أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-11-14
523
التاريخ: 2023-12-18
1272
التاريخ: 2023-09-10
1350
التاريخ: 2024-11-24
431
|
قد قدّمنا أنّه كان بعض السلف يكره كتابة الأحاديث لخوف التزوير وترك الحفظ للاتّكال على الكتابة.
ثم بيّنا أنّ ذلك عنت بيّن، وقدّمنا ما يدلّ على وجوب كتابتها فضلاً عن جوازه، وقد وقع الإجماع على ذلك، خصوصاً في زماننا هذا الذي كادت تندرس فيه آثار أهل البيت (عليهم السلام)، بل اندرست أكثر معالمه وعلومه وكيفيّات استفادته وإفادته، وكادت تنقطع روايته ويجهل قدره ونفعه. نسأل الله العصمة والتوفيق لما يحبّ ويرضى.
فالواجب على كاتبه صرف الهمّة إلى ضبطه وتحقيقه شكلاً ونقطاً وتبييناً لحروفه بحيث يؤمن اللبس معه، ولاسيما شكل الملتبس ونقطه فإنّه أهم.
وقد روينا عن محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن احمد بن محمد بن عيسى عن احمد بن محمد بن ابى نصر عن جميل بن درّاج قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): أعربوا أحاديثنا فإنّا قوم فصحاء (1).
وبعضهم يكره شكل ما عدا الملتبس.
وينبغي الاعتناء بضبط الملتبس من الأسماء أكثر، فإنّه أهم.
فإن لم يتيسّر في نفس الكتاب كتب وضبط على الحاشية قبالته.
ويستحب تحقيق الخط دون مشقّه وتعليقه. ويكره تعليقه.
وينبغي ضبط الحروف المهملة أيضاً، بأن يجعل نقطة كل حرف معجم تحت نظيره المهمل، وقيل: يجعل فوقها كقلامة الظفر مضجعة على قفاها، وقيل: تحتها حرف صغير مثلها. وكلّ ذلك جائز.
نعم، لا ينبغي أن يصطلح مع نفسه بشيء لا يعرفه الناس، فإن فعل فليبيّن في أوّل الكتاب أو آخره.
فوائد :
(الأولى) ينبغي لكاتب الحديث أن يكتب أول الكتاب بعد البسملة اسم الشيخ المروي عنه وكنيته ونسبه ونحو ذلك من التعريف والتوضيح، وإن أضاف تاريخ السماع ومحلّه كان أكمل كما فعله أكثر محدّثينا ومحدّثي العامّة، ثم يجعل بين كلّ حديثين دائرة حمراء أو سوداء كبيرة بيّنة أبين من كتابة الأحاديث كما كان يفعله المتقدّمون، ولو ترك مكانها بياضاً متّسعاً بيّناً جاز؛ لأنّ القصد التمييز.
وآكد من ذلك أن يفصل بين الحديث وغيره ممّا يتّصل به من كلام المؤلّف بهاء مشقوقة هكذا (هـ) أو نحوها لئلا يختلط الحديث بغيره، كما وقع لنا في بعض أحاديث التهذيب من الالتباس بكلام المقنعة وكلام الشيخ الطوسي رحمه الله، فلم نميّزه الا بعد عسر شديد وتفتيش تام.
وتكون الدائرة المذكورة أولا علامة لأول الحديث، فإن كان بعد الحديث حديث آخر اكتفي بها بينهما، وإن كان بعده كلام تعيّنت الهاء.
وهذا في مثل التهذيب والاستبصار واجب، لاختلاط أحاديث التهذيب بكلام المقنعة وبكلام الشيخ، واختلاط أحاديث الاستبصار بكلام الشيخ في وجه الجمع وغيره.
وقد ميّزت بحمد الله في كتابي بعضاً عن بعض، بحيث لا يلتبس منه شيء بشيء.
وينبغي أن تكون الدائرة المذكورة خالية الوسط.
فإذا قابل نقط وسطها نقطة، ثم كلّما قابل مرّة نقط وسطها نقطة ليحص الاطمئنان بالنسخة.
ويكره في مثل (عبد الله) و(رسول الله) و(أبو محمد) كتابة الأول في آخر السطر والثاني في آخر الأول.
وأقبح من ذلك الفرق كذلك بين العاطف والمعطوف إذا كان بالواو، وقد يسهل إذا كان بغيرها.
وأقبح من كل ذلك ـ بل لا يفعله ذو بصيرة ـ تفريق الكلمة الواحدة كذلك.
(الثانية) يستحب أن يحافظ الكتاب على كتابة الصلاة والتسليم على رسول الله والأئمّة (عليهم السلام) في كلّ حديث كلّما ذكر ولا يسأم من تكراره ومن أغفله حرم أجراً جزيلا.
ولا يتقيّد بما في الأصل إن كان ناقصاً؛ لأنّه دعاء تنشؤه لا شيء ترويه.
وكذا الثناء على الله تعالى بـ(عزّ وجلّ) وشبهه كلّما ذكر.
وكذا الترضّي والترحّم على خلصاء الصحابة وأصحاب الأئمّة (عليهم السلام) والعلماء والصالحين، الا ما يكون في نفس السند فانّ ذلك يوجب تطويلا مملا قد أعرض عنه العلماء رغبة في الاختصار.
ويكره الرمز لذلك، كما يكره بل يحرم إفراد النبي عن الآل بالصلاة أو السلام كما يفعله أعداؤهم.
هذا مع ما قد رووا في صحاحهم عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: من صلّى عليّ ولم يصلّ على آلي فقد جفاني.
ورووا أيضاً في عدة أحاديث أنّ الصحابة لمّا قالوا: كيف الصلاة عليكم يا رسول الله؟ فقال: قولوا (اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على ابراهيم وآل ابراهيم إنّك حميد مجيد) (2).
فقد رواه البخاري بأربع طرق، ورواه أيضاً مسلم في صحيحه، ورواه إمامهم الثعلبي بثلاث طرق.
ولكن هذا غير عجيب بعدما فعلوه من بغضهم ونصب العداوة والحرب لهم بعدما نقلوه في شأنهم.
(الثالثة) الواجب على ناقل الحديث أن يقابل نسخته بأصل شيخه أو أصل معتمد معلوم الصحة، ولا عبرة بكونه عتيقاً أو عليه كتابات البلاغ، فإنا قد شاهدنا شيئاً من ذلك مشحوناً بالغلط.
بل لا بُدَّ من امتحان النسخة بمقابلة جانب منها بغيرها من النسخ ونحوه ليعلم صحتها.
والأفضل أن يمسك هو وشيخه كتابيهما أو ثقة ضابط ذو بصيرة غير أو غير شيخه أو ثقتين ضابطين غيرهما، فإن لم يقابله بهذا الشرط لم يجز روايته ولا النقل منه.
(الرابع) المختار في تخريج الساقط، وهو (اللحق) بفتح اللام والحاء: أن يخط من موضع سقوطه في السطر خطّاً صاعداً قليلا معطوفاً بين السطرين عطفة يسيرة الى جهة اللحق ويكتب اللحق قبالة العطفة في الحاشية التي تجاوز أول السطر من الصفحة اليمنى والتي تجاوز آخر السطر من اليسرى إن اتّسعت لذلك والا ففي الجهة الأخرى، الا أن يسقط في آخر السطر فتخرج إلى آخره على كلّ حال مع السعة.
ثم إن كانت في الجانب الأيسر كتبت صاعداً الى أعلى الورقة مطلقاً، الا أن تكون كلمة أو كلمتين فتكتب على سمت الأسطر.
وان كانت في الجانب الأيمن كتبت صاعداً أيضاً ان كانت سطراً واحداً، فإن زادت كتبت الى أسفل.
ثم يكتب في انتهاء اللحق (صح)، وليكتب واضحاً كخط الأصل، الا أن يخشى الضيق.
وأمّا الحواشي من غير الاصل كشرح وبيان غلط واختلاف رواية أو نحو ذلك فليكتب على غير نسق اللحق بخطٍّ أدقٍّ من الأصل وسطوره على سمت الأسطر، لكن بانحراف يسير الى أعلى أو الى أسفل، وليعلم لها بخرجة لطيفة فوق الكلمة التي هي لها أو باء هندية أو نحو ذلك.
(الخامسة) شأن المتقنين التصحيح والتضبيب، وهو التمريض، وقد يسمّى التشكيك.
والتصحيح: كتابة (صح) صغيرة فوق كلام صح رواية أو معنى وهو عرضة للشك أو الخلاف أو الوهم.
وأمّا التضبيب: فأن يمدّ خطّه أوّله كالصاد الصغيرة، ولا يلصق بالممدود عليه على ما فسد لفظاً أو معنى أو كان فيه نقص أو لبس أو نحو ذلك.
هكذا كان يفعله الصدر الأول وما بعده.
وأمّا المتأخّرون فربّما استعملوه قليلا، والمستعمل بين المتأخّرين في عصر الشهيد وما قاربه التضبيب بباء هندية ... فوق الكلمة ثم يكتبون باء هندية أخرى مثلها بإزائها على الحاشية ليسهل تصحيحه إذا أريد. وهو في غاية الحسن، وعليه عملنا في كتب الأحاديث وغيرها.
وبعضهم ينقط ثلاث نقط عليه ثم على الحاشية بإزاه، ولا بأس به.
(السادسة) إذا وقع في الكتاب ما ليس منه نفي بالضرب أو الحك، والضرب أولى.
فيخط فوق المضروب خط بيّن دال على إبطاله مختلط به، ولا يطمسه بالسواد ولا بغيره فيصير مستقبحاً بل يترك ممكن القراءة.
وبعضهم لا يخلطه بالمضروب عليه بل يخط فوقه ويعطف على أوله وآخره وبعضهم يحوق على أوله وآخره نصف دائرة. وبعضهم يضع دائرة صورة أوله وأخرى آخره. وبعضهم يكتب (لا) في أوله و(إلى) في آخره.
والأول أولى من كل ذلك؛ لأنّ ذلك قد يخفى فيوقع الناسخ منه في الغلط كما شاهدناه كثيراً.
وأمّا إذا وقع تكرار، فبعضهم يختار الضرب على الثاني، وهو جيد إن تساويا والا بقي أحسنهما صورة وأبينهما.
وإن كان التكرار أول السطر ضرب على الثاني، أو آخره فعلى الأول، وإن كان آخر سطر وأول آخر فعلى آخر السطر.
فإن تكرّر المضاف أو مضاف إليه أو الموصوف أو الصفة أو نحو ذلك روعي الاتصال أو يراعى الأحسن والأبين.
وأمّا الحك والكشط فهو عندهم مكروه؛ لأنّه عناء وربّما أفسد الورق أو أضعفه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الكافي 1 / 52.
(2) صحيح البخاري 2 / 708، سنن الترمذي 5 / 395، سنن أبي داوود 1 / 257.
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
استمرار توافد مختلف الشخصيات والوفود لتهنئة الأمين العام للعتبة العباسية بمناسبة إعادة تعيينه
|
|
|