المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


حدود الرقابة القضائية على السبب في قرارات الضبط الاداري  
  
5671   04:44 مساءاً   التاريخ: 12-6-2016
المؤلف : احمد عبد العزيز سعيد الشيباني
الكتاب أو المصدر : مسؤولية الادارة عن اعمال الضبط الاداري في الضرف العادية
الجزء والصفحة : ص198-231.
القسم : القانون / القانون العام / القانون الاداري و القضاء الاداري / القضاء الاداري /

نعني بأسباب قرارات الضبط الاداري تلك الوقائع التي أدت إليها والتي تمتاز بعدة جوانب متفاوتة يلزم توافرها للقول بصحتها فيجب ان تكون تلك الوقائع صحيحة شكلا وقانونا ، أي ان يكون تكييفها القانوني سليما وصحيحا من حيث تقدير قيمتها وخطورتها وتناسبها مع الإجراء المتخذ(1) . وبما ان رقابة القضاء الاداري في كل من فرنسا ومصر واليمن لأسباب القرارات الضبطية ليست على درجة واحدة بل تتراوح بين الضعف والقوة ، فسنعرض في هذا الفرع لدرجات الرقابة التالية للوقائع على أسباب قرارات الضبط الاداري في الاتي:

أولا: رقابة القضاء الاداري على الوجود المادي للوقائع

تأتي هذه الرقابة من قبل القضاء الإداري لتأكيد صحة الوقائع المبررة لقرار الضبط المتخذ، فأذا ثبت عكس ذلك فإنه يلغي القرار ويستوي في ذلك أن تكون الإدارة حسنة النية باعتقادها خطأ لقيام الوقائع التي تدعيها أو كانت عالمة بانعدام هذه الوقائع(2). فمن خلال القضاء الاداري نجد أنه في هذا النوع من الرقابة يفحص القاضي ظروف الوقائع التي تستند اليها سلطة الضبط كسبب لقرارها ومدى وجودها الفعلي فإذا ثبت أن الإدارة قد استندت في تبرير قرارها الى وقائع غير صحيحة من الناحية المادية اعتقدت خطأ بقيام الوقائع التي تدعيها فلا شك أنه يستوي في ذلك أن تكون الإدارة حسنة فيما كانت عالمة بانعدام هذه الوقائع ففي الحالتين يلغى القرار استنادا للوقائع الغير صحيحة ويخرج من هذا الإطار استثناء وحيد يتعلق بتدابير الأمن العليا التي تتخذ من مقتضى قوانين لها طابع استثنائي كقرارات سلطة الضبط الخاصة بالطرد وحظر الإقامة والأبعاد التي تتطلب تقوية السلطات العادية لسلطة الضبط وتستهدف بوجه عام منح تلك السلطة حق اتخاذ الإجراءات المقيدة ورفض مراقبة الوقائع التي أدت بسلطة الضبط الى اتخاذها، ويعد ذلك محل انتقاد شديد من جانب الفقه الذي يرى في مراقبة الوجود المادي للوقائع حدا أدنى من الرقابة، لأنه يعتبر مطلبا منطقيا للشرعية وليس عنصر تقدير(3). ونعرض لرقابة القضاء الإداري في كل من فرنسا ومصر ورقابة القضاء في اليمن على النحو التالي:-

1.موقف مجلس الدولة الفرنسي

كان مجلس الدولة الفرنسي يرفض حتى بداية العقد الاول من القرن العشرين اجراء أية رقابة على الاسباب او الوقائع التي تذرعت بها الادارة كسند لقراراتها الادارية بصفة عامة(4) حتى كان يمكن القول ان هذه الاسباب او الوقائع لا يمكن مناقشتها أمامه بالطريق القضائي ، إلا ان مجلس الدولة الفرنسي قد عدل عن قضائه السابق منذ عام 1907 (5) وبسط رقابته على هذه الاسباب او تلك الوقائع واستقر على وجوب الغاء القرار الاداري-بصرف النظر عن موضوعة اذا ثبت ان الادارة قد استندت في تبرير قرارها الى وقائع غير صحيحة من الناحية المادية ، واستثنى المجلس قرارات الضبط الاداري المتخذة تطبيقا لنصوص القوانين الاستثنائية او قوانين الاستعجال والضرورة حيث كان المجلس في هذه الحالة يشترط ان تكون الادارة قد استندت في إصدارها الى وقائع تكفي مع افتراض صحتها لتبرير هذه الاجراءات دون ان يقوم بالتحقق من الوجود الفعلي  لهذه الوقائع ، وقد كان هذا القضاء محل نقد شديد من جانب الفقه حيث ان الوجود المادي للوقائع لا يمكن ان يكون عنصرا تقديريا ويمثل الحد الأدنى من الرقابة على مشروعية هذه القرارات(6) .ونظرا لهذه الانتقادات الشديدة من جانب الفقه عدل المجلس عن موقفه من هذه الإستثناءات عام 1959 حيث اخذ برأي مفوض الدولة Grange وألغى القرار الصادر من هيئات الضبط في الجزائر بتجديد إقامة احد المحاميين استنادا الى المرسوم بقانون الصادر في 16 مارس 1956 ، حيث لم يثبت ان القرار الصادر يستند الى وقائع مادية صحيحة يستند إليها(7) . وبذلك يكون مجلس الدولة الفرنسي قد اخضع جميع قرارات الضبط الاداري لرقابة الوجود المادي للوقائع بصورة مطلقة لا ترد عليها أية استثناءات(8) .

2.موقف مجلس الدولة المصري

اذا كانت الرقابة على ماديات الوقائع التي تدعيها الادارة لقراراتها قد ظهرت في قضاء مجلس الدولة الفرنسي بعد نشأته بمائة وسبعة أعوام تقريبا ، فان مجلس الدولة  المصري منذ نشأته فرض رقابته على الوجود المادي للوقائع المبررة لصدور كل قرار ضبطي، وذلك حتى بالنسبة لإجراء الضبط المتخذة في ظل الاحكام العرفية(9) حيث فرضت محكمة القضاء الاداري منذ نشأتها رقابتها على الوجود المادي للوقائع التي تستند إليها الادارة لقراراتها الضبطية وذلك على النحو التالي:

أولاً : قرارات الضبط الاداري المتعلقة بالترخيص للمواطنين بالسفر الى الخارج

استقرت احكام محكمة القضاء الاداري منذ نشأتها على ضرورة ان تقوم قرارات الضبط الاداري المتعلقة برفض الترخيص بسفر المواطنين للخارج على أسباب صحيحة ، وقد عبرت المحكمة عن إرادتها بوضوح في حكمها الصادر في 17 مايو 1960 (10) . حيث جاء في حيثيات هذا الحكم الاتي : ( سلطة الادارة في تقييد حرية المواطنين في السفر مقيدة بقيام أسباب في طالب السفر بخطورته على الامن العام وسلامة الدولة في الداخل والخارج ، وان تستند هذه الاسباب طبقا لما استقر عليه قضاء تلك المحكمة الى أصول ثابتة في الأوراق تؤيدها وتوصل إليها للتأكد من قيام القرار على سببه الصحيح ) واذا كان هذا هو القضاء المستقر لمحكمة القضاء الاداري منذ نشأتها فان الوضع اختلف لقضاء المحكمة الادارية العليا حيث جرت في بداية نشأتها على رفض التحقق من الوجود المادي للوقائع التي يقوم عليها قرار منع السفر ، حيث جاء في حيثيات احد هذه الاحكام(11) الاتي : (ان القرار المطعون فيه قد قام على أمور معينة منسوبة الى الطالب لو صحت لبررت النتيجة التي انتهى إليها القرارفانه لا ترتيب على الحكومة اذا كانت قد اطمأنت الى صدق تقارير موظفيها المسؤولين) وفي ضوء التطور في السياسة القضائية للمحكمة الادارية العليا اتجهت المحكمة الى فرض رقابتها على الوجود المادي للوقائع التي تتذرع بها الادارة في قرارات المنع من السفر ، وقد أفصحت عن ذلك بوضوح في حكمها الصادر في 27 فبراير 1982 الذي قررت فيه ان حرية التنقل من مكان الى اخر ومن وجهة الى أخرى والسفر خارج البلاد ، مبدأ أصيل للمواطن وحق دستوري مقرر له ، لا يجوز المساس به دون مسوغ ولا الانتقاص منه بغير مقتضى ولا تقييده إلا لصالح المجتمع وحمايته وفي حدود التشريعات المنظمة لهذا الحق ، وقد جاء في حيثيات هذا الحكم الاتي(12) : (وليس من شك في ان هذه السلطة ليست مطلقة بل تخضع لرقابة القضاء للتثبت من ان استخدامها إنما قصد به تحقيق وجه المصلحة العامة ، وان الاسباب المبررة للقرار لا تنأى عن هذه الرقابة للتحقق من مدى مطابقتها للقانون واثر ذلك في النتيجة التي انتهى إليها القرار وما اذا كانت هذه النتيجة مستخلصة استخلاصا سائغا من أصول تنتجها ماديا وقانونيا..).

ثانياً : قرارات الضبط الاداري المتعلقة بإبعاد الأجانب او الترخيص لهم بالإقامة(13)

تعرضت محكمة القضاء الاداري منذ إنشائها لمدى حق الأجانب في الإقامة بالبلاد ، وراقبت القرارات الصادرة بعدم تجديد إقامتهم ، وانتهت الى عدم مشروعية هذه القرارات اذا كانت مشوبة بعيب إساءة استعمال السـلطة او كـانت غير محمولة على أسباب تبررها(14) ، ففي احد حيثيات تلك الاحكام(15) قضت بالآتي : (الادارة حرة في تقدير ملاءمة اصدار قرار الإبعاد بناء على ما تجمع لديها من تحريات وأسباب وما يقوم حول الأجنبي من شبهات ، ولاسيما متى تبين لها ان في بقاء الأجنبي على ارض الدولة ما يمس كيانها وسلامتها ، إلا ان قراراتها في هذا الشأن تخضع لرقابة محكمة القضاء الاداري فلها ان تفحصها اذا ما طعن فيها صاحب الشأن وتفحص الاسباب التي بنيت عليها لتستبين مدى مطابقتها للقانون) . اذا كان هذا هو موقف محكمة القضاء الاداري فان الامر يختلف بالنسبة للمحكمة الادارية العليا التي رفضت ممارسة أية رقابة على وجود الاسباب التي استندت إليها الادارة بما في ذلك الوجود المادي للوقائع، وقد أصدرت المحكمة مجموعة من الاحكام تردد تلك المبادئ كما يلي : ففي حالة الإقامة العارضة والمؤقتة الغت المحكمة حكم محكمة القضاء الاداري الذي تطلب لإبعاد الأجنبي ذي الإقامة العارضة وجود مبرر قوي لإبعاده تتحقق منه المحكمة ، وقضت بالآتي: (الإقامة العارضة لا تعدو ان تكون صلة وقتية عابرة لا تقوم إلا على مجرد التسامح ترخص الإدارة في تقدير ذلك بسلطة مطلقة في حدود ما تراه متفقا مع الصالح العام..)(16). وقد طبقت المحكمة الادارية العليا  القضاء نفسه على الإقامة المؤقتة ففي تعقيبها على حكم محكمة القضاء الاداري(17) قضت(18) بالآتي: ( الترخيص او عدم الترخيص للأجنبي بالإقامة ، ومد او عدم  مد اقامته بعد ذلك هو على مقتضى المادة (9) من المرسوم بقانون رقم 74 لسنة 1952 ، من المسائل التي تترخص الادارة في تقديرها بسلطة مطلقة ، في حدود ما تراه متفقا مع الصالح العام وليست سلطتها في هذا مقيدة بقيود او آثار قانونية فرضها القانون مقدما ، ومرد ذلك ان الدولة بحكم ما لها من سيادة إقليمية تتمتع بسلطة عامة وكاملة في تقدير مناسبات إقامة الأجنبي في أراضيها ، ولا تلتزم قانونا لا بالسماح له بالدخول فيها ولا بمد اقامته بها ، إلا اذا كانت تشريعاتها ترتب له حقا من هذا القبيل بحسب الاوضاع والشروط التي تقررها ، فان لم يوجد ، وجب عليه مغادرة البلاد مهما تكن الأعذار او الذرائع التي يتعلل بها بل حتى ولو لم يكن به سبب يدل على خطورته على الامن والاداب). وفي حالة الإقامة الخاصة او العادية استقر قضاء المحكمة الادارية العليا على اتباع  القضاء السابق نفسه بإلغاء حكم محكمة القضاء الاداري والذي قضى بإلغاء قرار بإبعاد اجنبي خلال المدة المرخص له فيها بالإقامة الخاصة ، لما تبين لها عدم كفاية تحريات المباحث التي صدر القرار على أساسها باعتبارها وكما جاء في حيثيات الحكم لا تعدو ان تكون عبارات مرصوصة لا تشعر بجديتها ولا تصلح سببا للإبعاد ، وقد جاء في حيثيات حكم المحكمة الادارية العليا(19)  الاتي : (الإدارة حرة في تقدير ملاءمة إصدار قرار الأبعاد ، بناء على ما تجمع لديها من تحريات وما قام حول الأجنبي من شبهات ، مادامت هي قد اطمأنت إليها وقدرت ما عساه يخشى من خطورة نشاطه على أمن الدولة وسلامتها واقتصادها القومي والصحة العامة والآداب العامة.).

ثالثا : بالنسبة لقرارات الضبط الإداري المتعلقة بإسقاط الجنسية

تعرضت محكمة القضاء الاداري لقرارات الضبط الاداري الخاصة بإسقاط الجنسية وفرضت رقابتها على الوجود المادي للوقائع التي تستند إليها الادارة في إصدارها لتلك القرارات ، فقضت في حكم لها(20) في 30/6/1959 بالآتي: (القرار المطعون فيه قد خلا من الاسباب أي الوقائع المعينة التي تثبت قيام الصلة الروحية والمادية بين المطعون ضدها وبين إسرائيل حتى تصبح في نظر القانون صهيونية ، ومن ثم يكون القرار باطلا لمخالفته للقانون) واذا كان هذا هو القضاء المستقر لقضاء محكمة القضاء الاداري منذ نشأتها فان قضاء المحكمة الادارية العليا في بداية نشأتها لم يكن على المنوال نفسه ، حيث اتجهت المحكمة الى عدم فرض رقابتها على الوجود المادي للوقائع التي تتذرع بها الادارة في هذا الشأن ، وقد جاء في تعقيبها(21) على الحكم السابق لمحكمة القضاء الاداري بالآتي:  (يكفي ان يقوم السبب المبرر لإسقاط الجنسية وان يطمئن أولو الامر الى قيامه).إلا ان القضاء اللاحق للمحكمة الادارية العليا على دستور 1971 استقر على إخضاع قرارات الضبط المتعلقة بإسقاط الجنسية لرقابة الوجود المادي للوقائع ، حيث قضت في احد أحكامها(22) بإلغاء قرار رئيس الجمهورية بإسقاط الجنسية المصرية عن المدعي لفساد سببه وقيامه على وقائع غير صحيحة. من عرض القضاء السابق لمجلس الدولة المصري يتضح انه قد اخضع جميع قرارات الضبط الاداري لرقابة الوجود المادي للوقائع التي تتذرع بها الادارة لتلك القرارات ، ولم يستثن منها سوى قرارات الضبط الاداري المتعلقة بالأجانب (الترخيص او عدم الترخيص لهم بالإقامة او إبعادهم او بممارسة نشاطهم داخل البلاد).

3.موقف القضاء اليمني

تتم الرقابة على الوقائع المادية عن طريق المحاكم الابتدائية والاستئنافية والعليا في اليمن خاصة فيما يتعلق بقرارات الضبط الاداري والإجراءات المتخذة حيالها، تحقيقا لحماية حريات الافراد وحقوقهم وهذه الرقابة تتجه نحو التحقق من الوقائع المبررة لتدخل سلطات الضبط الاداري والتي يجب ان تكون أفعالا حقيقية يثبت ارتكاب الشخص لها ففي هذا المجال قررت المحكمة الاستئنافية في محافظة تعز عدم اللجوء الى التشدد في الاجراءات ما لم تكن هناك ضرورة تستدعي ذلك فقد عدت استدعاء أب الى مركز الشرطة وحجزه لفترة وجيزة للاستفسار منه عن ولده المتهم في قضية تزييف العملة اجراء غير مقبول في حين ان سلطة الضبط في المركز وجدت في ذلك الإجراء ضرورة نتج عنه عدول المتهم عن قراره بالهرب وعدم تمكنه وهو بمركز الشرطة من الاتصال بشقيقه المتهم الثاني والمنفذ لعملية التزييف(23) .

ثانيا : رقابة القضاء الاداري على التكييف القانوني للوقائع

تعد عملية التكييف القانوني للوقائع مسألة وقائع لا مسألة قانون لذلك لم يكن من الجائز إخضاعها بهذه المثابة لرقابة قاضي تجاوز السلطة، إلا انه في الوقت  الحاضر تعد عملية التكييف القانوني للوقائع عملا قانونيا او مسألة قانون تكون تفسيرا له وذلك بفرض التوصل الى إمكانية تطبيقه على الواقعة، وان عملية التكييف التي تقوم بها الادارة اصبحت خاضعة كقاعدة عامة لرقابة القضاء، وتدعو الحاجة الى التكييف القانوني للوقائع عندما يحدد القانون بصفة عامة وصفا معينا في الوقائع التي يجب ان تستند عليها الادارة في اصدار قرارها، ويجب ان تكون تلك الوقائع متفقه مع الوصف الذي أراده لها الشارع والا لما استطاعت ان تكون دفاعا مشروعا(24). فهي عملية إعطاء الواقعة الثابتة لدى رجل الادارة اسما او عنوانا يحدد موضعها داخل نطاق قاعدة القانون التي يراد تطبيقها أي إرجاع حالة من الواقع الى إطار فكرة قانونية، ولان غاية سلطة الضبط الاداري هي المحافظة على النظام العام، فان القضاء الاداري في كل من فرنسا ومصر والقضاء اليمني يقومون بممارسة الرقابة للتحقق من ان الظروف التي دفعت الادارة الى اصدار قراراتها الضبطية يتوافر فيها وصف الإخلال او التهديد بالإخلال بالنظام العام فليست مادية الوقائع هنا موضع خلاف، لأنها وجدت فعلا إلا ان القاضي هنا يتحقق من معرفة ما اذا كانت الوقائع مما يطالب بها المشرع لإضفاء الشرعية على تدخل سلطة الضبط الاداري، ومعرفة ما اذا كانت تتدرج ضمن الطائفة التي يستلزمها القانون لممارسة سلطات الضبط فهو بذلك يتحقق من صحة الوصف القانوني الذي أضفته سلطات الضبط على الوقائع التي تقدمها كسبب لقراراتها الضبطية وذلك للتأكد من ان هذه الوقائع قد استوفت الشروط القانونية التي تجعلها مبررة للقرارات الضبطية المتخذة فأن توافر هذا الوصف القانوني في حالة معينة يعد القصد الذي أراد المشرع تحقيقه بإضفاء حمايته على النظام العام وليس عن تقدير ذاتي او شخصي(25). ونحن بدورنا سنتناول رقابة التكييف القانوني على الوقائع في قرارات الضبط الإداري من خلال مسلك كل من القضاء الإداري الفرنسي والمصري وكذلك القضاء اليمني على النحو التالي:

1. موقف مجلس الدولة الفرنسي

استقر مجلس الدولة الفرنسي منذ حكمه الشهير في قضية Gomel بالرقابة على التكييف القانوني للوقائع التي استندت إليها الادارة كقاعدة عامة، وقد تواترت الاحكام بعد ذلك لتشمل غالبية المجالات بما فيها الضبط الاداري حيث اخضع المجلس قرارات الضبط الاداري لرقابة التكييف القانوني حيث يفحص المجلس استنادها الى وقائع تصلح قانونا لتبريرها، بان يكون من شأنها الإخلال بالنظام العام او التهديد بالإخلال به، فاذا توافر في الوقائع هذا الوصف القانوني فان المجلس يقرر ان الوقائع تصلح قانونا لتبرير قرار الضبط الاداري(26).وكان هذا النوع من الرقابة واضحا في مجال التعبير عن الرأي بوسائل النشر من صحف ومجلات وكذلك مجال السينما، وخاصة الرقابة على الجوانب الأخلاقية في هذه الاعمال. ومن الأمثلة على ذلك من قضاء مجلس الدولة الفرنسيففي مجال وسائل النشر من صحف ومجلات تصدى المجلس لتحديد مدلول وصف الإباحية الذي يبرر لوزير الداخلية حظر بيع الجرائد والمجلات التي تتصف بهذه الصفة، حيث تجيز نصوص القانون الصادر في 16يوليو1949 لوزير الداخلية ان يمنع بيع الجرائد والمجلات والإعلان عنها للأشخاص الذين تقل أعمارهم عن18سنة وذلك في حالة ثبوت إباحية هذه الجرائد والمجلات، لذلك فان المجلس يقوم في كل حالة يمارس فيها الوزير هذه السلطة ببحث مدى توافر صفة الإباحية في هذه الجرائد، ومن تطبيقات هذا القضاء حكم Thibault في سنة1956حيث اقر المجلس مسلك الادارة بمنع عرض وبيع أحدى المجلات بناء على توافر صفة الإباحية، حيث ثبت للمجلس انطباق وصف الاباحية على المواد التي تنشرها هذه المجلة، وخاصة في معالجتها لمسائل العلاقات الجنسية(27). وفي مجال التعبير عن الرأي بالوسائل المرئية اتبع المجلس نفس القضاء السابق بالنسبة للتأكد من ان وصف العرض المرئي الذي خلعته الادارة لمنع عرضه يتسم فعلا بالخروج على القيم الخلقية التي تهدد النظام العام داخل البلدة او المدينة المراد عرضه بها(28). غير ان المجلس استثناء من قاعدة خضوع قرارات الضبط الاداري لرقابة التكييف القانوني استثنى بعض مجالات الضبط الاداري من هذه الرقابة مكتفيا بالرقابة على الوجود المادي للوقائع ، تاركا للادارة حرية اجراء عملية التكييف القانوني للوقائع دون ان يفرض رقابته عليها. ويمكن حصر هذه الاستثناءات في ثلاثة انواع من القرارات:

النوع الاول : وتتمثل في تدابير الضبط العليا وهي عبارة عن قرارات الضبط الاداري المتخذة تطبيقا لنصوص القوانين الاستثنائية او قوانين الاستعجال والضرورة والتي أخضعها المجلس لرقابة الوجود المادي منذ عام 1959 ، إلا انه ترك لسلطات الضبط حرية التكييف  القانوني للوقائع الموجودة(29) .

النوع الثاني : وتشمل قرارات الضبط الاداري الأقل استثنائية من تدابير الضبط العليا ، وهذا النوع يشمل نوعين من القرارات : الاول قرارات الضبط العام ، والثاني قرارات الضبط الخاص. وذلك وفقا لما يأتي:

أولاً : في الضبط العام : وهنا نجد أكثر الحالات التي قرر فيها مجلس الدولة الفرنسي عدم رقابة تكييف الوقائع تاركا للادارة في هذا الخصوص قدرا واسعا من حرية التصرف ، وتشمل مجالين تقليدين:

-الضبط في مادة الأجانب : ففي خصوص دخول الأجانب الى البلاد او إقامتهم فيها يرفض المجلس بسط رقابته على التكييف القانوني للوقائع التي تتذرع بها الادارة ، حيث تقتصر الرقابة على التحقق من الوجود المادي للأسباب ويرفض المجلس مراجعة الادارة في تكييفها للوقائع المنسوبة الى الرعايا الأجانب المراد إبعادهم عن البلاد بأنها تهدد النظام العام بعبارة ان القرارات الصادرة من وزير الداخلية في هذا الصدد بنيت على وقائع تتعلق بالأمن العام وان هذه الوقائع لا يجوز مناقشتها امام مجلس الدولة الفرنسي(30) ،والامر نفسه بالنسبة لمنع دخول الأجانب فرنسا وتجديد إقامتهم(31) . وفي خصوص الجمعيات الأجنبية التي تباشر نشاطها بفرنسا اتبع المجلس السياسة القضائية السابقة نفسها وامتنع عن فرض رقابته على التكييف القانوني لقرارات الادارة في هذا الشأن ، حيث يرفض التحقق من صحة وصف الادارة لنشاط الجمعيات الأجنبية بانه يهدد الامن القومي مما يبرر سحب الترخيص لها(32) .وقد اتبع المجلس الموقف نفسه في تدابير المنع المتعلقة بدخول وتوزيع الجرائد والمجلات الأجنبية على الاقليم الوطني ، اذ يرفض المجلس التحقق من صحة وصف الادارة للأفكار المنشورة بالمجلة بأنها تمثل تهديدا للنظام العام(33) .

-الضبط المتعلق بالوطنيين : اتبع المجلس القضاء السابق نفسه بالنسبة لطائفة من قرارات الضبط المتعلقة بالوطنيين ، حيث امتنع المجلس عن فرض رقابته على الوصف القانوني الذي تدعيه الادارة على الوقائع التي تتذرع بها لهذه القرارات ، حيث جاء في حيثيات احد احكامه الاتي : (للادارة في شأن طلب استخراج وثيقة السفر لمغادرة فرنسا ان تقدر ان خروج الطالب له طبيعة خطرة على أمن الدولة وسلامتها وترفض اصدار الوثيقة)(34) . وقد طبق المجلس نفس الشيء بالنسبة لشهادة حسن السير والسلوك لاستيفاء أوراق استخراج وثيقة السفر(35) .

ثانيا : في الضبط الخاص : ويشمل القرارات التي تتسم بطابع فني معقد ، حيث اقر المجلس بان اختصاصه كرجل قانون يجب ان ينحصر فقط في بحث ودراسة المسائل القانونية او تلك التي تثير منازعات قانونية ، وهذا الاعتقاد جعله يمتنع في الواقع عن التصدي لبحث دراسة المجالات ذات الطبيعة العلمية او الفنية والتي تتطلب للوقوف على حقيقتها ضرورة الاستعانة برأي المختصين من أهل الخبرة او العلم في تلك المجالات ، لهذا فقد فضل ان يترك أمر تقديرها او تكيفها للادارة ذاتها صاحبة الاختصاص الأصيل في هذا الشأن، خاصة ان لديها من الإمكانيات الفنية والعلمية ما يجعلها اقدر منه في ذلك(36) . ولهذا رفض المجلس التحقق من صحة وصف محلول طبي معين بانه سام وما ترتبه الادارة على ذلك من حظر بيعه للجمهور(37) ، ويقرر المجلس في تقدير المسألة الفنية بالآتي(38) : (ان الحظر أصدره الوزير يناء على تقرير لجنة فنية من اجل الصحة العامة ، وليس من طبيعة تقبل المناقشة امام مجلس الدولة بموجب اختصاصه). وقد عمم المجلس هذا القضاء على الترخيص ببيع المنتجات الطبية على وجه العموم ونظائرها(39) ،والموقف نفسه لتصاريح الصيدليات(40) . ويتفق الفقه على ان مسلك القضاء في الامتناع عن رقابة التكييف في الحالات السابقة لا يجد تفسيره في أية اعتبارات قانونية ، وانما تقف وراءه اعتبارات عملية تتمثل في ان المصلحة العليا للدولة تقتضي ان يترك للادارة سلطة واسعة في التقدير بصدد تنظيم إقامة ونشاط الأجانب في فرنسا(41) ،واقتنع المجلس بان الادارة لديها من الإمكانيات العلمية والفنية تجعلها الاقدر على التكييف القانوني للوقائع التي تتصف بالطابع العلمي او الفني(42) . هذا وقد استحدث مجلس الدولة الفرنسي نظرية الخطأ البين على هذه الاستثناءات ليفرض رقابته على ان تقدير الادارة لم يشبه خطأ واضح وطبق هذه النظرية في مجال الضبط في العديد من احكامه ، ومن احكامه في هذا الشأن رفضه الغاء قرار مدير البوليس برفض منح تأشيرة إقامـة للسيدة  Olmos  لحصـولها على تأشيرة دخـول سياحية وانتهاء مدة إقامتها بفرنسا حيث لم يكن هناك خطأ بين في تقدير الادارة(43) .

2. موقف مجلس الدولة المصري

استقر قضاء مجلس الدولة المصري منذ نشأته على فرض رقابته للتحقق من سلامة التكييف القانوني الذي أنزلته الادارة على الوقائع ، وذلك على أساس ان كل قرار اداري يجب ان يقوم على سبب يبرر إصداره ويدفع الجهة الادارية الى التدخل ، وهذا الشرط اكثر لزوما للقرارات التي تمس الحريات الشخصية ويمثل ركن السبب فيها ان يكون حقيقيا لا وهميا ولا صوريا وصحيحا ومستخلصا استخلاصا صائغا من أصول ثابتة ومنتجة وقانونيا بان تتحقق فيه الشروط والصفات الواجب توافرها قانونا(44) . لهذا فان المجلس يفحص التكييف القانوني للوقائع التي تدعيها الادارة لتبرير قرارات الضبط الاداري للتحقق من انها تصلح قانونا لتبرير القرار ، بان يكون من شأنها الإخلال بالنظام العام او التهديد بالإخلال به ، بوصف أن هذا هو صحة وسلامة التكييف القانوني لهذه الوقائع في مجال الضبط الاداري. واستثناء من القاعدة العامة السابقة فان مجلس الدولة المصري يمتنع عن القيام برقابة التكييف القانوني للوقائع ويكتفي بالرقابة على الوجود الـمادي للوقائع وذلك في الحالات الآتية(45) :

الحالة الاولى : قرارات الضبط الاداري المتعلقة بإبعاد الأجانب او التصريح لهم بالإقامة

اذا كانت محكمة القضاء الاداري في مراحلها الاولى لم يكن قضاء واضحا في هذا الشأن حيث قضت في بعض أحكامها برفض فرض أي رقابة قانونية على الاسباب التي اتخذتها لتبرير قرار الإبعاد للأجنبي(46) ،وفي قضاء اخر قامت برقابة التكييف القانوني لقرارات إبعاد الأجانب او الترخيص لهم بالإقامة(47) ،إلا ان هذا الازدواج في الموقف القضائي لم يدم طويلا حيث استقرت أحكام مجلس الدولة المصري بعد إنشاء المحكمة الادارية العليا على رفض اجراء اية رقابة على الاسباب في هذه الطائفة من اعمال الضبط سواء في وجودها المادي او القانوني. وتبرر المحكمة الادارية العليا هذا الاتجاه بقولها في حيثيات احد أحكامها : (..ان الأصل في إقامة الأجنبي بإقليم الدولة ، وفي حق الدولة في إبعاده ، هو ان الدولة اذا ما سمحت للأجنبي بالدخول الى إقليمها فانه لا يترتب على ذلك نشوء حق دائم لهذا الأجنبي في الاستقرار بإقليمها .. وان كان من حق الأجنبي ان يتمتع خلال المدة المصرح له بها بالإقامة والتنقل .غير ان هذا الحق يرد عليه قيد اساسي مستمد من حق الدولة في البقاء والمحافظة على كيانها ، وهذا الحق الأصيل كافي وحده لتخويل الدولة سلطة إبعاد كل اجنبي يهدد سلامتها وذلك على الرغم من عدم انقضاء مدة الإقامة المصرح بها)(48) .

الحالة الثانية : قرارات الضبط ذات الطابع العلمي او الفني الخاص

استثنى مجلس الدولة المصري القرارات التي تتميز بطابعها العلمي او الفني الخاص من الرقابة على الوصف القانوني الذي تدعيه الادارة للوقائع التي تدعيها لقراراتها ، إلا انه لم يلتزم هذا النهج على إطلاقه ، حيث يخضع تقدير هذه الأمور العملية او الفنية لرقابته مستعينا في ذلك برأي أهل الخبرة او العلم في مجال تلك القرارات اذا تعلقت بتدبير ضبط مقيدة للحرية ومن هذا القبيل قرار حجز مصابا بمرض عقل ، وفي هذا قضت المحكمة الادارية العليا في احد أحكامها(49) حيث جاء في حيثيات هذا الحكم الاتي : (اذا كانت سلطة مراقبة الامراض العقلية في تقدير ما اذا كان الشخص مصابا بمرض عقلي ام لا ، هي في الأصل سلطة تقديرية باعتبارها من الأمور الفنية ذات التقدير الموضوعي ، بحيث ما كان يجوز التعقيب عليها إلا عند إساءة استعمال السلطة ، إلا لما كان الامر يتعلق بالحرية الشخصية فمن ثم يجوز للقضاء الاداري اتخاذ ما يلزم للتحقق من قيام هذه الحالة المرضية او عدم قيامها ، وله في هذا الصدد ان يندب من يراهم من أهل الخبرة اذا قام  لديه من الشواهد ما يبرر ذلك).

الحالة الثالثة : قرارات الضبط الخاصة بحمل الأسلحة او الاتجار فيها

يرفض مجلس الدولة المصري خضوع مثل هذه القرارات لرقابة تكييف الوقائع التي استندت إليها الادارة لرفض الترخيص او سحبه او لإلغائه ، حيث يكتفي بمجرد الرقابة على صحة الوجود المادي للوقائع التي ادعتها الادارة في هذه الحالات(50) .

3.موقف القضاء اليمني

لا يوجد لدى الجمهورية اليمنية قضاء اداري مستقل ولا ازدواج في القضاء فهي تأخذ بأسلوب وحدة القضاء. حيث اقر لنفسه الحق في رقابة تكييف الوقائع التي استندت إليها الادارة وعمم نطاق تطبيق هذا القضاء ليشمل غالبية المجالات وفي مجال الضبط الاداري ، فالقاضي وقد تجاوز مرحلة رقابة الوجود المادي للوقائع يقوم ببحث ما اذا كانت تلك الوقائع من شأنها ان تبرر قانونا تدخل سلطة الضبط عما اذا كانت تلك الوقائع تشكل اضطرابا او تهديدا باضطراب النظام العام. وتتسم المسائل التي تغطيها تلك الرقابة في الواقع الأشكال الخاصة متعددة نتيجة  تعقد مفهوم النظام العام في وقتنا الحاضر ، والذي يتيح العديد من الوقائع القابلة لان تكون سببا للتدخل بسلطة الضبط وبالتالي الظروف الواقعية التي يتجه القاضي لتقييمها من اجل البت في رقابة التكييف القانوني للوقائع تتمثل في أشكال مختلفة تماما حيث قررت المحكمة العليا للنقض في الدعوى(51) بخصوص امتناع وزارة الداخلية اليمنية عن منح الجنسية اليمنية لأحد الأشخاص بالرغم من حصوله على موافقة بذلك من رئيس الجمهورية بالآتي : ان صدور كتاب من رئيس الجمهورية بمنح شخص الجنسية لا يعفيه من اتباع الاجراءات التي نظمها القانون في هذا الشأن أساس ذلك حصوله وأفراد أسرته جوازات سفر مؤقتة لا يصلح دليلا على ثبوت الجنسية أساس ذلك لما كانت مسائل الجنسية وجوازات السفر قد نظمها القانون اليمني رقم 17 لسنة 1983. وقد أورد في مستهل مادته الاولى بان الجنسية تكتسب بحكم القانون او بالتجنس وفقا لأحكام المواد 2-13 من القانون نفسه الفئات لتي تندرج تحت كل حالة ، وحدد أوضاعها بصورة عامة ، واوجب طلبات الجنسية والتجنس الى وزير الداخلية وعلى ان جنسية الدولة تمنح بقرار جمهوري بناء على عرض وزير الداخلية وموافقة مجلس الوزراء ، وحيث ان البين من أوراق الدعوى وما فيها من مذكرات وغيره ، ان المدعي لم يتبع شيئا من الخطوات التي أوجبها القانون لطلب الحصول عليها وإنما اكتفى بهذا الصدد بالموافقة التي حصل عليها من رئيس الجمهورية في ظل سريان القانون الذي ينظم هذه الأمور تنظيما جامعا مانعا وتمسك المدعي بكتاب رئيس الجمهورية لا يعفيه من وجوب اتباع الاجراءات التي نظمها القانون بشأن الجنسية وجوازات السفر وذلك التزاما بما تقضي به القواعد الدستورية من سيادة القانون على ما دونه من القرارات والأوامر وسائر التصرفات الادارية الأخرى التي تدنوه مرتبة ومن ثم فقد كان لزاما على المدعي ان يتقدم بطلبه الى وزير الداخلية..) اما بخصوص إبعاد الأجانب وتقييد إقامتهم فلم يتمكن الباحث من الحصول على أية أحكام تتعلق بذلك في اليمن وأيضا المنع من السفر. ونود ان نشير الى انه لم تتأصل بعد مبادئ وأصول وأعراف القانون الاداري بشكل واضح وملموس ، فما يختص بالمنازعات الادارية التي تكون الدولة او إحدى وزاراتها او مرافقها العامة طرفا فيها تعقد في المحكمة العليا للنقض فضلا عن مباشرة المحاكم الابتدائية في اليمن البت في المنازعات او القضايا الادارية الأخرى.

ثالثا : رقابة القضاء الاداري على اهمية وخطورة السبب

يقتصر دور القاضي الاداري في دعوى الغاء القرارات الادارية بوجه عام على فحص مشروعية القرار الاداري دون التعرض لملاءمته ، حيث يقتصر دور القاضي الاداري على التأكد من صحة الوجود المادي للوقائع وصحة تكييفها القانوني دون التعـرض لملاءمة القرار الاداري ، أي لتناسب الـقرار الاداري مع اهمية الوقائع وخطورتها التي تدعيها الادارة لقراراتها حيث يتعرض لفحص شرعية القرار الاداري فقط(52) ، ذلك لان القاضي الاداري لو تعرض لفحص ملاءمة القرار الاداري بالتعرض لتناسب محل القرار مع اهمية سببه وخطورته فانه يكون قد مارس احد اختصاصات الادارة العاملة ويصبح بهذا الوصف رئيسا أعلى للادارة(53).

واذا كان الأصل العام في الرقابة القضائية على القرارات الادارية يتوقف عند حد الرقابة على الوجود المادي للوقائع وصحة تكييفها القانوني حيث يترك للادارة حرية تقدير اهمية الحالة والخطورة الناجمة عنها والتصرف الذي تتخذ حيلها، فان كل من مجلس الدولة الفرنسي ومجلس الدولة المصري وكذلك القضاء اليمني تقديرا منهم لأهمية الحفاظ على الحقوق والحريات العامة والتي قد تتعرض للتقييد من قرارات الضبط الاداري(54) اتجه الى فرض رقابتهم على ملاءمة تلك القرارات ، باعتبار ان هذه لقرارات تمس موضوع الحريات العامة فتخضع لفحص مدى التناسب بين اهمية الوقائع وخطورتها التي تمنح الادارة حق التدخل وبين الإجراء المتخذ. ولكن هل يصبح القاضي الاداري عند فحص ملاءمة قرار الضبط الاداري قاضي مشروعية ام قاضي ملاءمة ؟ باستعراض آراء غالبية الفقه في هذا الصدد وجدت انها تتفق على ان القاضي الاداري عندما يقوم بممارسة الرقابة على ملاءمة القرار الضبطي لا يتحول الى قاضي ملاءمة ، بل على العكس يظل قاضي مشروعية حيث تصبح الملاءمة شرطا او عنصرا من عناصر مشروعية القرار الاداري ، باعتبار ان هذه القرارات تمس موضوع الحريات العامة وهو موضوع يشكل مسألة قانونية تتمثل في ان الادارة عندما تواجه حالة واقعية تهدد النظام العام وتتطلب اصدار قرار ضبطي يقيد الحريات العامة تواجها حالة تنازع حقيقي بين القوانين المسؤولة عن تطبيقها ، حيث تفرض عليها هذه القوانين واجبين يبدو ان كليهما يتعارض مع الأخر فهناك من ناحية أولى واجب الادارة في الحفاظ على النظام العام الذي يفرضه عليها قانون الضبط وهناك من ناحية أخرى واجب الادارة في احترام الحريات العامة المفروضة عليها بمقتضى القانون المنظم لتلك الحريات ، وهنا يصبح حتما على جهة الادارة ان تضحي ببعض القوانين في سبيل تطبيق البعض الأخر . ومن هنا فان الادارة عندما تواجه حالات اخلال بالنظام العام فان الإجراء الذي يمكن ان تتخذه الادارة لا يكون مشروعا إلا اذا كان ضروريا ومن ثم ملائما ، والقاضي الاداري في هذه الحالة له ان يتحقق بوصفه حاميا للحريات العامة وفقا لمبدأ المشروعية من قيام هذه الضرورة وتلك الملاءمة ،وهو ما يؤدي في النهاية الى خضوع هذه الاجراءات لرقابة قضائية كاملة تنصب على مشروعيتها وملاءمتها(55). ولكن هل يقتصر دور القاضي على مجرد التحقق من مطابقة القرار للقواعد القانونية القائمة ، ام يتعدى ذلك الى إنشاء قواعد قانونية مستقلة عن ارادة المشرع يدرج بمقتضاها بعض عناصر الملاءمة ضمن شروط مشروعية القرار ؟ يعترف الفقه الفرنسي(56) والمصري(57) الحديث للقضاء بسلطة إنشاء قواعد قانونية مستقلة عن ارادة المشرع ، يدرج بمقتضاها بعض عناصر الملاءمة ضمن شروط مشروعية القرار الامر الذي يوسع من نطاق الاختصاص المقيد ، وبالتالي من نطاق المشروعية ويضيق في الوقت ذاته  من نطاق السلطة التقديرية وبالتالي من نطاق الملاءمة. ويترتب على ذلك نتيجة من مقتضاها انه في حالة ما اذا كان هناك قانون قائم او موجود فان الرقابة على عناصر الملاءمة تكون منعدمة اما في حالة ما اذا كان هذا القانون في مرحلة الانشاء، أي أثناء تكوينه ، فان القاضي الاداري يستطيع رقابة تلك العناصر الدور الإنشائي للقضاء الاداري وذلك بما يقرره من قواعد قانونية جديدة يوسع بها نطاق المشروعية. وهكذا تعد الملاءمة شرطا من شروط مشروعية قرارات الضبط الاداري ، ولذا يصبح واجبا على القاضي باعتباره قاضيا للمشروعية رقابة هذا الشرط للتأكد من سلامة تقدير الادارة له. بناء على ما تقدم سنتعرض هنا لموقف القضاء الاداري في فرنسا ومصر وأيضا موقف القضاء اليمني في الرقابة على ملاءمة قرارات الضبط الاداري كما يلي:

1.موقف مجلس الدولة الفرنسي

أتجه مجلس الدولة الفرنسي  بعد حكمه الشهير في القضية المعروفة باسم Benjamin الى الاستقرار(58) على حقه في بحث وتقدير مدى خطورة الافعال او الوقائع التي تهدد النظام العام ومدى تناسبها مع إجراءات الضبط الاداري المتخذة بناء على هذا التهديد والتي تقيد بها سلطات الضبط الحريات العامة المكفولة بنصوص دستورية او قانونية ، حيث اخضع إجراءات الضبط الاداري المقيدة لتلك الحريات لرقابة الملاءمة من حيث تناسب الأجراء مع السبب الذي يسمح لهيئات الضبط التدخل لحماية النظام العام او صيانته عند تعرضه للخطر(59) ، وهكذا استقر مجلس الدولة الفرنسي في مجال حرية الاجتماعات العامة(60) بعدم الاكتفاء بالرقابة على الوجود المادي للوقائع او حتى تكييفها القانوني بل توسع بهذه الرقابة ليصل الى بحث عنصر الملاءمة في القرار الضابط ، لينتهي في الغالب الى عدم اقرار سلطة الضبط في إصدارها لقرارات منع الاجتماعات العامة رغم توقع حدوث خلل او اضطراب بالنظام العام طالما كان عليها اتخاذ التدابير والاحتياطات اللازمة للحيلولة  دون وقوع هذا الخلل او الاضطراب. وهناك من الأمثلة العديدة لمجلس الدولة الفرنسي نذكر منها على سبيل المثال حكمه في القضية الشهيرة Salem حيث تتلخص وقائعها في ان السيد Salem كان يزعم عقد اجتماع يوم 2/6/1956 في مدينة Valance ، فاصدر رئيس هذه المدينة قرارا يمنع عقد هذا الاجتماع فرفع السيد Salem طعنا الى المحكمة الادارية في Grenoble مطالبا بإلغاء هذا القرار ، فأجابته المحكمة الى ذلك وأصدرت حكمها في 22/1/1958 بإلغاء قرار رئيس المدينة ورفض طلب وزير الداخلية حيث لم يثبت من التحقيق ان المؤتمر الذي كان مزمع عقده كان ذا طبيعة تهدد النظام العام بدرجة يتعذر معها تدارك الخطر بتدابير الضبط المتاحة في تلك الحالة(61) .هذا ولم تقتصر رقابة المجلس لملاءمة قرارات الضبط الاداري على مجال حرية الاجتماعات العامة بل امتد ليشمل مجالات أخرى. وذلك على الوجه التالي:

- ففي مجال حرية الصناعة والتجارة

نجد ان مجلس الدولة فرض رقابته على عنصر الملاءمة في إجراءات الضبط الاداري المتعلقة بممارسة الافراد للأنشطة التجارية والصناعية ، حيث لا يكون الأجراء المتخذ مشروعا إلا اذا كان ذلك ضروريا لمواجهة الأخطار التي تهدد الامن والنظام العام ، وذلك في ضوء تقدير المجلس للظروف المحلية في كل بلدية او مقاطعة على حدة(62) . ويقوم المجلس في هذا الصدد بفحص ملاءمة القرارات في عبارات صريحة وواضحة ، فهو في احد احكامه يرفض الغاء قرار محافظ مقاطعة La manche بحظر نشاط المصورين الجائلين في هذه المنطقة المزدحمة حيث يكثر بوجه خاص وقوف العربات وتحركها حيث يمثل ذلك خطورة بالنسبة لحفظ النظام ولا يمكن تلافيها بإجراءات اقل شدة(63) ،وفي حكم اخر يلغي قرار المحافظ بمنع النشاط نفسه (نشاط المصورين الجائلين) في شوارع باريس حيث قضى(64) : بانه اذا كان المحافظ يملك سلطة اتخاذ الاجراءات اللازمة لتلافي الأخطار التي يتعرض لها المرور في الطرقات من جراء نشاط المصورين الجائلين ، وله في هذا الصدد اذا اقتضت الضرورة ، ان يحظر هذه المهنة في شوارع معينة او خلال ساعات معينة يزدحم فيها المرور ، إلا انه لا يملك تقرير هذا الحظر بصورة مطلقة تتضمن مساسا بحرية التجارة  والصناعة في مساحة واسعة من المدينة تتفاوت درجة ازدحام المرور فيها على نحو واضح.

- وفي مجال حرية العبادة

سلك مجلس الدولة الفرنسي المسلك السابق نفسه في خصوص قرارات الضبط الاداري المتعلقة بحرية العبادة ، حيث اتجه منذ اوائل القرن الماضي في حكمه الشهير Abbe Oliver الى فرض رقابته على تناسب قرارات الضبط الاداريالمتعلقة بحرية العبادة وخطورة الوقائع التي تمثل تهديد للنظام العام(65) ولقد تواتر قضاء المجلس في هذا الاتجاه حيث يقوم في كل حالة بتقدير الظروف الواقعية المحيطة بقرار الضبط الاداري لبيان مدى التناسب بين عنصري السبب والمحل . فنجده في احد الاحكام الغى قرار المحافظ بمنع صلاة دينية في الهواء الطلق في ميدان Palais de chail ، حيث ثبت للمجلس ان الاخلال المتوقع بالامن والنظام العام ، بسبب هذا الاجتماع الديني لم يبلغ درجة من الخطورة تعجز السلطات المحلية عن مواجهتها بوسائل البوليس المناسبة(66) . وفي حكم اخر نجده يقر بمشروعية قرار يتعلق بمنع مسيرة دينية عندما تبين للمجلس وجود تهديد خطير للنظام العام من جراء تلك المسيرة ، حيث ثبت للمجلس ان مسيرات دينية مماثلة تسببت في اضطراب للنظام العام في البلديات المجاورة(67) .

 - وفي مجال حرية النشر والصحافة

اتبع المجلس القضاء السابق نفسه بخصوص قرارات الضبط الاداري المتعلقة بحرية الرأي واخضعها لرقابة الملاءمة ، للتأكد من ان هناك تناسبا بين عنصري السبب والمحل في قرار الضبط الاداري المقيد لتلك الحرية . ففي احد الاحكام قرر المجلس انه اذا كان مفروض على السلطات المزودة بسلطات البوليس اتخاذ اجراءات يتطلبها حفظ النظام ، فانه يجب عليها ان توفق بين ممارسة هذه السلطات واحترام حريات النشر ، وانه حتى مع التسليم بادعاء الادارة بان عرض الجريدة وتوزيعها في الطرق العامة يمثل بسبب طبيعتها وطبيعة المقالات التي تنشرها خطرا على النظام العام ، فانه لا يتضح من ملف الدعوى ان هذا الخطر كان من شأنه ان يبرر قانونا ذلك القرار المانع من العرض والتوزيع على كل المنطقة ودون تحديد لوقت سريانه(68) . واذا كان مجلس الدولة الفرنسي قد اخضع قرارات الضبط الاداري بصفة عامة لرقابة الملاءمة الا انه قد استثنى منها بعض القرارات التي تتمثل في اجراءات البوليس العليا (قرارات تنظيم نشاط واقامة الاجانب(69) والجمعيات الاجنبية والمطبوعات الاجنبية) (70) ، وكذلك قرارات الضبط المتعلقة بالمسائل الفنية(71) وهي الحالات نفسها التي امتنع فيها المجلس عن رقابة التكييف القانوني للوقائع التي تدعيها الادارة.

2.موقف مجلس الدولة المصري

محكمة القضاء الاداري منذ نشأتها بسطت رقابتها على ملاءمة قرارات الضبط الاداري عند تعلقها بالحريات العامة ، وقد صاغت المحكمة ذلك في العديد من احكامها(72) وصاغتها في قضاء يتسم بطابع فقهي حيث جاء في حيثيات تلك الاحكام العبارات التالية: (ولئن كانت الادارة في الاصل تملك حرية وزن مناسبات العمل وتقدير اهمية النتائج التي تترتب على الوقائع الثابت قيامها الا حيثما تختلط مناسبة العمل الاداري بمشروعيته، ومتى كانت هذه المشروعية تتوقف على حسن تقدير الامور ، خصوصا فيما يتعلق بالحريات العامة ، وجب ان يكون تدخل الادارة لاسباب جدية تبرره ، فالمناط والحالة هذه في مشروعية القرار الذي تتخذه الادارة هو ان يكون التصرف لازما لمواجهة حالات معينة مع دفع خطر جسيم يهدد الامن والنظام ، باعتبار هذا الاجراء الوسيلة الوحيدة لمنع الخطر ، وللقضاء الاداري حق الرقابة على قيام هذا المسوغ او عدم قيامه ).    وقد طبقت المحكمة هذه المبادىء في العديد من المجالات المتعلقة بالحريات العامة.

 - ففي مجال حرية العبادة

 اخضعت محكمة القضاء الاداري منذ انشائها قرارات الضبط الاداري المتعلقة بحرية العبادة لرقابة الملاءمة ، بفحص مدى التناسب بين الاجراء الضبطي وبين الوقائع التي تمثل تهديدا للنظام العام . ففي احد احكامها قضت بالغاء قرار الادارة برفض الترخيص ببناء كنيسة ، والذي استندت الادارة فيه الى قرب الموقع المقترح لا قامة الكنيسة من احدى دور السينما مما يهدد بقيام احتكاك بين جمهورها وجمهور المصليين كما قد يتضمن عرقلة المرور ، وقررت المحكمة بان البعد بين السينما والموقع المقترح لبناء الكنيسة كافيا لمنع الاحتكاك(73) . وفي حكم(74) اخر اقرت المحكمة قرار الادارة برفض ترخيص ببناء كنيسة بعد ما تبين للمحكمة ملاءمة القرار الضبطي من حيث التناسب بين قرار الرفض وبين التهديد المتوقع للنظام العام ، وقد جاء في حيثيات الحكم ما يلي :  (قد يؤدي بناء كنيسة في مكان غالبيته من المسلمين الى الاحتكاك بين الطوائف ، وهو الامر الذي قصدت الادارة الى تلافيه عندما وضعت القواعد المنظمة للترخيص باقامة الكنائس والمعابد ، واذا كان الثابت ان الادارة قدرت ما في الامر من خطورة فتدخلت بموجب سلطتها الاصلية في حفظ الامن ودرء كل ما قد يتولد عنه الاخلال به فرفضت الترخيص باقامة الكنيسة الجديدة في المكان المقترح ، لما استبان لها من ظروف الحال توقع حصول احتكاك بسبب بناء كنيسة في وسط آهل بالسكان المسلمين في بلد كأسيوط ، الامر الذي بدرت بوادره منذ التفكير في حفظ الامن والنظام ، وحرصا على اشاعة السلام بين الطوائف ، بعد ان عجزت عن اقناع المدعين ببناء الكنيسة في أي مكان اخر او ترميم الكنيسة القديمة او هدمها واقامة اخرى جديدة مكانها خصوصا انها لا تبعد عن المكان الجديد بأكثر من خمسين مترا ، كل ذلك يجعل قرارها في عدم الترخيص مشروعا تقتضيه ظروف الاحوال ، ما دام قائما على ما يبرره من اسباب تتصل بالأمن والنظام العام وهي اسباب حقيقية مستمدة من اصول تنتجها..).

- وفي مجال حرية التجارة والصناعة

طبقت المحكمة المبادىء السابقة نفسها واخضعت قرارات الضبط الاداري المقيدة لحرية التجارة والصناعة لرقابة الملاءمة واحكامها في هذا المجال كثيرة نذكر منها على سبيل المثال:

- حكمها في 12/1/1956 حيث قضت بالغاء قرار سلطات الضبط الاداري باغلاق سوق على اثر مشاجرة بين قبيلتين وجاء في حيثيات الحكم(75) الاتي :  (قد مضى على الحادث الجنائي مدة طويلة من دون ان يقع ما يخل بالأمن فان تعطيل الادارة للسوق بعد ذلك بدعوى المحافظة على الا من ليس هو الوسيلة الوحيدة لبلوغ هدفها، وليس من الضروري والحالة هذه  تعطيل السوق الذي لا يدار الا يوما واحدا في الاسبوع ولا يترتب على قيام حادث بين قبيلتين الى اغلاق السوق، لا سيما بعد ان انقضت اكثر من سنة ونصف السنة منذ وقوع الحادث من دون ان يتم التصالح بين القبيلتين ، وقد كان في مقدور الادارة اتخاذ الاجراءات الكفيلة بمنع الحوادث دون الالتجاء الى اغلاق السوق حتى اذا ما اضطرتها الظروف الى اتخاذ هذا الاجراء الشديد ، كان هذا بالقدر المناسب ولمدة قصيرة من الزمن)(76) .

- وفي حكم اخر بسطت محكمة القضاء الاداري رقابتها على ملاءمة قرارات الضبط الاداري والتي تتعلق بتقييد حرية التجارة والصناعة ، واقرت في هذا الحكم قرار الادارة بالغاء ترخيص بيع الخمور لاحد المحلات ، بعدما تبين للمحكمة من وجود تهديد واضح للنظام العام والصحة العامة لا يمكن تداركه الا بالغاء الترخيص(77) .

- وفي مجال حرية النشر والصحافة:

 درجت احكام محكمة القضاء الاداري على رقابة القيمة الذاتية للوقائع في مجال حرية النشر والصحافة ، وطبقت المبادىء السابقة نفسها. حيث قضت في احد احكامها(78) بالغاء قرار الادارة بمصادرة احدى الصحف ، والذي استندت فيه الادارة الى خطورة المقالات التي تنشرها هذه الصحيفة وانها تمثل خطرا داهما على الامن والنظام العام مما يحتم مصادرتها فورا بالطريق الاداري ، وقد جاء في حيثيات الحكم الاتي : (لاشيء من هذه التصرفات ينم عن الخطر الداهم الذي لا سبيل الى دفعه الا بالالغاء الفوري ، وبخاصة بعد ان التجأت الحكومة الى القضاء واصبح واجبا عليها ان تتريث حتى يقول القضاء كلمته)

 - وفي مجال حرية الاجتماعات العامة

طبقت المحكمة الاتجاه نفسه بشأن الرقابة على القيمة الذاتية للوقائع في مجال ممارسة الاشخاص لحرية عقد الاجتماعات العامة ، وطبقت المبادىء السابقة نفسها. حيث قضت في احد احكامها(79) بوقف تنفيذ قرار الادارة برفض عقد مؤتمر شعبي لبعض الاحزاب السياسية بميدان التحرير بمناسبة الاعلان العالمي لحقوق الانسان وعقده في أي مكان مغلق لما قد يسببه هذا الاجتماع من اخلال بالنظام العام ، وقد جاء في حيثيات الحكم الاتي: (وعلى ذلك فان ما قررته مديرية امن القاهرة في انها لا توافق على عقد الاجتماع بالمكان الذي اقترحه المدعون بمقولة ان ثمة عناصر غير شرعية سوف تستغل الاحتفال لأغراض تخل بالأمن العام والسكينة العامة ، هذا القول يشكل في ظاهره تهربا من الاختصاص الذي ناطه الدستور والقانون بالشرطة ، فليس لها ان تنأى عن التزامها وتتخذ هذا المسلك تبريرا لقرارها برفض الاجتماع العام في المكان المراد عقده فيه ، بل عليها ان تعمل جاهدة وتتخذ كل ما من شأنه ان يمكن المدعيين من عقد اجتماعهم في أمن وطمأنينة تكفلها الشرطة..) واذا كان القضاء السابق لمجلس الدولة المصري قبل انشاء المحكمة الادارية العليا ، قد استقر على ضرورة خضوع ملاءمة قرارات الضبط الاداري لرقابة المجلس، الا انه بأنشاء المحكمة الادارية العليا في سنة 1955 بدأت المرحلة التي ترد فيها قضاء مجلس الدولة المصري متمثل في احكام المحكمة الادارية العليا ، ثم تلتها مرحلة استقرت بعدها قضاء تلك المحكمة في مباشرة الرقابة القضائية الكاملة على قرارات الضبط الاداري. وذلك على النحو الاتي:

 - ففي مجال حرية العبادة

باستعراض احكام المحكمة الادارية العليا في هذا المجال، نجد انها في احد احكامها الاولى(80) بمناسبة الطعن امامها في حكم محكمة القضاء الاداري(81) بشأن الغاء قرار الادارة برفض الترخيص ببناء كنيسة في احدى القرى لقرب الموقع المقترح للبناء من مسجدي القرية ومدرستها مما يهدد بالاحتكاك بين الطوائف الدينية وقد جاء في حيثيات الحكم الاتي: (يجب التنبيه في هذا المقام الى انه ليس من حق القضاء الاداري ان يستأنف النظر بالموازنة والترجيح فيما قام لدى جهة الادارة من اعتبارات قدرت على مقتضاها ملاءمة اصدار القرار ما دام هذا التقدير قد استخلص استخلاصا سائغا من الوقائع الثابتة في الاوراق ، والا كان ذلك مصادرة للادارة على تقديرها وغلا ليدّها عن مباشرة وظيفتها في الحدود الطبيعية التي تقتضيها هذه الوظيفة ، وما تستلزمه من حرية في وزن مناسبات القرارات التي تصدرها، وتقدير ملاءمة اصدارها) وهكذا احجبت المحكمة الادارية العليا قضاء مستقرا ومؤسسا بصلابة سابق على انشائها وامتنعت عن رقابة ملاءمة القرار الصادر برفض الترخيص ببناء كنيسة ، رغم تعلق هذا القرار باحدى الحريات الاساسية للمواطنين. الا ان هذا القضاء لم يستقر حيث تنبهت المحكمة لخطورة موقفها في عدم اخضاع قرارات الضبط الاداري المتعلقة باحدى الحريات الاساسية المكفولة بنصوص دستورية الى رقابة الملاءمة ، وقضت في حكمها الصادر في 30/5/1964 بالاتي: (اذا كان ما ساقته الوزارة "الداخلية" تبريرا للقرار المطعون فيه هو خشية الفتنة لاحتمال حدوث احتكاك بين المسلمين والاقباط فانه قول غير سديد ، ذلك انه ليس هناك احياء خاصة بالاقباط واخرى خاصة بالمسلمين بل انهم جميعا يعيشون جنبا الى جنب ، وتوجد كنائس في احياء غالبية سكانها العظمى من المسلمين ، كما ان هذه الكنائس مقامة وسط امكنه آهلة بالسكان وبالقرب من المدارس والمؤسسات العامة والمنشأت الخاصة بل وبعضها مقام بجوار الجوامع ، ومع ذلك فلم تقع الفتنة او حصل من جراء هذا الى أي اخلال بالنظام والامن .)(82).

 - وفي مجال حرية التجارة والصناعة

اتبعت المحكمة الادارية العليا المسلك السابق نفسه واستقرت على فرض رقابة الملاءمة لقرارات الضبط الاداري الخاصة بممارسة الاشخاص لحرية التجارة والصناعة، ففي احد احكامها(83) الغت المحكمة قرار الادارة باغلاق مصنع تبغ اداريا كان يصنع تبغا مهربا ، حيث لم يكن هناك خطر يصعب تداركه يستوجب اتخاذ مثل هذا القرار والخطر الناتج من صناعة التبغ المهرب على الصحة العامة والامن العام مبعثه الظن ولا يتحقق وجود الخطر المسوغ للأغلاق. وفي حكم اخر الغت قرار الادارة باغلاق احد الاسواق خلال بعض ايام الاسبوع ، استنادا الى ما ذكرته من وجود خطر يهدد الامن العام من ادارة هذه السوق خلال هذه الايام ، وقد باشرت المحكمة رقابتها للتحقق من صحة تقدير الادارة ووزنها لأهمية الوقائع وما تكشف عنه من وجود خطر يهدد النظام العام والتناسب بين هذا الخطر والقرار الضبطي الصادر لمواجهته ، وقد جاء في حيثيات الحكم الاتي :

 (من حيث انه وان كانت اجهزة الامن تترخص في تقدير الخطورة الناشئة عن الحالة الواقعية التي يصح لها ان تتدخل لمواجهتها بالاجراء الضبطي المناسب، الا انه يشترط ان يكون لهذه الحالة وجود حقيقي بان تكون ثمة وقائع محددة من شأنها ان تنبىء -في التقدير المنطقي السليم للأمور- بان ثمة خطر يهدد الامن العام ، وان الاحتياط له يقتضي التدخل من جانب هذه الاجهزة بالاجراء الضبطي الذي تم، وقد اكدت المادة 12 و 6 من القانون رقم 453 لسمة 1955 في شأن المحال الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة هذا المعنى حين وضعت الخطر الذي يسمح بايقاف ادارة أي محل من هذه  المحلات او الغاء رخصته بان يكون خطرا داهما يتعذر تداركه ، تقديرا من الشارع لما ينطوي عليه هذا الاجراء من مساس مباشر بحريات الافراد القائمين على ادارة واستغلال المحلات المذكورة ، الامر الذي يقتضي بالضرورة ثبوت الحالة الواقعية المبررة للتدخل بإجراءات الضبط الاداري ثبوتا مقنعا في جدية الاجراء ولزومه)(84).

 - وفي مجال حرية الصحافة والنشر

استقرت(85) احكام المحكمة الادارية العليا على فرض رقابة الملاءمة على قرارات الضبط الاداري المتعلقة بحرية الصحافة فاخضعت المحكمة قرارات الضبط التي تتعلق بالغاء الصحف بالطريق الاداري لرقابة الملاءمة من حيث ضرورة قرار الالغاء لحماية النظام العام ، حيث قضت في احد احكامها(86) بالاتي :

 (الغاء الصحيفة بالطريق الاداري غير جائز الا اذا كان ضروريا لوقاية النظام الاجتماعي ).

 - وفي مجال حرية الاجتماع

 استقرت احكام المحكمة الادارية العليا على المبادىء السابقة نفسها، وتطبيقا لذلك قضت في احد احكامها(87) بالاتي:

 (سلطة الحكومة في هذا المنع هي قيد استثنائي وارد على اصل حق هو احد الحريات العامة فيجب والحالة هذه ان يفهم القيد المذكور في اضيق حدوده ، فلا تستعمله الحكومة الا للضرورة القصوى ، وذلك عندما تقوم لديها اسباب حقيقية لها سندها من الواقع تدل على ان هذا الاجتماع من شأنه حقا الاخلال بالأمن العام ، وهي في هذا الشأن تخضع لرقابة المحكمة حتى لا يبدد الحق ذاته تحت شعار الرخصة الاستثنائية). هذا وقد اخذت المحكمة الادارية العليا بالمبادئ التي ارستها محكمة القضاء الاداري بالنسبة للرقابة على ملاءمة قرارات الضبط الاداري اذا تعلقت بالحريات العامة في الظروف الاستثنائية ، الا انها ما لبثت ان عدلت عن هذا الاتجاه السابق بالنسبة لقرارات الضبط المقيدة للحرية في ظل تطبيق قانون الاحكام العرفية "او حالة الطوارئ"(88). واذا كانت المحكمة الادارية العليا قد اقرت القضاء السابق لمحكمة القضاء الاداري وذلك من حيث ضرورة الرقابة على ملاءمة قرارات الضبط الاداري رغم تعلقها بالحريات الاساسية للافراد ، الا انها استثنت قرارات الضبط الاداري الخاصة بالاجانب "قرارات منح الاقامة قرارات الابعاد" وتركت لجهة الادارة في تقرير اقامة الاجنبي صاحب الاقامة المؤقتة في مصر وأبعاده عنها طبقا لما تقدره من اعتبارات تتعلق بالصالح العام ، دون مراقبة المحكمة(89) الاسباب التي تسوقها الادارة تبريرا لقراراتها لمعرفة اذا كانت هذه الاسباب صحيحة ام لا ، فقضت المحكمة في احد احكامها(90) بالاتي:  (الادارة تتمتع في ممارسة الابعاد بسلطة تقديرية واسعة لايحد منها الا قيدا واحدا هو الا يكون القرار مشوبا بالتعسف في استعمال السلطة او الانحراف بها ، بشرط ان تقوم امام الادارة اعتبارات جدية تجعل في اقامة الاجنبي تهديدا لامن الدولة او سلامة اقتصادها او اخلالا بالنظام العام او الاداب العامة او الصحة العامة او السكينة).

 اذا كان هذا هو القضاء المستقر للمحكمة الادارية العليا الا انها قضت في بعض احكامها الحديثة برقابة الملاءمة لقرارات الضبط المتعلقة بالاجانب وقد جاء في حيثيات هذا الحكم الاتي:

 (التراضي في سداد الدين لا يمثل اضرارا جسيمة باقتصاديات الدولة يخولها منع المدعي من ممارسة حقه في التنقل ، لعدم وجود تناسب بين الاجراء المتخذ والحق الذي قصد حمايته بهذا الاجراء..)(91) الا ان القضاء لا يمثل الاتجاه الغالب لقضاء المحكمة.

3.موقف القضاء اليمني

يقوم القضاء الاداري في الدولة التي تأخذ به بملاءمة قرار الادارة وتقدير مدى التناسب بينه وبين الحالات الواقعية، او القانونية التي دفعت الادارة الى اصداره لتستقل بتقدير ملاءمة قرارها أي الاجراء الذي يتناسب مع خطورة وأهمية السبب ففي بعض الاحيان يقيم القاضي الاداري درجة جسامة الظروف الواقعية التي ادت الى اجراء الضبط المطعون فيه ، فيبحث عما اذا كان هناك تناسب بين الاسباب وموضوع اجراء الضبط ، وان تلك الرقابة تشكل اقصى ما يمكن ان يمارسه قاضي تجاوز السلطة الا انها لا تمارس في جميع الاحوال ، حيث يلزم لممارستها ان يكون اجراء الضبط موضوع الفحص منطويا على اعتداء على نشاط فردي له اهميته الخاصة من وجهة نظر المشرع ، ومن ثم فلا يجوز لسلطة الضبط أن تفرض قيودا على الانشطة التي كفلها المشرع، وتتأكد فيها حماية خاصة لبعض الحريات العامة الجوهرية كحرية العقيدة والاجتماع، فقد تم النص دستوريا على ان حرية الاجتماع وتكوين الاحزاب مكفولة في حدود القانون(92). لذلك فان تلك النشاطات التي نالت الاقرار القانوني والدستوري لايمكن ان تتعرض للاعتداء من جانب سلطة الضبط الا في حالة الضرورة ، لان جميع اجراءات الضبط التي تستهدف تلك الفئة من النشاطات التي جعلت منها النصوص حريات عامة لايمكن ان تكون قانونية الا اذا كانت ضرورية لحفظ النظام العام ، ولكي يتم اثبات شرعية تلك الاجراءات ، لابد من البث في مسألة ضرورتها أي ملائمتها، لذا فمن اختصاص القاضي في مادة الحريات العامة تقييم طابع ضرورة الاجراءات التي اتخذت ، وجسامة السبب وأهميته لا جل حل مسألة الشرعية المطروحة امامه في ذلك المجال ، فمراقبة القيمة الذاتية لاسباب الملاءمة مراقبة للشرعية.        وتأكيد التزام سلطات الضبط في اداء رسالتها في المحافظة على الامن والنظام العام لضرورة احترام حرية الافراد في عقد الاجتماعات ، والتوفيق بينهما وبين ضرورة المحافظة على النظام العام مما يقتضي عدم التعرض لحرية الافراد في عقد الاجتماعات الا في حالة وجود اضطرابات خطيرة تهدد النظام العام بحيث لا تستطيع سلطات الضبط بما لديها من سلطة اتخاذ تدابير ضبط مناسبة لتفاديها ، ففي هذه الحالة وحدها يكون لسلطات الضبط منع عقد الاجتماع . وفي هذا المجال حكمت محكمة استئناف محافظة صنعاء بنقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به بالنسبة للمطعون ضده وفي موضوع استئنافه برفضه وتأييد الحكم المستأنف حيث جاء في حيثيات الحكم انه يبقى اساسيا على محكمة الاستئناف ان تقول كلمتها بشأن تطبيق القرار 223/96 على المطعون ضدهم في ضوء تاريخ انتهاء خدمتهم والتي انتهت قبل صدوره الامر الذي يضعه مخالفا للقانون والقصور في التسبيب مما يتعين نقضه فيما قضى به بالنسبة للمطعون وهو الحكم الصادر فعلا(93).

______________________

-  بنظر في ذلك : د.عادل أبو الخير ، مسؤولية الدولة عن اعمال الضبط الاداري ، بحثه السابق ، ص107.

2- ينظر في ذلك :د.عادل أبو الخير، المصدر السابق، ص108

3-ينظر في ذلك د.عادل أبو الخير، المصدر السابق، ص108

4- لمزيد من التفاصيل حول أحكام مجلس الدولة الفرنسي في هذه الحقبة من الزمن ، ينظر في ذلك : د.رمضان بطيخ ، الاتجاهات المتطورة في قضاء مجلس الدولة الفرنسي للحد من سلطة الادارة التقديرية وموقف مجلس الدولة المصري منها ، دار النهضة العربية ، طبعة سنة 1994 ، ص74 وما بعدها.

5- ينظر في ذلك : د. رمضان بطيخ ، المصدر أعلاه ، ص74.

6- ينظر في ذلك المعنى نفسه : د.محمد حسنين عبد العال، مصدر سابق ، ص110 وكذلك د.رمضان بطيخ ، المصدر السابق ، ص77.

7- ينظر في ذلك : د.محمد حسنين عبد العال ،  مصدر سابق ، ص111.

8- فبالنسبة لقرارات الضبط الاداري المتعلقة باقامة ودخول وابعاد الاجانب والتي لم تخضع للرقابة على التكييف القانوني للوقائع اتجه مجلس الدولة الفرنسي الى فرض رقابته على الوجود المادي للوقائع التي تتوزع بها سلطة الضبط الاداري لقراراتها . ومن الامثلة على ذلك:

-فيما يتعلق بدخول الاجانب فرنسا اقر مجلس الدولة بشرعية قرار الضبط الاداري الذي منع دخول احد الاجانب فرنسا حيث تبين للمجلس عدم انطباق الشروط الصحية على المدعي ، واستناد القرار على وقائع صحيحة تبرر اتخاذ مثل هذا القرار.

-فيما يتعلق باقامة الاجانب في فرنسا اتجه مجلس الدولة الى اخضاع قرارات الضبط الاداري المتعلقة باقامة الاجانب  في فرنسا للرقابة على الوجود المادي للوقائع التي تتذرع بها الادارة ، حيث يقر بعدم شرعية القرار في حالة عدم استناده الى وقائع غير صحيحة.

-وفيما يتعلق بابعاد الاجانب عن فرنسا تخضع قرارات ابعاد الاجانب للرقابة على الوجود المادي للوقائع حيث يقضي المجلس بعدم شرعية قرار الابعاد والذي لا يستند الى وقائع صحيحة ، لذلك قضى المجلس في احد احكامه بعدم شرعية قرار ابعاد احد الاجانب عن البلاد لاشتراكه في مظاهرة حيث تبين عدم صحة تلك الواقعة التي استند اليها قرار الابعاد.

9- ينظر في ذلك : د.طارق فتح الله خضر ، مصدر سابق ، ص170.

0- حكمها في القضية رقم 1313 لسنة 13 ق ، الصادر بجلسة 17/5/1960 ، س14 ، ص332 ، وكذلك حكمها في القضية رقم 3551 لسنة 7ق ، الصادر بجلسة 28/12/1954 ، س9 ، ص192 . وكذلك حكمها في القضية رقم 1276 لسنة 8ق ، الصادر بجلسة 17/2/1955 ، س9 ، ص309.

1- حكمها في الطعن رقم 1555 لسنة 2ق ، الصادر بجلسة 30/6/1956 ، س1 ، ص199 . وأيضا : حكمها في الطعن رقم 1977 لسنة 6ق ، الصادر بجلسة 1/12/1962 ، س8 ، ص159 . واذا كان هذا هو القضاء الغالب للمحكمة في هذه المرحلة إلا انها أصدرت حكم في 30 يونيو 1962 فرضت فيه رقابتها على الوجود المادي والقانوني لأسباب رفض الترخيص بالسفر ، حيث جاء في حيثيات هذا الحكم الاتي : (سلطة الادارة ليست مطلقة اذ يجب ان يكون تقديرها للأفعال وتكييفها للوقائع متى ثبت قيامها ماديا ، مستخلصا استخلاصا سليما يؤدي الى النتيجة التي انتهت إليها ، الامر الذي يخضع ولا ريب لرقابة القضاء الاداري). يراجع حكمها ، في الطعن رقم 1505 لسنة 6ق، الصادر بجلسة 30/6/1962 ، س7 ، ص1152.

2- حكم المحكمة الادارية العليا ، في الطعن رقم 257 لسنة  26 ق ، الصادر بجلسه 27 فبراير 1982 ، س27 ، ص359.

3- هناك أربعة انواع من التصريح للأجانب بالإقامة في مصر وهي : 1.الإقامة العارضة كإذن المرور والسياحة. 2.الاقامة المؤقتة وتمنح للأجانب وفقا للمرسوم 74 لسنة 1952 لمدة أقصاها سنة ، جعلها القانون 124 لسنة 1980 ثلاث سنوات 3.الإقامة الخاصة وهم خمس فئات ، الفلسطينيون ، والأجانب الذين ولدوا في مصر قبل تاريخ نشر المرسوم رقم 74 لسنة 1952 والأجانب الذين مضى على إقامتهم في مصر عشرين سنة سابقة على تاريخ نشر المرسوم المذكور، والأجانب الذين مضى على إقامتهم أكثر من خمس سنوات كانت تتجدد بانتظام ، والعلماء ورجال الأدب والفن والصناعة والاقتصاد وغيرهم  ممن يؤدون خدمات جليلة للبلاد ومدة هذه الإقامة عشر سنوات. 4.الإقامة العادية وتمنح للأجانب الذين مضى على إقامتهم في مصر 15 سنة سابقة على تاريخ نشر المرسوم بالقانون المذكور ومدتها خمس سنوات .

4- غير ان المحكمة في رقابتها على القرارات الصادرة بعدم تجديد إقامة الأجانب ذوي الاقامة المؤقتة ، اعتدت بالشبهات التي تثور حول الاجنبي  والتحريات التي تقدم عنه ، ولم تتطلب دائماان يقوم قرار الادارة في هذا الشأن على وقائع معينة او على أسباب جدية مستمدة من أصول ثابتة بالأوراق ذلك ان المحكمة قدرت ان المصلحة العامة قد تقضي تخويل الادارة سلطة واسعة في شؤون الأجانب من ناحية ، كما ان الأجنبي في هذه الحالات كثيرا ما تثار الشبهات حول تهريبه للمخدرات ، مما جعل المحكمة تتشدد في موقفها إزاءه رعاية للصالح العام . لمزيد من التفاصيل حول أحكام محكمة القضاء الاداري في هذا الشأن ، ينظر : د.فاروق عبد البر، دور مجلس الدولة المصري في حماية الحقوق والحريات العامة،ج1 ، ج2 ، دار النهضة العربية ، 1991 ، ص 243 وما بعدها.

5- حكم محكمة القضاء الاداري في القضية رقم 349 لسنة 7ق ، الصادر بجلسة 4/4/1954 ، س8 ، ص1140. وقد كانت المحكمة في قضائها السابق تسلم للادارة بسلطة متسعة في شأن أبعاد الأجانب عن البلاد ، حيث لم يتجه قضائها الاول الى فرض رقابة على الوجود المادي للوقائع ، او على ركن السبب بوجه عام واقتصرت رقابتها على عنصر الغاية ، حيث جاء في حيثيات احد احكمها الاتي (للادارة الحق في إبعاد الأجانب بلا معقب عليها، مادام قرارها قد خلا من إساءة استعمال السلطة) ينظر في ذلك :حكمها ، في القضية رقم 868 لسنة 5ق ، الصادر بجلسة 18/6/1952 ، س6، ص255. 

6- حكم المحكمة الادارية العليا ، في الطعن رقم 753 لسنة 2ق ، الصادر بجلسة 7/4/1956 ، س2 ، ص657.

7- حكم محكمة القضاء الإداري ، في القضية رقم 1276 لسنة 8ق ، الصادر بجلسة 17/2/1955 ، س9 ، ص309.

8-حكم المحكمة الإدارية  العليا ، في القضية رقم 753 لسنة 1ق ، الصادر بجلسة 7/4/1956 ،س1، ص657.

9- حكمها في الطعن رقم 452 لسنة 9ق ، الصادر بجلسة 24/3/1964 ، س9،ص888.

20- حكم محكمة القضاء الاداري في القضية رقم 234 لسنة 12 ق ، الصادر بجلسة 30/6/1959 ، س13، ص1234.

21- حكم المحكمة الادارية العليا ، في الطعن رقم 1356 لسنة 5ق ، الصادر بجلسة 29/4/1961 ، س7 ، ص429.

22- حكمها في الطعن رقم 1432 و 1435 لسنة 26ق ، الصادر بجلسة 15/1/1983 ، س28،ص546.

23- نظرت هذه القضية امام محكمة الاستئناف  بمحافظة تعز بتاريخ 23/2/1998م.

24- لمزيد من التفاصيل ينظر في ذلك :  د.مصطفى محمود عفيفي ، المصدر السابق ، ص443 وأيضا د.محمود سلامة جبر ، الرقابة على تكييف الوقائع في قضاء الإلغاء ، بحث منشور بمجلة إدارة قضايا الحكومة ، السنة 28 ، العدد الرابع ديسمبر 1984 ، ص114.

25-ينظر في ذلك : د.عاشور سليمان صالح شوايل ، المصدر السابق ، ص405.

26-ينظر في ذلك : د.محمد عبيد الحساوي القحطاني ، مصدر سابق ، ص390.

27- ينظر في ذلك : د.محمد حسنين عبد العال ، مصدر سابق ، ص113.

28- ينظر في ذلك : د.محمد حسنين عبد العال ، مصدر سابق ، ص113.

29- ينظر في ذلك : د.عادل أبو الخير ، المصدر السابق ، ص106.

30- ينظر في ذلك : سكينة عزوز ، مصدر سابق ، ص260.

31- ينظر في ذلك : د.محمد حسنين عبد العال ، المصدر السابق ، ص114.

32- ينظر في ذلك : د.عاشور سليمان صالح شوايل ، المصدر السابق ، ص407.

33- ينظر في ذلك : د.عاشور سليمان صالح شوايل ، المصدر السابق ، ص407.

34- ينظر في ذلك : عادل السعيد أبو الخير ، المصدر السابق ، ص108.

35- ينظر في ذلك : عادل السعيد أبو الخير ، المصدر السابق ، ص108.

36- ينظر في ذلك : د.رمضان بطيخ ، المصدر السابق ، ص131.

37- ينظر في ذلك : د.عاشور سليمان صالح شوايل ، المصدر السابق ، ص408.

38- ينظر في ذلك : د.عاشور سليمان صالح شوايل ، المصدر السابق نفسه ، الصفحة نفسها.

39- ينظر في ذلك : د.عاشور سليمان صالح شوايل ، المصدر السابق نفسه ، الصفحة نفسها.

40- ينظر في ذلك : د.عاشور سليمان صالح شوايل ، المصدر السابق نفسه ، الصفحة نفسها.

41- والدليل على ان هذا القضاء لا يجد تفسيره في اية اعتبارات قانونية ، يظهر بوضوح في قيام المجلس الفرنسي بمراقبة التكييف القانوني للوقائع في خصوص نفس القرارات محل البحث اذا تعلقت بمواطنين فرنسيين بدلا من أجانب ، ينظر في ذلك د.محمد حسنين عبد العال ، المصدر السابق ، ص56 وايضا ينظر في نفس المعنى د.ثروت عبد العال احمد ، الرقابة القضائية على ملاءمة القرارات الادارية ، رسالة دكتوراه ، كلية الحقوق ، جامعة اسيوط ، سنة 1991 ، ص181.

42- ينظر في ذلك : د. ثروت عبد العال احمد ، المصدر السابق ، ص181.

43- تعد نظرية الخطأ البين من المستجدات التي استحدثها مجلس الدولة الفرنسي في رقابته للمنازعات الادارية بوجه عام وان وجدت بشكل او بآخر في بلدان أخرى مثل سويسرا-انجلترا-بلجيكا ، الا ان مجلس الدولة الفرنسي جعل منها نظرية عامة في نطاق القانون الاداري لا تقل في أهميتها عن اهمية نظرية السلطة التقديرية ذاتها ، فعن طريق تلك النظرية اصبح القاضي الاداري يراقب الادارة في تقيمها للوقائع التي تدعيها كأساس لقراراتها ، وذلك في حالات لم تكن تخضع في خصوصها من قبل لمثل هذه الرقابة ، ليتأكد من انها لم ترتكب عند اجراء التقييم خطأ يوصف عادة انه خطا بين او ظاهر ، والذي يؤخذ في الاعتبار، والحال هكذا ، إلا بدءا من درجة معينة يستشعر معها القاضي ان هناك خللا قد أصاب ذلك التقييم جعله تقييما غير معقول او مخالف للصواب ، لمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع ينظر في ذلك : د.رمضان بطيخ ، المصدر  السابق ، ص199 وما بعدها.

44- حكم المحكمة الادارية العليا ، في القضية رقم 1351 لسنة 8 ق ، والصادر بجلسة 13 يناير 1965 ، س9 ،ص345، حكمها ، في القضية رقم 1149 لسنة 12 ق ، الصادر بجلسة 13/7/1970 ، س14 ، ص564.

45- كانت الاحكام الاولى لمجلس الدولة المصري بالنسبة الى قرارات الضبط الاداري التي تتعلق بمنع المواطنين من السفر او عدم منحهم جوازات السفر الخاصة بهم ممثلة في أحكام محكمة القضاء الاداري غير محددة الاتجاه ، حيث ذهب عدد من الاحكام الى القضاء بالآتي: (منح الترخيص بحمل جوازات سفر مصرية من اطلاقات الادارة التي تتمتع فيه بسلطة تقديرية واسعة طالما انها لم تنحرف بالسلطة) ينظر في ذلك : حكمها في القضية رقم 425 لسنة 6ق الصادر بجلسة 20/12/1955 ،س9،ص98. وبذلك تدخل هذه القرارات  في إطار الرقابة على الوجود المادي دون القانوني ، بينما ذهب عدد اخر من الاحكام الى فرض رقابة كاملة على الاسباب لمثل هذه الطائفة من قرارات الضبط الاداري ، لهذا اشترط لصحتها وكما جاء في احد هذه الاحكام الاتي: ( تستند هذه الاسباب طبقا لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة الى أصول ثابتة في الأوراق تؤيدها وتوصل إليها للتأكد من قيام القرار على سببه الصحيح) يراجع على سبيل المثال : حكمها الصادر في القضية رقم 1313 لسنة 13 ق ، الصادر بجلسة 17/5/1960 ، س14 ، ص323.    إلا ان هذا الازدواج في هذا القضاء بالنسبة لهذه الطائفة من قرارات الضبط الاداري حسمته أحكام مجلس الدولة في المرحلة التالية لصدور دستور 1971 حيث اتجهت الى فرض رقابة على صحة وسلامة التكييف الذي أضفته الادارة على الوقائع التي استندت إليها في قرارها برفض منح جواز السفر أو رفض تجديده او سحبه ، وكذلك بالنسبة الى قرارات المنع من السفر . وتطبيقا لهذه السياسة القضائية قضت المحكمة الادارية العليا في احد أحكامها بالآتي (ان وجود احد المواطنين في بيروت دون ان تتوفر لديه نفقات العودة الى ارض الوطن ، مما تطلب ترحيله على نفقة الدولة وأكثاره من التنقل بين دولتي سوريا ولبنان أبان اشتعال الحرب الأهلية في لبنان ، لا يمثل أسبابا تبرر لوزير الداخلية سحب جواز السفر  لان واقعة تواجد المواطن بالخارج دون ان يكون معه مصاريف العودة لا تحمل بذاتها معنى الإساءة الى الوطن او الاضرار بسمعة البلاد... فما كان هناك موجب لتقييد حريته باصدار قرار سحب جواز سفره وعدم تسليمه له..) ينظر في ذلك حكم المحكمة إلأدارية العليا ، في الطعن رقم 257 لسنة 26 ق ، الصادر بجلسة 27 /1/1982 ، س27 ، ص359. وقضت المحكمة في حكم اخر بالآتي: ( ان تعدد الشكاوي في حق الطاعنة من العاملين في الخارج وغيرهم وتضافرهم جميعا على انها تستغل وظيفتها في الضغط على السيدات المصريات للقيام باعمال تمس بالسمعة والشرف وان ذلك تأيد بشكاوي من بعض رجال الدين المصريين العاملين بتلك الدولة ، وبالتالي يكون قرار منعها من السفر صدر سليما له أسبابه التي تبرره وله أصول تنتجه ماديا وقانونيا من وقائع ثابتة في الأوراق..) حكمها في الطعن رقم 2827 ، لسنة33 ق ،الصادر بجلسة 27/3/1994 ، "غير منشور" وبذلك لم يعد قرارات الضبط الاداري المتعلقة بسفر المواطنين الى الخارج من الحالات التي تخرج عن رقابة على التكييف القانوني للوقائع المادية التي تستند إليها الادارة في قراراتها. 

46- حكمها في القضية رقم 349 لسنة 7 ق ، الصادر بجلسة 14/4/1954 ،س 8 ، ص1140.

47- حكمها في القضية رقم 1215 لسنة 5 ق ، الصادر بجلسة 31/5/1953 ، س7،ص380.

48- حكمها في الطعن رقم 1679 ، لسنة 2 ق ، الصادر بجلسة 4/8/1956 ، مجموعة أبو شادي ، مبدأ 148 ، ص150.

49- حكمها ، في الطعن رقم 467 ، لسنة 5 ق ، الصادر بجلسة 27/6/1959 ، س4 ، ص1623.

50- حكم المحكمة الادارية العليا ـ في الطعن رقم 524 لسنة 7ق ، الصادر بجلسة 9/11/1963 ، مجموعة أبو شادي ، ص444.

51- حكم المحكمة العليا اليمنية للنقض في الدعوى رقم 6 لسنة 1995 .

52- تفهم الشرعية في هذا الصدد بمعناها الواسع الذي لا يقصرها على القواعد التشريعية ، وانما يشمل التحقق من مطابقة القرار الاداري لقواعد القانون ، حتى يندرج في هذا الاصطلاح القواعد القانونية التي تجد مصدرها في أحكام القضاء اذا كان هذا هو رأي غالبية الفقه الفرنسي الا ان هناك بعض الفقه الفرنسي أمثال ايزمان و دوبيسون يذهب الى وجوب قصر دلالة الشرعية على التحقق من مطابقة القرار الاداري للقواعد التشريعية فقط  ينظر في ذلك : د.محمد حسنين عبد العال ، مصدر سابق ، ص70.

اما عن الفقه المصري فانه يأخذ عادة بالمدلول الواسع لاصطلاح الشرعية. ينظر في ذلك : د.محمد حسنين عبدالعال ، المصدر السابق ، ص70.

53- ينظر في ذلك : د.ثروت عبد العال احمد ، مصدر سابق ، ص184.

54- اتجه مجلس الدولة المصري والفرنسي الى تطبيق مبدأ تناسب القرار الاداري التأديبي مع المخالفة التأديبية ( وكان السبق في ذلك لقضاء مجلس الدولة المصري من خلال نظرية الغلو في استعمال السلطة) حيث يتجه القاضي الاداري الى فرض رقابته على مدى تحقق هذا التناسب ،دون ان يتجاوز حدود وظيفته كقاض للمشروعية . يرى بان رأي د.سامي جمال الدين في ان هناك اختلافا بين مبدأ التناسب ومبدأ ضرورة الإجراء أولزومه حيث يقتصر عمل القاضي في حالة التحقق من تناسب الإجراء  بالنسبة للقرارات التأديبية على المطابقة بين محل القرار الاداري واحد المبادئ القانونية العامة ، وبالتالي فان ألغاء القرار المخالف لهذا المبدأ لمخالفته القانون وليس لعدم ملاءمته ، بينما يتحقق القاضي الاداري في حالة التحقق من ضرورة الأجراء بالنسبة لقرارات الضبط الاداري من البحث بصورة مجردة لكل الظروف والملابسات المحيطة بهذا الإجراء للتأكد من ان اتخاذ الإجراء كان ضروريا لتحقيق هذا الهدف ، حيث تعتبر ضرورة الإجراء الضبطي المقيد للحرية عنصر من عناصر المشروعية ، ينظر في ذلك : د.سامي جمال الدين ، قضاء الملاءمة والسلطة التقديرية للادارة ، دار النهضة العربية ، 1992 ، ص218 وما بعدها .

55- ينظر في ذلك : د.محمد عبيد الحساوي القحطاني ، مصدر سابق ، ص410.

56- في الفقه الفرنسي ينظر : د.محمد عبيد الحساوي القحطاني ، المصدر السابق ، ص411.

57- تتجه اغلب الآراء الفقهيه في مصر الى الأخذ بالرأي الغالب في فرنسا من ان القاضي الاداري في مجال رقابته لملاءمة قرارات الضبط الاداري لا يزال يراقب مشروعية تلك القرارات ، حيث تعد هذه الملاءمة شرطا من شروط مشروعيتها يراجع في ذلك على سبيل المثال : د.محمد حسنين عبد العال ، المصدر السابق ، ص72 وما بعدها ، د.سليمان الطماوي ، النظرية العامة للقرارات الادارية ، مصدر سابق ، ص90 ، وأستاذنا د.عصام البرزنجي ،  رسالته السابقة ص 163 ،وما بعدها ، و د.محمد فريد سليمان ، الرقابة القضائية على التناسب في القرار الاداري ، رسالة دكتوراه مقدمة الى كلية الحقوق ، جامعة المنصورة ، سنة 1989 ، ص411 وأيضا د.طارق فتح الله ، دعوى الإلغاء ، دار النهضة العربية ، طبعة سنة 2002 -، ص206. واذا كان هذا هو الرأي الغالب في الفقه ، إلا ان هناك رأيا يرى ان الأساس لرقابة القاضي الاداري للتناسب او الملاءمة في مجال الضبط الاداري هي رقابة ملاءمة وليست رقابة مشروعية ، وان أساسها يمكن في السياسة القضائية لمجلس الدولة او في الاعتبارات التاريخية التي أرتبط بها تطور رقابته على اعمال الادارة للحد من سلطاتها التقديرية ، وذلك يما يضمن حماية فعالة لحقوق الافراد وحرياتهم ودون الانتقاص في الوقت ذاته من فعاليته وكفاءة العمل الاداري وما يهدف إليه من تحقيق للصالح العام ، ولهذا يلاحظ ان القضاء الاداري يزحف بتلك الرقابة الى الأمام كلما وجد الفرصة سانحة او مواتيه لذلك وهو ما تظهره الاتجاهات الحديثة في قضاء مجلس الدولة ، ينظر في ذلك: د.رمضان بطيخ ، مصدر سابق ، ص185 وما بعدها .

58- هناك أحكام لمجلس الدولة الفرنسي في مجال الضبط المحلي باشر فيها المجلس رقابته لمدى التناسب بين اهمية وخطورة الوقائع التي تدعيها الادارة لقراراتها ، والإجراءات التي تتخذها بناء على تلك الوقائع . ولعل بداية هذا القضاء كانت في عام 1907 حينما اصدر المجلس حكمه في قضية شركة الفيلها رموني الموسيقية بإلغاء قرار عمدة Fumay يرفض الترخيص لهذه الشركة بممارسة مهنتها بحجة المحافظة على النظام العام ، حيث وجد المجلس ان الاسباب أوالوقائع التي استند إليها القرار المذكور ليست من شأنها الإخلال بهذا النظام . وفي عام 1909 اصدر المجلس حكما مشابها للحكم السابق  ، بل أشار فيه صراحة ان مهمة القاضي  يجب ان تمتد في مجال منازعات الضبط الاداري الى بحث ما اذا كانت الادارة قد اتخذت طبقا لظروف الدعوى قرارا لا تبرره ضرورات المحافظة على النظام العام. يراجع تلك الاحكام في مؤلف د.رمضان بطيخ ، مصدر سابق ، ص152 وما بعدها.

59- ينظر في ذلك : د.طارق فتح الله ، مصدر سابق ، ص207.

60- ينظر في ذلك : د.طارق فتح الله ، مصدر سابق ، ص207.

61- ينظر في ذلك : د.طارق فتح الله ، مصدر سابق ، ص207.

62- ينظر في ذلك : د.محمد عبيد الحساوي القحطاني ، مصدر سابق ، ص414.

63- ينظر في ذلك : د.محمد عبيد الحساوي القحطاني ، مصدر سابق ، ص414.

64- ينظر في ذلك : د.محمد عبيد الحساوي القحطاني ، المصدر السابق ، ص414 .

65- ينظر في ذلك : د.علي علي المصري ، مصدر سابق ، ص202.

66- ينظر في ذلك : د.عبد الرؤوف هاشم بسيوني ، نظرية الضبط الاداري ، في النظم الوضعية المعاصرة والشريعة الاسلامية ، القاهرة ، الطبعة الاولى ، دار النهضة العربية ، 1995 ، ص211 .

67- ينظر في ذلك : د.عبد الرؤوف هاشم بسيوني ، المصدر السابق ، ص211.

68-ينظر في ذلك : د.عبد الرؤوف هاشم بسيوني ، المصدر السابق ، ص212.

69- ينظر في ذلك : د.عبد الرؤوف هاشم بسيوني ، المصدر السابق ، ص213 .

70- ينظر في ذلك : د.عادل ابو الخير ، مصدر سابق ، ص116.

71- ينظر في ذلك : د.عادل ابو الخير ، المصدر السابق ، ص116.

72- حكمها في القضية رقم 1026 لسنة 6 ق ، والصادر بجلسة 29/3/1953 ، س7،ص1027 وايضا حكمها رقم 3127 لسنة 7 ق والصادر بجلسة 25/3/1956 ، س10 ، ص258.

73- حكمها في القضية رقم 250 لسنة 1 ق والصادر بجلسة 24/2/1948 ، س2 ، ص378.

74- حكمها في القضية رقم 891 لسنة 6 ق، والصادر بجلسة 14/12/1956 ، س10 ، بند 221 ، ص208.

75- حكمها في القضية رقم 167 لسنة 5ق ، الصادر بجلسة 22/1/1952 ، س6 ، ص340.

76- حكمها في القضية رقم 167 لسنة 5 ق ، الصادر بجلسة22/1/1952 ،س6 ، ص340.

77- حكمها في القضية رقم 608 لسنة 43ق ، والصادر بجلسة 15/8/1990 ، غير منشور.

78- حكمها في القضية رقم 587 لسنة 5 ق ، الصادر بجلسة 22/7/1958 ،س5،ص1099.

79- حكمها في القضية رقم 1254 لسنة 38 ق ، الصادر بجلسة 28/12/1983 ، في الشق المستعجل (غير منشور) وانظر ايضا : حكمها في القضية رقم 578 لسنة 5ق ، والصادر بجلسة 26/6/1951 ، مجموعة احكام محكمة القضاء الاداري ، س5/ص1069.

80- حكمها ، في الطعن رقم 501 لسنة 54، الصادر بجلسة 25/4/1959 ، س4، ص1162.

81-حكم محكمة القضاء الاداري ، في القضية رقم 3508 ، الصادر بجلسة 11/3/1958 ، س9، ص345.

82- حكم المحكمة الادارية العليا ، في الطعن رقم 1416 لسنة 7ق ، الصادر بجلسة 30 مايو 1964، س9،ص1071.

83- حكمها في الطعن رقم 882 لسنة 13 ق ، والصادر بجلسة 9/11/1968 ، مجموعة نعيم والفكهاني ج1 ،رقم 296 ، ص844.

84- حكمها في الطعن رقم 74 لسنة 17ق ، الصادر بجلسة 28/12/1978 ، مجموعة نعيم ،-الفاكهاني، ج10 رقم 297 ، ص845 .

85- بعد احداث مارس  1954  وصدور القانون رقم  156  لسنة  1960  بتنظيم الصحافة والذي قضى في المادة الاولى بانه لا يجوز أصدار الصحف الا بترخيص من الاتحاد القومي ، ثم صدر القانون رقم  151 لسنة  1960  بشأن المؤسسات الصحفية متضمنا في المادة الرابعة منه على ان تحل اللجنة التنفيذية للاتحاد الاشتراكي محل الاتحاد القومي في كل ما يتعلق بالاختصاصات المخولة له طبقا لاحكام القانون رقم 156 لسنة 1960 ، استقر احكام القضاء الاداري بعدم اختصاص القضاء الاداري بنظر القرارات الصادرة من الاتحاد الاشتراكي بوقف اصدار الصحف، ينظر في ذلك: د.فاروق عبد البر ، مصدر سابق ، ص300-303.

86- حكمها ، في الطعن رقم 67 لسنة 2ق ، الصادر بجلسة 22/7/1958 ، س3،ص1574.

87-حكمها في الطعن رقم 597 لسنة 3ق ، الصادر بجلسة 13/1/1961 ،س6 ، ص1020 . وايضا حكمها ، في الطعن رقم 882 لسنة 13ق، الصادر بجلسة 9/11/1968،س14 ، ص28.

88- ينظر في ذلك : د. زكريا محفوظ ، حالة الطوارىء ، رسالة دكتوراه ، كلية الحقوق ، الاسكندرية ، 1996 ،ص251.

89- ينظر احكام المحكمة الادارية العليا في هذا الشأن د. فاروق عبد البر ، مصدر سابق ، ص224 وما بعدها.

90- حكمها في الطعن رقم 501 لسنة 4ق ، الصادر بجلسة 25/4/1959 ، س4 ، ص1162.

91- حكمها في الطعن رقم 4729 لسنة 48ق، الصادر بجلسة 6/12/1994 " غير منشور"

92- ينظر في ذلك : دستور الجمهورية اليمنية لعام 1991 المعدل ، وكذلك ينظر : عبد الله صالح علي الكميم ، الحقوق والحريات وضماناتها في ظل دستور الجمهورية اليمنية لسنة 1990 ، رسالة ماجستير ، كلية القانون ، جامعة بغداد ، 1995 ،

93- حكم محكمة استئناف محافظة صنعاء في الطعن رقم 12 لسنة 1998 الصادر بتاريخ 7/11/1998.

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .






فرقة العبّاس (عليه السلام) تُقيم الحفل السنوي الثامن بذكرى تحرير قصبة البشير في كركوك
في بغداد المجمع العلمي يؤكد على ضرورة تظافر الجهود استعدادًا لإطلاق أنشطة صيف عام 2024
قسم الشؤون الفكرية يختتم دورة الفهرسة الحديثة في جامعة البصرة
قسم شؤون المعارف يدعو الباحثين إلى المشاركة في مؤتمر علمي حول السيدة الزهراء (عليها السلام)