آراء الفقهاء في ترتيب الديون إذا ضاقت التركة عن الوفاء بها جميعا |
4064
06:12 مساءً
التاريخ: 24-11-2019
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-9-2018
5544
التاريخ: 7-2-2016
3065
التاريخ: 6-2-2016
7025
التاريخ: 23-5-2017
7660
|
مذهب الحنفية
يرى الحنفية أن التركية لا تتحمل ديون الله ولا يلزم الورثة إخراجها من التركة إلا على جهة التبرع أو كان قد أوصى بها الميت وذلك لأن ديون الله عندهم تسقط بالموت لأن الموت ينافي التكليف ولاحتياج النية من المخرج عند الأداء وهذا لا يتحقق مع الميت لأن النية ركن في هذا الواجب وقد فاتت بالموت فيفوت الواجب معها ويفوض أمره إلى الله في الآخرة.
وفي حالة الإيماء بها تكون كالوصية الأجنبي وتعتبر في ثلث التركة فإن أخذت أكثر منه توقفت على إجازة الورثة(1). فإن لم يكن له ورثة أخرجت من كل التركة مقدمة على بيت المال وتقدم الفرائض على النوافل وإن كانت كلها نوافل قدم ما قدمه الموصى(2).
وبهذا يكون مذهب الأحناف تقديم حقوق العباد على حقوق الله إذا اجتمعا لأن حقوق الله مبنية على المسامحة وحقوق العبادة مبنية على المشاحنة ولا يقال أن حقوق الله تؤول إلى حقوق العباد كالزكاة فإنها تؤول إلى الفقراء وهم دائنون بها فهي ديون العباد وذلك لأن المراد بديون العباد عندهم الديون التي لها مقتضى خاص يطالب بها بذاته أما ديون الله فليس لها مقتضى خاص لأن للمدين أن يعطيها لأي شخص تتحقق فيه صفة الدائن على العموم فله أن يعطيها لفلان دون فلان ولو طلبها فلان الأخير لأن ذمته تبرأ بدفعها إلى أحدهما.
وتقدم من ديون العباد الديون العينية على المطلقة لأنها مقدمة على التجهيز عندهم(3)
ويقدم من ديون العباد المطلقة دين الصحية على دين مرض الموت والمراد بدین الصحة ما ثبت بالبينة ولو في مرض الموت أو ثبت بإقراره أو بنكوله عن اليمين في حالة الصحة، ويلحق بلدين الصحة ما أقر به في حالة المرض وعلم بالمعاينة كثمن دواء أو غيره .
والمراد بدين المرض عند الحنفية ما ثبت بالإقرار حالة المرض أو فيما هو في حكم المرض كالمحكوم عليه بالقصاص أو كان في ميدان قتال مثلا. وهذا إذا جهل السبب فإن علم السبيه بمعاينة كثمن دواء أو غيره أو بينة شرعية فإنه يلحق بدین الصحة (4)
وإنما قدم دين الصحية على المرض لأنه أقوى منه ولدفع التهمة بالمحاباة في الدين المطلق ولدفع الضرر عن غرماء الصحة (5).
مذهب المالكية :
وذهب المالكية إلى أن ديون الله لا تسقط بالموت ولكنها تؤخر عن ديون العباد في الترتيب فتخرج ديون العباد أولا ثم ديون الله إن بقى لها مال تخرج منه والديون تخرج من كل المال أي من جميع التركة ولو استغرقتها جميعا مع مراعاة الترتيب السابق على أن تقدم ديون العباد ويقدم منها الديون العينية على الديون المطلقة كما قال الحنفية لأنها عندهم تقدم على التجهيز. وفي الديون المطلقة ويشترط أن يكون الدين ثابتا ببينة شرعية في حال الصحة وتكون من ثلث التركة إذا لم يشهد عليها أو كانت في مرض الموت ولم تكن بيئة بها(6).
مذهب الشافعية وابن حزم الظاهري :
وذهب الشافعية وابن حزم إلى أن ديون الله تقدم على ديون العباد في الترتيب وتستوفي ديون الله أولا من التركة ثم ديون العباد فإن عجزت التركة عن الوفاء بها جميعا قدم حق الله وذلك لأن دين الله أحق بالوفاء لقوله صلى الله عليه واله وسلم : "فدين الله أحق أن يقضي - أقضوا الله فهو أحق بالوفاء" كما حكاه الشيخ عبدالرحيم الكشكی(7)، وقال الخطيب الشربيني في مغنيه وهذا على الأصح في المذهب بالنسبة للديون المطلقة(8) .
ثم يقدم بعد دين الله من ديون العباد الديون العينية على الديون المطلقة ، وتقدم بعض الديون العينية بعضها على بعض كما قال الحنفية والمالكية كما في الرهن والبيع بالنسبة للعين المرهونة والتي باعها صاحبها وهي في يد المرتهن حيث يقدم الرهن على البيع لأن البائع إذا فسخ لم يرتفع العقد من أصله بل من حين الفسخ فيتعلق حقه به حينئذ، وأما المرتهن فحقه متعلق به من حين الرهن فقدم السبق حقه(9).
مذهب الحنابلة:
ويذهب الحنابلة إلى أن ديون الله وديون العباد سواء لأن لفظ الدين يشملهما معا فإن لم تف التركة بهما تقسم على مقدار ديونهما بالمحاصة وذلك لقوله تعالى : و من بعد وصية يوصي بها أو دين و لأن لفظ الدين في الوصية عام وهو يشمل ديون الله وديون العباد معا على التخصيص فيبقى العام على عمومه . ويقدم من ديون العباد ما كان متعلقا بعين المال على غيره كما قال جميع الفقهاء (10)
الترجيح والاختيار
والذي يظهر لي ترجیحه واختياره والله أعلم هو ما ذهب إليه المالكية من تقديم ديون العباد الخاصة التي ثبتت بعوض في مال المورث أو في ذمته . ثم أداء ديون الله سبحانه وتعالى بعد ذلك من كل المال إذا ثبت هذا الدين في حياته ببينة شرعية أو أشهد على نفسه في حياته أنها ثبتت في ذمته ولم يثبت بعد ذلك وفاؤها منه أو من غيره بوكالة أو نيابة عنه في حياته أو بعد مماته. فإن لم يثبت ذلك من ثلث المال إذا أوصى بها ولم يشهد. لأن قولهم هذا وسط وخير الأمور الوسط لأنهم لم يسقطوا أداء ديون الله تعالى كما قال بذلك الحنفية ولم يقدموها على ديون العباد كما قال الشافعية، ولم يسووها بها كما قال الحنابلة بل حافظوا على أداء ديون الله تعالى رحمة بالميت إذا أشهد ليبرأ ذمته من دينه أمام الله وليسقط الأثم منه فلا يحال بينه وبين اللجنة بسبب دينه إذا لم يوف عنه.
وأما ما استدل به ابن حزم والشافعية على أن دين الله أحق ويقدم بقوله صلى الله عليه واله وسلم : "فدين الله أحق أن يقضي " فهو مروي عن ابن عباس رضی الله عنهما أنه قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه واله وسلم فقال : إن أمي ماتت، وعليها صوم شهر أفأقضيه عنها؟ فقال: لو كان على أمك دين أكنت قاضيه عنها؟ قال : نعم. قال: «فدين الله أحق بالأداء». فهذا الحديث منسوخ، بحديث النسائي : لا يصوم أحد عن أحد ولا يصلي أحد عن أحد ولكن يطعم عنه وليه. لأن حديث النسائي هذا موقوف على ابن عباس، وفتوى الراوي على خلاف مرويه بمنزلة روايته للناسخ. وقال مالك : ولم أسمع عن أحد من الصحابة ولا من التابعين بالمدينة أن أحدا منهم أمر أحدا يصوم عن أحد ولا يصلي عن أحد، وقول مالك هذا يؤيد النسخ وأنه الأمر الذي استقر عليه الشرع أو على الأقل يضعف الحديث كما قال صاحب الميراث المقارن نقلا عن ابن عابدين في حاشيته(12).
أما ما أستدل به الحنابلة من كون لفظ دين في الآية يعم ديون الله وديون العباد فلا يستلزم المساواة بينهما ولا ينافي أن ديون العباد أحق في التقديم عند الوفاء لحاجتهم وفقرهم وغنى الله وسعة رحمته ولأن العباد في حقهم الخاص لا تندفع خصومتهم عن المدين وطلب الدين إلا بالأداء إليهم أو العفو منهم والأصل أنه لم يثبت منهم هذا العفو(13) .
___________
1- تبین الحقائق الزيلعي 6/230.
2- حاشية ابن عابدين ۲/ ۱۸۱.
3- حاشية ابن عابدین 5/500
4- ابن عابدين 5/501 وما بعدها.
5- المرجع السابق والميراث المقارن ص ۹۲، ۹۳،
6- الشرح الكبير وحاشية الدسوقي /458
7- في الميراث المقارن ص14.
8- مغني المحتاج ۳/ ۳، والمحلی لابن حزم ۹/ ۲5۳، ۲54 .
9- مغني المحتاج 3/4
10- المغني 6/156 ومابعدها ، والميراث المقارن 94.
12-ص 96، وابن عابدین ۲/ ۱۸۱
13-الميراث المقارن ص 96.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|