أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-5-2017
7127
التاريخ: 28-7-2022
2994
التاريخ: 2-2-2016
2732
التاريخ: 31-1-2016
2936
|
أن نظام التفاوض على الاعتراف يعد صورة من صور العدالة التفاوضية أو الرضائية، كما أنه يعد من الأنظمة التي عنيت في اختصار الإجراءات الجنائية(1)، ولهذا فهو يلتقي مع الوساطة الجنائية في جوانب عديدة، إلا إنه يختلف عنها في جوانب أخرى، وسنوضح ذلك على النحو الآتي:
اولاً: أوجه الشبه:
هناك عدة جوانب مشتركة بين كل من نظامي الوساطة الجنائية والتفاوض على الاعتراف، وأبرزها إن كلاهما قائم على مبدأ الرضائية، فضلاً عن الغاية التي يهدف كلاهما الى تحقيقها، وأخيراً الدور الذي تمارسه الجهة القضائية في كلا النظامين وسنوضح ذلك على النحو الآتي:
1- كلاهما قائم على مبدأ الرضائية:
يتفق كل من الوساطة الجنائية والتفاوض على الاعتراف في إن كلاهما من الأنظمة الرضائية، إذ يعطي كل منهما دوراً جزئياً للجاني في إدارة العدالة الجنائية(2). وعلى الرغم من اشتراك الوساطة الجنائية مع نظام التفاوض بهذه الخصيصة، إلا إن مجال الرضائية في نظام الوساطة، يعد أوسع نطاقاً مما هو عليه الحال في نظام التفاوض على الاعتراف، فالجاني في نظام الوساطة يتمتع بمركز المتفاوض، حيث يكون له كامل الحرية في قبول أو رفض اللجوء للوساطة، في حين أنه لا يتمتع بهذا المركز في نظام التفاوض، إذ أنه من الصحيح إن قبول المتهم لهذا الاتفاق صادر عن إرادته ورضاه، غير إن مقتضى ذلك الرضا قائماً على اغراءه بتوقيع عقوبة اخف من العقوبة المقررة له (3).
2- من حيث الغاية:
يتفق كل من الوساطة الجنائية ونظام التفاوض على الاعتراف، في انه كلاهما يعد من الأنماط المستحدثة لإرادة العدالة الجنائية(4)، إذ إن الغاية الأساسية للوساطة تبرز في تبسيط الإجراءات الجنائية والتخلص من تعقيدات العدالة الجنائية التقليدية، ويلتقي نظام التفاوض على الاعتراف مع الوساطة في هذه الغاية، إذ ان نظام التفاوض يهدف الى تخفيف الكم الهائل من القضايا المعروضة على السلطة القضائية، وبالتالي تخفيف العبء عن الجهاز القضائي، كما يعمل على تبسيط الإجراءات الجنائية واختصارها، ومما يخفف من معاناة المتهم في انتظار المحاكمة لمدة طويلة مما يترك أثراً سيئاً في نفسه، فجميع هذه المزايا تنعكس ايجاباً على زيادة فعالية العدالة الجنائية في سرعة الفصل في الدعوى(5)، وهي ذات الغاية التي يسعى اليها نظام الوساطة الجنائية، فكلاهما يهدف الى زيادة فعالية العدالة الجنائية(6)، فضلاً عن أن كلاهما يعد من الأنظمة الإجرائية التي تكون سابقة على المحاكمة الجنائية (7).
3- من حيث دور الجهة القضائية:
تلعب الجهة القضائية دوراً رئيسياً في تقرير اللجوء لكل من نظامي الوساطة والتفاوض على الاعتراف، ففي نظام التفاوض تملك الجهة القضائية المختصة (النيابة العامة) سلطة تقديرية واسعة في قبول عرض دخول المتهم في المفاوضات أو رفضه(8)، والحال ذاته في نظام الوساطة الجنائية، حيث تملك النيابة العامة سلطة تقديرية واسعة في قبول اللجوء الى نظام الوساطة من عدمه (9).
ثانياً: أوجه الاختلاف:
بالرغم من اتفاق كلا النظامين في عدة جوانب، إلا إنهما يختلفان من حيث الطبيعة، نطاق التطبيق، الاطراف، واخيراً من حيث الأثر المترتب على كل منهما وسنوضح ذلك كالآتي:
1- من حيث الطبيعة:
تعد الوساطة الجنائية – كما ذكرنا سابقاً – من بدائل الدعوى الجزائية، بينما التفاوض على الاعتراف، يمثل حكماً جنائياً يتم في صورة مبسطة بناءً على طلب النيابة العامة، حيث يكون للقاضي دور كبير في اختيار البديل العقابي المناسب الذي يخضع له المتهم مقابل الاعتراف بالاتهام (10).
2- من حيث نطاق التطبيق:
يختلف نظام الوساطة الجنائية عن نظام التفاوض على الاعتراف من حيث نطاق التطبيق، حيث حددت التشريعات التي تبنت نظام التفاوض على الاعتراف مجال تطبيقه في أنواع معينة من الجرائم، فمثلاً التشريع الجنائي الفرنسي، قد حدد الجرائم التي تخضع لنظام التفاوض على الاعتراف، بالجنح التي يعاقب عليها بالغرامة او عقوبة الحبس لمدة لا تزيد عن خمس سنوات(11)، في حين ان نظام الوساطة الجنائية أغلب التشريعات التي أقرته، لم تحدد نطاق تطبيق الجرائم الخاضعة له.
3- من حيث وجود طرف ثالث:
يختلف كلا النظامين من حيث الأطراف، إذ إن الوساطة الجنائية تعد نظام ثلاثي الأطراف حيث يتدخل طرف ثالث لحل النزاع – الوسيط – للتقريب بين الجاني والمجني عليه، أما نظام التفاوض على الاعتراف، فهو نظام يقوم على علاقة ثنائية الأطراف تتم بين النيابة العامة والمتهم، حيث يغيب دور المجني عليه تماما في تلك المفاوضات (12).
4- من حيث شخص الجاني:
قد أجازت بعض التشريعات الجنائية التي أقرت نظام الوساطة الجنائية كبديل عن إجراءات الدعوى الجزائية، جواز اللجوء لأجراء الوساطة سواء كان الجاني من البالغين أو الأحداث(13)، ولعل هذا ما يميز الوساطة عن نظام التفاوض على الاعتراف، فيشترط لإعمال نظام التفاوض على الاعتراف، أن يكون الجاني بالغاً معترفاً بجريمته المسندة اليه، والسبب في تقيد إجراء التفاوض بالجرائم التي ترتكب من قبل البالغين، هو إن التفاوض على الاعتراف قد ينطوي على جانب من الاكراه، لذا يستلزم أن يكون الجاني على جانب من الدراية والتبصر ومتمتعاً بالأهلية القانونية الكاملة من أجل اللجوء الى هذا النظام (14).
5- من حيث الاثار:
يترتب على الوساطة الجنائية في حال تم نجاحها، إصدار النيابة العامة قراراً بحفظ الدعوى الجزائية أو انقضاءها، أما في حال فشل الوساطة، فتقرر النيابة العامة السير بإجراءات الدعوى، بينما يترتب على نظام التفاوض على الاعتراف، التزام سلطة الاتهام بإصدار حكم على المتهم بعقوبة اخف من العقوبة الأصلية المقررة بحقه، أو الحكم بغيرها من المزايا المقررة للمتهم(15).
_____________
1- د. محمد حكيم حسين الحكيم، النظرية العامة للصلح وتطبيقاتها في المواد الجنائية – دراسة مقارنة، أطروحة دكتوراه، كلية الحقوق – جامعة عين شمس، 2002 ، ص26.
2- علي اعذافة محمد، الوساطة الجنائية، رسالة ماجستير، كلية القانون – جامعة البصرة، 2015 ، ص43.
3- د. رمزي رياض عوض، الإجراءات الجنائية في القانون الانجلو أمريكي، ط1، دار النهضة العربية، القاهرة، 2009 ، ص176.
4- بن جبل العيد، التفاوض على الاعتراف، مقال منشور في مجلة الدراسات والبحوث القانونية، العدد الثامن، ص178. مقال منشور على الموقع الالكتروني: https://www.univ-msila.dz تاريخ أخر زيارة 24/9/2019 ساعة 8:19م.
5- بن جبل العيد، مرجع سابق، ص178 – 179. وينظر كذلك: علي اعذافة محمد، مرجع سابق، ص44.
6- د. رمزي رياض عوض، مرجع سابق، ص177. وينظر كذلك: د. ايمان مصطفى منصور مصطفى، الوساطة الجنائية – دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، القاهرة، 2011 ، ص134.
7- د. عبد اللطيف بوسري، العقوبة الرضائية وأثرها في ترشيد السياسة العقابية، أطروحة دكتوراه، كلية الحقوق والعلوم السياسية – جامعة باتنة 01، الجزائر، 2017/2018، ص102.
8- د. رمزي رياض عوض، مرجع سابق، ص69.
9- علي اعذافة محمد، مرجع سابق، ص44.
10- علي اعذافة محمد، مرجع سابق، ص44.
11- د. شريف سيد كامل، الحق في سرعة الإجراءات الجنائية – دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، القاهرة، 2005 ، ص169. وينظر كذلك: د. أسامة حسنين عبيد، الصلح في قانون الإجراءات الجنائية ماهيته والنظم المرتبطة به – دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، القاهرة، 2004 ، ص88. وينظر كذلك: د. ايمان مصطفى منصور مصطفى، الوساطة الجنائية – دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، القاهرة، 2011، ص142.
12- عبد اللطيف بوسري، العقوبة الرضائية وأثرها في ترشيد السياسة العقابية، أطروحة دكتوراه، كلية الحقوق والعلوم السياسية – جامعة باتنة 01، الجزائر، 2017/2018 ، ص121.
13- عادل يوسف الشكري، مباحث معمقة في فقه الإجراءات الجزائية، ط1، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان، 2014 ، ص167.
14- د. أحمد محمد براك، العقوبة الرضائية في الشريعة الإسلامية والأنظمة الجنائية المعاصرة، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، القاهرة، 2010 ، ص418. وينظر كذلك: د. شريف سيد كامل، الحق في سرعة الإجراءات الجنائية – دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، القاهرة، 2005 ، ص170.
15- علي اعذافة محمد ، الوساطة الجنائية، رسالة ماجستير، كلية القانون – جامعة البصرة، 2015 ، ص45.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|