أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-6-2019
![]()
التاريخ: 30-1-2021
![]()
التاريخ: 1-3-2021
![]()
التاريخ: 2024-07-08
![]() |
تنوف الآيات القرآنية التي تضمنت ذكر الليل والنهار على الستين آية ، ولكن الآيات التي اختصت بالليل والنهار أو تضمنت التركيز عليهما تنوف على الثلاثين وهي تنقسم إلى فئتين:
الفئة الأولى تتناول الجانب التكويني لظاهرتي الليل والنهار ، فتبين للناس مختلف أوجه الحكمة والرحمة في تكوين الليل والنهار في أصل خلقهما وفي تقليب كل منهما وتكويره على الآخر ، وفي ثبات نظامهما الدقيق وارتباطه بحاجة البشر الحياتية ، وفي مسيرة الليل الدائبة وراء النهار على مدار الكرة يطلبه حثيثا فلا يدركه.. وتدعوهم إلى استيعاب الدلالة والحكمة والرحمة في هاتين الظاهرتين اللتين قصدتا قصدا في تكوين الأرض وإعدادها لحياتهم .
من هذه الفئة قوله عز وجل ( وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة ) 12 الإسراء .
وقوله تعالى : ( إن ربكم الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين ) 54 الأعراف .
وقوله تعالى ( قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون ) 71_73 القصص .
وقوله تعالى ( إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب ) 190 آل عمران .
والفئة الثانية تتناول الجانب الوظيفي لليل والنهار وتدعو الناس لأن يجعلوا حياتهم منسجمة مع الوظيفة الطبيعية لكل منهما .
ومن هذه الفئة قوله عز وجل ( الله الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون ) 61 غافر .
وقوله تعالى: (وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا) 62 الفرقان .
وقوله تعالى ( وهو الذي جعل لكم الليل لباسا والنوم سباتا وجعل النهار نشورا ) 47 الفرقان .
وغرضنا في هذا القسم أن نتبين رأي الإسلام في الجانب الوظيفي لليل والنهار ثم نتبين مدى فاعلية توقيت الصلاة في تطبيق هذا الرأي ومن خير النصوص التي تصوغ وظيفة الليل والنهار على ضوء هذه الآيات ، هذا المطلع البليغ من دعاء الإمام زين العابدين ( ع ) في دعائه الصباحي المنساب الخاشع : " الحمد لله الذي خلق الليل والنهار بقوته ، وميز بينهما بقدرته ، وجعل لكل واحد منهما حدا محدودا وأمدا ممدودا يولج كل واحد منهما في صاحبه ، ويولج صاحبه فيه بتقدير منه للعباد فيما يغذوهم به وينشؤهم عليه فخلق لهم الليل ليسكنوا فيه من حركات التعب ونهضات النصب ، وجعله لباسا ليلبسوا من راحته ومنامه فيكون ذلك لهم جماما وقوة ، ولينالوا به لذة وشهوة .
وخلق لهم النهار مبصرا ليبتغوا من فضله وليتسببوا إلى رزقه ويسرحوا في أرضه طلبا لما فيه نيل العالج من دنياهم ودرك الأجل في أخراهم بكل ذلك يصلح شأنهم ، ويبلو أخبارهم ، وينظر كيف هم في أوقات طاعته ومنازل فروضه ومواقع أحكامه ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى.. عدلا منه تقدست أسماؤه وتظاهرت آلاؤه.. " الصحيفة السجادية الدعاء السادس فالجانب الوظيفي لليل في رأي الإسلام هو السكن لهذا الجهاز الإنساني ، أما الحركة فهي اضطرار مخالف لوظيفة الليل الطبيعية، والجانب الوظيفي للنهار هو العمل والنشور السرح في الأرض أما السكون فهو مخالف لوظيفة النهار الطبيعية ، اللهم إلا راحة الظهيرة القصيرة التي تنص عليها الآية 58 من سورة النور ( يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات في اليوم.. وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ) والتي تكون بحكم الاكتفاء بسكن الليل ارتياحا موجزا لتجديد النشاط عقب شوط العمل وطعام الغداء، وقضية السبات والنشور في الليل والنهار حقيقة عميقة في تكوين الإنسان وحياته ، سواء تكويننا الجسدي والنفسي والعقلي.. والبحوث العلمية في هذا الجانب لا بد أن تجئ مؤيدة لهذه الحقيقة كما أيدها إلى الآن العديد من البحوث الفسيولوجية والنفسية .
ومن أكبر الجنايات التي يستهين بها الناس جنايتهم في إهمال الوظيفة الطبيعية لليل والنهار وقلبها رأسا على عقب.. فلو أردنا أن نقدر الخسائر التي تترتب على هذا التغيير لرأيناها فادحة جدا إن في الصحة الجسدية أو الصحة العقلية والنفسية للناس، أو في الناحية الاقتصادية أيضا .
لذلك كان من الطبيعي للإسلام وهو المنهج الرباني للحياة المثلى أن يعالج هذه الناحية بتوعيته النظرية وبتشريعاته العملية، وقد تمثل جانب التوعية النظرية بتقرير الجانب التكويني والجانب الوظيفي لليل والنهار وتركيزه والتأكيد عليه ، وهو ما تكفلت به الفئتان من الآيات التي أشرنا إليها والعديد من نصوص السنة التي فصلت النظرية وشرحتها ، كقوله صلى الله عليه وآله " لا سهر إلا في ثلاثة تهجد بالقرآن أو في طلب العلم أو عروس تهدى إلى زوجها " رواه في الخصال ص 112
وأما الجانب التشريعي لمعالجة هذه الناحية من حياة الناس فأراه يتمثل أكثر ما يتمثل في توقيت الصلاة الصباحية والمسائية.. فقد فرض الله عز وجل على الناس أن يستيقظوا قبل طلوع الشمس ليؤدوا صلاتهم بين يديه سبحانه إيذانا ببدء النشور وانتهاء السبات ، كما فرض عليهم أن يؤدوا صلاة أخرى في المساء إعلانا بختام فترة النشور ودخول فترة السكون .
إن صلاتيّ الصباح والمساء إذ تحددان بصورة طبيعية وأكيدة بدء العمل ونهايته لترسمان لنا الصورة اليومية لنشاط المجتمع الإسلامي . مجتمع يهب مع الفجر على انسياب الأذان بصوت الاعلان الخالد ( الله أكبر ) للماء الطهور يفتح به نشاطه بعد استجمام ويمثل بين يدي الرب الرحيم ، بادئا يومه الجديد باسمه وبعونه وبهدايته وفي طريقه مجتمع يتنفس أناسه مع تنفس الطبيعة الرائع وتتفتح قلوبهم بإشراقة الصلاة مع تفتح قلب الطبيعة بإشراقة التسبيح ، فيمتزج ابتهال الإنسان في موكب سعيد من تغريد وثغاء وأريج وهديل يعم المدن والقرى والسهول والسفوح والقمم فرحة بيوم جديد وأمل جديد . ثم ينطلق هذا الموكب في نشاطه بعين الله وبعونه يقيم حياته ويعمر أرضه ويصرف شؤونه حتى إذا نثرت عليه الشمس ثمالة أشعتها وعسعس الليل مؤذنا بالسكون عسعس موكب الحياة المبارك إلى مهاد أمن الله في ختام رائع يلتف فيه حنان الثغاء بزقزقة الأوكار وإياب النسيم بارتياح الزهور وتنزل الملائكة بصلاة الختام ، حيث يعود الناس من سرحهم وكدحهم إلى بيوت الله أو بيوتهم يشكرونه على توفيق يومهم ويعتذرون إليه لما فرط منهم ويستهدونه لأيامهم المقبلة ويستمدون منه المعونة للسير في المهمة التي خلقهم من أجلها وهداهم إليها ، ثم ليسكنوا إلى أهليهم من حركات التعب ونهضات النصب ليكون ذلك لهم جماما وقوة وسعادة . ولافتتاح النهار أثر كبير في سلوك الإنسان فإن العمل المؤثر الذي تفتتح به نشاطك والشعور الذي تتلقاه في الصباح ينعكسان على عملك في النهار بشعور أو لا شعور . وماذا أبلغ من أن يفتتح الناس نشاطهم في أرضهم بصلاة بين يدي رب الأرض والوجود عز وجل يستهدونه الطريق ويستعينونه على الأهداف ثم ليسرحوا في أرضه ويبتغوا من فضله . وختام النهار كافتتاحه أو هو أشد حاجة لعودة إلى الله ووقفة تضع الناس بحصيلة نهارهم بين يديه ليباركوا نتاجهم الخير وجهدهم المبرور وينفضوا عنهم أوضار النهار وأثقاله وآثامه، إنها صورة بديعة لبكور الناس وعشيهم تشدنا إلى جمال الحياة الإسلامية التي افتقدها عالمنا الحاضر واستبدلها بالتمزق المرير الذي ينام أناسه على شبحه في ساعة متأخرة من الليل ويستيقظون على مضغه في ضحى النهار وماذا باستطاعة حضارة الانفصام عن الله ، أن تحقق للناس غير انفصالهم عن الطبيعة وعن أنفسهم؟.. لو كان الناس أكفاء لإسعاد أنفسهم في الدنيا بدون هدى الله لانتظموا مع الطبيعة في منهج البكور والعودة على الأقل! تبارك الذي خلق الليل والنهار ، وشرع للنشور والعودة صلاة شاكرة معطاءة تزود الناس بالهدى وتنتظم بهم في موكب الطبيعة الجميل.. وإذا بلغ النهار منتصفه وجب على الناس أن يؤدوا صلاة الظهر ، وفي هذا التوقيت علاج لمسألتين مهمتين في حياة الناس :
الأولى : تصفية الشوائب التي تعلق بنفس الإنسان في غمرة الحركة فإن باستطاعتك أن تدرس فردا أو أفرادا من الناس لترى الفرق الكبير بين حالتهم النفسية في الصباح حينما توجهوا إلى أعمالهم باسم الله وعلى بركته ، وبين حالتهم النفسية قرابة الظهر وقد قطعوا شوطا من العمل في طلب الرزق ، والتعامل مع الناس .
أو تلحظ المحتوى النفسي لمجتمع استقبل يومه الجديد بالصلاة الصباحية فخشع بين يدي الله وتملى وجوده وهدفه ومفاهيمه عن الحياة والسعي فيها وانتشر في أعماله . ثم تلحظ هذا المجتمع قرابة الظهر وقد أمعن فلاحوه في حقولهم وتجاره في أسواقهم وموظفوه في دوائرهم وعماله في أعمالهم ومسؤولوه في تصريف أموره . لتجد المسافة بين مشاعر الصباح ومشاعر هذه الساعة .
سترى مجتمعا استغرق في حركة السعي لرزقه حتى كاد ينسى مفهومه عن السعي، والروح الفردية قد تسربت في أفراده حتى ليكاد الواحد منهم أن ينحصر في جوه ومشاغله الخاصة ناسيا بذلك وجوده المجموعي ومسؤولياته في ذلك .
إنه داء النسيان يعاود الإنسان في غمرة علائقه بالدنيا فيتهدد مفهومه عن المال والذات ويتهدد هدفه من كدحه وسرحه حتى تكاد تنفذ من قلبه شحنة المشاعر الجيدة التي تلقاها في الصباح فلا يعيده إليها إلا نداء يأتي من مختلف الجنبات معلنا ( الله أكبر ) للتجاوب معه أعماق الضمير قائلة : نعم الله أكبر نداء وكأنه يد الغيب الرفيقة تمتد فتنتشل الناس من نسيانهم لتضعهم بين يدي ربهم الأكبر عزو جل ، أمام مفاهيمهم ومشاعرهم وهدفهم من حياتهم الدنيا وحياتهم العليا .
ضعيف هذا الإنسان عندما يستغرق في كدحه فينسى كدحه ويستغرق في نفسه فينسى نفسه ، ينسى أنه موجود في زاوية من كون الله الكبير وأنه لا بد تارك هذه الزاوية وعائد إلى قلب الكون ليلاقي هناك ربه وعمله ولذلك كانت صلاة الظهر نعم الدواء ، نعم العون على الضعف والمنعش للنفس .
والمسألة الثانية : التي يعالجها توقيت الصلاة بانتصاف النهار : مسألة تحديد شوط العمل فمن الواضح في المجتمع الإسلامي أن أذان الظهر يعلن انتهاء شوط العمل الصباحي ، ويدعو الناس لأداء فريضتهم وتناول غدائهم . لقد أحكم الله سبحانه بقدرته خلق الإنسان فجعل نفسه وجسده يحتاجان إلى الطاقة في آن ، فما أن تبلغ الشمس كبد السماء حتى تحتاج النفس إلى استعادة معطى الإسلام من المفاهيم والأهداف في صلاة بين يدي الله تبارك وتعالى ، ويحتاج الجسم إلى وجبة الغذاء وربما لشيء من الراحة .
إن الصورة الإسلامية المفضلة للعمل في الأرض أن يكون انتصاف النهار نهاية لشوط الصباح وبملاحظة البكور في النشور الذي تفرضه صلاة الفجر فإن الدوام الرسمي يكون فترة واحدة تبدأ بطلوع الشمس أو بعده بقليل ، وتنتهي بصلاة الظهر أما الأعمال الحرة فتكون على فترتين ، أولاهما فترة الدوام الرسمي ، والثانية تبدأ بعد راحة الظهيرة وصلاة العصر وتنتهي بصلاة المغرب.. ثم يكون السكون والاستجمام ونلمس حرص الإسلام على هذه الصورة لمجتمعه من تأكيده بشكل خاص على الصلاة الوسطى صلاة الظهر فقد ورد في تفسير قوله تعالى ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ) أن الصلاة الوسطى هي صلاة الظهر كما في الوسائل ج 3 ص 14 .
كما ورد في تفسير قوله تعالى: ( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله ) أن الانتشار المقصود هو الانتشار يوم السبت وليس عصر الجمعة ، رواه في الخصال ص 393 .
|
|
علماء يطورون أداة ذكاء اصطناعي.. تتنبأ بتكرار سرطان خطير
|
|
|
|
|
ناسا تكشف نتائج "غير متوقعة" بشأن مستوى سطح البحر في العالم
|
|
|
|
|
المجمع العلمي يقيم دورتين لتعليم أحكام التلاوة لطلبة العلوم الدينية في النجف
|
|
|