مدن الصناعة التحويلية

تصبح هذه الوظيفة من بين الوظائف الحضرية، حينما تصنع أكثر مما يستطيع سكانها استهلاكه. وتقوم ببيع الفائض للعالم الخارجي، ولكن ذلك يشير من ناحية أخرى إلى ما يقوم بين التجارة والصناعة من علاقات وثيقة. فالتجارة تنمي الصناعة بما توفره من خدمات. كما تعمل الصناعة من جانبها على رواج التجارة. بل يحاول التجار توظيف مكاسبهم في الصناعات المختلفة. وقبل الثورة الصناعية، كانت بعض المدن التجارية، تباشر نشاطها صناعيا، إلا أنه كان محدودا. ولكن لم تمض فترة طويلة بعد قيام هذه الثورة، حتى كانت الوظيفة الصناعية قد انتشرت، في كثير من المدن الأوروبية والأمريكية لتحل بدورها محل الوظيفة التجارية. كما ظهرت مدن تعدينية خالصة، وظيفتها مركزة على التعدين فقط.

أما في مدن الدول النامية، فلا زالت المدن الصناعية فيما عدا الاستخراجية منها غير ممثلة تمثيلا صحيحا. وتسعى هذه الدول بعد أن حصلت على استقلالها السياسي أن تطور اقتصادها. وذلك بتنمية صناعتها حتى يرتفع مستوى معيشة سكانها. فالصناعة التحويلية في نظرها، هي  المنقذ من الفقر والتخلف، ولكن ذلك ليس صحيحا. فهي تحتاج لتسويق المنتجات الصناعية في الأسواق العالمية التي تعرض فيها الصناعة المتفوقة والمتخلفة، التي لا تستطيع المنافسة أحيانا، ويكون مردودها سلبياً على الاقتصاد المحلي وليس إيجابياً. ولئن كانت التجارة وراء قيام الصناعة في أكثر الأحوال، إلا أن هناك مدنا قامت بهدف ممارسة الصناعة التحويلية، مثل مدن الاتحاد السوفيتي سابقا. وبالرغم من ذلك إلا أن انهيار الاتحاد السوفيتي اقتصاديا في عام 1991 يعزى في أحد أسبابه إلى تخلف الصناعة السوفيتية عن الصناعات الغربية في كل من أوروبا والولايات المتحدة.