إذا تساوى[أئمة الجماعة في الصفات]... قال الشيخان: يقدم الاصبح وجها(1).ورواه المرتضى رواية (2).ونقله بعض الشافعية عن بعض المتقدمين، ثم اختلف الشافعية في تفسيره، فقال بعضهم: أراد أحسنهم صورة، لان ذلك فضيلة كالنسب. وقال آخرون: إنما أراد بذلك أحسنهم ذكرا بين الناس(3).

والاخير أحسن. إذا ثبت هذا، فإن تساووا في ذلك كله، قدم أشرفهم، أي: أعلاهم نسبا، وأفضلهم في نفسه، وأعلاهم قدرا، فإن استووا في هذه الخصال، قدم أتقاهم وأورعهم،  لأنه أشرف في الدين وأفضل وأقرب إلى الإجابة، لقول النبي صلى الله عليه وآله: (من أم قوما وفيهم من هو أعلم منه لم يزل أمرهم إلى السفال إلى يوم القيامة)(4).والاقوى عندي تقديم هذا على الاشرف، لان شرف الدين خير من شرف الدنيا. فإن استووا في ذلك كله، فالأقرب القرعة - وبه قال أحمد(5) - لان سعد ابن أبي وقاص أقرع بينهم في الاذان(6)، فالإمامة أولى. ولأنهم تساووا في الاستحقاق، وتعذر الجمع، فأقرع بينهم، كسائر الحقوق. وهذا كله تقديم استحباب لا تقديم اشتراط ولا إيجاب، فلو قدم المفضول جاز، ولا نعلم فيه خلافا.

______________

(1) المبسوط للطوسي 1: 157، وحكاه عنهما أيضا المحقق في المعتبر: 244.

(2) جمل العلم والعمل ضمن رسائل الشريف المرتضى 3: 40 ونقله عن مصباحه المحقق في المعتبر: 244.

(3) المهذب للشيرازي 1: 106، المجموع 4: 283، فتح العزيز 4: 335، حلية العلماء 2: 178.

(4) الفقيه 1: 247 / 1102، علل الشرائع: 326، الباب 20، الحديث 4، عقاب الاعمال: 246، التهذيب 3: 56 / 194.

(5) المغني 2: 21، الشرح الكبير 2: 20، الانصاف 2: 247.

(6) صحيح البخاري 1: 159، سنن البيهقي 1: 428 و 429، ارشاد الساري 2: 9، عمدة القاري 5: 124، المغني 1: 478.