المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية
آخر المواضيع المضافة

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 18706 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

تفسير الآية (7-15) من سورة يوسف
28-6-2020
الدعاء الذي فرق به البحر
2023-04-26
An experiment with bullets
2024-04-17
التوحيد والتوكل
7-5-2019
الأشكال الأرضية الترسيبية في بيئة المنحدرات
2025-04-02
أسس اختيار مشكلة البحث الإعلامي
2024-12-28


من قصة النبي يوسف عليه السلام  
  
218   09:15 صباحاً   التاريخ: 2025-03-03
المؤلف : الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
الكتاب أو المصدر : التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة : ج 3، ص356-362.
القسم : القرآن الكريم وعلومه / قصص قرآنية / قصص الأنبياء / قصة النبي إسحاق ويعقوب ويوسف /

من قصة النبي يوسف عليه السلام 

 

قال تعالى : { ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (35) وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (36) قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (37) وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (38) يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39) مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (40) يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ (41) وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ (42) وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43) قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ (44) وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ (45) يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ (46) قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ (47) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ (48) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (49) وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (50) قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (51) ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ (52) وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (53) وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ (54) قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55) وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ } [يوسف : 35 - 56].

قال عليّ بن إبراهيم : في رواية أبي الجارود ، قال أبو جعفر عليه السّلام في قوله : ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ : « فالآيات : شهادة الصبيّ ، والقميص المخرّق من دبر ، واستباقهما الباب حتى سمع مجاذبتها إيّاه على الباب ، فلمّا عصاها لم تزل ملحّة بزوجها حتّى حبسه وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ يقول : عبدان للملك ، أحدهما خبّاز ، والآخر صاحب الشراب ، والذي كذب ولم ير المنام هو الخبّاز » « 1 ».

وقال : وكّل الملك بيوسف رجلين يحفظانه ، فلمّا دخلا السّجن ، قالا له : ما صناعتك ؟ قال : أخبّر الرؤيا . فرأى أحد المتوكّلين في منامه ، كما قال اللّه عزّ وجلّ : وَقالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ ولم يكن رأى ذلك ، فقال له يوسف : أنت يقتلك الملك ويصلبك ، وتأكل الطير من رأسك . فضحك الرجل ، وقال : إنّي لم أر ذلك . فقال يوسف ، كما حكى اللّه تعالى : يا صاحِبَيِ السِّجْنِ {أَمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ }.

وقال أبو عبد اللّه عليه السّلام في قوله : إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ قال : « كان يقوم على المريض ، ويلتمس المحتاج ، ويوسع على المحبوس » . فلمّا أراد - من رأى في نومه يعصر خمرا - الخروج من الحبس ، قال له يوسف :

اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فكان كما قال اللّه عزّ وجلّ : {فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ } [يوسف: 42] « 2 » .

وقال أبو عبد اللّه عليه السّلام : « إنّ يوسف أتاه جبرئيل ، فقال له : يا يوسف ، إنّ ربّ العالمين يقرئك السّلام ، ويقول لك : من جعلك في أحسن خلقة ؟

قال : فصاح ووضع خدّه على الأرض ، ثمّ قال : أنت يا ربّ ، ثم قال له :

ويقول لك : من حبّبك إلى أبيك دون إخوتك ؟ - قال : - فصاح ووضع خدّه على الأرض ، وقال : أنت يا ربّ ، قال : ويقول لك : ومن أخرجك من الجبّ بعد أن طرحت فيها ، وأيقنت بالهلكة ؟ قال : ويقول لك : ومن أخرجك من الجبّ بعد أن طرحت فيها ، وأيقنت بالهلكة ؟ قال : - فصاح ووضع خدّه على الأرض ، ثمّ قال : أنت يا ربّ . قال : فإن ربّك قد جعل لك عقوبة في استغاثتك بغيره فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ ».

قال : « فلما انقضت المدّة ، وأذن اللّه في دعاء الفرج ، فوضع خده على الأرض ، ثم قال : اللهمّ إن كانت ذنوبي قد أخلقت وجهي عندك ، فإنّي أتوجّه إليك بوجه آبائي الصالحين إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب . ففرّج اللّه عنه ».

قلت : جعلت فداك ، أندعو نحن بهذا الدعاء ؟ فقال : « أدع بمثله : اللهمّ إن كانت ذنوبي قد أخلقت وجهي عندك ، فإنّي أتوجه إليك بنبيّك نبيّ الرحمة محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وعليّ وفاطمة والحسن والحسين والأئمة عليهم السّلام » « 3 » .

وقال علي بن إبراهيم : ثم إنّ الملك رأى رؤيا ، فقال لوزرائه : إني رأيت في نومي سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ أي مهازيل ، ورأيت سَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ وقرأ أبو عبد اللّه عليه السّلام : « سبع سنابل » « 4 » . ثمّ قال : {يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ } [يوسف : 43] فلم يعرفوا تأويل ذلك ، فذكر الذي كان على رأس الملك رؤياه التي رآها ، وذكر يوسف بعد سبع سنين ، وهو قوله : وَقالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أي بعد حين أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ فجاء إلى يوسف فقال :

{ يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ} [يوسف : 46] ؟

قال يوسف : {تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَما حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ } أي لا يدوسوه فإنّه يفسد في طول سبع سنين ، وإذا كان في سنبله لا يفسد

ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ سَبْعٌ شِدادٌ يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ أي سبع سنين مجاعة شديدة ، يأكلن ما قدّمتم لهنّ في السبع سنين الماضية . قال الصادق عليه السّلام : « إنّما نزل : ما قرّبتم لهنّ » « 5».

ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ أي يمطرون . . قال أبو عبد اللّه عليه السّلام : « قرأ رجل على أمير المؤمنين عليه السّلام :

ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ على البناء للفاعل ، فقال : ويحك : أي شيء يعصرون ، يعصرون الخمر ؟ ! قال الرجل :

يا أمير المؤمنين ، كيف أقرأها ؟ فقال : إنّما نزلت وَفِيهِ يَعْصِرُونَ « 6 » أي يمرون بعد سنيّ المجاعة ، والدليل على ذلك ، قوله : {وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا} [النبأ : 14].

فرجع الرجل إلى الملك فأخبره بما قال يوسف ، فقال الملك : {ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جاءَهُ الرَّسُولُ قالَ ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ يعني إلى الملك فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ } فجمع الملك النسوة ، فقال لهنّ : {ما خَطْبُكُنَّ إِذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ } أي لا أكذب عليه الآن كما كذبت عليه من قبل .

ثمّ قالت : {وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ أي تأمر بالسوء إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي}

فقال الملك :

ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فلمّا نظر إلى يوسف قالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنا مَكِينٌ أَمِينٌ فاسأل حاجتك ؟

{قالَ اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ } يعني : على الكناديج « 7 » والأنابير « 8 » ، فجعله عليها ، وهو قوله :

{وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْها حَيْثُ يَشاءُ } « 9 » .

وقال أبو عبد اللّه عليه السّلام في قول يوسف : {اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ }: « حفيظ بما تحت يدي ، عليم بكلّ لسان » « 10 » .

وقال الرضا عليه السّلام : « وأقبل يوسف عليه السّلام على جمع الطّعام ، فجمع في السبع سنين المحصنة ، فكبسه في الخزائن ، فلمّا مضت تلك السنون ، وأقبلت السّنون المجدبة ، أقبل يوسف على بيع الطّعام ، فباعهم في السّنة الأولى بالدّراهم والدّنانير ، حتى لم يبق بمصر وما حولها دينار ولا درهم إلا صار في ملك يوسف : وباعهم في السّنة الثانية بالحليّ والجواهر ، حتى لم يبق بمصر وما حولها حليّ ولا جواهر إلّا صار في ملكه . وباعهم في السّنة الثالثة بالدّوابّ والمواشي ، حتى لم يبق بمصر وما حولها دابّة ولا ماشية إلا صار في ملكه ، وباعهم في السّنة الخامسة بالدّور والعقار ، حتى لم يبق بمصر وما حولها دار ولا عقار إلا صار في ملكه ، وباعهم في السّنة السادسة بالمزارع والأنهار ، حتى لم يبق بمصر وما حولها نهر ولا مزرعة إلّا صار في ملكه ، وباعهم في السّنة السابعة برقابهم ، حتى لم يبق بمصر وما حولها عبد ولا حرّ إلا صار عبدا ليوسف . فملك أحرارهم وعبيدهم وأموالهم ، وقال الناس : ما رأينا ولا سمعنا بملك أعطاه اللّه من الملك ما أعطي هذا الملك حكما وعلما وتدبيرا .

ثمّ قال يوسف للملك : أيها الملك ، ما ترى فيما خوّلني ربّي من ملك مصر وما حولها ؟ أشر علينا برأيك ، فإنّي لم أصلحهم لأفسدهم ولم أنجهم من البلاء لأكون بلاء عليهم ، ولكنّ اللّه تعالى أنجاهم على يدي . قال الملك :

الرأي رأيك .

قال يوسف : إني أشهد اللّه وأشهدك أيها الملك إني قد أعتقت أهل مصر كلّهم ، ورددت عليهم أموالهم وعبيدهم ، ورددت عليك أيّها الملك خاتمك « 11 » وسريرك وتاجك ، على أن لا تسير إلّا بسيرتي ، ولا تحكم إلّا بحكمي .

قال له الملك : إنّ ذلك لزيني وفخري أن لا أسير إلا بسيرتك ، ولا أحكم إلا بحكمك ، ولولاك ما قويت عليه ولا اهتديت له ، ولقد جعلت سلطاني عزيزا لا يرام ، وأنا أشهد أن لا إله إلا اللّه ، وحده لا شريك له ، وأنّك رسوله ، فأقم على ما وليتك ، فإنك لدينا مكين أمين » « 12 ».

____________
( 1 ) تفسير القميّ : ج 1 ، ص 344 .

( 2 ) تفسير القميّ : ج 1 ، ص 344 .

( 3 ) تفسير القميّ : ج 1 ، ص 344 .

( 4 ) انظر مجمع البيان : ج 5 ، ص 361 .

( 5 ) انظر مجمع البيان : ج 5 ، ص 361 .

( 6 ) قرأ الصادق عليه السّلام ، والأعرج ، وعيسى بن عمر ( يَعْصِرُونَ ) بياء مضمومة وصاد مفتوحة ، وقرأ حمزة والكسائي وخلف ( تعصرون ) بتاء مفتوحة وصاد مكسورة ، والباقون بالياء ، مجمع البيان : ج 5 ، ص 361 ، النشر في القراءات العشر : ج 2 ، ص 295 ، كتاب التيسير في القراءت السبع : ص 129 .

( 7 ) الكندوج : شبه المخزن ، معرب كندو « القاموس المحيط : ج 1 ، ص 212 » .

( 8 ) الأنابير : جمع أنبار : أكداس الطعام . « تاج العروس - نبر - ج 3 ، ص 553 ».

( 9 ) تفسير القميّ : ج 1 ، ص 345 .

( 10 ) علل الشرائع : ص 125 ، ح 4 .

( 11 ) في « ط » : عليك الملك وخاتمك .

( 12 ) مجمع البيان : ج 5 ، ص 372 .

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .