أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-10-2014
2265
التاريخ: 13-10-2014
3311
التاريخ: 2023-06-24
1329
التاريخ: 24-10-2014
2499
|
قوله : { إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ } ([1]) .
أسماؤها : الطَّارِقُ ، وَجُوبَال ، وَالذَّيَال ، وذو الكَتفَين ، وَقَابِس ، وَمَاب ، وَعَمودَان ، وَفَلق ، وَمُصبح ، وَالصُّرح ، والضِّياء ، وَالنُّور ؛ يعني الشَّمس والقمر .
وَكانَ لِيُوسُف أَحدَ عَشرَ أَخَاً مِن أَبِيهِ ، وَأخٌ وَاحِدٌ مِن أُمِّه وَأبيه ، وَيُسمَّى بِنيامِين ، وَمَعنَى إسرَائيلُ الله : خَالِصُ اللهِ بِالعِبرانيَّة ، فَرَأى يُوسُف هَذِه الرُّؤيَة وَلَه سَبعُ سِنِين ([2]) .
قوله : { فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْداً } ([3]) .
والكيدُ : الحِيلة ، ومنه : { فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ} ([4]) أي : حِيلتَكُم .
وقوله : { كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ} ([5]) أي : احتلنا ، وكان يوسف مِن أحسَنِ النَّاس وجهاً ، وكان أبوه يُحبُّه حُبَّاً شديداً ، ويُؤثره على أولاده ، فحسدوه على ذلك ، وقالوا فيما بينهم ما حكاه الله وعملوا بقوله : { قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ } ([6]) الآية .
فَعَمِلوا عَلَى قَتلِه ، فَقَالَ لَاوي : لَا يَجوزُ قَتلُهُ ، لَكِن نُغِيِّبهُ عَن أَبِينَا ، وَنَخلُو نَحنُ بِه ، فَقَالُوا مَا حَكَاهُ الله : { يَا أَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ } ([7]) الآيات [ 102 ] .
رُوي : ( أنَّه لمَّا أدنَوهُ مِن رَأسِ الجُبِّ ، قَالُوا انزَع قَمِيصَكَ فَبَكَى ، وَقَالَ : يَا إخوَتِي ، لَا تُجَردُونِي ، فَسَلَّ وَاحِدٌ مِنهُم سِكِينَاً فَنَزَعَهُ ، وَدَلُّوهُ فِي البِئرِ ، فَقَالَ : يَا إلَه إبرَاهِيم وَإسحَاقَ وَيَعقُوبَ ، إرحَم ضَعفِي ، وَقِلَّة حِيلَتِي ، وِصِغَرِي ) ([8]) .
قوله : { وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً} ([9]) .
قالوا : ( نُخرِجَهُ وَنَبِيعَهُ ، وَنَجعَلُهُ بِضَاعَةً لَنَا ، وَبَلَغَ إخوَتَهُ ذَلِكَ ، فَجَاؤوه وَقَالُوا : هَذَا عَبدٌ لَنَا آبِقٌ ، فَقَالَ السَّيَارَةُ : تَبِيعُوهُ مِنَّا ؟ فَبَاعُوهُ مِنهُم عَلَى أن يَحمِلُوهُ الَى مِصرَ ) ([10]) .
قوله : { عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ }([11]) .
قَالَ يَعقُوب : ( مَا كَانَ أشفَق الذِّئب عَلَى القّمِيصِ ، وَأشَدَّهُ عَلَى يُوسُف حَيثُ أَكَلَهُ وَلَم يُمَزِّق القَمِيص ، وَحَمَلُوا يُوسُف الَى مِصرَ ، وَبَاعُوهُ مِن عَزِيزِ مَصرَ ) ([12]) .
قوله : { بِثَمَنٍ بَخْسٍ }([13]) .
قالَ : ( ثَمَانِيةَ عَشَرَ دِرهَمَاً ، وَقِيلَ : عشرُونَ دِرهَمَاً عَدَدَاً ) ([14]) .
قوله : { مَثْوَاهُ }([15]) .
أي : ( مَكَانَه ) ([16]) .
وَكَانَ يُوسُف لَا تَنظُر إلَيهِ امرَأةٌ إلَّا هَوُيَتهُ ، وَلَا رَجُلٌ إلَّا أحَبَّهُ ، وَكَانَ وَجهُهَ مَثلَ البَدرِ ، فَرَاوَدَتهُ امرَأةُ العَزِيزِ ، فَقَالَ لهَا ، مَعَاذَ اللهِ ، فَمَا زَالَت تَخدَعُهُ حتَّى هَمَّ أن يُحِبَّهَا ، وَهوَ قَولُه : { وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا }([17]) .
فَقَامَت امرَأةُ العَزِيزِ وَأَغلَقَت الأَبوَاب ، فَلَمَّا أرَادَ ان يَفعَلَ ذَلِكَ ([18]) .
رُوي : ( أنَّهُ رَأى يَعقُوبَ [ 103 ] فِي نَاحِيَةِ البَيتِ ، عَاضَّاً عَلَى أصبِعَهُ ، يَقُولُ : يَا يُوسُف ، أنتَ فِي السَّمَاءِ مَكتُوبٌ مِن النَّبِييِّنَ ، تُرِيدُ أن يُكتَبَ فِي الأرضِ مِن الزُّنَاةِ ؟ .
فَعَلِمَ أنَّه قَد أَخطَأ ، فَعَدَا ، وَرُوي : انَ الشَّهوَةَ خَرَجَت مِن إبهَامِه الأيسَر ) .
ورُويَ في حديثٍ آخر : ( أنَّه لمَّا هَمَّت بِهِ ، وَهَمَّ بِهَا ، قَامَت الَى صَنَمٍ مَعَهَا فِي بَيتِهَا ، فَألقَت عَلَيهِ مَلَاءَةً ، فَقَالَ يُوسَف : مَا صَنَعتِ ؟ قَالَت : أُلقِي عَلَى هَذَا الصَّنَمِ ثَوبَاً ؛ فَإنِّي أستَحِي أن يَرَانِي وَيَرَاكَ ، فَقَالَ يُوسَف : أنتِ تَستَحِينَ مِن صَنَمٍ لَا يَسمَعُ وَلَا يُبصِرُ ، وَلَا أستَحِي أنا مِن رَبِّي ، وَوَثَبَ فَعَدَا ، فَعَدَت فِي طَلَبهِ ، فَلَحِقَتهُ عِندَ البَابِ ، فَقَدَّت ثَوبَهُ مِن خَلفِهِ ، وَوَافَاهَا العَزِيزُ عَلَى تِلكَ الحَالِ ، وَهوَ قَولُه تَعَالَى : { وَاسُتَبَقَا الْبَابَ }([19]) الآية .
وَأَلهَمَ اللهُ يُوسَف أن قَالَ لِلمَلِك : هَذَا الصَّبِيُّ فِي المَهدِ ، يَشهَدُ أنَّها رَاوَدَتنِي عَن نَفسِي ، فَسَألَ العَزِيزُ الصَّبِيَّ ، فَأَنطَقَ اللهُ الصَّبِيَّ لِيُوسُف ، حتَّى قَالَ : { إِن كَانَ قَمِيصُهُ}([20]) الآية ) ([21]) .
قوله : { وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ }([22]) .
أي : دعته فاستعصم .
أقول : هذا دليلٌ على ما قلنا مِن أنَّه لم يقع منه ما ذُكِرَ مُطلقَاً ، ويكون تقدير الكلام : ولقد همَّت به ، ولو لا أن رأى بُرهانَ رَبِّه لهمَّ بها، لكنَّه رأى بُرهان ربِّه فلم يَهمّ [ 104 ] بها أصلاً .
ويُمكن أن يكون الهمّ ما في طِباع البشر مِن الهمِّ الى النِّساء ، لكن لم يقع منه عزمٌ على الزِّنا بها .
وفي الخبر ([23]) : ( أنَّه مَا أَمسَى يُوسُف فِي ذَلِكَ اليَوم الَّذِي رَأَى النِّسَاءَ فِيهِ ، حتَّى بَعَثَت إلَيهِ كُلُّ امرَأَةٍ تَدعُوهُ الَى نَفسِهَا ، فَضَجِر يُوسُف، وَقَالَ : { قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ}) ([24]).
أقول : هُنا ، ليس مِن أفعال التَّفضيل .
قوله : { إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ }([25]) .
قال : ( كَانَ يَقومُ عَلَى المَرِيضِ ، وَيَلتَمِسُ لِلمُحتَاجِ ، وَيُوسِّعُ لِلمَحبُوسِ .
وَقَالَ يُوسُف لمَّا طَالَ حَبسُهُ : بِمَاذَا استَحقَقتُ الحبس يَا رَبِّ ؟ فَنَزَلَ جَبرَئيل ، وَقَالَ : لِمَ قَلتَ السِّجنُ أَحَبُّ إليَّ ، فَاستَجَابَ اللهُ دُعَاءَكَ فِيمَا سَألتَهُ ) ([26]) .
قوله : { وَفِيهِ يَعْصِرُونَ }([27]) .
أي : يُمطَرون .
وقرأ رجلٌ على أمير المؤمنين (عليه السلام) : ( وفيه يَعصِرُون ) فقال : ( وَيحَكَ ، أيُّ شيءٍ يَعصِرون؟ قال : الخمر ، فقال : كيف أقرأ ؟ قال : { يُعْصَرُونَ }أي : يُمطَرونَ بَعدَ سِنِينِ المَجَاعَةِ ) ([28]) .
قوله : { قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ }([29]) .
يعني : عَلَى الكَنَادِيحِ وَالأنَابِيرِ ([30]) فَجَعَلَهُ عَلَيهَا ، فَأمرَ يُوسُف أن تُبنَى الكَنَادِيح مِن صَخرٍ ، وَطَيَنَهَا بِالكِلسِ ؛ وَهوَ الصَّارُوخ ، ثُمَّ أمرَ بِزُروُعِ مِصرَ فَحُصِدَت ، وَأعطَى كُلَّ إنسَانٍ حِصَّتَهُ ، وَالبَاقِي تَرَكَهُ فِي سُنبُلِهِ ، فَوَضَعَهُ فِي [ 105 ] الكَنَادِيح .
وَفَعَلَ ذَلِكَ سَبعَ سِنِينٍ ، حتَّى خَلَت سُنونِ الخَصبِ ، فَلَمَّا جَاءَ ([31]) سِنيُّ الجَدبِ كَانَ يُخرِجُ السُّنبُلَ ، يَبِيعُ بِمَا شَاءَ .
وَكَانَ بَينَهُ وَبَينَ أَبِيهِ ثَمَانِيَةِ عَشَرَ يَومَاً ، كَانُوا فِي البَادِيَةِ وَكَانَ فِيهَا بَقلٌ ، فَحَمَلَ أُخوَةُ يُوسُف مِن ذَلِكَ البَقلِ الَى مِصرَ لِيَمتَاروا به ، وَكَانَ يُوسف يَتَولَّى البَيعَ بِنَفسِهِ ، فَلمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُف عَرَفَهُم وَلَم يَعرِفُوه ، وَاعطَاهُم وَأَحسَنَ إلَيهِم فِي الكَيلِ .
وَقَالَ لَهُم : إذَا رَجعتُم فَأتُونِي بَأَخِيكُم مِن أبِيكُم ؟ قَالُوا : نَعَم ، قَالَ : فَإن لَم تَأتُونِي بِه فَلَا كَيلَ لَكُم عِندِيَ ... الآيات ([32]) .
قوله : { لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ }([33]) الآية .
وذلك أنَّهم كانوا قد أُعطوا الحُسنَ والنَّضر([34]) والجمال الرَّائع ، فخاف عليهم العين إذا دخلوا مُجتمعين وهم بهذه الصِّفة .
قوله : { وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ }([35]) .
أي : كَفيل ([36]) .
قوله : { كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ }([37]) .
أي : احتلنا له في أن حَبَسَ أخيه عِندَه ,
وسُئلَ الصَّادِق (عليه السلام) عن قولِ يُوسُف : { أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ }([38]) قال :
( مَا سَرَقُوا ، وَلَا كَذَّبَ يُوسَف ؛ إنَّمَا عَنَى سَرِقَتَهُم يُوسَف مِن أبِيهَ) ([39]) .
وتقديره : يا أهل العِير ، فلمَّا أخرَج يوسف الصَّاع مِن رَحلِ أخيه، قال إخوته : { إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ }([40]) يعنون يُوسف [ 106 ] فتغَافَل يوسف عنه ، ولم يُبدِها لهم ، وهو قوله : { فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ }([41]) ولم يُبينها لهم ، وقال في نفسه : أنتم شرٌّ مَكاناً .
قوله : { إِلاَّ مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ }([42]) .
ولم يقل : إلَّا مَن سَرقَ متاعنا .
فلمَّا يئسوا ، وأرادوا الخروج ، قال لهم لاوي : يا بَني يعقوب ، ألم تَعلموا أنَّ أباكم .... الآية ([43]) .
قوله : { وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ }([44]) .
أي : عَمِيت مِن البُكاء ([45]) .
قوله : { فَهُوَ كَظِيمٌ }([46]) .
أي : محزونٌ ، مغمُوم ، والأسفُ أشدُّ الحُزن .
سُئل الصَّادِق (عليه السلام) : ( مَا بَلغَ مِن حُزنِ يَعقوب عَلى يُوسف ؟ قال : حُزن سَبعِينَ حَرَّى ثَكلَى بِأولَادِهَا ، وقال : إنَّ يَعقوب لَم يَعرِف الاستِرجَاع ، فَلِذَا قَالَ : وَا أسَفَا عَلى يُوسُف ) ([47]) .
قالوا : { قَالُواْ تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ }([48]) .
أي : لا تفتؤ حتَّى تكون حرَضاً ، أي : مُسنَّاً ([49]) .
فرُوي : ( إنَّ يَعقوبَ سَألَ الله أن يُنزِلَ عَلَيهِ مَلَكَ المَوتِ ، فَنَزَلَ عَلَيهِ فِي أحسَنِ صُورَةٍ ، وَأطيَبِ رَائِحَةٍ ، فَقَالَ : مَن أنتَ ؟ قَالَ : مَلَكُ المَوتِ ، فَقَالَ : أروَاحُ العِبَادِ تَقبَضُهَا أنتَ بِنَفسِكَ ؟ قَالَ : بَل يَقبِضُهَا إخوَانِي مِن المَلَائِكَةِ مُتَفَرِّقَةً ، ثُمَّ تَعرِضُهَا عَلَيَّ مُجتَمِعَةً .
قَالَ فَأسألُكَ بِإلهِ إبرَاهِيمَ ، هَل عُرِضَ عَلَيكَ فِي الأروَاحِ رُوحِ ابنِي يُوسُف ؟ قَالَ : لَا ، فَقَطَعَ يَعقُوبَ فِي حَيَاةِ ([50]) يُوسُف ، قَالَ : { قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }([51]) ) [107] ([52]) .
ثُمَّ قال : { يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ }([53]) الآية .
وَكتبَ الَى يُوسُف ، وَلَم يَعلَم انَّه يُوسُف ، وَلكنَّه طَمَعَ أن يَكونَ حَيَّاً ، وَقَد كَانَ مَلِكُ مِصرَ مَاتَ ، وَصَفَا المُلكُ لِيُوسُف ، فَكَتَبَ إلَيهِ :
بِسمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَحِيمِ ، مِن يَعقُوبَ ، إسرَائِيلُ اللهِ ، ابنِ إسحَاقَ نَبِي اللهِ ابِنِ إبرَاهِيمَ خَلِيل اللهِ ، أمَّا بَعدُ ، فَإنَّ البَلَاء مُوكَلٌ بِبَنِي آدَمَ ، إنَّ جَدِّيَ إبرَاهِيمَ ألقَاهُ نَمرُود فِي النَّارِ، فَلَم يَحتَرِق ، فَلَّمَا رَأى إسحَاقُ ([54]) أمَرَ اللهُ جَدِّيَ إبرَاهِيمَ أن يَذبَحَهُ بِيَدِهِ ، فَلَمَّا أرَادَ أن يَذبَحَهُ فَدَاهُ الله بِذِبحٍ عَظِيمٍ .
وَأنَّهُ كَانَ لِي وَلَدٌ ، لَم يَكُن فِي الدُّنيَا أحَبُّ إليَّ مِنهُ ، وَكَانَ قُرَّةَ عَينَيَ ، وَثَمَرَةَ فُؤادِيَ ، فَأخرَجَهُ إخوَتُهُ وَرَجَعوا ، وَزَعَمُوا أنَّ الذِّئبَ أكلَهُ ، فَاحدَودَبَ لَهُ ظَهرِيَ ، وَذَهَبَ بَصَرِي .
وَكَانَ لَهُ اخٌ مِن أُمِهِ وَكُنتُ أتَسَلَى بِه ، فَخَرَجَ مَعَ إخوَتِه الَى قِبَلَكَ لِيَمتَارُوا طَعَامَاً ، فَرَجَعُوا إليَّ ، وَقَالُوا : سَرَقَ صُوَاع المَلِك وَحَبَسَهُ ، وَإنَّا أهلُ بَيتٍ لَا نَسرِقُ ، فَاسألُكَ بِآلِ إبرَاهِيمَ إلَّا مَا تَقَرَّبتَ الَى اللهِ ، وَمَنَنتَ بِهِ عَلَيَّ ، فَلَمَّا وَرَدَ الكِتَاب الَى يُوسَف وَقَرَأهُ بَكَى ، وَدَخَلَ [ 108 ] البَيتَ ، فَأطَالَ البُكَاءَ فِيهِ ، ثُمَّ خَرَجَ ، ثُمَّ قَالَ لِإخوَتِه : هَل عَلِمتُم مَا صَنَعتُم بيُوسُفَ وَأخيِه ، الآية([55]).
ثُمَّ قَالَ : اذهَبُوا بِقَمِيصِي ، فَقَالَ : إنَّ ذَلِكَ القَمِيص قَمِيصُ إبرَاهِيمَ الَّذِي كَانَ عَلَيهِ حِينَ ألقَاهُ نَمرُود فِي النَّارِ وَلَم يَحتَرِق .
وَكَانَ مَخيطَاً فِي شَيءٍ ، مُعَلَّقَاً فِي عُنُقِ يُوسُف ([56]) .
قوله : { تُفَنِّدُونِ }([57]) .
أن تُكذِّبُونِي ([58]) .
قوله : { سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيَ }([59]) .
قال العّالِمُ (عليه السلام) ([60]) : ( انتَظَرَ الَى السَّحَرِ ؛ لَئلَّا تُرَدَّ ، لِقَولِه : { وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ } ([61]) ) .
فرحل يعقوب وأهله الى مِصرَ ، وقعدَ يُوسف على سريره ، ووضع تاج المُلكِ على رأسه ، وأراد أن يَراهُ أبوه على تِلكَ الحال ، فلمَّا دخلَ عليه أبوه وأُمُّهُ ، قال يُوسُف : يا أبتِ هذا تأويلُ رُؤياي مِن قَبلُ ([62]) الآية ([63]) .
ورُوي عن العَالِم (عليه السلام) أنَّه قَالَ : ( لمَّا دَخَلَ يَعقُوبُ عَلَى يُوسُف ، لَم يَقُم لَهُ ، فَنَزَلَ جَبرَئيل ، فَقَالَ : يَا يُوسُف ، ابسِط يَدَكَ ، فَبَسَطَهَا ، فَخَرَجَ مِن بَينِ أصَابِعَهِ نُورٌ ، فَقَالَ : يَا جَبرَئِيل ، مَا هَذَا ؟ قَالَ : هَذَا ([64]) النُّبوَّة ، أخرَجَهَا اللهُ مِن صُلبِكَ ، فَلَا يَكُونُ مِن وُلدِكَ نَبيٌّ لمَّا لَم تَقُم لِأبِيكَ .
فَمَحَى النُّبوَّةَ مِن صُلبِكَ ، وَجَعَلَهَا فِي وُلدِ لَاوي ؛ لأنَّه لمَّا حَبَسَ يُوسُف أخَاهُ ، قَالَ لَاوي : لَن أبرَحَ الأرضَ [ 109 ] حتَّى يَأذَنَ لِي أبِي ، الآية ، فَشَكَرَ اللهُ لَهُ ذَلِكَ ، فَجَعَلَ النُّبوَّةَ فِي صُلبِهِ ، فَكَانَ أنبِيَاءُ بَنِي إسرَائِيلَ مِن وُلدِهِ ) ([65]) .
وكان موسى مِن ولدِه ، وهو موسى بن عمران بن يهصور بن فاهث بن أفرائيم بن لاوي .
ورُوي في الخبر : ( أنَّ يَعقُوبَ لَيلَةَ صَارَ الَى يُوسُف ، قَالَ : يَا بُنَيَ ، مَا فَعَلَ بِكَ إخوَتُكَ ؟ قَالَ : اعفِنِي عَن ذَلَكَ ، قَالَ : فَأخبِرنِي بِبَعضِهِ .
قَالَ : يَا أبِي ، لمَّا أدنَونِي مِنَ الجُبِّ ، قَالُوا إنزَع القّمِيصَ ، فَقُلتُ : يَا أُخوَتِي ، اتقُوا اللهَ ، وَلَا تُجَرِدُونِي ، فَسَلُّوا عَن السِّكِين وَقالُوا : لَئِن لَم تَنزعهُ نَذبَحكَ ، فَنَزَعتُه ، وَألقَونِي فِي الجُبِّ عُريَانَاً .
قَالَ : فَشَهِقَ يعقوب شَهقَةً أُغمُيَ عَلَيهَ ، فَلَمَّا أفَاقَ ، قَالَ : يَا بُنَيَّ ، حَدِّثنِي ؟ قَالَ : يَا أبَه ، اسألُكَ بِإلهِ إبرَاهِيمَ وَإسحَاقَ ، إلَّا مَا أعفَيتَنِي ، فَاعفَاهُ ([66]) .
وَلمَّا مَاتَ العَزِيزُ ، وَمَلَكَ يُوسُف ، فَقرَت امرَأةُ العَزِيزَ وَاحتَاجَت، فَقَالُوا لهَا : لَو وَقَفتِ لِلعَزِيزِ ، وَقَد كَانَ يُوسَف سُمِّيَ العَزيز ، فَتَعَرَّضَتِ إلَيه لِيَتَفَضَّلَ عَلَيك ؟ قَالَت : أستَحِي مِنهُ لمِا فَعَلتُ ، فَلَم يَزَالُوا بِهَا حتَّى قَعَدَت لَهُ .
فَأقبَلَ يُوسَف فِي مَوكِبِهِ ، فَقَامَت ، وَقَالَت : سُبحَانَ مَن جَعَلَ الُملوكَ بِالَمعصِيَّةِ عَبِيدَاً ، وَجَعَلَ العَبِيدَ بِالطَّاعَةِ مُلُوكَاً [ 110 ] .
فَوَقَفَ لهَا يُوسُف ، وَقَالَ : أنتِ هَاتكَ ؟ قَالَت : نَعَم ، فَأمَرَ بِهَا ، فَحُولِّت الَى مَنزِلِهِ ، وَكَانَت مِن أحوَرِ النَّاسِ ، فَقَالَ لهَا يُوسُف : ألَستِ الَّذي ([67]) فَعَلتِ بِي كَذَا وَكَذَا؟.
فَقَالَت : يَا نَبِيَّ الله ، لَا تَلُمنِي ، فَإنِّي بُلِيتُ بِثَلَاثٍ ، لَم يُبلَ بِهَا أحدٌ ، قَالَ : وَمَا هِيَ ؟ قَالَت : بُلِيتُ بِحُبِّكَ ، وَلَم يَخلُق الله لَكَ فِي الدُّنيَا نَظِيراً ، وَبُلِيتُ بِأنَّهُ لَم يَكُن في مِصرَ امرَأةٌ أجمَلَ مِنِّي ، وَلَا أكثَرَ مَالاً مِنِّي ، وَبُلِيتُ بِزَوجٍ عَنِين ، فَقَالَ لهَا : مَا حَاجَتُكِ ؟ قَالَت : إِسألُ اللهَ أن يَرُدَّ عَلَيَّ شَبَابِي، فَسَألَ الله ، فَرَدَّهُ عَلَيهَا ، فَتَزَوَّجَهَا وَهيَ بِكرٌ ) ([68]) .
قوله : { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ }([69]) .
الشِّركُ على وُجُوهٍ : شِركُ عِبَادَةٍ ، وَشِركُ طَاعَةٍ ، وَشِركُ رِيَاءٍ ، فالأوّل ، كقول عيسى : { إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ }([70]) .
والثَّاني : كقوله : { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ }([71]) معناه : أن يُؤمنوا باللهِ ، ويُطيعون ([72]) أعداءه .
والثَّالث : كقوله : {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً }([73]) أي : لا يَعبُدُ الله رِياءً للنَّاس ، فَيُشرَكَ بعبادته .
[1] يوسف : 4 .
[2] تفسير القمي : 1/399 عن الإمام الصادق (عليه السلام) وفيه تسع سنين .
[3] يوسف : 5 .
[4] طه : 64 .
[5] يوسف : 76 .
[6] يوسف : 8 .
[7] يوسف : 11 .
[8] تفسير القمي : 340 عن الإمام الصادق (عليه السلام) .
[9] يوسف : 11 .
[10] تفسير القمي : 341 عن الإمام الصادق (عليه السلام) .
[11] يوسف : 18 .
[12] تفسير القمي : 1/342 عن الإمام الصادق(عليه السلام) .
[13] يوسف : 20 .
[14] تفسير القمي : 1/341 عن الإمام الصادق والرضا (عليه السلام) .
[15] يوسف : 20 .
[16] تفسير القمي : 1/342 عن الإمام الصادق(عليه السلام) .
[17] يوسف : 24 .
[18] دلت الأدلة العقلية التي لا يتطرق لها الاحتمال والمجاز على أنه لا يجوز أن يفعل القبيح ولا يعزم عليه ، فأما الشاهد من القرآن الكريم على أنه ما همَّ بالفاحشة ، فقوله سبحانه : { كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء }يوسف : 24 ، وقوله : { ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ }يوسف : 52 ، والعزم على الفاحشة من أكبر السوء .
ظ : مجمع البيان في تفسير القرآن ، الطبرسي : 5/387 .
[19] يوسف : 24 .
[20] يوسف : 26 .
[21] تفسير القمي : 1/342 عن الإمام الصادق(عليه السلام) .
[22] يوسف : 23 .
[23] تفسير القمي : 1/343 عن الامام الصادق (عليه السلام) .
[24] يوسف : 33 .
[25] يوسف : 33 .
[26] تفسير القمي : 1/344 عن الامام الصادق (عليه السلام) بتفاوت .
[27] يوسف : 49 .
[28] تفسير القمي : 1/346 بتفاوت بسيط .
[29] يوسف : 55 .
[30] الكناديح : كلمة فارسية مفردها ( كندو ) وتعني : الجرة الفخارية الكبيرة ، يوضع فيها أغلال القمح ، والأنابير : أيضاً فارسية ، مفردها ( أنبار ) وتعني : مخزن الغلَات ، فرهنك فارسي : 479 ، 76 .
[31] هكذا في الأصل ، والصحيح : ( جاءت ) .
[32] تفسير القمي : 1/347 عن الإمام الصادق (عليه السلام) بتفاوت .
[33] يوسف : 67 .
[34] هكذا في الأصل ، والصحيح : ( النَضرة ) .
[35] يوسف : 72 .
[36] تفسير القمي : 1/348 .
[37] يوسف : 76 .
[38] يوسف : 76 .
[39] تفسير القمي : 1/349 ، الكافي ، الكليني : 2/341 ح 17 .
[40] يوسف : 77 .
[41] يوسف : 77 .
[42] يوسف : 79 .
[43] تفسير القمي : 1/349.
[44] يوسف : 84 .
[45] تفسير القمي : 1/350 .
[46] يوسف : 84 .
[47] تفسير القمي : 1/350 ، مجمع البيان في تفسير القرآن ، الطبرسي : 5/444 .
[48] يوسف : 85 .
[49] الحرض : الذي أذابه الحزن ، أو قارب على الهلاك ، لسان العرب ، ابن منظور ، مادة ( حرض ) 3/126 .
[50] هكذا في الأصل ، والصحيح : ( بحياة ) .
[51] يوسف : 86 .
[52] تفسير القمي : 1/350 عن الإمام الباقر (عليه السلام) بتفاوت ..
[53] يوسف : 87 .
[54] رويت بهذا المضمون روايات كثيرة عن أئمة أهل البيت b تدل على أن المذبوح هو إسماعيل (عليه السلام) وليس إسحاق (عليه السلام) ويعضد ذلك قوله تعالى بعد قصة الذبح : {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مِّنَ الصَّالِحِينَ}الصافات : 112 .
ومن قال : أنه بشر بنبوة إسحاق فقد ترك الظاهر ، ولأنه قال في موضع آخر :{ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ }هود : 71 ، فبشره باسحاق وبأنه سيولد له يعقوب ، فكيف يبشره بذرية إسحاق ثم يأمره بذبح إسحاق مع ذلك .
وقد صح عن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) أنه قال : ( أنا ابن الذبيحين ) ولا خلاف أنه من ولد إسماعيل والذبيح الآخر عبد الله أبوه .
ظ : مجمع البيان في تفسير القرآن ، الطبرسي : 8/322 .
[55] وهو قوله تعالى : { قَالَ هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ }يوسف : 89 .
[56] وهو قوله تعالى : { قَالَ هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ }مجمع البيان في تفسير القرآن ، الطبرسي : 5/450 عن الإمام الصادق (عليه السلام) بتفاوت .
[57] يوسف : 94.
[58] وهو قوله تعالى : {قَالَ هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ}يوسف : 89 ، مجمع البيان في تفسير القرآن ، الطبرسي : 6/192 .
[59] يوسف : 98.
[60] الكافي ، الكليني : 2/477 ح 6 عن الامام الصادق (عليه السلام) .
[61] آل عمران : 17 .
[62] وهو قوله تعالى : { إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ }يوسف : 4 .
[63] تفسير القمي : 1/356 بتفاوت .
[64] هكذا في الأصل ، والصحيح : ( هذه ) .
[65] مجمع البيان في تفسير القرآن ، الطبرسي : 5/456 عن الامام الصادق (عليه السلام) بتفاوت .
[66] تفسير القمي : 1/357 .
[67] هكذا في الأصل ، والصحيح : ( التي ) .
[68] تفسير القمي : 1/357 بتفاوت .
[69] يوسف : 106 .
[70] المائدة : 72 .
[71] يوسف : 106 .
[72] هكذا في الأصل ن والصحيح : ( ويطيعوا ) .
[73] الكهف : 110 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|