المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



محمد بن نصر الله بن الحسين بن عُنَين  
  
4431   02:41 صباحاً   التاريخ: 13-08-2015
المؤلف : ياقوت الحموي
الكتاب أو المصدر : معجم الأدباء (إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب)
الجزء والصفحة : ج5، ص462-468
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-6-2021 5089
التاريخ: 27-1-2016 2876
التاريخ: 11-3-2016 8443
التاريخ: 29-06-2015 1855

 الدمشقي الأنصاري، أصله من الكوفة من الخطة المعروفة بمسجد بني النجار، وولد بدمشق يوم الإثنين تاسع شعبان سنة تسع وأربعين وخمسمائة، وهو من أفاضل العصر لغوي أديب شاعر مجيد نشأ بدمشق وأخذ عن الحافظ أبي القاسم بن عساكر وغيره وهو يستحضر كتاب الجمهرة لابن دريد وبرع في الشعر وحل الألغاز ورحل إلى العراق والجزيرة وخراسان وأذربيجان وخوارزم ودخل الهند ورحل الى اليمن ومنها إلى الحجاز ثم إلى مصر ثم رجع إلى دمشق وهو مولع بالهجو وله في ذلك قصيدة طويلة سماها مقراض الأعراض ويقال إنه يخل بالصلاة ويصل ابنه العنقود ورماه أبو الفتح بن الحاجب بالزندقة والله أعلم بصحة ذلك.

 ولما كان بخوارزم حضر يوما درس الإمام فخر الدين محمد بن عمر الرازي المعروف بابن خطيب الري وكان يوما باردا سقط فيه الثلج فبينما الشيخ يلقي الدرس إذ سقطت حمامة بالقرب منه ووراءها طير من الجوارح يطاردها فلما صارت بين الناس خاف الجارح وطار ولم تقدر الحمامة على النهوض مما لحقها من الخوف والبرد فرق لها الإمام فخر الدين وأخذها بيده وحنى عليها فأنشده ابن عنين مرتجلا: [الكامل]

 (يا ابن الكرام المطعمين إذا اشتووا ... في يوم مسغبة وثلج خاشف)

 (العاصمين إذا النفوس تطايرت ... بين الصوارم والوشيج الراعف)

 (من نبأ الورقاء أن محلكم ... حرم وأنك ملجأ للخائف)

 (وفدت عليك وقد تدانى حتفها ... فحبوتها ببقائها المستأنف)

 (لو أنها تجيء بمال لانثنت ... من راحتيك بنائل متضاعف )

 (جاءت سليمان الزمان بشكوها ... والموت يلمع من جناحي خاطف)

 (قرم يطاردها فلما استأمنت ... بجنابه ولى بقلب واجف)

 وله من قصيدة كتب بها إلى العادل يشكو الغربة والشوق إلى الشام: [الكامل]

 (ماذا على طيف الأحبة لو سرى ... وعليهم لو سامحوني بالكرى)

 (جنحوا إلى قول الوشاة وأعرضوا ... والله يعلم أن ذلك مفترى)

 (يا معرضا عني بغير جناية ... إلا لما نقل العذول وزوّرا)

 (هبني أسأت كما تقول وتفتري ... وأتيت في حبيك شيئا منكرا)

 (ما بعد بعدك والصدود عقوبة ... يا هاجري ما آن لي أن تغفرا)

 (لا تجمعن عليّ عتبك والنوى ... حسب المحب عقوبة أن يهجرا)

 (عبء الصدود أخف من عبء النوى ... لو كان لي في الحب أن أتخيرا)

 (فسقى دمشق ووادييها والحمى ... متواصل الإرهام منفصم العرى)

(حتى ترى وجه الرياض بعارض ... أحوى وفود الدوح أبيض أزهرا)

 (تلك المنازل لا ملاعب عالج ... ورمال كاظمة ولا وادي القرى)

 (أرض إذا مرت بها ريح الصبا ... حملت على الأغصان مسكا أذفرا)

 (فارقتها لا عن رضا وهجرتها ... لا عن قلى ورحلت لا متخيرا)

 (أسعى لرزق في البلاد مشتت ... ومن العجائب أن يكون مقترا)

 (وأصون وجه مدائحي متقنعا ... وأكف ذيل مطامعي متسترا)

 ومنها في الشكوى والدخول إلى المديح: [الكامل]

 (أشكو إليك نوى تمادى عمرها ... حتى حسبت اليوم منها أشهرا)

 (لا عيشتي تصفو ولا رسم الهوى ... يعفو ولا جفني يصافحه الكرى)

 (أضحي عن الربع المريع محولا ... وأبيت عن ورد النمير منفرا)

 (ومن العجائب أن يقيل بظلكم ... كل الورى ونبذت وحدي بالعرا)

 وأول قصيدته المسماة مقراض الأعراض قوله: [المنسرح]

 (أضالع تنطوي على كرب ... ومقلة مستهلة الغرب)

 (شوقا إلى ساكني دمشق فلا ... عدت رباها مواطر السحب)

ومن ثم أخذ في الهجو بنفس طويل وتفنن بأساليب السب والثلب فأورد ما لا يحسن إيراده وقال أيضا في هجو أبيه: [الطويل]

 (وجنبني أن أفعل الخير والد ... ضئيل إذا ما عد أهل التناسب)

 (بعيد من الحسنى قريب من الخنا ... وضيع مساعي الخير جم المعايب)

 (إذا رمت أن أسمو صعودا إلى العلا ... غدا عرقه نحو الدنية جاذبي)

 وقال يهجو كحالا: [الكامل]

 (لو أن طلاب المطالب عندهم ... علم بأنك للعيون تعور)

 (لأتوا إليك بكل ما أملته ... منهم وكان لك الجزاء الأوفر)

 (ودعوك بالصباغ لما أن رأوا ... يعشي العيون لديك ماء أصفر)

 (وبكفك الميل الذي يحكي عصا ... موسى وكم عين به تتفجر)

 وقال في العادل سيف الدين بن أيوب: [الخفيف]

 (إن سلطاننا الذي نرتجيه ... واسع المال ضيق الإنفاق)

 (هو سيف كما يقال ولكن ... قاطع للرسوم والأرزاق)

 وقال في المحدث الفاضل ابن دحية الكلبي وهو معاصر: [السريع]

 (دحية لم يعقب فلم تعتزي ... إليه بالبهتان والإفك)

 (ما صح عند الناس شيء سوى ... أنك من كلب بلا شك)

وقال يمدح فخر الدين الرازي وسيرها إليه من نيسابور إلى هراة: [الكامل]

 (ريح الشمال عساك أن تتحملي ... شوقي إلى الصدر الإمام الأفضل)

 (وقفي بواديه المقدس وانظري ... نور الهدى متألقا لا يأتلي)

 (من دوحة فخرية عمرية ... طابت مغارس مجدها المتأثل)

 (مكية الأنساب زاك أصلها ... وفروعها فوق السماك الأعزل)

 (واستمطري جدوى يديه فطالما ... خلف الحيا في كل عام ممحل)

 (نعم سحائبها تعود كما بدت ... لا يعرف الوسمي منها والولي)

 (بحر تصدر للعلوم ومن رأى ... بحرا تصدر قبله في محفل)

 (ومشمر في الله يسحب للتقى ... والدين سربال العفاف المسبل)

 (ماتت به بدع تمادى عمرها ... دهرا وكاد ظلامها لا ينجلي)

 (فعلا به الإسلام أرفع هضبة ... ورسا سواه في الحضيض الأسفل)

 (غلط امرؤ بأبي علي قاسه ... هيهات قصر عن مداه أبو علي)

 (لو أن رسطاليس يسمع لفظه ... من لفظه لعرته هزة أفكل )

 (ويحار بطليموس لو لاقاه من ... برهانه في كل شكل مشكل)

 (فلو أنهم جمعوا لديه تيقنوا ... أن الفضيلة لم تكن للأول)

 (وبه يبيت الحلم معتصما إذا ... هزت رياح الطيش ركني يذبل)

 

 (يعفو عن الذنب العظيم تكرما ... ويجود مسؤولا وإن لم يسأل)

 (أرضى الإله بفضله ودفاعه ... عن دينه وأقر عين المرسل)

 (يا أيها المولى الذي درجاته ... ترنو إلى فلك الثوابت من عل)

 (ما منصب إلا وقدرك فوقه ... فبمجدك السامي يهنى ما تلي)

 (فمتى أراد الله رفعة منصب ... أفضى إليك فنال أشرف منزل)

 (لا زال ربعك للوفود مثابة ... أبدا وجودك كف كل مؤمل)

 ولما كان بمصر أهدى إليه الشريف أبو الفضل سليمان الكحال خروفا هزيلا فكتب إليه يشكره ويداعبه فقال: [الطويل]

 (أبو الفضل وابن الفضل أنت وأهله ... فغير بديع أن يكون لك الفضل)

 (أتتني أياديك التي لا أعدها ... لكثرتها لا كفر نعمى ولا جهل)

 (ولكنني أنبيك عنها بطرفة ... تروقك ما وافى لها قبلها مثل)

 (أتاني خروف ما شككت بأنه ... حليف هوى قد شفه الهجر والعذل)

 (إذا قام في شمس الظهيرة خلته ... خيالا سرى في ظلمة ماله ظل)

 (فناشدته ما يشتهي قال حلبة ... وقاسمته ما شاقه قال لي الأكل)

 (فأحضرتها خضراء مجاجة الثرى ... مسلمة ما حص أوراقها الفتل)

 (فظل يراعيها بعين ضعيفة ... وينشدها والدمع في العين منهل)

 (أتت وحياض الموت بيني وبينها ... وجادت بوصل حين لا ينفع الوصل)

وقال: [الطويل]

 (ألين لصعب الخلق قاس فؤاده ... وأعتبه لو يرعوي من أعاتب)

 (من الترك مياس القوام منعم ... له الدر ثغر والزمرد شارب)

 (أسال عذارا في أسيل كأنه ... عبير على كافور خديه ذائب)

 وقال: [الكامل]

 (ومهفهف رقت حواشي حسنه ... فقلوبنا وجدا عليه رقاق)

 (لم يكس عارضة السواد وإنما ... نفضت عليه صباغها الأحداق)

 وشعره غرر كله وهو الآن حي مقيم في دمشق.





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.