أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-08-27
586
التاريخ: 2024-06-20
872
التاريخ: 2024-05-23
840
التاريخ: 3-10-2016
2389
|
وقد كشفت لنا محتويات بعض مقابر هذا العصر عن ناحية هامة في عادات الدفن والمراسيم الجنازية، بقيت بعدها مستعملة طوال العهد الفرعوني، وذلك أن أهم ما كان يصبو إليه المصري حتى العهد الذي نحن بصدده هو أن يحافظ على جسمه في القبر ليحيا حياة ثانية في عالم الآخرة، فكان يعمل مدة حياته ما يضمن له ذلك في آخرته، وبخاصة أنه كان يأخذ العدة لتحنيط الجسم، فكانت حرفة التحنيط رغم اعتبار محترفها نجسًا من أهم الحرف؛ لأن ما يقوم به صاحبها من العمل كان وسيلة تؤدي إلى الحياة الأبدية؛ إذ كان يخاف المصري انحلال جسمه فتُترك روحه المادية لا مأوى لها. وقد دلت الحفائر التي عملت في الدير البحري من عهد الأسرة الحادية عشرة على تأييد ذلك، فقد عُثر على حجرة تحنيط الوزير «إبي» مختومة لم تُمس بعد وتقع بالقرب من قبره، وقد بقي لنا منها بعض أشياء تعد فريدة في بابها. فلقد جهز هذا الوزير هذه الحجرة بكل سخاء من منسوجات، وعقاقير، وزيوت عطرية، ونشارة وأوانٍ من الفخار عديدة تفوق ما يحتاج إليه عادة لتحنيط الجسم، وقد استحضر كل ذلك في هذه الحجرة استعدادًا لليوم الذي سيحنَّط فيه، يضاف إلى ذلك أنه وجدت كذلك مغسلة من الخشب طولها سبع أقدام وعرضها أربع أقدام، وهي في شكلها تشبه المشرحة الحديثة، وقد حُليت أركانها الأربعة بتعاويذ أربع تمثل كل منها علامة الحياة. وكذلك وجدت ضمن محتويات الحجرة آلة سحرية لم نصل إلى معرفة كنهها بعد، ويعتقد أنها ذات مفعول سحري عظيم، وقد كانت العادة أن تُقرأ بعض التعاويذ السحرية المخصصة لهذا المقام، ويدلَّك الجسم بالزيوت ويُمسح بالأملاح التي وجدنا آثارها لا تزال على المشرحة، وبعد تحنيط الجثة (جثة «إبي») (1) وتكفينها يجمع كل ما لامسها اعتقادًا منهم بأن استيلاء العدو على شيء من ذلك وإن كان شعرة من رأس يعتبر سلاحًا سحريًّا يُؤذي المُتوفَّى، من أجل ذلك كانت كل الخِرق القذرة والفخار المهشم وما تبقي من الأملاح والخشب وعلامة الحياة والآلة السحرية تجمع كلها وتوضع في نحو 67 جرة كبيرة، ثم تختم وتوضع في حجرة تحنيط الوزير. وتدل ظواهر الأمور على أنه كان لزامًا على القائمين بهذه العملية أن يحضروا هذه المواد على أربع دفعات من الحاضرة إلى المقبرة؛ إذ وجد ثمانية عشر حبلًا لحمل هذه الجرار، وذلك يقتضي قطع المسافة على أربع مرات، وقد وجد مثل هذه الحجرة في عهد الأسرة الثامنة عشرة، ووجدت فيها كل هذه الأنواع التي ذكرناها، وزيد عليها أن كل آنية قد كُتب عليها بالمداد الأسود محتوياتها. وكان يعتقد أن ما يعسر على المحنط القيام به وتعجز عنه مقدرته ومهارته يستطيع الكهنة أن يدركوا تحقيقه بما لديهم من التعاويذ السحرية، فمثلًا كان يمكن الساحر في هذا العصر أن يصنع مومية سحرية من الشمع ويقرأ عليها تعاويذ خاصة فتنقلب إلى الصورة الحقيقية التي تمثلها؛ وبذلك يمكن أن تحل محل الجسم إذا كان قد هُشم رغم الاحتياطات التي اتخذت لحفظه. وقد عثر فعلًا على مومية من الشمع موضوعة في صندوق صغير من الخشب لرجل يدعى «سيوه» عاش في خلال الأسرة الحادية عشرة، وقد عثر على هذا التابوت الصغير في ردهة معبد الملك «منتو حتب». ويجدر بنا أن نلفت النظر هنا إلى أن هذه التماثيل الصغيرة المصنوعة من الشمع هي السابقة لتماثيل المجاوبين التي انتشرت فيما بعد مع فارق؛ هو أن الأولى كانت تصنع لتمثل المُتوفَّى نفسه، أما الثانية فكانت لتمثل خُدَّامه الذين كانوا يقومون بالعمل المفروض على الشريف للإله «أوزير» في عالم الآخرة، ولذلك سمي كل منها «مجاوبًا»؛ لأنه يحل محل سيده في القيام بما فُرض عليه من الأعمال التي تحتاج إلى عناء ومتاعب جثمانية، فكأن الشريف كان ينطبق عليه قول الشاعر:
علوٌّ في الحياة وفي الممات لحق تلك إحدى المعجزات
......................................
1- Winlock, Ibid PP. 72, 124, Pl. 20
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
قسم الحزام الأخضر الجنوبي ينظّم حفلاً بذكرى ولادة الإمام علي (عليه السلام)
|
|
|