أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-8-2016
![]()
التاريخ: 1-8-2016
![]()
التاريخ: 30-8-2016
![]()
التاريخ: 9-8-2016
![]() |
ما إن تظهر فى الفيزياء نظرية جديدة حتى تسهم بنصيب ما تجاه حسم المسائل المثيرة للجدل في الفلسفة، تلك المسائل التي شغلت أذهان الفلاسفة عدة قرون دون تحقيق خطوة واحدة لحلها وثمة أمثلة كثيرة على ذلك. عندما بین چیه. چیه. طومسون أن كل جسيم مشحون بالكهرباء له نفس القصور الذاتى مثل كتلة ميكانيكية ووضع قانوناً لحساب الكتلة الميكانيكية لجسيم ما من معرفة شحنته وحجمه، استنتج الناس من ذلك حججاً لإثبات أن المادة جميعها هى مجرد شبح، ووجدوا من بينها حجة
الصالح الرؤية المثالية للعالم تعارض المادية. وظهرت تفسيرات مشابهة عندما نشأ علم الطاقة، وفسرت الظواهر بأنها تحويلات للطاقة وليس نتيجة تصادمات للكتل. ثم قدمت نظرية النسبية الفضاء اللا إقليدى رباعى البعد بديلاً للفضاء الإقليدي ثلاثي البعد الذي تقع فيه مباشرة الظواهر والأنشطة اليومية المعتادة، وفيما بعد ذهبت الميكانيكا الموجية إلى وصف العمليات الفيزيائية بالاستعانة بمفهوم الاحتمالات الذي كثيراً ما وصف بأنه عامل روحانی ،بحت به ، بدلاً من استخدام مفهوم الجسيمات الكتلية.
وفي كل موضع يبدو أن العنصر الروحاني يحل محل المادة.
كانت مثل هذه التفسيرات مرتبطة بقوة بنظرية نيلزبور المتعلقة بالطبيعة التنامية لبعض الأوصاف الفيزيائية، التي كان يؤمل منها الحصول على حجج للبيولوجيا الحيوية والقدرية وبمراجعة كل هذه التفسيرات تتبين الحقيقة التجريبية المتمثلة في إنها جميعها تتحرك تجاه صورة محددة للعالم، وليس صورا مختلفة، وإنما الصورة نفسها تبرز إلى السطح المرة تلو الأخرى.
ولقد كان من شأن فيزياء جاليليو ونيوتن أن توارت فيزياء العصور الوسطى التشبيهية من الحياة الفكرية وبقيت مع ذلك رغبة مكبوتة من أجل تحقيق توحيد الطبيعة الحية والجامدة التي كانت من سمات فيزياء العصور الوسطى دون ما تلاها من فيزياء أحدث ولم تبق سوى مشكلة واحدة بدون حل مناسب وهي: فهم نظم أو عمليات الحياة بمدلول الفيزياء، فذلك كان الشرط الضروري لتكوين مفهوم موحد للطبيعة بعد اختفاء المفهوم التشبيهي للفيزياء الذى كان يناسب جداً المفهوم الحيوى للحياة. ولقد كانت كل أزمة في تاريخ نظريات الفيزياء مصحوبة ببعض اللبس في صياغتها، وحينئذ تتطلق من عقالها وبقوة تلك الرغبة المكبوتة من داخل اللاوعي في محاولة لإتمام النظريات الجديدة في الفيزياء بواسطة تفسيرات فلسفية بما يستهدف التطلع إلى الإعلان عن عودة وشيكة إلى الفيزياء التشبيهية في العصور الوسطى، وما يترتب على ذلك من إعادة إرساء وحدة الطبيعة المفقودة. وكانت الفيزياء الروحانية تعتقد في إمكان احتواء عمليات الحياة أيضاً.
وكثيراً ما كانت تتردد تأكيدات بوجود تفسير فلسفى أيضاً لنظريات الفيزياء يخدم الصورة الرياضية الميتافيزيقية للعالم. ولكن هذا المفهوم المتماثل للروحانية والمادية كان جد سطحيا. إن الميتافيزيقا المادية بصفة عامة لا وجود لها اليوم كتيار فكرى حي وهي على الأكثر مستخدمة لتفسير الفيزياء بشكل مغرض على يد هؤلاء الفلاسفة أو العلماء الراغبين في خلق أكبر فجوة ممكنة بين الفيزياء والبيولوجيا، بهدف إتاحة الفرصة في مجال العمليات الحياتية والاجتماعية للتلاعب لصالح الميتافيزيقا
الروحانية.
ومن جهة أخرى، إذا فهمنا من المادية الرأى بأن جميع العمليات في الطبيعة يمكن اختزالها إلى قوانين ميكانيكا نيوتن فليس هذا مبدءًا فلسفيا وإنما هو فرضية فيزيائية، حقاً، إنها فرضية فيزيائية ثبت عدم صحتها ولكنها باقية بصفتها مقولة فيزيائية. وهذه الفرضية الفاسدة غير مقبولة اليوم من جانب أي مدرسة من المدارس الفلسفية التي يطلق عليها جدلاً مادية - لا من جانب المادية الجدلية" بروسيا السوفيتية ولا من جانب "الفيزيائيين" الآتين من "جماعة فيينا". إن عملية التفسير الفلسفي لنظريات الفيزياء لصالح المفهوم الروحاني للكون، يمكن تحليلها سيكولوجيا ومنطقيا سواء بسواء فمن الناحية السيكولوجية أمكن الوصول
تقريبا للآتي: الفيزيائي شأنه شأن أى فرد متعلم ،مثقف يكتسب ما بقى من نظريات ما قبل العلم الحديث، بوصفها صورة فلسفية للعالم تكمن غالباً في مثاليات غامضة او روحانيات حسبما نتعلم عادة من محاضرات الفلسفة العامة في دوائرنا الثقافية أما مبادىء هذه الفلسفة فهى غير واضحة ويصعب استيعابها. ويسعد الفيزيائي إذا وجد في علمه أي قضايا يكون فى صياغتها بعض الشبه بقضايا الفلسفة المثالية وغالبا ما يفخر جدا بأن مجال عمله يساعده على إلقاء بعض الضوء على المذاهب العامة المهمة جدا لصورة العالم هذه. لذا فإن أى تشابه فى النص والتعبير يكفى لحث الفيزيائي على تقديم قضية لعلمه يدعم به الفلسفة المثالية.
وإذا كان طومسون يتحدث عن الكتلة الحقيقية"، و"الظاهرية" فإن الفيزيائي المثقف فلسفيا يحرص على ربط طريقة الصياغة هذه بالتمييز بين العالم الحقيقي" والعالم الظاهري". إن القول بأن الكتلة الميكانيكية إنما هي كتلة "ظاهرية، تتخذ بمثابة تأييد للمثالية الفلسفية القائلة بأن المادة مجرد وهم.
وتعد البنية المنطقية لهذه التفسيرات الفيزيائية الخاطئة على جانب كبير من الأهمية العلمية، وتكمن عملية الفكر المفضية لها في خطوتين
أولاً، القضايا الفيزيائية التي هي . حقاً بيانات عن العمليات المنظورة تعد بيانات عن عالم ميتافيزيقى حقيقى. وهذه البيانات غير ذات معنى من وجهة نظر العلم إذ لا يمكن تأييدها أو نقضها بواسطة أى مشاهدة؛ لذا فإن الخطوة الأولى هي الانتقال إلى قضية ميتافيزيقية لا معنى لها. أما الخطوة الثانية فإن هذه القضية تتحول من خلال تغيير بسيط فى التعبير إلى قضية ذات معنى مرة أخرى ولكن ليس بعد في محيط الفيزياء، فهي الآن تعبر عن الرغبة أن ينتهج الناس سلوكا معيناً، ولذلك لم تعد هذه القضية قضية ميتافيزيقية وإنما صارت مبدءًا أخلاقياً أو نحو ذلك.
ويمكن تقديم أمثلة كثيرة لهذه العمليات المتضمنة لخطوتين، ومن أبسطها المثال الشهير الخاص بالكتلة الكهرمغنطيسية. صاغ طومسون القضية الفيزيائية البحتة بأن كل جسم مشحون بالكهرباء له قصور ذاتى ميكانيكي يمكن حسابه من الشحنة، وإلى هذا يمكن إضافة الفرضية الفيزيائية أيضاً بأن الكتلة الكلية للجسم يمكن حسابها بهذه الطريقة. ولقد عبر الفلاسفة عن ذلك بأنه مبدأ ميتافيزيقي بقولهم: "في العالم الحقيقي ليس هناك كتلة ميكانيكية بالمرة، من الواضح عدم تضمن هذا المبدأ المحتوى
علمى إذ لا يوجد حقائق منظورة تدعمه. أما عن الخطوة الثانية، فبعد أن تقرر أن العالم المادى مجرد وهم ومن ثم لا أهمية له مقارنة بعالم الروح، ومن ثم يمكن للإنسان في تصرفاته بل ينبغي عليه أن يهمل أى تغيرات في العالم المادى أن يكرس نفسه لاكتماله الروحي.
وحين تعبر الفرق المؤثرة عن مثل هذه الرغبات فإن المسألة تكون على جانب كبير من الأهمية بالنسبة لحياة الإنسان بطبيعة الحال، وتنطوي على معنى، ولكن من الواضح أنه ليس هناك صلة منطقية بالنظرية الكهرمغنطيسية للمادة، وإنما نشأ كل بسبب خطأ التفسير هذا بخطوتيه هاتين.
أما الجزء الأساسي للتفسير الخاطئ فهو المرور من خلال العالم الميتافيزيقي الحقيقي"، ولذلك يمكن تجنب هذا التفسير الخاطئ بمجرد محاولة إقامة جسر بين المبدأ الفيزيائي والمبدأ الأخلاقي. ويمكن أن يحدث ذلك مثلاً بالاستخدام المتسق لـ اللغة الفيزيائية التي اقترحها نويراث وكارناب كلفة كونية للعلم. وكما هو مفهوم من قواعد النحو المنطقى logical syntax فإن مصدرا أخطاء التفسير هذه هو استخدام الأسلوب المادى فى الكلام". ويعد التباين بين | الكتلة الظاهرية و الكتلة الحقيقية" بمثابة بيان عن إحدى حقائق العالم المنظور، بينما الأمر في الحقيقة هو أن هناك قاعدة نحوية عن استخدام كلمة "حقيقية". وما القانون الذي يربط بين الشحنة الكهربائية والقصور الذاتي إلا بيان بشأن العالم المنظور.
ونجد البنية المنطقية ذاتها وراء أخطاء التفسير لنظرية النسبية ونظرية الكم الأولى استخدمت لتوفير قاعدة للإيمان بالقضاء والقدر، والثانية لتوفير حجج علمية لـ تلقائية الفعل" و "استقلالية الإرادة" .
|
|
"إنقاص الوزن".. مشروب تقليدي قد يتفوق على حقن "أوزيمبيك"
|
|
|
|
|
الصين تحقق اختراقا بطائرة مسيرة مزودة بالذكاء الاصطناعي
|
|
|
|
|
العتبة العباسية المقدسة تطلق النسخة الحادية عشرة من مسابقة الجود العالمية للقصيدة العمودية
|
|
|