أهميّة استعمال المستوى الفصيح في اللغة 

نظراً لقيمة اللغة العربية الفصحى الاعتبارية، وما تقوم به من تجسير الحاضر بالماضي، وما لها من احتفاظ بذاكرة الأمة ومخزونها الثقافي، فقد كانت ولا تزال الحصن والأمن اللغوي الثقافي واللغة الجامعة بامتياز. ولهذا يجب الرفع من قيمتها الاستعمالية دون النزول إلى مستويات أدنى، كون الفصحى هي المستوى الرفيع الذي يجب أن يكون الجامع بين الأمة في أي قطر كان، ولعلّ اللهجات لهجات، لما لها من ظهور قوي في كل مناحي الاستعمال، ولكنها تفتقر إلى الدقة والعلمية والشكل المسقاع، وما يتعلّق بالنضج اللغوي الذي لا يكون إلا في الخطاب الرفيع الفصيح. وهذه سمة كلّ اللغات فيستعمل منها الفصيح في أدبيات العلم والإنتاج والتواصل الرسمي. وما أحرانا أن نستعمل هذا المستوى العالي، والعربيّة لغة بيان ومعان وبديع، وهـي عالية بحمولتها الدينية والشعريّة ومتونها القديمة العظيمة، ولا مثيل لها بين اللغات. إن المستوى الفصيح مطلب قومي وعربي وعالمي؛ تؤسّس له المدرسة، وتقوم الجامعة على تطويره، ويُساندها الإعلام في استعماله. وبالفصيح تنمو الحاسة اللغويّة الصَّحيحة نماء طبيعياً، وحينئذ يتهيأ للأُمّة أن تُسهم في الإبداع الذي هو مفتاح العلم الحديث.