المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8222 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27

محمّد بن جعفر الاَسديّ
28-8-2016
ذو اليزن التبع المحتضر.
2024-01-21
شحنة أساسية fundamental charge
28-6-2019
النظام الإيكولوجي Ecosystem
16/12/2022
خالد بن سعيد بن العاصي بن أمية بن عبد شمس
28-7-2017
حاجة الطفل الى الدفاع
11-1-2023


الإستدلال بالأدلة الثلاثة للإحتياط  
  
758   09:26 صباحاً   التاريخ: 1-8-2016
المؤلف : محمد تقي البروجردي النجفي
الكتاب أو المصدر : نهاية الأفكار
الجزء والصفحة : ج3. ص.242
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / الاصول العملية / الاحتياط /

اما الكتاب فبآيات (منها) ما دل على النهى عن القول بغير علم لكونه افتراء عليه سبحانه كقوله عز وجل {أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [يونس: 68] وقوله سبحانه قل {قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} [يونس: 59] (بتقريب) ان الحكم بالترخيص في محتمل الحرمة قول بغير علم وافتراء عليه سبحانه .

(ومنها) ما دل على لزوم الورع والاتقاء ولزوم المجاهدة في الله كقوله سبحانه واتقو الله حق تقاته، وجاهدوا في الله حق جهاده، بتقريب دلالتها على لزوم الاتقاء عما يحتمل الحرمة والمجاهدة بعدم ارتكابه لكونه حق التقوى وحق الجهاد الذي امر به في الآية ومنه ما دل على حرمة القاء النفس في التهلكة كقوله عز من قائل ول تلقوا بأيديكم إلى التهلكة، بتقريب ان في ارتكاب المشتبه القاء للنفس في التهلكة فيجب التوقف والاحتياط.

(ومنها) ما دل على المنع عن متابعة ما لا يعلم الظاهر في وجوب التوقف وعدم المضي كقوله سبحانه {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36].

(ومنها) ما دل على التوقف ورد ما لا يعلم حكمه إلى الله سبحانه ورسوله كقوله عز وجل فان تنازعتم في شيء فردوه إلى الله ورسوله (والجواب) اما عن الطائفة الاولى فبمنع كون الحكم بالترخيص الظاهري بمقتضى الادلة المتقدمة قولا بغير علم واما الحكم بالترخيص الواقعي فهو وان كان قولا بغير علم ولكنه لا يدعيه القائل بالبراءة (لان) تمام همه انما هو اثبات الترخيص الظاهري في ارتكاب المشتبه وعدم وجوب الاحتياط كما ان هم القائل بالاحتياط انما هو اثبات المنع الظاهري بمقتضى ما دل على وجوب التوقف والاحتياط واما عن الطائفة الثانية فبمنع كون ارتكاب المشتبه بمقتضى الادلة المرخصة منافيا مع المجاهدة والتقوى، بل المنافي لها هو ترك الواجبات وفعل المحرمات كما تدل عليه النصوص الكثيرة، على ان غاية ما تقتضيه انما هي الدلالة على رجحان هذه المرتبة من التقوى التي ينافيها ارتكاب المشتبه، فان حق التقوى لا يكون الا بإتيان المندوبات وترك التعرض للمكروهات والمشتبهات فتكون هذه المرتبة هي حق التقوى التي لا تكون فوقها مرتبة، وهي مما لا اشكال في رجحانها عقل ونقلا فكان الامر بتقوى الله سبحانه حق تقاته في هذه الآية مساوقا لما في الآية الاخرى من قوله عز من قائل {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] في كونه للاستحباب لا للوجوب اما عن الطائفة الثالثة فالهلاك بمعنى العقوبة مقطوع العدم بمقتضى ادلة البراءة وبمعنى آخر غيرها تقدم الجواب عنه سابق واما الطائفة الرابعة فيعلم الجواب عنها بما يأتي في الجواب عما دل على وجوب التوقف والاحتياط من الاخبار الاتية انشاء الله واما الطائفة الخامسة الا مرة برد مالا يعلم إلى الله سبحانه ورسوله ( صلى الله عليه واله ) ، فبعد الغظ عن دعوى ظهورها في عدم الحكم بالترخيص الواقعي عند الشك، انها محمولة على صورة التمكن من ازالة الشبهة بالرد إليهم (صلوات الله عليهم) فلا تعم الشبهات البدوية بعد الفحص والياس عن الظفر بما يوجب ازالة الشبهة واما السنة فبأخبار كثيرة وهي ايضا على طوائف الاولى ما دل على حرمة الافتاء بغير علم كقوله (عليه السلام) في خبر زرارة، على العباد ان يقولوا ما يعلمون ويقفوا عند ما لا يعلمون وقد ظهر الجواب عنها بما ذكرناه في الآيات الثانية ما دل على وجوب التوقف فيما لا يعلم ورد حكمه إليهم (صلوات الله عليهم)  وهي كثيرة منه قوله(عليه السلام) في رواية المسمعي الواردة في اختلاف الحديثين، وما لم تجدوا في شيء من هذه الوجوه فردوا الينا علمه فنحن اولى بذلك ولا تقولوا فيه بآرائكم وعليكم الكف والتثبت والوقوف وانتم طالبون باحثون حتى يأتيكم البيان من عندن ومنه قوله (عليه السلام) ، إذا اشتبه الامر عليكم فقفوا عنده وردوه الينا حتى نشرح لكم ما شرح الله لنا إلى غير ذلك من الاخبار الكثيرة الواردة بهذا المضمون والجواب عنها قد تقدم في الآيات باختصاصها بصورة التمكن من ازالة الشبهة فلا تعم مفروض البحث الذي هو فرض عدم التمكن من ازالته الثالثة ما دل على ان الوقوف عند الشبهة من الورع كقوله (عليه السلام ) اورع الناس من وقف عند الشبهة وقوله (عليه السلام ) لا ورع كالوقوف عند الشبهة وقوله (عليه السلام )  ، من ترك ما اشتبه عليه من الاثم فهو لما استبان له اترك وقد تقدم الجواب عنها ايض بانها ظاهرة في الاستحباب فلا تصلح للمقاومة مع ما دل على الترخيص في ارتكاب المشتبه الرابعة ما دل على الامر بالوقوف عند الشبهة معللا بالاقتحام في الهلكة وهي ايضا كثيرة منه قوله (عليه السلام )  قفوا عند الشبهة فان الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة ومنه قوله (عليه السلام )  في موثقة سعد بن زياد عن النبي (صلى الله عليه واله ) ، انه قال لا تجامعوا في النكاح على الشبهة وقفوا عند الشبهة إلى ان قال فان الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة ونحوها رواية التثليث وفيه انها بقرينة ما في ذيلها من التعليل مختصه بموارد تمامية البيان من الخارج كالشبهات المقرونة بالعلم الاجمالي فلابد من حملها على الارشاد وتخصيص الشبهة فيها بغير الشبهات البدوية المحضة بعد الفحص (حيث ان) ظاهر التعليل هو كون الهلكة المترتبة على الاقتحام مفروضة الوجود والتحقق مع قطع النظر عن الامر بالتوقف وانها هي العلة للأمر بالوقوف عند الشبهة (ومن) الواضح انه لا يمكن فرض وجود الهلكة الا بفرض منشاء آخر لها في المرتبة السابقة عن الامر بالتوقف من علم اجمالي ونحوه يكون هو المنجز للتكليف والرافع لقبح العقاب بلا بيان، والا فيستحيل ترتب الهلكة المفروضة على نفس هذه الاوامر المتأخرة عنها، فلا محيص حينئذ من حمل الامر بالتوقف في هذه الاخبار على الارشاد المحض وتخصيص الشبهة فيها بالشبهات المقرونة بالعلم الاجمالي والشبهات البدوية قبل الفحص، إذ لا يمكن شمول اطلاقها للشبهات البدوية المحضة بعد الفحص، لأنها بمقتضى قبح العقاب بلا بيان مما يقطع بعدم الهلكة فيها، كما لا يمكن ان يكون الامر بالتوقف فيها امرا مولويا وبيانا على الواقع المجهول، لان شأن البيان ان يكون منشاء لترتب الهلكة على المخالفة، وبعد كون الهلكة المحتملة مفروضة في رتبة سابقة عن الامر بالتوقف يستحيل صلاحية مثله للبيانية على التكليف المحتمل (نعم) هن تقريب آخر للاستدلال بهذه الاخبار (وحاصله) انه بعد شمول اطلاق الشبهة للشبهات البدوية بعد الفحص وظهور الهلكة في العقوبة يستكشف من اطلاقها بنحو الان بضميمة حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان عن ايجاب الشارع الاحتياط في الرتبة السابقة عن الامر بالتوقف والسكون، وبعد صلاحية ايجاب الاحتياط المستكشف للبيانية والمنجزية للتكليف المجهول تخرج الشبهات البدوية عن مورد حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان (واجاب عنه) الشيخ قده ان ايجاب الاحتياط المزبور، ان كان مقدمة للتحرز عن العقوبة المحتملة فهو مستلزم لترتب العقوبة على التكليف المجهول وهو قبيح، وان كان حكما ظاهريا نفسيا لا مقدميا فالهلكة وان كانت معلومة لكنها مترتبة حينئذ على مخالفة نفس هذا التكليف لا على مخالفة الواقع انتهى.

(اقول) وكان ذلك منه قده مبنى على تخصيص البيان الرافع لحكم العقل بالقبح بخصوص العلم الوجداني أو التعبدي كما تقدمت الاشارة إليه في مبحث الانسداد وعند البحث عن وجه منجزية اوامر الطرق ، فانه على هذا المسلك صح المنع عن صلوح ايجاب الاحتياط للبيانية لعدم كون شأن مثله تتميم الكشف كما في الامارات (ولكن فيه) مضافا إلى منافاته لما افاده في حديث الرفع في دفع اشكال عدم كون استحقاق العقوبة اثرا شرعيا، من ان رفعه انما هو برفع منشئه وهو ايجاب الاحتياط ولما افاده غير مرة من ورود ادلة الاحتياط على اغلب ادلة  البراءة (انه لا ينحصر) البيان المصحح للعقوبة على الواقع بخصوص العلم الوجداني أو التعبدي، بل هو يعم ذلك وايجاب الاحتياط ايضا كما يشهد به الوجدان والارتكاز من العرف والعقلاء فان البيان الرافع لحكم العقل بقبح العقاب بل بيان عبارة عن مطلق ما انشاء بداعي حفظ المرام الواقعي عند الشك به كان ذلك بلسان تتميم الكشف أو بلسان ايجاب الاحتياط أو غير ذلك، وعليه نقول انه لا ينحصر الامر في ايجاب الاحتياط المستكشف بما افيد من الشقين النفسي والمقدمي، فانه يتصور فيه شق ثالث وهو كونه ايجابا طريقيا انشأ بداعي حفظ المرام الواقعي في مرتبة الشك به بملاحظة بلوغ الاهتمام به بمرتبة لم يكتف الشارع في حفظه بخطابه الواقعي (كما ان) وجوب التعلم في قوله هلا تعلمت على بعص الوجوه يكون من هذا القبيل حيث يكون ايجابه ايجابا طريقيا لا نفسيا ولا مقدميا كي يشكل عليه بلزوم انفكاكه في بعض الموارد عن وجوب ذيها (وعليه) فبعد صلاحية مثل ايجاب الاحتياط للمنجزية يتوجه الاشكال المزبور، فان للقائل بالاحتياط حينئذ اثبات العقوبة على مخالفة الواقع المشكوك بنفس ايجاب الاحتياط المستكشف من اطلاق الشبهة في هذه الاخبار ولا يكاد اندفاعه بما افيد من جعل ايجاب الاحتياط مرددا بين النفسي والغيري كما هو ظاهر (وحينئذ) فالأولى هو الاشكال على الاستدلال المزبور من جهة لزوم الدور (بتقريب) توقف جريان اصالة الاطلاق لأحراز ان كل شبهة فيها الهلكة حتى الشبهة البدوية على العلم بوجود البيان في الرتبة السابقة على ذلك، إذ لولاه يقطع بعدم الهلكة في ارتكابها بمقتضى قبح العقاب بلا بيان ومع القطع بالعدم لا يحتمل مطابقة الظهور الاطلاقي للواقع فلا تجرى فيه اصالة الظهور، وتوقف العلم بالبيان على جريان اصالة الاطلاق في المشتبه (لان) الفرض انه لا طريق لكشف جعل ايجاب الاحتياط في الشبهات البدوية بعد الفحص سوى هذا الاطلاق فيدور (نعم) لو كان مجرد البيان بوجوده الواقعي كافيا في تنجيز التكليف المجهول لكان للتمسك بالإطلاق المزبور مجال، لتصور الشك في مطابقة الظهور الاطلاقي حينئذ للواقع للشك في وجود البيان في نفس الامر على التكليف المشكوك (ولكن) ذلك مما يقطع ببطلانه، فانه لا شبهة في ان مدار التنجيز انما هو على البيان بوجوده الواصل إلى المكلف بحيث لولا وصوله يحكم العقل بقبح العقاب بل بيان، كيف وان مثل هذا البيان المجهول لا يزيد عن اصل الخطاب الواقعي المجهول، فالالتزام بحسن العقوبة معه مساوق انكار قبح العقوبة على ما لا يعلم (لا يقال انه) من الممكن حينئذ اجراء اصالة الاطلاق بالنسبة إلى المشافهين بهذه الخطابات الا مرة بالتوقف لكشف وجوب الاحتياط عليهم في الشبهات البدوية بخطاب سابق عن هذه الخطابات، فانه بعد ان يحتمل وجوب الاحتياط عليهم ولو بخطاب آخر، لا مانع عن التمسك بأطلاق الشبهة للشبهات البدوية بعد الفحص بالنسبة إلى الموجودين في زمان الخطاب (بعد) ان ثبت وجوب الاحتياط عليهم بمقتضى الاطلاق المزبور، يثبت في حقنا ايضا بمقتضى قاعدة الاشتراك (فانه يقال) ان ذلك مبني على جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية فانه بعد اقتضاء ادلة  البراءة نفي الهلكة على ارتكاب المشتبه في ظرف عدم البيان يراد بالتمسك بالإطلاق المزبور في ان كل شبهة فيها الهلكة لإدخال الشبهات البدوية تحت حكم العام بأثبات ان الهلكة فيها كانت مع البيان (ومثله) كما ترى غير جائز على ما حقق في محله (ومع الغض) عن ذلك وانتهاء الامر إلى المعارضة مع ادلة  البراءة (يتعين) تقديم ادلة  البراءة عليها فأنها من جهة قصورها عن الشمول للشبهات المقرونة بالعلم الاجمالي تكون اخص مطلق من ادلة الاحتياط الشاملة للشبهات البدوية والثانوية (الخامسة) ما دل على الاخذ بالاحتياط مطلقا بلا تعليل بالهلكة وهي كثيرة (منها) قوله (عليه السلام )  (اخوك دينك فاحتط لدينك بما شئت)

(ومنها) قوله (عليه السلام ) ( ليس بناكب عن الصراط من سلك سبيل الاحتياط )

(ومنها) قوله (عليه السلام )  ( خذ الاحتياط في جميع امورك ما تجد إليه سبيل واهرب من الفتيا هربك من الاسد ولا تجعل رقبتك عتبة للناس )

(ومنها) صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال سئلت ابا الحسن (عليه السلام ) عن رجلين اصابا صيدا وهما محرمان الجزاء بينهما أو على كل واحد منهما جزاء؟ قال (عليه السلام )  بل عليهما ان يجزى كل واحد منهما الصيد، قلت ان بعض اصحابنا سئلني عن ذلك فلم ادر ما عليه، قال (عليه السلام )  إذ اصبتم بمثل هذا فعليكم بالاحتياط حتى تسئلوا عنه وتعلموا)

(ومنها) موثقة عبد الله بن وضاح قال كتبت إلى العبد الصالح (عليه السلام )  تواري القرص ويقبل الليل ويزيد الليل ارتفاعا ويستر عنا الشمس ويرتفع فوق الجبل حمرة وتؤذن عندنا المؤذنون فاصلي حينئذ وافطر ان كنت صائما أو انتظر حتى تذهب الحمرة التي فوق الجبل، فكتب (عليه السلام )  ارى لك ان تنتظر حتى تذهب الحمرة وتأخذ بالحائطة لدينك، فان الظاهر منها هو السؤال عن الشبهة الحكمية فكان جوابه (عليه السلام )  بالأخذ بالاحتياط دالا على المقصود (ولكن الجواب) اما عن الاولين، فبظهورهما في الاستحباب لكونهم مسوقين في بيان اعلى مراتب الاحتياط وان كلما تحتاط لدينك كان في محله لكونه بمنزلة اخيك ومنه يظهر الجواب عن الثالث ايضا، واما الهرب عن الفتيا بالواقع عند عدم العلم فمما يعترف به المجتهدون ايضا إذ تمام همهم انما هو اثبات الترخيص الظاهري وعدم وجوب الاحتياط بمقتضى ادلة  البراءة (وبذلك) يظهر الجواب عن الرابع ايضا (فان) مفاده انما هو المنع عن الافتاء بالواقع عند الجهل به وهو مما يعترف به المجتهدون، فلا يرتبط بما هو مفروض البحث وهو الاحتياط في مقام العمل (واما عن الخامس) وهو قوله (عليه السلام )   في الموثقة ارى لك ان تأخذ بالحائطة لدينك، فبالحمل على التقية بناء على ما استظهرناه من كون المسئول عنه فيه هي الشبهة الحكمية، إذ لولاها لكان اللازم هو الجواب بالحكم الواقعي لا تقرير السائل وابقائه على جهله وامره بالأخذ بالاحتياط ، فان ذلك بعيد عن شأن الامام (عليه السلام )   ويشهد لذلك ايضا امارات آخر منها شدة التقية في زمانه (عليه السلام )   وعدم تمكنه من بيان احكام الله سبحانه، ومنها اشتهار الحكم باستتار القرص بين العامة ومنه تعبيره (عليه السلام )   بقوله ارى لك ...الخ ،حيث انه يستشم من مثل هذا التعبير رائحة التقية وانه كان ذلك منه لخوفه عن اظهار الحق ببيان الحكم الواقعي خصوصا في المكاتبات التي كان الاتقاء فيها ما لا يكون في غيرها (حينئذ) فكان قوله (عليه السلام )  ارى لك ان تأخذ بالحائطة لدينك بيانا لوجوب الانتظار إلى ذهاب الحمرة المشرقية والتعبير بالاحتياط  لأجل التباس الامر على العامة لكى يزعموا ان الحكم بالتأخير انما هو  لأجل الاحتياط، ومن المعلوم خروج ذلك حينئذ عن مفروض البحث في المقام (هذا كله) بناء على كون المسئول عنه هي الشبهة الحكمية (واما بناء) على احتمال كونه هي الشبهة الموضوعية لاحتمال كون المراد من الحمرة المرتفعة غير الحمرة المشرقية فعليه وان كان الواجب هو الاحتياط والانتظار كما في الرواية، ولكن وجوب الانتظار حينئذ انما هو  لأجل الاستصحاب وقاعدة الاشتغال بالصلاة والصيام فتخرج مفاد الرواية عن مفروض البحث كما هو ظاهر. (واما الدليل العقلي) فتقريبه من وجهين (الاول) ان احتمال التكليف الوجوبي أو التحريمي مساوق لاحتمال الضرر على مخالفته ودفع الضرر المحتمل واجب عقلا (وربما) يجعل ذلك اصلا في الافعال غير الضرورية فيقال ان الاصل فيها الحظر فلابد من العمل به حتى يثبت من الشرع الاباحة ولم يرد فيما لا نص فيه اباحة من الشارع، وما ورد معارض بما ورد من الامر بالتوقف والاحتياط وبعد التعارض يرجع إلى الاصل المزبور وقد احتج على ذلك شيخ الطائفة (قدس سره) في العدة فقال فيما حكى عنه ان الاقدام على ما لا يؤمن المفسدة فيه كالإقدام على ما يعلم فيه المفسدة (والجواب) عنه قد تقدم سابقا وحاصله ان المراد من الضرر ان كان هي العقوبة فالصغرى ممنوعة وان كان غير العقوبة وهي المفسدة التي تبتني عليها الاحكام على مذهب العدلية (فهذا) ايضا بعد تسليم ان كل مفسدة ضرر، وتسليم مولوية هذا الوجوب العقلي، وتمامية الملازمة بين حكم العقل والشرع مبنى على كون موضوع الوجوب المزبور عند العقل مطلق الضرر ولو كان متداركا، والا فعلى فرض اختصاصه بالضرر غير المتدارك كما هو التحقيق فلا مجال لدعوى الوجوب المزبور، إذ حينئذ يمكن دعوى تدارك الضرر على فرض وجوده بمقتضى ادلة  البراءة كحديث الرفع وغيره حيث انه يستكشف من هذه الادلة المرخصة تدارك الضرر وجبرانه على فرض وجوده كما هو الشأن في الشبهات الموضوعية الجارية فيها  البراءة باتفاق الفريقين بل الشبهات الحكمية الوجوبية ايضا (الوجه الثاني) من تقريب العقل العلم الاجمالي، بتقريب انه قبل مراجعة الادلة يعلم اجمالا بثبوت محرمات كثيرة في الشريعة فيجب بحكم العقل الجزمي الاجتناب عن كل ما يحتمل الحرمة تحصيلا للجزم بالفراغ لاقتضاء الاشتغال اليقيني بالتكليف  البراءة اليقينية باتفاق المجتهدين والاخباريين، إذ لم يحصل بعد المراجعة إلى الادلة والعمل بها ما يعلم معه الخروج عن عهدة تلك المحرمات الواقعية التي كلفنا الشارع بالاجتناب عنها (وفيه) انه لا تأثير لمثل هذ العلم الاجمالي بعد العلم بقيام طرق خاصة على مقدار من المحرمات التي يمكن انطباق المعلوم بالإجمال عليها خصوصا بعد ان ضم إليها موارد الاصول المثبتة الشرعية والعقلية كالاستصحاب وقاعدة الاشتغال، فانه بذلك ينحل العلم الاجمالي ويخرج عن المنجزية فيرجع فيما عداها من الشبهات المشكوكة من قبل العلم الاجمالي إلى  البراءة، وهذا المقدار مما لا اشكال فيه (وانما الكلام) في ان الانحلال المزبور حقيقي أو حكمي.

(وتنقيح المرام) يحتاج إلى تمهيد مقدمة وهي ان موضوع البحث في الانحلال الحقيقي أو الحكمي في المقام انما هو صورة قيام الطريق القطعي أو الظني المعتبر على التكليف في بعض الاطراف بلا عنوان بنحو قابل لانطباق المعلوم بالإجمال عليه، وام صورة قيام الطريق القطعي أو الظني على تعيين المعلوم بالإجمال وتشخيصه في بعض الاطراف بالخصوص فهو خارج عن محط البحث في الانحلال في المقام (فان الصورة الاولى) كانت راجعة إلى مقام انكشاف الواقع وتبدل الصورة الاجمالية إلى الصورة التفصيلية والصورة الثانية راجعة إلى مقام جعل البدل المعين لمصداق المعلوم بالإجمال في مرحلة الفراغ والخروج عن عهدة التكليف، ومثله غير مرتبط بمقام الانحلال، ولذا يجرى ذلك في موارد ثبوت التكليف بالعلم التفصيلي ايضا كما في قاعدتي التجاوز والفراغ (وبالجملة) فرق واضح بين باب الانحلال وبين باب جعل البدل (فان الاول) راجع إلى الممانعة عن تأثير العلم الاجمالي في الاشتغال بمعلومه حيث ان الامارة القائمة على ثبوت التكليف في مورد بالخصوص كانت مانعة عن تأثير العلم الاجمالي في الاشتغال بمعلومه (بخلاف) جعل البدل فانه راجع إلى التصرف في ناحية الفراغ عن عهدة التكليف فارغا عن اصل الاشتغال به بعلم تفصيلي أو اجمالي ومرجعه إلى اكتفاء الشارع في مقام الخروج عن عهدة التكليف الواقعي بفعل ما قام عليه الطريق بدلا عن الواقع ولذلك لا يعتبر في قيام الطريق على تعيين المفرغ كونه مقارن للعلم الاجمالي بل يكتفي به ولو كان قيامه بعد العلم الاجمالي، بخلاف باب الانحلال فانه على ما يأتي يعتبر كونه مقارنا للعلم الاجمالي والا فلا يمنع عن تأثير العلم الاجمالي في التنجيز (وحيث) اتضح ذلك نقول ان ما به الانحلال اما ان يكون هو العلم، واما ان يكون غيره من امارة ظنية معتبرة أو اصل مثبت للتكليف في بعض الاطراف شرعي كان كالاستصحاب ونحوه أو عقليا كقاعدة الاشتغال (وعلى التقادير) فقيام الطريق المثبت للتكليف تارة يكون مقارنا لحصول العلم الاجمالي، واخرى يكون سابقا عليه، وثالثة يكون متأخرا عنه وامثلة الكل واضحة (وعلى التقادير) فتارة يكون ذو الطريق وهو التكليف المعلوم بالتفصيل قبل التكليف المعلوم بالإجمال كما لو علم تفصيل بنجاسته شيء معين ثم بعد ذلك علم اجمالا بموجب آخر للنجاسة وتردد متعلقها بين كونه ذاك الشيء المعين أو غيره، واخرى يكون مقارنا لما هو المعلوم بالإجمال وثالثة متأخرا عنه كان زمان العلم به سابقا عليه أو مقارنا أو متأخرا عنه (وبعد ذلك) نقول اما إذا كان قيام الامارة التفصيلية مقارنا لحصول العلم الاجمالي للتكليف (فقد يتوهم) كونه منشاء لانحلال العلم الاجمالي حقيقة وانقلابه إلى علم تفصيلي وشك بدوى وجدانا كما في الاقل والاكثر الاستقلاليين من جهة رجوع العلمين عند التأمل إلى علم واحد بالتكليف في طرف بالخصوص وشك بدوى في غيره (بتقريب) ان ذلك هو مقتضى تعلق العلم الاجمالي بالجامع القابل للانطباق على كل واحد من الطرفين فانه إذا علمنا بحرمة احد الانائين بلا عنوان فيه وعلمنا ايضا بحرمه احدهما المعين يلزمه انطباق المعلوم بالإجمال بما هو معلوم على الاناء المعلوم حرمته تفصيلا ومع انطباقه عليه واتحاده معه خارجا يستحيل بقاء العلم الاجمالي على حاله لاستحالة توارد العلمين على شيء واحد فلا محيص حينئذ من ارتفاع العلم الاجمالي وتبدله بالعلم التفصيلي بحرمة احد الانائين معينا والشك البدوي في الاخر (هذا) غاية ما قيل في تقريب انحلال العلم الاجمالي بالجامع وانقلابه حقيقة إلى العلم التفصيلي بالتكليف في احد الطرفين معينا والشك البدوي في الطرف الاخر، مضافا إلى دعوى الوجدان بعدم العلم بأزيد من حرمة الانائين معينا (وفيه) مضافا إلى عدم تماميته في الطرق غير العلمية لعدم حصول العلم التفصيلي منها بالواقع(انه يتم ذلك) في صورة العلم بانطباق المعلوم بالإجمال وهو الجامع على الفرد المعلوم حرمته تفصيلا، وال فلا يقتضى مجرد تعلق العلم الاجمالي بالجامع لانحلاله بقيام العلم التفصيلي على التكليف في بعض الاطراف (فانه) كما يحتمل انطباقه على الطرف المعلوم حرمته تفصيلا، كذلك يحتمل بالوجدان انطباقه على الطرف الاخر، إذ ليس احتمال التكليف فيه بدوي محضا كسائر الشبهات البدوية، وانما كان ذلك من جهة احتمال انطباق المعلوم بالإجمال عليه (ومع ذا) كيف يمكن دعوى ارتفاع العلم الاجمالي بالتكليف وتبدله بالعلم التفصيلي، بل وجود هذا الاحتمال حينئذ كاشف قطعي عن بقاء العلم الاجمالي لكونه من لوازمه حيث لا يمكن بقاء الاحتمال المزبور بدون بقاء ملزومه وهو العلم الاجمالي (وبذلك) يظهر فساد مقايسة المقام بباب الاقل والاكثر (لان) في الاقل والاكثر ل يكون من الاول الا علم تفصيلي بوجوب الاقل والشك البدوي في الزائد حتى في الارتباطي منه، وانما الاجمال فيه في حدى الاقل والاكثر لا بالنسبة إلى ذات التكليف ولذلك ل تصدق فيه تلك القضية التعليقية اللازمة للعلم الاجمالي وهي انه لو كان الواجب هو الاكثر لكان الاقل غير واجب من جهة القطع بوجوب الاقل على كل تقدير (وهذا) بخلاف المتبائنين الذي كان الاجمال فيه في ذات التكليف من حيث تردده بين كونه في هذا أو ذاك، فانه تصدق فيه تلك القضية التعليقية من الطرفين حتى مع العلم التفصيلي بالتكليف في طرف بالخصوص فصدق هذه القضية التعليقية من الطرفين في المقام حتى بعد العلم التفصيلي يكشف عن بقاء ملزومها وهو العلم الاجمالي وعدم انحلاله حقيقة كما في الاقل والاكثر (واما ما افيد) من البرهان المزبور في وجه الانحلال واتحاد العلمين بانه لولا الانحلال يلزم اجتماع العلمين في موضوع واحد (ففيه) انه يرد هذا المحذور بناء على تعلق العلم بالخارجيات (والا فبناء) على ما هو التحقيق من تعلقه بالعناوين والصور الذهنية غايته لا بالنظر إليه استقلالا وبنحو التخلية في الذهن بل بالنظر إلى كونها مرأتا للخارج بنحو لا يرى بذاك النظر الا الخارج، من دون اقتضاء هذا النظر ايضا لسرايته من العناوين والصور الذهنية إلى وجود المعنون في الخارج (فلا يلزم) هذا المحذور، إذ نقول ان وجود الجامع وان كان متحدا في الخارج مع الفرد والخصوصية، ولكن بعد كونهما في الذهن صورتان متبائنتان وفرض قيام العلم بمثل هذه الصور المتبائنة بلا سراية إلى الخارج لا محذور من تعلق العلمين بشيء واحد بتوسيط عنوانين الاجمالي والتفصيلي، إذ لا يلزم من مثله محذور اجتماع المثلين في موضوع واحد، كيف ولا يزيد ذلك عن التضاد بين العلم والشك وبعد امكان تعلق العلم بشيء بعنوان والشك فيه بعنوان آخر ووقوعه في جميع موارد العلم الاجمالي لا مجال للإشكال في تعلق العلمين بشيء بتوسيط عنوان الاجمالي والتفصيلي فلا مجال حينئذ لدعوى اتحاد العلمين بمحض قابلية العنوانين بذاتهم للانطباق على وجود واحد (نعم) لا بأس بدعوى الانحلال الحكمي فيه (بتقريب) انه مع قيام المنجز في احد طرفي العلم الاجمالي علما كان أو امارة أو اصلا يخرج العلم الاجمالي عن تمام المؤثرية في هذا الطرف لما هو المعلوم من عدم تحمل تكليف واحد للتنجيزين وبخروجه عن قابلية التأثر من قبل العلم الاجمالي مستقلا يخرج المعلوم بالإجمال وهو الجامع الاطلاقي عن القابلية المزبورة، فلا يبقى مجال لتأثير العلم الاجمالي في متعلقه لان معنى منجزية العلم الاجمالي هو كونه مؤثرا مستقلا في المعلوم على الاطلاق وهذا المعنى غير معقول بعد خروج احد الاطراف عن قابلية التأثر من قبله مستقلا فلا يبقى في البين الا تأثيره على تقدير خاص وهو ايضا مشكوك من الاول إذ لا يكون التكليف على ذاك التقدير متعلقا للعلم فما هو المعلوم وهو الجامع المطلق القابل للانطباق على كل واحد من الطرفين غير قابل للتأثر من قبل العلم الاجمالي وما هو القابل لذلك وهو الجامع المقيد انطباقه على الطرف الاخر لا يكون من الاول معلوما لعدم قابليته للانطباق على الطرف المعلوم بالتفصيل وبذلك يسقط العلم الاجمالي عن السببية للاشتغال بمعلومه بجعله في عهدة المكلف وبسقوطه تجرى الاصول النافية في الطرف الاخر، (وفى ذلك) لا فرق بين انحاء الطرق بل الاصول المثبتة حيث ان الجميع على منوال واحد في كون الانحلال حكميا لا حقيقيا، كما لا فرق بين ان يكون ذو الطريق وهو التكليف المعلوم بالتفصيل سابقا أو مقارنا لزمان التكليف المعلوم بالإجمال (هذا كله) إذا كان العلم التفصيلي أو الامارة مقارنا للعلم الاجمالي (واما) إذا كان سابقا على العلم الاجمالي فلا شبهة في انه لا يكون بوجوده السابق منشأ لانحلال العلم الاجمالي من جهة وضوح ان العلم بالتكليف في كل آن انما يكون منجزا للتكليف في ذلك الان لا انه بحدوثه منجز إلى الابد (فلابد) من بقائه إلى زمان حدوث العلم الاجمالي كي بتأثيره في تنجيز التكليف في ذلك الآن يخرج العلم الاجمالي عن المؤثرية ومعه يرجع إلى العلم المقارن، من غير فرق في ذلك بين قيامه على التكليف السابق الباقي إلى زمان العلم الاجمالي، وبين قيامه على حدوث التكليف حين وجود العلم الاجمالي بالتكليف فعلى كل تقدير لابد في الانحلال من وجوده حين العلم الاجمالي والا فبدونه كان العلم الاجمالي مؤثرا في تنجيز متعلقه (واما إذ كان) العلم أو الامارة التفصيلية متأخرا عن العلم الاجمالي ففي انحلال العلم الاجمالي بمثله مطلقا ولو حكما، أو عدم انحلاله كذلك، أو التفصيل بين سبق التكليف المعلوم بالتفصيل أو تقارنه للتكليف المعلوم بالإجمال وبين لحوقه بانحلال العلم الاجمالي حقيقة أو حكما في الاول وعدمه في الثاني وجوه واقوال (اقويها) اوسطه (فان) توهم الانحلال في هذه الصورة ولو حكما مبنى على تأثير العلم اللاحق في تنجيز التكليف السابق على وجوده (وهو ممنوع) جد الامتناع تأثير العلم المتأخر في تنجيز التكليف فيما قبل وجوده فيبقى العلم الاجمالي السابق على حاله فيؤثر من حين حدوثه في الاشتغال بمعلومه فيجب مراعاته بحكم العقل بالاجتناب عن الطرفين، من غير فرق بين قيام الطريق التفصيلي على التكليف السابق أو المقارن أو اللاحق (لان) التنجيز انما هو من لوازم العلم والطريق لا المعلوم وذي الطريق (لا يقال) سلمنا ذلك لكن لا مانع من تأثير العلم التفصيلي المتأخر من حين قيامه على احد الطرفين، فانه بعد ما لا يكون العلم الاجمالي السابق بحدوثه علة للاشتغال بالتكليف المردد إلى الابد ودوران تأثيره في كل آن مدار وجوده في ذاك الان وبقائه على صفة حدوثه، فلا محالة يكون العلم التفصيلي بالتكليف في الطرف المعين من حين وجوده بضميمة المقدمة المزبورة من قبيل العلم المقارن فيمنع عن استقلال العلم الاجمالي في تنجيزه بقاء للجزم بدخل هذا العلم التفصيلي حين وجوده في تنجيزه وبذلك يسقط العلم الاجمالي عن التأثير في الجامع فلا يلزم رعاية الاحتياط في الاطراف الاخر (فلو) علم اجمالا في اول الصبح نجاسة احد الكاسين ثم علم تفصيلا في اول الزوال بنجاسة احدهما المعين فانه وان لم يسقط العلم الاجمالي عن التأثير فيما قبل الزوال، ولكنه من حين الزوال الذي هو زمان حدوث العلم التفصيلي يسقط عن التأثير في الاشتغال بالأمر المردد في البين لابتلائه حينه بالعلم التفصيلي المقارن ولازمه عدم لزوم رعاية الاحتياط من حين الزوال في بقية الاطراف (فانه يقال) نعم العلم الاجمالي المزبور وان سقط عن التأثير من حين وجود العلم التفصيلي (ولكن)هناك علم اجمالي آخر يكون هو الموجب للاحتياط في بقية الاطراف وهو العلم الاجمالي التدريجي المتعلق بوجوب الاجتناب اما عن خصوص الذي صار معلوما بالتفصيل في اول الصبح أو عن الطرف الاخر المقابل له في اول الزوال نظير العلوم الحاصلة في التدريجات (بيان ذلك) هو ان العلم الاجمالي بالتكليف المردد بين الطرفين تبعا لانحلال التكليف المعلوم بحسب الانات إلى تكاليف متعددة ينحل إلى علوم متعددة (بعضها) دفعي كالعلم بالتكليف المردد بين الطرفين في كل من انات الازمنة كالصبح والزوال في المثال المتقدم (وبعضها) تدريجي وهو العلم بحدوث التكليف في طرف في الصبح أو بقائه في الطرف الاخر في الزوال مثلا (والذي) يسقط عن التأثير حين وجود العلم التفصيلي انما هو العلم الاجمالي الدفعي (واما الثاني) وهو العلم الاجمالي التدريجي فيبقى على تأثيره بعد عدم صلاحية العلم التفصيلي اللاحق للتأثير في تنجيز المعلوم السابق عن نفسه حيث يحكم العقل في مثله بالاشتغال بالمردد بينهما ولزوم تحصيل الجزم بالفراغ عنه ما دام بقاء العلم الاجمالي بحاله وعدم انقلابه بالشك البدوي بالحدوث من الاول بنحو الشك الساري (وبمثل) هذا البيان نقول بلزوم مراعات العلم الاجمالي في صورة الاضطرار الطارئ بعد العلم وكذا تلف بعض الاطراف أو خروجه عن الابتلاء بعد العلم حيث ان المناط كله في لزوم رعاية الاحتياط في المحتمل الاخر انما هو هذا العلم الاجمالي التدريجي الموجب لصيرورة جميع الانات في الطرف الباقي طرفا للعلم بالتكليف في الان الاول في الطرف الاخر التالف بعد العلم (والا) فلا شبهة في سقوط العلم الاجمالي الدفعي حين طرو الاضطرار أو تلف بعض الاطراف حيث لا يكون علم بالتكليف الفعلي بعد التلف أو الاضطرار ولازمه جواز الرجوع إلى البراءة حينئذ في الطرف الباقي الا بأتعاب النفس بالتزام تأثير العلم الاجمالي بحدوثه في التنجيز الابدي ولو مع سقوطه وارتفاعه بعد ذلك ما لم يكن ارتفاعه بانقلابه بالشك البدوي بالحدوث من الاول (ولكنه) كما ترى فانه لازمه بقاء التنجيز السابق مع زواله من جهة احتمال نسخ أو غيره (وحينئذ) فالعمدة في لزوم رعاية الاحتياط في المقام وفى موارد التلف أو الاضطرار الطارئ بعد العلم هو العلم الاجمالي التدريجي بالمردد بين ثبوت التكليف في الان الاول في طرف أو بقائه في الآن الثاني في الطرف الاخر فان العقل يحكم في مثله بالاشتغال بالأمر المردد بينهما ولزوم الاحتياط في الطرف الاخر وان شك في سقوطه من جهة عصيانه أو امتثاله أو خروجه عن الابتلاء بمضي زمانه، حيث لا يعتنى العقل بالشك في السقوط من الجهات المزبورة (نعم) على هذا قد يتوهم تسجل دعوى الاخباري وجوب الاحتياط في الشبهات بمقتضى العلم الاجمالي بالمحرمات الواقعية (حيث) يقال ان العلم التفصيلي بالمحرمات بمقدار المعلوم بالإجمال بعد ما لم يكن سابقا أو مقارنا للعلم الاجمالي بالوجدان بل كان متأخرا عنه لوضوح عدم حصوله الا بعد الرجوع إلى الادلة والسير التام فيها وملاحظة موارد الاجماعات والنصوص الواردة عن الائمة (عليهم السلام) والاصول المثبتة للتكاليف شرعيها وعقليها (فلابد) بمقتضى البيان المزبور من الاحتياط في كل ما يشك كونه من المحرمات الواقعية ولو بعد حصول العلم التفصيلي بجملة من المحرمات بمقدار المعلوم بالإجمال (ولكنه) مدفوع بانه يتم ذلك لولا حكم العقل بمنجزية الاحتمال الطرق القائمة على ثبوت التكاليف في بعض الاطراف من الاول بمناط الشبهة قبل الفحص (والا) فعلى ما هو التحقيق من حكمه بذلك لا مجال لتأثير العلم الاجمالي فان حال العلم الاجمالي مع الاحتمال المزبور بعد تقارنه لوجود العلم بعينه حاله مع العلم التفصيلي المقارن فيمنع ذلك ايضا عن تأثير العلم الاجمالي في تنجيز متعلقه كما يمنع عنه العلم التفصيلي (وعليه) فلا يكون الظفر بالإمارات التفصيلية بعد ذلك مضرا بموجبيتها لانحلال العلم الاجمالي، لان بالظفر بها يستكشف عن موجبيتها لانحلال العلم السابق لكونها من المنجز المقارن له، ولازمه رجوع الشك في الشبهات بعد الفحص إلى الشك البدوي فتجرى فيها البراءة (بقى الكلام في التنبيه على امرين (الامر الاول) يعتبر في جريان اصالة الاباحة في مشتبه الحكم عدم وجود اصل حاكم عليها، بل لا يختص ذلك بأصل الاباحة فيجرى في غيرها من الاصول ايضا، بل في جعل ذلك من الشرائط مسامحة في التعبير (لان) مرجع ذلك في الحقيقة إلى اشتراط تحقق الموضوع للأصل في جريانه، فان مع وجود الحاكم لا مورد لجريان الاصل المحكوم لارتفاع موضوعه ولو تعبدا بجريان الاصل الحاكم (ومن ذلك) ما لو شك في الحكم الوجوبي أو التحريمي  لأجل الشك في النسخ، فانه تجرى فيه اصالة عدم النسخ وبجريانه لا يبقى مورد لأصالة الاباحة و البراءة عن التكليف (ومنه) ايضا ما لو شك في حل اكل لحم حيوان من جهة الشك في تذكيته مع عدم كونه في سوق المسلمين ولا في يد المسلم، حيث انه مع جريان اصالة عدم التذكية لا تجرى فيه اصالة الحل و البراءة (ولما انتهى) الكلام إلى ذلك لا بأس بالتعرض بما يتعلق بالمثال من الشقوق المتصورة للشك في طهارة اللحم وحليته من جهة الشك في التذكية، فنقول ان الشك فيها، تارة يكون من جهة الشبهة الحكمية كالشك في قابلية الحيوان الكذائي للتذكية في فرض عدم قيام دليل على قابلية كل حيوان للتذكية، وكالشك في اعتبار إسلام الذابح أو الاستقبال مثلا فيها، واخرى من جهة الشبهة الموضوعية وصورها كثيرة وعلى أي تقدير (التذكية) اما ان تكون عبارة عن امر بسيط معنوي متحصل من قابلية المحل وقطع الاوداج الاربعة بالحديد وسائر ما يعتبر فيه نظير الطهارة بالنسبة إلى الغسلات الخاصة (واما ان تكون) عبارة عن قطع الاوداج الاربعة بشرائطه الوارد على المحل القابل بان تكون القابلية شرطا لتأثير الامور المزبورة (واما ان تكون) عبارة عن مجموع الامور المزبورة مع القابلية (فعلى الاول) تجرى في جميع الصور اصالة عدم التذكية من غير فرق بين ان يكون الشك من جهة الشبهة الحكمية أو من جهة الشبهة الموضوعية بأنحاء ما يتصور فيها من الشك (فانه) يشك حينئذ في تحقق ذلك الاثر الحاصل البسيط والاصل عدمه (ويترتب) عليه الحرمة بل النجاسة في وجه قوى، ولا ينافي ذلك ما دل على ترتب الحرمة والنجاسة على عنوان الميتة التي هي عبارة عما مات حتف انفه حتى يشكل بعدم اقتضاء الاصل المزبور لأثبات هذا العنوان الا على القول بالمثبت (إذ الحكم) كما رتب في الادلة على عنوان الميتة، كذلك رتب على ما يعم العنوان المزبور وهو غير المذكى (ومن الواضح) انه لابد في مثله من الاخذ بذلك العنوان العام كما يكون ذلك هو الشأن في كل مورد رتب الحكم الشرعي في لسان الدليل على عنوانين احدهما اعم من الاخر، حيث تكون العبرة بالعنوان العام دون الخاص (ثم ان ذلك) إذا لم نقل ان الميتة في لسان الشارع عبارة عن غير المذكى والا فبناء على كونها عبارة عن غير المذكى كما قيل به فالأمر اوضح (واما على الثاني) وهو كون التذكية عبارة عن نفس فرى الاوداج بشرائطه مع كون القابلية شرطا في تأثيره، فان كان الشك في الطهارة والحلية من جهة الشك في ورود فعل المذكي عليه تجرى فيه اصالة عدم التذكية واما ان كان الشك من جهة قابلية الحيوان للتذكية اما من جهة الشبهة الحكمية أو الموضوعية كالشك في كون اللحم المطروح من الحيوان الذي يقبل التذكية كالغنم أو من الذي لا يقبل التذكية فمع العلم بورود فعل المذكى عليه من فرى الاوداج الاربعة بما اعتبر فيه لا تجرى اصالة عدم التذكية، بل ومع الشك فيه ايضا فانه وان لم يكن قصور حينئذ في جريان اصالة عدم التذكية، ولكنه مع الشك في القابلية لا ينتج شيئا، كيف وان القطع بوجوده لا تثمر شيئا مع الشك في القابلية، وحينئذ فان كانت القابلية مسبوقة بوجودها كما لو شك في زوالها بمثل الجلل ونحوه تجرى فيها استصحابها ويترتب عليه اثار فرى الاوداج وعدمه ولو بالأصل (والا) فتجرى اصالة الطهارة والحلية في اللحم المزبور لعدم كون القابلية المزبورة مسبوقة باليقين بالعدم حتى تستصحب (واما توهم) امكان احراز عدمها حينئذ بالآصل بنحو السلب المحصل كما في مشكوك القرشية والشرط المشكوك مخالفته للكتاب ومشكوك الانتساب في الارث لكون القابلية المزبورة بهذه الملاحظة مسبوقة بالعدم قبل الوجود (فمدفوع) بانه وان كان المختار هو جريان الاصل في الاعدام الازلية، ولكن ذلك انما يكون في الاوصاف العارضة على الذات بتوسيط وجودها كالقرشية في المثال (لا بالنسبة) إلى ما هو من لوازم ذات الشيء فان في مثله لا مجال لجريان الاصل من جهة وضوح عدم كونه مسبوقا باليقين حتى في مرحلة صقع الذات قبل الوجود، وقابلية الحيوان للتذكية انما تكون من هذا القبيل، إذ لم تكن القابلية المزبورة من الاوصاف العارضة على الذات بتوسيط وجودها وانما هي من الامور المأخوذة في ذات الحيوان وبهذه الجهة لم تكن لها حالة سابقة حتى في مرحلة صقع الذات كي يجرى فيه الاصل (وعليه) ينتهى الامر إلى الاصول الحكمية وهي اصالة الطهارة والحلية (ومن ذلك) البيان يظهر الحال على الاحتمال الثالث في التذكية وهو كونها عبارة عن مجموع الامور الخمسة وقابلية المحل (فانه) مع الشك في قابلية الحيوان للتذكية  لأجل الشبهة الحكمية أو الموضوعية لا تجرى فيه اصالة عدم التذكية، لان التذكية على ذلك تكون من الموضوعات المركبة التي لابد في جريان الاصل فيها من لحاظ خصوص الجهة المشكوكة لا المجموع المركب من حيث المجموع وبعد عدم جريان الاصل في الجهة المشكوكة وهي القابلية تجري فيه لا محالة اصالة الطهارة والحلية من غير فرق في ذلك بين صورة العلم بورود فعل المذكى على الحيوان وعدمه نظرا إلى ما تقدم من عدم ترتب فائدة على استصحاب عدمه مع الشك في القابلية وعدم كون القطع بوجوده مع الشك المزبور منتج لشيء (نعم) ينتج ذلك في فرض احراز قابلية الحيوان للتذكية فانه مع الشك في ورود فعل المذكى عليه يجرى فيه اصالة العدم فيترتب عليه الحرمة والنجاسة (ثم ان المتعين) من المحتملات الثلاثة المتصورة في التذكية انما هو المعني الثاني (فان المستفاد) من قوله سبحانه {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: 3] من نسبة التذكية إلى الفاعلين، وكذا قوله (عليه السلام ) في ذيل موثقة ابن بكير، ذكّاه الذبح أو لم يذكّه ، وقوله [في خبر علي بن ابي حمزة بعد قول السائل أو ليس الذكي ما ذكي بالحديد؟] بلى إذا كان مما يؤكل لحمه (هو ان التذكية) عبارة عن فعل المذكي وان قابلية المحل امر خارج عن حقيقة التذكية وكان لها دخل في تأثيرها في الطهارة والحلية لا انها عبارة عن مجموع فعل الذابح بما اعتبر فيه مع قابلية المحل، ولا كونها عبارة عن الاثر الحاصل منهما (وعليه ينبغي) التفصيل في جريان اصالة الطهارة والحلية، بين ان يكون الشك في حرمة اللحم ونجاسته من جهة الشك في قابلية الحيوان المذبوح للتذكية، وبين ان يكون ذلك من جهة الشك في ورود فعل الذابح عليه فتجرى في الاول اصالة الطهارة والحلية لعدم اصل حاكم عليهما (بخلاف الثاني) فانه تجرى فيه اصالة عدم التذكية ويترتب عليها الحرمة والنجاسة (الامر الثاني) لا اشكال ولا خلاف في رجحان الاحتياط عقلا (وانما الاشكال) في قابليته للرجحان الشرعي والاستحباب المولوي من جهة الاخبار الامرة بالاحتياط (والتحقيق في المقام) يتوقف على شرح حقيقة الاحتياط وبيان الوجوه المتصورة في الامر به من حيث الارشادية والمولوية (فنقول) الوجوه المتصورة في مفاد الاوامر الواردة في هذا الباب اربعة (احدها) كونه لمحض الارشاد إلى عدم الوقوع في المفاسد الواقعية والحزازة للنفس الامرية على تقدير وجودها واقعا نظير اوامر الطبيب ونواهيه بحيث لا يترتب على موافقتها سوى التخلص عن الوقوع في المفسدة الواقعية المحتملة، واليه يرجع كلام الشيخ [قدس سره] من حيث تنظيره بأوامر الطبيب ونواهيه وبالأشهاد عند المعاملة لئلا يقع التنازع فيها (وثانيها) كونه ارشادا إلى ما في نفس عنوان الاحتياط من الحسن والرجحان العقلي مطلقا حتى في صورة عدم مصادفة الاحتمال للواقع لكونه انقيادا واطاعة حكمية نظير الامر بعنوان الاطاعة، ولازمه استحقاق المثوبة عليه وان لم يصادف الواقع بناء على ما اخترناه في مبحث التجري، فإرشادية الامر المتعلق به حينئذ انما هي بمعنى خلوه عن جهة المولوية كما في الامر بعنوان الاطاعة لا بمعنى خلو المتعلق بالعنوان المزبور عن الرجحان رأسا كما في الصورة الاولى (وثالثها) كونه حكما مولوي نفسيا بان كان في الفعل المشكوك حكمه بهذا العنوان مصلحة اقتضت استحبابه النفسي في مرتبة الشك بالواقع فيثاب عليه وان لم يحصل به الاجتناب عن الحرام الواقعي (ورابعها) كونه حكما مولويا طريقيا انشاء بداعي حفظ المرام الواقعي عند الشك به كما في جميع اوامر الطرق والامارات على ما مر شرحه مفصلا (ولازم) ذلك وان كان ترتب المثوبة عليه مطلقا الا انها على تقدير المصادفة تكون بعنوان الاطاعة وعلى تقدير آخر بعنوان الانقياد والاطاعة الحكمية (بخلاف) فرض المولوية النفسية فانه عليه يكون ترتب المثوبة على الموافقة على كل تقدير بعنوان الاطاعة الحقيقية للأمر المتعلق بعنوان الاحتياط (واما عنوان الاحتياط) فأما يكون عبارة عن الفعل أو الترك المنبعث عن دعوة احتمال الوجوب أو الحرمة، واما ان يكون عبارة عن مجرد فعل مشكوك الوجوب أو ترك مشكوك الحرمة بهذا العنوان (والفرق) بينهما واضح فانه على الاول يكون عنوان الاحتياط منتزعا عن الذات في المرتبة المتأخرة عن الذات المعروضة للوجوب أو الحرمة بنحو يرى في عالم التصور ذاتان احديهما في رتبة سابقة عن الوجوب والاخرى في الرتبة المتأخرة عن دعوه احتمال الوجوب نظير عنوان الاطاعة وبذلك لا يلزم اجتماع الضدين أو المثلين في ذات واحدة كما تقدم شرحه في مبحث التجري، ويترتب عليه حكم العقل بحسنه مطلقا حتى في صورة المخالفة للواقع لكونه بهذا العنوان انقيادا واطاعة حكمية (بخلاف الثاني) فانه وان كان منتزعا عن العنوان في المرتبة المتأخرة عن الامر بعنوان ذات الشيء الا ان تأخره لا يكون بتمام العنوان حتي بلحاظ ذات الموصوف، بل انما كان ذلك بلحاظ قيده ووصفه فقط وهو الجهل مع كون الذات في العنوانين محفوظة في مرتبة واحدة غير انها تلاحظ تارة مجردة واخرى موصوفة كعنوان الخمر والخمر المشكوكة خمريتها أو المشكوكة حكمه مع قابلية الاول للانطباق علي الثاني كما في كل مطلق ومقيد (وبعد) ذلك نقول انه بناء على المعنى الاول للاحتياط لا شبهة في ان من لوازمه عدم قابليته للأمر المولوي نفسيا أو طريقيا ضرورة انه بهذا المعنى مما يستقل العقل بحسنه لكونه مما ينطبق عليه عنوان الاطاعة والانقياد ومعه لا يكون الامر به الا ارشادا محضا إلى حكم العقل بحسنه بلا شائبة مولوية فيه كما في الامر بعنوان الاطاعة الحقيقية، كما انه على هذ المعنى لا يتأتى فيه احتمال الارشاد بالمعنى الاول ايضا لتمحضه بالإرشاد العقلي الاطاعي (بخلاف المعنى) الثاني الاحتياط فانه قابل لاستحباب المولوي الطريقي أو النفسي من جهة امكان اشتمال الفعل المشكوك حكمه بما هو مشكوك على مصلحة تقتضي استحبابه النفسي في هذه الرتبة حتى في فرض المخالفة للواقع من غير ان ينافى ذلك مع الحكم الواقعي كما توهم بتخيل ان الذات على هذا الفرض لما كانت واحدة يلزم اجتماع الضدين في ذات واحدة، إذ بعد قصور الخطابات الواقعية عن الشمول لمرتبة الشك بنفسها كما تقدم بيانه في وجه الجمع بين الاحكام الواقعية والظاهرية لا مانع من تعلق حكم آخر في هذه المرتبة يقتضي استحبابه (نعم) على هذا المعنى لا مجال لدعوى رجحانه العقلي لما هو المعلوم من انه لا يكون فعل ما شك في وجوبه بهذا العنوان مع قطع النظر عن نشوه عن داعي احتمال الوجوب مصبا لحكم العقل بالحسن والرجحان حتى يتأتى فيه الارشاد العقلي الاطاعي وان كان لتصور الارشاد بالمعنى الاول فيه مجال واسع (وبما ذكرنا) ظهرانه لا مجال لما عن الشيخ (قدس سره) وغيره من جعل المحتملات الاربعة المتقدمة في عنوان المسألة على منوال واحد، لما عرفت من انه على المعنى الاول للاحتياط لا تصلح الاوامر الشرعية لغير الارشاد العقلي الاطاعي (وعلى) المعنى الاخر وان كانت قابلة للمولوية وللإرشاد بالمعنى الاخر، ولكنه خارج عن مصب حكم العقل بالرجحان إذ لا حكم للعقل برجحان فعل المشتبه أو تركه بهذا العنوان ما لم يؤخذ فيه جهة نشوه عن دعوة احتمال الوجوب أو الحرمة وينطبق عليه عنوان الاطاعة والانقياد كما هو ظاهر (وحيث) ان الظاهر من عنوان الاحتياط خصوص بقرينة اتفاقهم على حسنه عقلا هو العمل المأتى عن داعى احتمال الوجوب لا مجرد اتيان مشكوك الوجوب أو ترك مشكوك الحرمة بهذا العنوان (فلا محيص) من حمل الاوامر الشرعية المتعلقة بعنوان الاحتياط على الارشاد إلى حكم العقل برجحانه (نعم) هنا عنوان آخر قابل للرجحان العقلي والشرعي وهو جعل احتمال الوجوب أو الحرمة في المشتبه داعيا إلى الفعل أو الترك، فان هذا المعنى مما يحسنه العقل تحصيلا للإطاعة والانقياد ويكون قابلا ايضا للأمر المولوي (ولكنه) بعيد عن مساق الاخبار وعن الكلمات (وبعد) ان عرفت ذلك فلنرجع إلى بيان ما يستفاد من الاخبار الا مرة بالتوقف والاحتياط (فنقول) ان الاخبار الواردة في المقام على طوائف (منها) ما يشتمل على عنوان الاحتياط كقوله (عليه السلام ) اخوك دينك فاحتط لدينك، وقوله (عليه السلام ) إذا اصبتم بمثل هذا فعليكم بالاحتياط (ومنها) ما يشتمل على عنوان المشتبه وهذه الطائفة على صنفين (احدهما) ما يكون مذيل بالتعليل بانه خير من الاقتحام في الهلكة (وثانيهما) ما لا يكون له هذا الذيل، كقوله (عليه السلام ) من ترك الشبهات كان لما استبان له اترك (اما الطائفة الاولى) فلابد من حملها على الارشاد كأوامر الاطاعة والانقياد (واما الطائفة الثانية فهى ايضا بمقتضى التعليل الواقع في ذيلها ظاهرة في الارشاد لكن لا إلى حكم العقل بحسن الاطاعة، بل إلى عدم الوقوع في مخالفة التكاليف الواقعية والمفاسد النفس الامرية نظير اوامر الطبيب ونواهيه (واما الطائفة الثالثة) فهى وان كانت قابلة للإرشاد وللمولوية الا ان ظهورها في المولوية ينفي الارشادية (نعم) يدور امرها بين الاستحباب النفسي، أو الطريقي كسائر الاحكام الطريقية المجعولة لحفظ الواقعيات المجهولة كما في اوامر الطرق والامارات على ما بيناه، وحينئذ فظاهر تعلق الامر بعنوان المشتبه وان كان يقتضى كونه مستحبا نفسيا حكمته اعتياد المكلف على الترك بنحو يهون عليه الاجتناب عن المحرمات المعلومة (ولكن) لا يبعد ترجيح الطريقية نظرا إلى بعد الاستحباب النفسي عن مساق تلك الاخبار لظهورها الثانوي في كونها على حذو سائر الاحكام الطريقية المجعولة  لأجل حفظ الواقع في موارد الشبهات من غير ان ينافى ذلك مع الحكمة المزبورة المؤدية إلى الاعتياد على الترك مضاف إلى بقاء اطلاق مصلحة الواقع على الطريقية في اقتضائها لمحبوبية الذات حتى في المرتبة المتأخرة عن الجهل بخطابه بخلافه على الموضوعية والاستحباب النفسي فانه لابد من رفع اليد عن اقتضاء المصلحة للإرادة بجميع مباديها حتى المحبوبية نظرا إلى مضادة الاشتياق الذي هو من مبادي الارادة الواقعية في مرتبة الشك مع الاشتياق بخلافه في هذه المرتبة وبهذه الجهة رجحن الطريقية على الموضوعية في اوامر الطرق بلحاظ عدم اقتضاء الطريقية في ظرف المخالفة للواقع الا رفع اليد عن فعلية الارادة في ظرف الشك لا عن مباديها من الاشتياق والمحبوبية لعدم التنافي بين محبوبية الواقع في هذه المرتبة وبين الترخيص على خلافه لمصلحة تقتضيه فعلى هذ صح لنا دعوى عدم استفادة الاستحباب المولوي النفسي من الاخبار الواردة في المقام حتى المشتمل منها على عنوان المشتبه.

المسألة الثانية في الشبهة الحكمية التحريمية  لأجل اجمال النص، وهو قد يكون من جهة اجمال ما يدل على الحكم اما ذاتا كما لو قلنا باشتراك الصيغة في النهى بين الحرمة والكراهة، واما من جهة وجود القرائن الحافة بالكلام المانعة عن ظهوره في الحرمة كما في النهى عقيب توهم الوجوب، وقد يكون من جهة المتعلق، سواء كان  لأجل الشك في المراد منه مع العلم بوضعه كما إذا شك في شمول الخمر للخمر غير المسكرة ولم يكن في البين اطلاق يؤخذ به، اما  لأجل الشك في نفس المفهوم من جهة الوضع مع العلم بكون المراد ما هو مدلول هذا اللفظ، كما في الغناء إذا قلنا بإجماله وتردده بين مطلق الصوت المطرب أو خصوص الصوت المطرب مع الترجيع، وكما في الفسق إذا قلن بإجماله وتردده بين خصوص المرتكب للكبائر أو ما يعم المرتكب للصغائر ثم ان التردد في المتعلق تارة يكون بين الاقل والاكثر كالأمثلة المزبورة واخرى يكون بين المتبائنين كما لو دل الدليل على حرمة اكرام زيد وتردد بين شخصين فهذه صور الاجمال في المسألة، ولكن الحكم فيما عدى الصورة الاخيرة هي  البراءة وذلك اما في صورة الاجمال في ناحية الدال على الحكم اما ذاتا واما من جهة احتفافه بما يصلح للقرينية فظاهر لكون الشك حينئذ في اصل التكليف التحريمي فيكون كصورة فقد النص فيجرى فيه جميع ما ذكرناه من الادلة الدالة على  البراءة عقليها ونقليه واما في صورة اجمال المتعلق كمثال الغناء أو اجمال المراد منه فكذلك من جهة انتفاء العلم بالتكليف في الزائد عن المقدار المعلوم من غير فرق في ذلك بين ان يكون تعلق النهى على نحو الطبيعة السارية أو على نحو صرف الوجود فانه في الجميع تجرى  البراءة في المشكوك ويحكم فيه بجواز الارتكاب (واما توهم) ان المطلوب في النهى بعد ان كان عبارة عن ترك صرف الطبيعي كان اللازم هو الاحتياط بترك المشكوك مقدمة لامتثال التكليف المعلوم في البين (فمدفوع) بان هذا الاشكال لو تم لكان ساريا في جميع موارد الاقل والاكثر الارتباطيين ولا يكون له اختصاص بالمقام وسيجئ دفعه بما لا مزيد عليه انشاء الله تعالى وحينئذ يكون الحكم في جميع صور اجمال النص هي  البراءة الا في فرض اجمال المتعلق وتردده بين المتبائنين، فان المرجع فيه هي قاعدة الاحتياط للعلم الاجمالي بحرمة اكرام احد الشخصين (المسألة الثالثة) ما لو اشتبه الحكم الشرعي من جهة تعارض النصين كما لو قام نص على حرمة شيء وقام نص آخر على عدم حرمته والحكم فيها ايضا كما في صورة فقدان النص هي البراءة (فان) المناط فيها انما هو فقد الحجة على التكليف فلا يفرق فيها بين ان لا يكون في المسألة نص اصلا أو كان ولكنه سقط عن الحجية بالمعارضة (وقد يستدل) على الاحتياط بما في غوالي اللئالي من مرفوعة العلامة إلى زرارة عن ابي جعفر (عليه السلام ) من قوله بعد ذكر المرجحات وفرض الراوي تساوي الخبرين في جميع ما ذكره الامام (عليه السلام ) من المرجحات فخذ الحائطة لدينك واترك ما خالف الاحتياط (ولكن فيه) بعد الغض عن ضعف الرواية ان الاحتياط حينئذ يكون مرجح للخبر الموافق له لا مرجعا، فيخرج عن مفروض الكلام (فان) مفروض الكلام في المقام انما هو صورة فقد الحجة الشرعية على التكليف وهذا انما يكون إذا لم يكن في البين ما يقتضى ترجيح احد الخبرين ولو كان هي قاعدة الاحتياط بناء على القول به كما تقتضيه المرفوعة (والا) فمع وجود المرجح يخرج عن مفروض البحث (نعم) يتحد ذلك بحسب النتيجة مع القول بمرجعية الاحتياط، ولكنه لا من جهة انه مورد فقدان الحجة الشرعية على التكليف، بل من جهة كونه مورد قيام الحجة الشرعية على التكليف (وبما ذكرنا) ظهرانه لابد من فرض الكلام في المسألة براءة واشتغالا على القول بالتساقط في الخبرين المتعارضين (والا) فعلى القول بالتخيير في المتعارضين من الاخبار تخرج المسألة عن مفروض البحث بين الفريقين (ولكن) حيث ان الحكم في المتعارضين من الاخبار بمقتضى الاخبار العلاجية يكون هو التخيير اما مطلقا كما هو التحقيق أو في صورة فقد المرجحات المنصوصة أو صورة تكافئهما في الجميع لا التساقط كان الحرى عدم ادخال هذه المسألة في مسألة البراءة نظرا إلى العلم بوجود حجة معتبرة في البين على التكليف وهو احد الخبرين اما على التعيين أو على التخيير (نعم) يدخل في المسألة تعارض الآيتين وتعارض الاجماعين المنقولين بناء على عدم الحاقهما بالخبرين المتعارضين في الترجيح والتخيير المسألة الرابعة ما لو اشتبه الحكم الشرعي في الواقعة الجزئية  لأجل الاشتباه في الامور الخارجية كالشك في كون المائع الخاص خمرا أو خلا ولا اشكال ولا خلاف حتى من الاخبارين في ان مقتضى الاصل فيه الاباحة، ويدل عليه مضافا إلى الاجماع الادلة المتقدمة من الكتاب والسنة والعقل، بل ظاهر بعضها هو الاختصاص بهذه المسألة كرواية مسعدة بن صدقه وغيرها.




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.