أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-2-2021
2068
التاريخ: 2023-12-22
1091
التاريخ: 10-2-2022
2027
التاريخ: 28-3-2020
1628
|
الغيبة لما كانت راجعة إلى الذم ، فضدها المدح و دفع الذم ، و البهتان لما كان كذبا ، فضده الصدق.
وكما أن لكل واحدة من آفات اللسان مما مر و مما يأتي ضدا خاصا ، فكذلك لجميعها ضد واحد عام هو الصمت - كما أشير إليه فيما سبق أيضا و ضد البهتان - أعني الصدق - يأتي في مقام بيان الكذب.
وأما الضد العام لكل ، فقد يأتي في موضعه مع ما يدل بعمومه على ذم جميع آفات اللسان ، فهنا نشير إلى بيان المدح وما يحمد منه ، حتى يكون ضدا لها و فضيلة للقوة الغضبية أو الشهوية و ما يذم منه حتى يكون رذيلة لاحدهما ، فنقول :
لا ريب في أن مدح المؤمن في غيبته وحضوره ممدوح مندوب إليه لكونه ادخالا للسرور عليه وقد علم مدحه و ثوابه ، و لما ورد من أن رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) أثنى على أصحابه وأنه قال لجماعة - لما اثنوا على بعض الموتى : «وجبت لكم الجنة ، و أنتم شهداء اللّه في الأرض» و لما ورد من «أن لبني آدم جلساء من الملائكة ، فإذا ذكر أحد أخاه المسلم بخير قالت الملائكة : و لك مثله ، و إذا ذكره بسوء ، قالت الملائكة : يا ابن آدم المستور عورته اربع على نفسك! و أحمد اللّه إذ ستر عورتك» و لكنه ليس راجحا مندوبا على الإطلاق ، بل إذا سلم من آفاته ، و هي أن يكون صدقا لا يفرط المادح فيه ، بحيث ينتهي إلى الكذب ، و ألا يكون المادح فيه مرائيا منافقا ، بأن يكون غرضه إظهار الحب مع عدم كونه محبا في الواقع سواء كان صادقا فيما ينسبه إليه من المدح أم لا، و ألا يمدح الظالم و الفاسق و إن كان صادقا فيما يقول في حقه ، لأنه يفرح بمدحه و إدخال الفرح على الظالم أو الفاسق غير جائز، قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) : «إن اللّه ليغضب إذا مدح الفاسق» , فالظالم الفاسق ينبغي أن يذم ليغتم ، و لا يمدح ليفرح ، وألا يقول ما لا يتحققه و لا سبيل له الى الاطلاع عليه.
وهذه الآفة إنما تتطرق في المدح بالأوصاف المطلقة و الخفية ، كقولك إنه تقي ورع زاهد خير أو قولك : إنه عدل رضى ، و أمثال ذلك ، لتوقف الصدق في ذلك على قيام الأدلة و الخبرة الباطنة ، و تحققهما في غاية الندرة.
فالغالب أن المدح بأمثال ذلك يكون من غير تحقق و تثبت ، و ألا يحدث في الممدوح كبرا أو اعجابا يوجبان هلاكه ، و لا رضى عن نفسه يوجب فتوره عن العمل ، إذ من أطلقت الألسنة بالثناء عليه يرضى عن نفسه ، و يظن أنه قد أدرك ، و هذا يوجب فتوره عن العمل ، إذ المتشمر له إنما هو من يرى نفسه مقصرا ، و لذلك قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) : لرجل مدح بحضرته رجلا آخر : «ويحك! قطعت عنق صاحبك ، لو سمعها ما أفلح» و قال (صلى اللّه عليه و آله) :
«اذا مدحت أخاك في وجهه ، فكأنما أمررت على حلقه الموسى» و قال أيضا لمن مدح رجلا : «عقرت الرجل عقرك اللّه!» , و قال (صلى اللّه عليه و آله) : «لو مشى رجل إلى رجل بسكين مرهف ، كان خيرا له من أن يثنى عليه في وجهه».
والسر في هذه الأخبار : أن المدح يوجب الفتور عن العمل ، أو الكبر أو العجب ، و هو مهلك كقطع العنق و العقر و إمرار الموسى أو السكين على الحلق ، فان سلم المدح عن الآفات المذكورة المتعلقة بالمادح و الممدوح كان ممدوحا ، و إلا كان مذموما , و بذلك يحصل الجمع بين ما ورد في مدحه - كما تقدم - و ما ورد في ذمه.
فاللازم على المادح أن يحترز عما تقدم من الآفات المتعلقة به ، و على الممدوح أن يحترز من آفة الكبر و العجب و الفتور و الرياء ، بأن يعرف نفسه و يتذكر خطر الخاتمة ، و لا يغفل عن دقائق الرياء ، و يظهر كراهة المدح ، و إليه الإشارة بقوله (صلى اللّه عليه و آله) : «احثوا التراب في وجوه المداحين».
وبالجملة : اللازم على الممدوح ألا يتفاوت حاله بالمدح ، و هذا فرع معرفة نفسه ، و تذكر ما لا يعرفه المادح من عثراته و ينبغي أن يظهر أنه ليس كما عرفوه ، قال بعض الصالحين لما اثنى عليه «اللهم إن هؤلاء لا يعرفوني و أنت تعرفني».
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) لما أثنى عليه : «اللهم اغفر لي ما لا يعلمون ، و لا تؤاخذني بما يقولون ، و اجعلني خيرا مما يظنون».
ثم الظاهر عدم المؤاخذة و الإثم بالانبساط و الارتياح بالمدح ، لكون النفوس مجبولة على الفرح والسرور بنسبة الكمال إليها ، و لكن بشرط أن يكره من نفسه ذلك الارتياح ، و يقهر نفسه و يعاتبها على ذلك ، و يجتهد في إزالة ذلك عنها ، إذ مقتضى العقل الفرح بوجود الكمال فيه لا بنسبته اليه ، فما ينسب إليه منه إن كان موجودا فيه ، فينبغي أن يكون فرحه به لا بنسبته إليه إذ الانبساط بتصريح رجل بأنك صاحب هذا الكمال حمق و سفه.
وإن لم يكن موجودا فيه ، فاللازم أن يحزن و يغضب ، لكونه استهزاء لا مدحا , و الحاصل : أن العاقل ينبغي ألا يسر بمدح الغير و لا يحزن بذمه ، إذ من ملك ياقوتة شريفة حمراء أي ضرر عليه إذا قال رجل إنها خرزة ، وإذا ملك خرزة أي فائدة له إذا قال انها ياقوتة.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|