المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8800 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

ابو بكر وعبدالله ابني الامام الحسن
4-4-2016
قويسة القدس، لسان العجلة
5-5-2020
فتنة خلق القرآن
31-07-2015
خطوط الدفاع الاستراتيجية
25-5-2021
ملوك مصر الاسرة الثالثة.
2023-06-28
النفير والقيادة بين معاوية والحسن (عليه السلام)
7-4-2021


الطواف واحكامه  
  
53   11:31 صباحاً   التاريخ: 2025-03-29
المؤلف : ابن ادريس الحلي
الكتاب أو المصدر : السرائر
الجزء والصفحة : ج 1 ص 570 – 577
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / المسائل الفقهية / الحج والعمرة / الطواف والسعي والتقصير /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-06-30 936
التاريخ: 27-11-2016 1168
التاريخ: 14-8-2017 1114
التاريخ: 2-10-2018 1222

إذا أراد الطواف بالبيت، فليفتتحه من الحجر الأسود، فإذا دنا، منه رفع يديه، وحمد الله، وأثنى عليه، وصلّى على النبي، صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله.

ويستحب له أن يستلم الحجر، ويقبّله، وحقيقة استلام الحجر، وتقبيله، فهي ما قال السيد المرتضى، استلام الحجر هو غير مهموز، لأنّه افتعال من السّلام، التي هي الحجارة، واستلامه انّما هو مباشرته، وتقبيله، والتمسح به، وحكى ثعلب وحده في هذه اللفظة، الهمزة، وجعله وجها ثانيا لترك الهمزة، وفسّره بأنّه اتخذه جنّة وسلاحا، من اللأمة، وهو الدرع، وما هذا الوجه الذي حكاه ثعلب، في هذه اللفظة إلا مليح، إذا كان مسموعا. فأمّا الغرض في استلام الحجر، فهو أداء العبادة، وامتثال أمر الرسول صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله، والتأسّي بفعله، لأنّه أمر عليه‌ السلام باستلام الحجر، والعلّة في هذه العبادة، على سبيل الجملة، هي مصلحة للمكلّفين، وتقريبهم من الواجب، وترك القبيح، وان كنّا لا نعلم الوجه على سبيل التفصيل، فإن لم يستطع أن يستلم الحجر، ويقبله، استلمه بيده، فإن لم يقدر على ذلك أيضا، أشار بيده إليه، وقال: ((أمانتي أديتها، وميثاقي تعاهدته، لتشهد لي بالموافاة، اللهم تصديقا بكتابك)) إلى آخر الدعاء.

ثم يطوف بالبيت سبعة أشواط، ويستحب أن يقول في طوافه: ((اللهم إنّي أسألك باسمك الذي يمشى به على ظلل الماء، كما يمشى به على جدد الأرض)) وكلّما انتهيت إلى باب الكعبة، صلّيت على النبي صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله، ودعوت، فإذا انتهيت إلى مؤخر الكعبة، وهو المستجار، دون الركن اليماني بقليل، في الشوط السابع، بسطت يديك على البيت، وألصقت خدّك، وبطنك، بالبيت، وقلت: ((اللهم البيت بيتك، والعبد عبدك)) إلى آخر الدعاء المذكور، في كتب المناسك والعبادات، فإن لم يقدر على ذلك، لم يكن عليه شي‌ء، لأنّ ذلك مندوب.

وقال شيخنا أبو جعفر، في نهايته: بسطت يديك على الأرض، وألصقت خدّك وبطنك بالبيت (1) وانّما ورد بهذا اللفظ حديث، فأورده على جهته، وورد حديث آخر بما اخترناه، أورده رحمه ‌الله في تهذيب الأحكام وهو معاوية بن عمار، قال: قال أبو عبد الله عليه‌ السلام: إذا فرغت من طوافك، وبلغت مؤخر الكعبة، وهو بحذاء المستجار، دون الركن اليماني بقليل، فابسط يديك على البيت، وألصق بطنك وخدّك بالبيت، وقل: ((اللهم البيت بيتك، والعبد عبدك، وهذا مقام العائذ بك من النار)) ثمّ أقر لربك بما عملت، فإنّه ليس من عبد مؤمن، يقر لربه بذنوبه ، في هذا المكان ، إلّا غفر الله له ، إن شاء الله (2). فلو أورد شيخنا رحمه‌ الله في نهايته، هذا الحديث، مكان ذلك الحديث، كان حسنا، لأنّ في ذلك اشتباها.

ويجب عليه أن يختم الطواف بالحجر الأسود كما بدأ به.

ويستحب له أن يستلم الأركان كلّها، وأشدها تأكيدا، الركن الذي فيه الحجر، ثم الركن اليماني.

وينبغي أن يكون الطواف بالبيت، فيما بين مقام إبراهيم عليه‌ السلام، والبيت، يخرج المقام في طوافه، ويدخل الحجر في طوافه، ويجعل الكعبة على شماله، فمتى أخلّ بهذه الكيفية، أو بشي‌ء منها، بطل طوافه.

ويستحب أن يكون الطواف على سكون، لا سرع فيه ولا ابطأ.

ومن طاف بالبيت ستة أشواط ناسيا، وانصرف، فليضف إليها شوطا آخر، ولا شي‌ء عليه، فإن لم يذكر حتى يرجع إلى أهله، أمر من يطوف عنه الشوط الباقي، فإن ذكر أنّه طاف أقل من سبعة، وذكر في حال السعي، رجع، فتمم، إن كان طوافه أربعة أشواط، فصاعدا، وإن كان أقل منه استأنف الطواف، ثم عاد إلى السعي، فتمّمه.

ومن شك في طوافه، وكان شكه فيما دون السبعة، وهو في حال الطواف، قبل انصرافه منه، فإن كان طواف فريضة، وجب عليه الإعادة، وإن كان نافلة، بنى على الأقل، وإن كان شكه بعد الانصراف من حاله، لم يلتفت إليه، ومضى على طوافه.

ومن طاف ثمانية أشواط، متعمدا، وجبت عليه الإعادة.

ومن طاف على غير طهارة، ناسيا أو متعمدا، وجبت عليه الإعادة.

ومن ذكر في الشوط الثامن، قبل أن يتمّمه، ويبلغ الركن، أنّه طاف سبعا، قطع الطواف، وإن لم يذكر، حتى يجوزه فلا شي‌ء عليه، وكان طوافه صحيحا.

ومن شك، فلم يعلم سبعة طاف، أم ثمانية، قطع الطواف، وصلّى الركعتين، وليس عليه شي‌ء.

ولا يجوز أن يقرن بين طوافين، في فريضة، ولا بأس بذلك، في النوافل، وذلك على جهة تغليظ الكراهة، في الفرائض، دون الحظر، وفساد الطواف، وإن كان قد ورد: لا يجوز القران بين طوافين في الفريضة (3) فإنّ الشي‌ء إذا كان شديد الكراهة، قيل لا يجوز، ويعرف ذلك بقرائن، وشاهد حال.

ومن أحدث في طواف الفريضة، ما ينقض طهارته، وقد طاف بعضه، فإن كان قد جاز النصف، فليتطهر، ويتمم ما بقي، وإن كان حدثه قبل أن يبلغ النصف، فعليه اعادة الطواف من أوله.

ومن قطع طوافه بدخول البيت، أو بالسّعي في حاجة له، أو لغيره، فإن كان قد جاز النصف، بنى عليه، وإن لم يكن جاز النصف، وكان طواف الفريضة، أعاد الطواف، وإن كان طواف نافلة، بنى عليه، على كلّ حال.

كان قد جاز النصف، بنى عليه، وإن لم يكن جاز النصف، وكان طواف الفريضة، أعاد الطواف، وإن كان طواف نافلة، بنى عليه، على كل حال.

ومن كان في الطواف ، فتضيّق عليه وقت الصلاة المكتوبة ، فالواجب عليه قطعه ، والإتيان بالمكتوبة ، ثم يتمم الطّواف ، من حيث انتهى اليه ، فإن لم يتضيّق الوقت ، بل دخل عليه ، وهو في الطّواف ، فالمستحبّ له ، الإتيان بالصلاة ، ثم يتمم الطّواف ، وإن تمم الطواف ، ثمّ صلّى ، فلا بأس.

والمريض الذي يستمسك الطّهارة ، فإنّه يطاف به ، ولا يطاف عنه ، وإن كان مرضه مما لا يمكنه معه استمساك الطهارة ، ينتظر به ، فان صلح ، طاف هو بنفسه ، وإن لم يصلح ، طيف عنه ، ويصلّي هو الركعتين ، وقد أجزأه.

ومن طاف بالبيت أربعة أشواط ، ثم مرض ، ينتظر به يوم ، أو يومان ، فإن صلح ، تمم طوافه ، وإن لم يصلح ، أمر من يطوف عنه ، ما بقي عليه ، ويصلّي هو الركعتين ، وإن كان طوافه أقل من ذلك وبرأ ، أعاد الطواف من أوله ، وإن لم يبرأ ، أمر من يطوف عنه أسبوعا.

ومن حمل غيره ، فطاف به ، ونوى لنفسه أيضا الطواف ، كان ذلك مجزئا عنه.

ولا يجوز للرجل أن يطوف بالبيت ، وهو غير مختون ، على ما روى أصحابنا في الأخبار (4) ولا بأس بذلك للنساء.

ولا يجوز للإنسان أن يطوف ، وفي ثوبه شي‌ء من النجاسة ، ولا على بدنه ، سواء كانت النجاسة قليلة ، أو كثيرة ، دما ، أو غيره ، وسواء كان الدم دون الدرهم ، أو درهما فصاعدا ، لأنّ العموم ، يجب العمل به ، حتى يقوم دليل الخصوص ، ولا مخصّص هاهنا ، وحمل هذا الموضع ، على الصلاة قياس ، ونحن لا نقول به ، فإن لم يعلم بالنجاسة ، ورآها في حال الطواف ، رجع فغسل ثوبه ، إن كانت عليه ، أو بدنه ، إن كانت فيه ، ثم عاد فتمم طوافه ، فإن علم بعد فراغه من الطواف ، كان طوافه جائزا ، ويصلّي في ثوب طاهر.

ومن نسي طواف الزيارة ، الذي هو طواف الحجّ ، لأنّ أصحابنا يسمون طواف الحجّ ، طواف الزيارة ، حتى رجع إلى أهله ، ووطأ النساء ، وجبت عليه بدنة ، على ما روي (5) ، والأظهر أنّه لا شي‌ء عليه من الكفارة ، لأنّه في حكم الناسي ، بل الواجب عليه ، الرجوع إلى مكة ، وقضاء طواف الزيارة ، مع تمكنه من الرجوع ، فإن لم يتمكن ، فليستنب من يطوف عنه ، وإن كان طواف النساء هو المنسيّ ، وذكر بعد رجوعه إلى أهله ، جاز له أن يستنيب غيره فيه ، مع التمكن ، والاختيار ، فإن أدركه الموت ، قضي عنه.

ومن طاف بالبيت ، جاز له أن يؤخر السعي ، إلى بعد ساعة ، ولا يجوز له أن يؤخر ذلك ، إلى غد يومه.

ولا يجوز أن يقدّم السعي على الطواف ، فإن قدّم سعيه على الطواف ، كان عليه أن يطوف ، ثم يسعى بين الصفا والمروة ، فإن طاف بالبيت أشواطا ، ثم قطعه ناسيا ، وسعى بين الصفا والمروة ، كان عليه أن يتمم طوافه ، وليس عليه استئنافه ، فإن ذكر أنّه لم يكن أتم طوافه ، وقد سعى بعض السعي ، قطع السعي ، وعاد ، فتمم طوافه ، ثم تمم السعي.

والمتمتع إذا أهلّ بالحج ، لا يجوز له أن يطوف ويسعى ، إلا بعد أن يأتي منى ، ويقف بالموقفين ، وقد روي أنّه إذا كان شيخنا كبيرا ، لا يقدر على الرجوع إلى مكة ، أو مريضا ، أو امرأة تخاف الحيض ، فيحول بينها وبين الطواف ، فإنّه لا بأس بهم ، أن يقدّموا طواف الحج والسعي ، والأظهر ترك العمل بهذه الرواية ، فإنّ شيخنا أبا جعفر أوردها في نهايته (6) إيرادا ، ورجع عنها في مسائل خلافه ، فقال: روى أصحابنا ، رخصة في تقديم الطواف والسعي ، قبل الخروج إلى منى وعرفات (7).

وأمّا المفرد والقارن ، فحكمهما حكم المتمتع ، في أنهما لا يجوز لهما تقديم الطواف ، قبل الوقوف بالموقفين ، على الصحيح من الأقوال ، لأنّه لا خلاف فيه ، وقد روي (8) أنّه لا بأس بهما ، أن يقدما الطواف قبل أن يأتيا عرفات ، وأمّا طواف النساء فإنّه لا يجوز إلا بعد الرجوع من منى ، مع الاختيار ، فإن كان هناك ضرورة تمنعه من الرجوع إلى مكة ، أو امرأة تخاف الحيض ، جاز لهما تقديم طواف النساء ، ثم يأتيان الموقفين ومنى ، ويقضيان مناسكهما ، ويذهبان حيث شاءا ، على ما روي في بعض الأخبار (9) ، والصحيح خلاف ذلك ، لأنّ الحج مرتب بعضه على بعض ، لا يجوز تقديم المؤخر ، ولا تأخير المقدّم.

ولا يجوز تقديم طواف النساء على السعي ، فمن قدمه عليه ، كان عليه إعادته ، وإن قدمه ناسيا ، أو ساهيا ، لم يكن عليه شي‌ء ، وقد أجزأه ، ولا بأس أن يعوّل الإنسان على صاحبه ، في تعداد الطواف ، وإن تولى ذلك بنفسه ، كان أفضل ، ومتى شكا جميعا في عدد الطواف ، استأنفا من أوّله ، وقد روي أنه لا يجوز للرجل أن يطوف ، وعليه برطلة (10)، وذلك محمول على الكراهة ، إن كان ذلك في طواف الحج ، لأنّ له أن يغطي رأسه في هذا الطواف ، فأمّا طواف العمرة المتمتع بها إلى الحج ، فلا يجوز له تغطية رأسه.

ويستحب للإنسان أن يطوف بالبيت ، ثلاثمائة وستين أسبوعا ، فإن لم يتمكن من ذلك طاف ثلاثمائة وستين شوطا فان لم يتمكن طاف ما تيسر منه.

وقد روي ، أنّه من نذر أن يطوف على أربع ، كان عليه أن يطوف طوافين ، أسبوع ليديه ، وأسبوع لرجليه (11) والأولى عندي ان نذره لا ينعقد ، لأنّه غير مشروع ، وإذا لم يكن مشروعا ، فلا ينعقد ، وانعقاده يحتاج إلى دليل شرعي ، لأنّه حكم شرعي ، يحتاج في إثباته إلى دليل شرعي ، لأنّ الرسول عليه ‌السلام ، قال (12): كل شي‌ء لا يكون على أمرنا ، فهو ردّ ، وهذا خلاف سنّة الرسول عليه‌ السلام.

فإذا فرغ الإنسان من طوافه ، أتى مقام إبراهيم ، بفتح الميم ، ومن الاستيطان بضمّ الميم ، ويصلّي فيه ركعتين ، يقرأ في كل ركعة منهما الحمد ، وسورة ممّا تيسّر له من القرآن ، ما عدا سورة العزائم.

وركعتا طواف الفريضة ، فريضة ، مثل الطواف ، على الصحيح من أقوال أصحابنا ، وقد ذهب شاذ منهم إلى أنهما مسنونان ، والأظهر الأول ، ويعضده قوله تعالى: (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى) (13) والأمر في عرف الشرع ، يقتضي الوجوب ، عندنا ، بغير خلاف بيننا ، وموضع المقام حيث هو الساعة ، وهي سنة سبع وثمانين وخمسمائة.
فمن نسي هاتين الركعتين ، أو صلاهما في غير المقام ، ثمّ ذكرهما ، فليعد إلى المقام ، فليصلّ فيه ، ولا يجوز له أن يصلّي في غيره ، فإن خرج من مكة ، وكان قد نسي ركعتي الطواف ، وأمكنه الرجوع إليها ، رجع ، وصلّى عند المقام ، وإن لم يمكنه الرجوع ، صلّى حيث ذكر ، وليس عليه شي‌ء ، وإذا كان في موضع المقام ، زحام ، فلا بأس أن يصلّي خلفه ، فإن لم يتمكن من الصلاة هناك ، فلا بأس أن يصلّي حياله.

ووقت ركعتي الطواف ، إذا فرغ منه ، أي وقت كان ، من ليل أو نهار ، سواء كان ذلك ، في الأوقات المكروهة لابتداء النوافل فيها ، أو في غيرها.

ومن نسي ركعتي الطواف ، فأدركه الموت ، قبل أن يقضيهما ، كان على وليّه القضاء عنه.

_________________

(1) النهاية: كتاب الحج ، باب دخول مكة والطواف بالبيت.

(2) التهذيب: كتاب الحج ، باب الطواف ، ح 21.

(3) الوسائل: كتاب الحج ، الباب 36 من أبواب الطواف.

(4) الوسائل: كتاب الحج ، الباب 39 من أبواب الطواف.

(5) الوسائل: كتاب الحج الباب 58 من أبواب الطواف ، ح 1.

(6) النهاية: كتاب الحج ، باب دخول مكة والطواف بالبيت.
(7)
الخلاف: كتاب الحج ، مسألة 175.
(8)
الوسائل: كتاب الحج ، الباب 14 من أبواب أقسام الحج.
(9)
الوسائل: كتاب الحج ، باب 64 من أبواب الطواف.

(10) الوسائل: كتاب الحج ، باب 67 من أبواب الطواف.
(11) الوسائل: كتاب الحج ، باب 70 من أبواب الطواف.
(12)
صحيح البخاري : ج 3 ، ص 91 باب 60 ، ح 1 ، مع اختلاف يسير.

(13) البقرة: 125.

 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.