أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-1-2022
3840
التاريخ: 22-1-2022
2133
التاريخ: 1-2-2022
3282
التاريخ: 16-1-2022
2166
|
القول في التجنيس
أما التجنيس فإنك لا تستحسن تجانُس اللفظتين إلا إذا كان وقع معنييهما من العقل موقعاً حميداً، ولم يكن مَرْمَى الجامع بينهما مَرْمًى بعيداً، أتراك استضعفتَ تجنيس أبي تمام في قوله:
من الكامل ذَهَبَت بمُذْهَبَهِ السَّمَاحَةُ فَالْتَوتفِيهِ الظُّنُونُ: أَمَذْهَبٌ أم مُذْهَبُ |
واستحسنتَ تجنيس القائل: "حتى نَجَا من خَوفِهِ وَمَا نَجا" وقول المحدَث:
ناظِراه فيما جَنَى ناظِـراه |
|
أوْ دَعانِي أمُتْ بما أَودعَانِي |
لأمرٍ يرجع إلى اللفظ? أم لأنك رأيتَ الفائدة ضَعُفَت عن الأوّل وقويتَ في الثاني? ورأيْتَك لم يزدك بمَذْهب ومُذهب على أن أَسْمَعَكَ حروفاً مكررةً، تروم فائدة فلا تجدُها إلا مجهولةً منكرةً، ورأيتَ الآخر قد أعَادَ عليك اللفظةَ كأنه يخدعُك عن الفائدة وقد أعطاها، ويوهمك كأنه لم يَزِدْك وقد أحسن الزيادة ووفَّاها، فبهذه السريرة صار التجنيس - وخصوصاً المستوفَى منه المُتَّفَقَ في الصورة - من حُلَى الشّعر، ومذكوراً في أقسام البديع.
فقد تبين لك أن ما يُعطي التجنيس من الفضيلة، أمرٌ لم يتمَّ إلا بنُصْرةِ المعنى، إذ لو كان باللفظ وَحْدَهُ لما كان فيه مستحسنٌ، ولما وُجد فيه معيبٌ مُسْتهجَن، ولذلك ذُمَّ الاستكثار منه والوَلُوعُ به، وذلك أن المعاني لا تَدِين في كل موضع لما يَجْذبها التجنيس إليه، إذ الألفاظ خَدَمُ المعاني والمُصرَّفةُ في حكمها، وكانت المعاني هي المالكة سياستهَا، المستحقَّةَ طاعتها، فمن نَصَرَ اللفظ على المعنى كان كمن أزال الشيء عن جِهَته، وأحاله عن طبيعته، وذلك مظنّة الاستكراه، وفيه فَتْح أبواب العيب، والتَّعرُّضُ للشَّيْن، ولهذه الحالة كان كلامُ المتقدِّمين الذين تركوا فَضْل العناية بالسجع، ولَزِموا سجِيَّةَ الطبع، أمكنَ في العقول، وأَبْعَد من القَلَقِ، وأَوضحَ للمراد، وأفضل عند ذوي التَّحصيِل، وأسلمَ من التفاوتِ، وأَكْشَفَ عن الأغراض، وأَنْصَرَ للجهة التي تَنحو نَحْوَ العقل، وأَبعدَ من التَّعمُّلِ الذي هو ضربٌ من الخِداعِ بالتزويق، والرضَى بأن تَقَع النقيصةُ في نفس الصُّورة، وإنّ الخِلْقَةَ، إذا أكثر فيها من الوَشْم والنقش، وأُثْقل صاحِبُها بالحَلْي والوَشْي، قياسُ الحَلْي على السيف الدَّدَان، والتَوسُّعِ في الدعوى بغير بُرْهان، كما قال:
إذا لم تُشاهِدْ غَيْرَ حُسْن شِيَاتِهَا |
|
وَأَعْضَائها فالحُسْنُ عنك مُغَيَّبُ |
وقد تجد في كلام المتأخرين الآنَ كلاماً حَمَل صاحبَه فرطُ شَغَفِه بأمورٍ ترجع إلى ما له اسم في البديع، إلى أن ينسى أنَّه يتكلم ليُفهِم، ويقول ليُبين، ويُخيَّل إليه أنه إذا جَمَعَ بين أقسام البديع في بيت فلا ضير أن يقع ما عَنَاهُ في عمياء، وأنْ يُوقع السامعَ من طَلَبه في خَبْطِ عَشْوَاءِ، وربَّمَا طَمَسَ بكثرة ما يتكلَّفه على المعنى وأفسده، كمن ثقَّل العروسَ بأصناف الحَلْي حتى ينالها من ذلك مكرُوهٌ في نفسها. فإن أردت أن تعرف مِثالاً فيما ذكرتُ لك، من أن العارفين بجواهر الكلام لا يعرِّجون على هذا الفنّ إلا بعد الثقة بسلامة المعنى وصحَّته، وإلا حيثُ يأمَنون جنايةً منه عليه، وانتقاصاً له وتعويقاً دونه، فانظر إلى خُطَب الجاحظ في أوائل كتبه هذا - والخُطبُ من شأنها أن يُعْتَمَد فيها الأوزانُ والأسجاعُ، فإنها تُرْوَى وتُتناقل تَنَاقُلَ الأشعار، ومحلُّها محلُّ النسيب والتشبيب من الشعر الذي هو كأنه لا يُرَادُ منه إلاّ الاحتفالُ في الصنعة، والدَّلالةُ على مقدار شَوْطِ القَرِيحَة، والإخبارُ عن فَضْل القوة، والاقتدار على التفنُّن في الصنعة - قال في أول كتاب الحيوان: "جَنَّبك اللّه الشُّبْهة، وعَصَمَك من الحَيْرِةِ، وجعل بينك وبين المعرفة سبَباً، وبين الصدق نسبَاً، وحبَّب إليك التثُّبت، وزَيَّنَ في عينك الإنصاف، وأذاقك حلاوة التقوى، وأشعر قلبك عِزَّ الحق، وأوْدِع صدرَك بَرْدَ اليقين وطَرَد عنك ذُلَّ اليأس، وعرَّفك ما في الباطل من الذلّة، وما في الجهل من القِلّة". فقد ترك أوَّلاً أن يوفِّق بين الشبهة و الحيرة في الإعراب، ولم يَرَ أن يَقْرن الخلاف إلى الإنصاف، ويَشْفَعَ الحق بالصدق، ولم يُعْنَ بأن يَطْلُب لليأس قرينةً تصل جناحَه، وشيئاً يكون رَدِيفاً له، لأنه رأى التوفيق بين المعاني أحقُّ، والموازنة فيها أحسنَ، ورأى العناية بها حتى تكونَ إخوةً من أبٍ وأمٍّ؛ ويذَرَها على ذلك تَتَّفقُ بالوداد، على حسب اتّفاقها بالميلاد، أَوْلى من أن يَدَعها، لنُصْرَة السجع وطلب الوزن، أولادَ عِلَّة، عسى أن لا يوجد بينها وفاق إلا في الظواهر، فأما أنْ يَتَعَدَّى ذلك إلى الضمائر، ويُخْلص إلى العقائِد والسَّرائر، ففي الأقلِّ النادر. وعلى الجملة فإنك لا تجد تجنيساً مقبولاً، ولا سَجَعاً حَسَنَاً، حتى يكون المعنى هو الذي طلبه واستدعاه وسَاق نحوَه، وحتى تَجِده لا تبتغي به بدَلاً، ولا تجِد عنه حِوَلاً، ومن ها هنا كان أَحْلَى تجنيس تسمَعُه وأعلاه، وأحقُّه بالحُسْن وأولاهُ، ما وقع من غير قصدٍ من المتكلم إلى اجتلابه، وتأهُّب لطلبه، أو مَا هو - لحسن مُلاءمته، وإن كان مطلوباً - بهذه المنزلة وفي هذه الصورة، وذلك كما يمثّلون به أبداً من قول الشافعي رحمه اللّه تعالى وقد سئل عن النَّبيذ فقال: "أجمع أهلُ الحرمين على تحريمه"، ومما تجده كذلك قولُ البحتري:
يَعْشَى عَنْ المجد الغبيّ؛ُ ولَنْ تَرَى |
|
في سُؤدَدٍ أَرَبـاً لـغـير أريبِ |
وقوله:
فقد أصبحتَ أَغْلبَ تَغْلَـبِـيّاً |
|
على أيدي العَشِيرةِ والقلوب |
ومما هو شبيه به قوله:
وهوًى هَوَى بدُموعه فتَبَادَرَت |
|
نَسَقَاً يَطأنَْ تجلُّداً مغـلـوبـا |
وقوله:
ما زِلْتَ تقرَعُ بَابَ بابَلَ بالقَنا |
|
وتزوره في غارةٍ شعـواءِ |
وقوله:
ذَهَبَ والأعالِي حيثُ تَذْهَبُ مُقْلَةٌ |
|
فيه بنَاظِرِهَا حَـدِيدُ الأسـفـلِ |
ومثال ما جاء من السجع هذا المجيءَ وجرى هذا المجرى في لِين مقَادته، وحلَ هذا المحلِّ من القَبُولِ قولُ القائل: اللّهم هَبْ لي حمداً، وهَبْ لِي مجداً، فلا مجدَ إلا بِفَعالٍ، ولا فَعَال إلاّ بمال، وقولُ ابن العميد: فإن الإبقاء على خَدَم السلطان عِدْلُ الإبقاء على ماله، والإشفاق على حاشيته وحَشَمه، عِدْلُ الإشفاق على ديناره ودِرْهَمه. ولستَ تجد هذا الضرب يكثُر في شيءٍ، ويستمرُّ كَثْرَته واستمرارَه في كلام القدماء، كقول خالد: ما الإنسان، لولا اللسان، إلا صورة ممثلة، وبهيمة مُهْمَلة، وقول الفضل بن عيسى الرقاشي: سَلِ الأرض فقل: مَنْ شَقَّ أنهارك، وغرسَ أشجارك، وجنى ثمارك، فإن لم تُجبك حِواراً، أجابتك اعتباراً. وإن أنتَ تتبِّعته من الأثر وكلام النبي صلى الله عليه وسلم تَثِقْ كلَّ الثقة بوجودك له على الصِّفة التي قَدمتُ، وذلك كقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الظُّلْم ظُلُماتٌ يوم القيامة"، وقوله صلوت اللّه عليه: "لا تزالُ أُمَّتِي بخيرٍ ما لم ترَ الغنى مَغْنَمَاً، والصدقةَ مَغْرَماً"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "يا أيُّهَا الناس؛ أَفْشُوا السلام، وأَطْعِمُوا الطعام، وصِلُواْ الأرحامَ، وصَلُّوا بالليلِ، والناسُ نِيامٌ، تدخلُوا الجنَّةَ بِسَلامٍ"، فأنت لا تجد في جميع ما ذكرتُ لفظاً اجتُلِب من أجل السجع، وتُرك له ما هو أحقُّ بالمعنى منه وأبرُّ به، وأهدَى إلى مَذْهبه، ولذلك أنكرَ الأعرابي حين شكا إلى عامل ألماً بقوله: حُلِّئَتْ رِكَابِي، وشُقِّقَتْ ثيابي، وضُرِبَتْ صِحابِي، فقال له العامل: أَوَتَسْجَعْ أيضاً إنكارَ العامل السجع حتى قال: فكيف أقول?، وذاك أنّه لم يعلم أصلح لما أراد من هذه الألفاظ ولم يَرَهُ بالسجع مُخِلاًّ بمعنى، أو مُحْدِثاً في الكلام استكراهاً، أو خارجاً إلى تكلُّفٍ واستعمال لما ليس بمُعَتادٍ في غَرضه، وقال الجاحظ: لأنه لو قال: حُلِّئَتْ إبلي أو جمالي أو نوقي أو بُعْرَانِي أو صِرْمَتِي لكان لم يعبِّر عن حقّ معناه، وإنما حُلِّئَتْ ركابه، فكيف يدع الركابَ إلى غير الرَكّاب? وكذلك قولُه: وشُقِّقَتْ ثيابي، وضُرِبت صحَابِي، فقد تبين من هذه الجملة أن المعنى المقتضى اختصاصَ هذا النَّحو بالقَبُول: هو أنَّ المتكلم لم يَقُدِ المعنى نحوَ التجنيس والسَّجع، بل قادَه المعنى إليهما، وعَبر به الفرق عليهما، حتى إنه لو رَامَ تَركَهُما إلى خلافهما مما لا تجنيسَ فيه ولا سجعَ، لدخَل من عُقُوق المعنى وإدخال الوَحْشَة عليه، في شبيهٍ بما يُنسَب إليه المتكلف للتَّجنيس المستكْرَهِ، والسجع النَّافر، ولن تجد أيمنَ طائراً، وأحسنَ أوّلاً وآخراً، وأهدى إلى الإحسان، وأجلبَ للاستحسان، من أن تُرسل المعاني على سجيّتها، وتَدَعها تطلب لأنفسها الألفاظَ، فإنها إذا تُركت وما تريد لم تكتسِ إلا ما يليق بها، ولم تَلْبَسْ من المعارض إلا ما يَزِينها، فأمّا أن تَضَع في نفسك أنه لا بُدَّ من أن تجنس أو تَسْجَعْ بلفظين مخصوصين، فهو الذي أنْتَ منه بِعَرَض الاستكراه، وعلى خَطَرٍ من الخطأ والوقوع في الذَّمّ، فإنْ ساعَدَك الجَدّ كما ساعد في قوله: أو دعاني أمُت بما أودعاني، وكما ساعد أبا تمام في نحو قوله:
وَأنجدتمُ من بَعْدِ إتـهـام دَارِكُـمْ |
|
فيا دَمعُ أَنْجِدْنِي عَلى سَاكِنِي نَجْدِ |
وقوله:
هُنَّ الحَمَامُ، فإنْ كَسَرتَ عِيافةً |
|
من حَائِهنٌ فإنهـنَّ حِـمَـامُ |
فذاك، وإلاّ أطلقت ألسنة العيب، وأفضى بك طلبُ الإحسانُ من حيث لم يَحْسُنِ الطلبِ، إلى أفحش الإساءة وأكبر الذنب ، ووقعت فيمِا تَرَى من ينصرك، لا يرى أحسن من أن لا يَرْويه لك، ويَوَدُّ لو قَدَر على نَفْيه عنك، وذلك كما تجده لأبي تمام إذا أسلم نفسه للتكلف، ويرى أنه إن مرَّ على اسم موضع يحتاج إلى ذكره أو يتصل بقصة يذكرها في شعره، مِنْ دُونَ أن يشتقّ منه تجنيساً، أو يعمل فيه بديعاًَ، فقد باء بإثم، وأخلّ بفَرْضِ حَتْمٍ، من نحو قوله:
سيف الإمامِ الذي سمّتْهُ هَـبَّـتُـهُ |
|
لمّا تَخَرَّمَ أهلَ الكُفْرِ مُخْتَـرِمَـا |
إنّ الخليفةَ لمَّا صَالَ كـنـتَ لـه |
|
خَلِيفةَ الموتِ فيمن جَارَ أَوْ ظَلَمَا |
قَرَّت بقُرَّانَ عينُ الدين وَاشْتتـرَت |
|
بالأشتَرَينِ عُيونِ الشِّرْكِ فَاصطُلما |
وكقول بعض المتأخرين:
اِلبسْ جلابيبَ الـقـنَـا |
|
عةِ إنّهـا أوقَـى رِداءْ |
يُنْجيكَ من دَاءِ الحـري |
|
ص معاً ومن أوقارِ داءْ |
وكقول أبي الفتح البُستي:
جَفُّوا فما في طينهم للذي |
|
يَعْصِرُه من بِلَّةِ بِـلَّـهْ |
وقوله:
أخٌ لي لفظُه دُرُّ |
|
وكلُّ فِعاله بِـرُّ |
تلقّانِي فحيّانـي |
|
بوجهٍ بَشْرُهُ بِشْرُ |
لم يساعدهما حُسن التوفيق كما ساعد في نحو قوله:
وكُلُّ غِـنًـى يَتـيهُ بـه غـنـيٌّ |
|
فمـرتـجَـعٌ بـمـوتٍ أو زوال |
وهَبْ جَدِّي طَوَى لي الأرض طُرّاً |
|
أليسَ الموتُ يَزْوِي ما زَوَى لـي |
ونحوه:
منزلتي يحفظُها منزلي |
|
وباحتي تُكرِمُ ديباجتي |
واعلم أنّ النكتة التي ذكرتها في التجنيس، وجعلتُها العّلةَ في استيجابه الفضيلة وهي حُسْن الإفادة، مع أنّ الصورة صورةُ التكرير والإعادة وإن كانت لا تظهر الظهورَ التامَّ الذي لا يمكن دَفْعُه، إلا في المستوفَى المتفق الصورة منه كقوله:
ما مات من كَرَم الزمانِ فإنه |
|
يَحْيَى لدَى يَحْيَى بن عبد اللّه |
أو المرفُوِّ الجاري هذا المَجْرَى كقوله: "أودَعانِي أمتْ بما أوْدَعاني"، فقد يُتَصَوَّر في غير ذلك من أقسامه أيضاً، فمما يظهر ذاك فيه ما كان نحو قول أبي تمام:
يَمُدُّون من أيدٍ عَواصٍ عَواصِـمٍ |
|
تَصُولُ بأسْيافٍ قَوَاضٍ قَواضِبِ |
وقول البحتري:
لئن صَدَفتْ عنَّا فرُبَّـتَ أنـفُـس |
|
صَوادٍ إلى تِلك الوجُوه الصَّوادف |
وذلك أنك تَتَوهم قبل أن يردَ عليك آخرُ الكلمة كالميم من عواصم والباء من قواضب، أنها هي التي مَضَت، وقد أرادتْ أن تجيئَك ثانيةً، وتعودَ إليكَ مؤكِّدَةً، حتى إذا تمكن في نفسك تمامُها، ووعى سمعُك آخرَها، انصرفتَ عن ظنّك الأول، وزُلْتَ عن الذي سبق من التخيُّل، وفي ذلك ما ذكرتُ لك من طلوع الفائدة بعد أنْ يخالطك اليأس منها، وحصول الربح بعد أن تُغالَطَ فيه حتى ترى أنه رأس المال. فأما ما يقع التجانس فيه على العكس من هذا وذلك أن تختلف الكلمات من أوّلها كقول البحتري:
بسيوفٍ إيماضُها أوجالُ |
|
للأعادي ووقعُها آجال |
وكذا قول المتأخر:
وكم سبقَتْ منـه إلَـيَّ عـوارفٌ |
|
ثنائَي من تلك العَـوارف وَارِف |
وكم غُررٍ من بِـرّه ولـطـائفٍ |
|
لَشُكْرِي على تلك اللَّطائِف طائفُ |
وذلك أنّ زيادة عوَارِف على وارف بحرف اختلاف من مبدأ الكلمة في الجملة، فإنه لا يبعد كلَّ البعد عن اعتراض طرفٍ من هذا التخيُّل فيه، وإن كان لا يقوى تلك القوةَ، كأنك ترى أن اللفظة أعيدت عليك مُبْدَلاً من بعض حروفها غيرُه أو محذوفاً منها، ويبقى في تتبّع هذا الموضع كلامٌ حقُّه غير هذا الفصل وذلك حيث يوضع.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|