مرور الامواج العامة الراديوية عبر البلازما

بغياب الحقل المغنطيسي يمكن للامواج الكهرطيسية ان تنتشر في البلازما ففقط اذا كان تواترها اعلى من التواتر البلازمي . فالامواج ذات التواتر الاخفض من التواتر البلازمي تنعكس على حدود البلازما. فهي تستطيع اختراق ثخانة صغيرة من مرتبة سرعة الضوء مقسومة على تواتر البلازما. وتتصرف بشكل مماثل الامواج التي تكون فيها جهة استقطاب الحقل الكهربائي متوافقة مع جهة الحقل المغنطيسي الخارجي الثابت ان وجد. بالطبع لا يؤثر هذا الحقل المغنطيسي على مثل هذه الموجة⁽¹⁾ حيث ان جسيمات البلازما تتحرك على طول الحقل الكهربائي ولا يؤثر الحقل المغنطيسي على الجسيمات المتحركة باتجاهه.

رأينا ان التواتر البلازمي يعلو كلما ازداد تركيز الالكترونات في البلازما لذلك لا تتوغل في البلازما الكثيفة الا الامواج ذات التواتر الاعلى. ومن اجل بلازما معطاة التركيز يوجد تواتر حدي للامواج الكهرطيسية يساوي التواتر البلازمي:

لا يمكن للامواج الكهرطيسية ذات التواتر الاقل من التواتر الحدي (اي وطول موجتها اكبر) التغلغل بالبلازما وبالعكس، وعلى العكس فالامواج ذات التواتر المحدد يقابلها تركيز حدي للالكترونات في البلازما. يكون هذا التركيز بحيث يتساوى التواتر المعطى للموجة مع التواتر البلازمي. اذا كان تركيز البلازما دون القيمة الحدية فان الموجة تمر عبر البلازما بشكل حر. بينما تنعكس الموجة على البلازما التي يفوق تركيزها على القيمة الحدية. وعلى هذا الاساس تعتمد طريقة هامة من طرق تشخيص البلازما الا وهي سبر البلازما بالامواج الدقيقة المكروية (الشكل1). حيث تسلط حزمة موجة من الامواج الكهرطيسية على البلازما. فاذا مرت الحزمة عبر البلازما عندئذ يكون تركيزها اقل من التركيز الحدي. اما احتباس الاشارة الكهرطيسية فيعني ان تركيز البلازما هو اعلى من​ التركيز الحدي.

ومن اجل الامواج الغالبة الاستخدام وهي من الطول الموجي مساو 3cm يكون التركيز الحدي للبلازما قرابة 10¹² الكترون cm³ .

الشكل(1): سبر البلازما بالامواج المكروية من المجال المناسب توجه الاشارة من المولد G عبر دليل الموجة والبوق P1 نحو البلازما.

تستقبل الاشارة التي عبرت البلازما ببوق ثان P2 ومنه عبر كاشف D لتطبق على راسم الاهتزاز O .

الشكل (2): سبر البلازما بالامواج المكروية في المجال شبه المستقر.

اذا كانت البلازما خاضعة لحقل مغنطيسي عندئذ تستخدم امواج للسبر ذات حقل​ كهربائي له نفس جهة الحقل المغنطيسي.

يمكن مراقبة انتشار الامواج فقط عند الابتعاد الكافي عن المنبع فيما يسمى المنطقة الموجية . لذلك فان ظواهر التركيز الحدي واحتباس الاشارة تكتشف فقط عند شرط تكون فيه المسافة بين المنبع والمستقبل اكبر بشكل محسوس من طول الموجة. وتوجد طريقة اخرى لسبر البلازما بالتواتر العالي( الراديوي) حيث تكون المسافة على العكس صغيرة بالمقارنة مع طول الموجة (الشكل 2) . يدخل في البلازما مسبران احدهما مرسل والاخر مستقبل على بعد ما بين 2-1 cm احدهما عن الاخر ويختار التواتر في مجال الامواج القصيرة جدا USW (امواج مترية).

على مسافات صغيرة عن المنبع (في المنطقة شبه المستقرة) تمر الاشارة الاعظمية عندما يكون تواترها مساويا للتواتر البلازمي (الشكل 3). وتصلح هذه الطريقة فقط من اجل تراكيز صغيرة جدا (من مرتبة 10⁹ الكترون cm³) التي تتولد في شروط الانفراغ ضعيف الاستطاعة.

عند ارتفاع التركيز ينزاح التواتر البلازمي صوب الامواج القصيرة ويكون من الصعب توضيع المسبرين على مسافات اصغر من طول الموجة.

الشكل(3): نتائج السبر بالامواج المكروية في المنطقة شبه المستقرة.

حمل على المحور الافقي تيار الانفراغ الذي به يتعلق تركيز البلازما وتتمثل على المحور الشاقولي اشارة المسبر. وتكون الاشارة ذات قمة عظمى عند تركيز معين للبلازما عندما يتساوى التواتر البلازمي مع التواتر السابر.

​ويلعب التركيز الحدي دورا هاما بالنسبة للاتصالات بواسطة الامواج القصيرة فالاشعاع الشمسي مثلا يولد في الطبقات العليا من الغلاف الجوي للارض طبقة من الهواء المتأين المركز اي البلازما. تدعى هذه الطبقة بالايونسفير وعندما يتوقف التأين ليلا يهبط تركيز البلازما من جراء تفاعلات اعادة الاتحاد ويزداد هذا التركيز في النهار تحت تأثير الاشعة الشمسية. فتعكس البلازما الكثيفة (النهارية) الامواج القصيرة اكثر من البلازما ضعيفة التركيز ليلا . لذلك تكون الاتصالات في النهار ممكنة بواسطة او بالامواج الاكثر قصرا، وفي الليل تنفذ هذه الامواج لمسافات اعمق في الايونسفير وهناك تمتص.

واذا كانت الامواج الكهرطيسية المنتشرة في البلازما اعلى تواترا من التواتر البلازمي يكون انتشارها مصحوبا بالتبدد. وتكون السرعة الطورية للموجة U _p اكبر من سرعة الضوء في الخلاء اما السرعة المجموعية U _g فتكون اصغر، عندئذ يكون :

C² = U _g  . U _p

وهذا يعني ان قرينة انكسار البلازما تكون اصغر من الواحد n<1. وفي حالة التواترات الاعلى كثيرا من التواتر البلازمي تنتهي القرينة الى الواحد n→1 اي ان Up→c. واما عندما يتضاءل التواتر ساعيا نحو التواتر البلازمي تتناهى القرينة والسرعة الطورية الى القيمتين الحديتين :   n→0  و U p→ ∞.

   ويعبر عن ذلك رياضيا بعلاقة التبدد التالية:

1.                                  = ɷ ₀² + k² c²ɷ

ومن هنا نجد من اجل قرينة انكسار ɷ n = kc / المقدار n² = 1- ɷ ₀² / ɷ²   

وتكون السرعة الطورية مساوية:

والسرعة المجموعية مساوية:

​ونذكر هناك ان طريقة هامة اخرى لتشخيص البلازما تعتمد على تبدد الامواج الكهرطيسية في البلازما وهي – طريقة مقياس تداخل الامواج المكروية (الشكل 4). تقسم الاشارة الراديوية ذات التواتر الاعلى من التواتر البلازمي الموجهة نحو مقياس التداخل الى شعاعين. شعاع يمر عبر البلازما والاخر عبر الوسط ذي قرينة الانكسار n=1 (خلاء، هواء) وبسبب الاختلاف في السرعتين الطوريتين للشعاعين ينتج فرق في الطور يقاس بواسطة جهاز التداخل. بهذه الطريقة يجري بالفعل (عمليا) تعيين للسرعة الطورية للموجة الكهرطيسية في البلازما. وهذه السرعة تتعلق بفعل التبدد بالتركيز.

ان طريقة جهاز التدخل هذه اكثر من طريقة السبر. فعند تواتر محدد يعطي السبر فقط نقطة واحدة من نقاط التركيز. بينما يسمح جهاز التداخل بالقياس المستمر للتركيز بشرط ان يبقى التواتر العامل اكبر من التواتر البلازمي وغير بعيد جدا عنه (عند التواترات الكبيرة جدا لا تبقى السرعة الطورية متعلقة بالتركيز) واذا وجدت البلازما في حقل مغنطيسي فكل ما قيل ينطبق على الامواج التي يؤثر عليها الحقل المغنطيسي. وهنا تكون الاهتزازات الكهربائية متجهة وفق منحى الحقل المغنطيسي . وهذه الاهتزازات تتوغل في البلازما ما دام تواترها اعلى من التواتر البلازمي.

ولكن بوجود حقل مغنطيسي يمكن ان تتوغل الامواج منخفضة التواتر الى البلازما ايضا التي لولا وجود الحقل لا انعكست على حدود البلازما. ويجب ان يكون الحقل الكهربائي عند مثل هذه الامواج ذو مركبة عمودية على الحقل المغنطيسي حتى يؤثر الحقل المغنطيسي عليها⁽²⁾. اذا كان التواتر البلازمي اعلى من التواتر السيكلتروني الالكتروني فانه بفعل الحقل المغنطيسي لا يمكن ان تتوغل في البلازما الا تلك الامواج التي تكون تواتراتها اصغر من التواتر السيكلتروني الالكتروني، وتقع فيما بينهما منطقة اللاتمرير.​

الشكل (4): مخطط البحث بطريقة جهاز التداخل الموجي المكروي.

تقسم الاشارة من المولد G الى اشارتين. تطبق اشارة عبر البوق P1 على البلازما وتستقبل ببوق ثان P2 والاشارة الاخرى تمر عبر مدور الطور Φ ، تنطبق اشارة الخروج على راسمة O بعد ان تمر في مزيج الطور PS (Phase Shifter) وكاشف D.

تعد الامواج ذات الاستقطابية الدائرية المنتشرة وفق منحى الحقل المغناطيسي النوع الاهم والابسط من بين الامواج منخفضة التواتر المتوغلة في البلازما بفعل الحقل المغنطيسي. اذ تتوغل مثل هذه الامواج في البلازما ما دامت تواتراتها دون التواتر السيكلتروني الالكتروني ومع انخفاض التواتر تتحول الموجة الى موجة هدروديناميكية مغنطيسية (موجة الففين). ولكن اذا كانت الامواج الهدروديناميكية المغنطيسية المستقطبة باتجاه ما وتواترتها دون التوتر السيكلتروني الايوني فانه في المنطقة ما بين التواترين السيكلتروني الالكتروني والسيكلتروني الايوني يمكن ان تنتشر موجة واحدة فقط من الامواج ذات الاستقطاب الدائري⁽³⁾. عند انتشار الموجة على طول الحقل تماما فانه يصطلح على تسميتها بالموجة الشاذة وهذا ما سبقت الاشارة اليه. ولم يتفق العلماء حتى اللحظة على اسم خاص بالامواج المائلة.

تشاهد الامواج ذات الاستقطابية الدائرية المنتشرة في الايونسفير على طول خطوط القوى المغنطيسية للحقل المغنطيسي الارضي على شكل تشويش راديوي منخفض التواتر. وتنشأ مثل هذه الاشارات الراديوية عن انفراغ الشحنات في​ الغلاف الجوي: وهي ما تدعى الاجواء الصافرة او ببساطة الصفارات. وهذه يمكنها ان تقطع مسافات كبيرة على طول خطوط القوى المغنطيسية من مكان اثارتها. المهم فقط ان لا يقل التواتر السيكلتروني الالكتروني عن تواتر على مدى مسار الحقل المغنطيسي الارضي كله.

واحيانا تدعى الموجة ذات الاستقطاب الدائري المنتشرة على طول الحقل المغنطيسي ولها تواتر ادنى من التواتر السيكلتروني الالكتروني ايضا بالموجة من نوع الجو الصافر.

اذا وقعت البلازما في حقل مغنطيسي قوي فان السيكلتروني الالكتروني يبدو في المجال الموجي المكروي، ويمكن ملاحظة الامواج ذات الاستقطاب الدائري في المجال السنتيمتري. منذ وقت غير بعيد جرى اقتراح طريقة اخرى في التشخيص الموجي المكروي بواسطة مراقبة انتشار مثل هذه الاشارات في البلازما. لهذه الغاية يوضع هوائيان للامواج المكروية، احدهما مرسل والاخر مستقبل على محور الحبل البلازمي المتمغنط كلاهما متعامد مع المحور المغنطيسي ويعامد احدهما الاخر (الشكل 5). عند مثل هذا التوضع للهوائيين لا تلتقط الاشارة ذات الاستقطاب الدائري فقط.

الشكل (5): سبر البلازما بامواج دورانية الاستقطاب .

___________________________________

(1) وعند اخذ الحركة الحرارية بالاعتبار قد تنشأ بجوار التواترات السيكلترونية ومدرجاتها بعض الخصائص.

(2) واذا اخذت الحركة الحرارية بالاعتبار فانه بجوار التواترات السيكلترونية ومدرجاتها تنشأ بعض الخصوصيات.

(3) يفترض هنا ان يكون التواتر البلازمي كبيرا كفاية بالمقارنة مع التواتر السيكلتروني الالكتروني.