معنى قوله تعالى وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى

قال تعالى : {وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا} [الإسراء : 72].

 قال أبو جعفر الباقر عليه السّلام : « من لم يدلّه خلق السماوات والأرض ، واختلاف الليل والنهار ، ودوران الفلك [ والشمس والقمر ] ، والآيات العجيبات على أنّ وراء ذلك أمرا أعظم منه {فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلًا } فهو عمّا لم يعاين أعمى وأضل سبيلا » « 1 ».

وقال الرضا عليه السّلام لعمران الصابي : « إيّاك وقول الجهّال من أهل العمى والضّلال الذين يزعمون أنّ اللّه تعالى موجود في الآخرة للحساب والثواب والعقاب ، وليس بموجود في الدنيا للطاعة والرجاء ، ولو كان في الوجود للّه عزّ وجلّ نقص واهتضام لم يوجد في الآخرة أبدا ، ولكنّ القوم تاهوا وعموا وصمّوا عن الحقّ من حيث لا يعلمون ، وذلك قوله عزّ وجلّ : وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلًا يعني أعمى عن الحقائق الموجودة ، وقد علم ذوو الألباب أنّ الاستدلال على ما هناك لا يكون إلّا بما ها هنا ، ومن أخذ علم ذلك برأيه ، وطلب وجوده وإدراكه عن نفسه دون غيرها ، لم يزدد من علم ذلك إلّا بعدا ، لأنّ اللّه تعالى جعل علم ذلك خاصّة عند قوم يعقلون ويعلمون ويفقهون » « 2 ».

_______________

( 1 ) التوحيد : ص 455 ، ح 6.

( 2 ) عيون أخبار الرضا عليه السّلام : ج 1 ، ص 175 ، ح 1 ، التوحيد : ص 438 ، ح 1.