أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-5-2020
1414
التاريخ: 12-5-2020
1294
التاريخ: 1-8-2016
690
التاريخ: 23-8-2016
885
|
... قد اختلفوا في وجوب العمل به ، فالأخباريّون على وجوبه فيما لا نصّ فيه ، وفيما تعارض فيه النصّان بعد عدم الظفر بمرجّح (2). والمجتهدون ـ لمّا قالوا بحجّيّة البراءة الأصليّة مع عدم الدلالة الناقلة ، وبالتخيير فيما تعارض فيه النصّان مع عدم المرجّح ـ ذهبوا إلى استحبابه فيهما (3) ، وهو الحقّ.
وقيل بعدم مشروعيّته أصلا (4).
وقيل بالوجوب مع العلم باشتغال الذمّة (5) ، أي فيما يثبت وجوبه ، كالصلاة المنسيّة
فيجب الخمس احتياطا ، أو كان ثبوته هو الأصل ، كصوم ثلاثين إذا غمّ الهلال ؛ إذ الأصل بقاء رمضان.
وغير خفيّ أنّه راجع إلى الاستصحاب الذي لا ريب في حجّيّته. والمجتهدون أيضا قالوا بالوجوب فيه ، لكنّهم لا يطلقون عليه اسم الاحتياط (6).
لنا : أمّا على عدم الوجوب ، فجميع الأدلّة المتقدّمة (7) الدالّة على البراءة الأصليّة ، وقوله تعالى : { يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ} [البقرة: 185] ، وقوله : {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ } [النساء: 28] ، و {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] وفتح باب الاحتياط ينافي اليسر والتخفيف ويؤدّي إلى الحرج.
وأمّا على استحبابه ، فاستفاضة الأخبار الواردة في موارد مختلفة بالأخذ به ، وهي دائرة بين دالّة على الأخذ بمطلقه (8) ، ودالّة على الأخذ به فيما لا نصّ فيه (9) ، ودالّة على الأخذ به فيما تعارض فيه النصّان (10) ، ودالّة على الأخذ به عند الشبهة في الموضوع (11) ، وقوله تعالى :
{ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16] ، و {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} [آل عمران: 102] ، و {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ } [الحج: 78] ، و {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [المؤمنون: 60]
وقد تقدّم (12) أنّ أخبار الاحتياط لم تبلغ حدّا يقاوم أدلّة البراءة وتغلبها ـ وإن كانت معاضدة بأخبار التوقّف ـ فيجب حملها على الاستحباب ؛ لئلاّ يلزم طرحها. وفي بعضها دلالة عليه (13). ومنه يظهر فساد القول الثالث.
ثمّ الاحتياط إمّا أن يكون فيما لا نصّ فيه ، أو فيما تعارض فيه النصّان. وكلّ منهما إمّا في نفس الحكم أو موضوعه. والحاصل أربعة. وكلّ منها إمّا أن يتحقّق بفعل واحد ، أو أفعال متعدّدة ، أو بالترك. فالأقسام اثنا عشر. وتعيين مواقع كلّ من الثلاثة الأخيرة مع أمثلة الكلّ واضح.
وممّا ينبغي أن ينبّه عليه أنّ الحكم إذا كان دائرا بين الحرمة وغيرها من الأحكام وإن كان وجوبا فالاحتياط فيه بالترك ؛ لدلالة بعض الأخبار عليه ، كرواية ابن حنظلة (14) ، وموثّقة سماعة (15).
والاستدلال عليه بأنّ دفع الضرّ أهمّ من جلب النفع (16) ، يرد عليه أنّ الضرر يترتّب على ترك الواجب أيضا ، فالمناط ما ذكرناه.
هذا ، والذي يقوى في نفسي أنّ الاحتياط يستحبّ في مطلق ما لم يقطع به وإن صار راجحا بحسب الظنون الاجتهاديّة ، سواء كان في نفس الحكم ، أو موضوعه. وفيما تعارض فيه النصّان أو غيره ؛ لدلالة بعض العمومات والإطلاقات عليه ؛ ولأنّ وضع الأحكام الإلهيّة لأجل ترتّب المصالح والتأثيرات الواقعيّة عليها ، كما ذهب إليه العدليّة (17) ، وهي إنّما تترتّب على الحكم الواقعي ، ولا ريب في حسن السعي في تحصيلها بتحصيل ما ترتّب عليه ، والقطع بتحصيله فيما لا طريق للعلم إليه إنّما هو بالاحتياط.
وإذا أحطت بما قصصنا عليك خبرا ، سهل عليك التفريع.
____________
(1) أي ما لا يعتمد عليه وقد تقدّم في ص 386.
(2) قاله الاسترآبادي ، ونسبه أيضا إلى قدماء الأخباريّين في الفوائد المدنيّة : 104.
(3) قاله الوحيد البهبهاني ، ونسبه أيضا إلى المجتهدين في الفوائد الحائريّة : 446 ، الفائدة 21.
(4) قاله المحقّق الحلّي في معارج الاصول : 216 ، وقال : « العمل بالاحتياط غير لازم ».
(5) نسبه المحقّق الحلّي إلى جماعة في معارج الاصول : 216 ، وقاله أيضا الفاضل التوني في الوافية : 178.
(6) قاله الوحيد البهبهاني في الفوائد الحائريّة : 445 ، الفائدة 21.
(7) تقدّمت في ص 387 ـ 388.
(8) الكافي 1 : 66 ، باب اختلاف الحديث ، ح 7.
(9) تهذيب الأحكام 5 : 466 ، ح 1631.
(10) الكافي 1 : 68 ، باب اختلاف الحديث ، ح 10.
(11) تهذيب الأحكام 2 : 259 ، ح 1031.
(12) تقدّم في ص 391.
(13) تقدّم في ص 389 ـ 390.
(14) الكافي 1 : 67 ، باب اختلاف الحديث ، ح 10.
(15) المصدر : 66 ، باب اختلاف الحديث ، ح 7.
(16) قاله الآمدي في الإحكام في أصول الأحكام 4 : 259.
(17) راجع : معارج الاصول : 222 ، وكشف المراد : 33 ، الباب الحادي عشر : 26 ، مفتاح الباب 152 في مبحث العدل. والمراد من العدليّة : المعتزلة والإماميّة.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|