" ومودتهم في القلوب. ثانياً إعطاء صورة واضحة عن سيرة أهل البيت "عليهم السلام" يُبث فيها ثقافة الحبّ والتراحم والأخلاق الكريمة وحبّ الوطن والإيثار. ثالثاً تكريس المعرفة الدينية والإيمان الديني وإشراك المسلمين من كلّ الطوائف في ثقافة أهل البيت "عليهم السلام" تأكيداً لشمولية دعوتهم لكلّ المشتركات الكبرى في الديانات السماوية، وما اجتماعنا اليوم إلا لتأكيد هذه المفاهيم والخروج من هذا المُلتقى العلمي والثقافي بما يعزز الشعور والانتماء الحقيقي لرموزنا وأن تصبّ مخرجاته في الواقع التطبيقي ولتعكس مفاهيمه الإنسانية على سلوكنا وحياتنا.
بعدها ألقى عميد كلية التربية/ ابن الرشد للعلوم الإنسانية الأستاذ الدكتور علاوي سادر جازع كلمة بهذه المناسبة قائلاً: انماز هذا المؤتمر بأهدافه في التأصيل لتراث أهل البيت "عليهم السلام" بين الماضي والحاضر وترسيخ المعرفة تجاه الأسس الفكرية والمعرفية لأهل البيت "عليهم السلام" وكذلك تجسيد الوحدة والانسجام بين المجتمع الإسلامي في التعايش السلمي ومواجهة تحديات العصر، ولا يسعني إلا أن أتقدم بالشكر والامتنان إلى الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة على مساهمتها المباركة في هذا المؤتمر، والشكر موصول إلى اللجنة التحضيرية، واللجنة العلمية، واللجان الفرعية وجميع الباحثين المشاركين من داخل العراق وخارجه.
أعقبها كلمة رئيس قسم علوم القرآن الكريم في كلية التربية/ ابن رشد الأستاذ الدكتورة نضال حنش الساعدي جاء فيها: أنه يوم آخر من أيام التواصل العلمي الافتراضي والعطاء الغزير في البحث والعمل والإصرار على مواصلة التقدّم العلمي والرُقي لجامعة بغداد وكلية التربية/ ابن الرشد، وقسم علوم القرآن الكريم بالتعاون مع الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة، فعنوان المؤتمر العلمي يُسلط الضوء على السيرة الكريمة لأهل البيت "عليهم السلام" وتعاليمهم الهادية التي قدمت أفضل دعم للقيم الإنسانية النبيلة التي تتطلع إليها المجتمعات البشرية كاحترام حقوق الإنسان والتزام العدل، ورعاية السلم الاجتماعي وضمان الحريات، فإذا كان الرأي العلمي والموقف الأخلاقي يفرضان احترامهما على ساحة المجتمع الإنساني بغض النظر عن التصنيف العرقي والديني فأن أهل البيت "عليهم السلام" يتبوأون المواقع المهمة والمتقدّمة على هذين الصعيدين بجدارة واقتدار هذا ما دفعنا لتأسيس مؤتمرنا الأول.
بعدها بدأت وقائع أعمال الجلسة العلمية البحثية، ومناقشة القضايا في إطار عناوين البحوث المقدّمة في الفكر الإسلامي ومرجعياته الأولى، الأصالة والتجديد، مقاربات في سيرة ومرويات أهل البيت "عليهم السلام"، الأصالة والتجديد في فقه أهل البيت "عليهم السلام"، التفاهم الفكري في تراث أهل البيت وأثره في التقريب بين المذاهب، والأصالة والتجديد في التفسير ومناهجه في فكر أهل البيت "عليهم السلام".
واختتم المؤتمر بتوصيات عدة:
أولاً: العمل على تشجيع عملية البحث العلمي بالوسائل كافة، والأخذ بيد الباحثين للمساهمة في ايجاد الحلول المناسبة للمشكلات التي تواجه البلاد كلّ حسب تخصصه.
ثانياً: توجيه الاهتمام بالتعاون العلمي والبحث بين الجامعات ومؤسسات المجتمع المختلفة لما لهذه الخطوة من أثر في انفتاح الجامعات على مختلف التوجهات لغرض الوصول إلى الأهداف المرسومة.
ثالثاً: العمل على نشر تراث أهل البيت "عليهم السلام" بوصفه متناً منفرداً يحمل بين طياته مختلف العلوم، كالعلوم الدينية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والافادة من هذه المتون في بناء مجتمع متماسك قادر على الوقوف بوجه التحديات المختلفة بكلّ صلابة.
رابعاً: تعزيز تجربة التواصل العلمي والبحث عبر المنصات الإلكترونية والعمل على تطويرها بنحو يخدم أواصر التواصل العلمي بين المؤسسات التي تعنى بالبحوث والدراسات لاسيما في الظروف الراهنة.
خامساً: الدعوة إلى اعتماد هذا المؤتمر، كمؤتمر دوري دولي سنوي، نسعى عن طريقه إلى توسيع آفاق المشاركة فيه وإتاحة الفرص أما الباحثين وتشجيعهم للبحث في تراث آل بيت النبوة "عليهم السلام".
وتجدر الإشارة أن أعضاء اللجنة العلمية المشاركين من العتبة الكاظمية المقدسة في المؤتمر الفكري الدولي الافتراضي الأول هم كلّ من: عضو مجلس إدارتها فضيلة الشيخ منير حسين العامري، وفضيلة الشيخ عَدي حاتم الكاظمي، وفضيلة الشيخ طه حافظ العبيدي، وفضيلة الشيخ قاسم كاظم الخفاجي.