المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



الاصغاء الطيب، وتشجيع المحدث على الكلام  
  
2574   11:18 صباحاً   التاريخ: 4-12-2021
المؤلف : رضا علوي سيد احمد
الكتاب أو المصدر : فن التعامل مع الناس
الجزء والصفحة : ص 190 ـ 197
القسم : الاسرة و المجتمع / المجتمع و قضاياه / آداب عامة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-1-2016 2413
التاريخ: 29-11-2018 2000
التاريخ: 2024-03-13 872
التاريخ: 16/11/2022 1232

قال الإمام علي (عليه السلام): (من أحسن الاستماع، تعجل الإنتفاع) (1).

وقال (عليه السلام) أيضاً: (عود أذنك حسن الإستماع، ولا تصغ إلى ما لا يزيد في صلاحك) (2).

(في دراسة استغرقت شهرين، جرت في أمريكا، وتناولت الاتصالات الشخصية لثمانية وستين شخصاً في مختلف الأعمال، تبين أن 75 بالمائة من مواضيع النهار تتم بالاتصال الشفهي، بمعدل 30 بالمائة للحديث، و45 بالمائة للإصغاء والإستماع) (3).

ويقول مدير التدريب في أحد المخازن الأمريكية الكبرى: هذه إحدى الصعوبات الكبيرة التي تعترضنا عندما يتولى البيع موظفون لا خبرة لديهم.

يدخل الشاري فيطلب سترة قياسها 38 بكمين قصيرين كتلك التي أبصرها في الواجهة. فيهرع البائع الى الرف المعين، ويتناول من فوقه سترة قياسها 38 ولكن بكمين طويلين. فيكرر الشاري طلبه مشدداً على الكمام القصيرة. ويعود البائع ليلبي الطلب. إن مثل هذا التصرف يكلف مالا لأنه يهدر وقتاً بلا فائدة: وقت الشاري ووقت البائع، عدا ما يسببه من فوضى في رفوف السلع ومن تكدير الشاري. ويمضي مدير التدريب قائلا: لذا فنحن في الدروس التي نقدمها على سبيل التدريب، نشدد على العبارة التالية: (إصغ قبل أن تتصرف) (4).

الإصغاء ـ أو الإستماع ـ فن يهمله أو لا يجيده قسم من الناس. بل إن كثيرين منهم يجيدون التحدث أكثر مما يجيدون الاستماع. وهؤلاء قد لا يهمهم ما يقول الطرف الآخر، بقدر ما يهمهم أن يكونوا هم المتكلمون، والماسكون بدفة الحديث. ولا يهمهم أيضاً أن يبقى الطرف الآخر متابعاً لحديثه، ومسترسلاً فيه، بل يهمهم أن يقاطعوه، (ويجدعوا أنفه)، ويبتروا حبل أفكاره أو حديثه.

ولو تساءل المتسائل: هل هناك من علاقة بين كسب محبة الناس ومودتهم، وبين الإصغاء أو الإستماع إليهم؟ لكان الجواب: أجل. والقصة التالية دليل على ذلك.

يحكي أحد الكتاب، فيقول:

(جمعتني بأحد علماء النبات البارزين، حفلة عشاء، أقامها أحد الناشرين المعروفين. ولم أكن قد تحدثت إلى أحد علماء النبات من قبل، لذلك وجدت في الإستماع إليه لذة كبرى. جلست على حافة مقعدي، وأصغيت إليه وهو يحدثني عن الحشائش والأزهار، والحدائق المنزلية، وكان من لطف الشمائل بحيث أوضح لي كيف أحل بعض المشكلات المتعلقة بحديقتي.

وكنا ـ كما أسلفت ـ في حفلة عشاء. ولكني ضربت بقوانين اللياقة عرض الحائط، وتجاهلت سائر المدعوين، ومضيت اتحدث إلى هذا العالم ساعات بأكملها! وانتصف الليل، فتمنيت للمدعوين ليلة سعيدة، وانصرفت، وعاد عالم النبات إلى مضيفنا، وأجزل له الثناء علي. فقد كنت على حد تعبيره (مثيراً جداً). وكنت هذا وكنت ذاك.

 ثم اختتم حديثه للمضيف بقوله: حقاً أن السيد (...) محدث بارع.

محدث بارع ؟ ! أنا ؟ ! وكيف ؟ ! فإني لم أقل شيئاً على الإطلاق. بل ما كان لي أن أقول شيئاً قبل أن أغير موضوع الحديث، فلست أعلم من النبات أكثر مما أعلم عن تشريح طائر (البطريق)(*) ! كلما فعلته أنني استمعت بشغف، قد فعلت ذلك لأنني كنت شغوفاً حقاً بما يقول، وقد أحس هو بذلك، وسره هذا بطبيعة الحال، فالإستماع المشغف هو أعلى ضروب الثناء الذي يمكن أن تضفيه على محدثك).

وليجرب المرء أن يلتقي شخصاً، ويدخل معه في حديث، وليتجاهل ما يقوله الشخص بأن لا يستمع إليه جيداً، ترى ما هو الشعور الذي يتولد في هذا الشخص الآخر؟ بلا شك إنه لا يسر به، ولا ينجذب إليه. وليجرب أيضاً أن يلتقي شخصاً آخر، ويدخل معه في حديث، وليستمع جيداً ما يقوله الشخص. إن شعور الشخص في هذه الحالة يختلف تماماً عن شعور الشخص في الحالة الأولى. إنه هنا يسر بمستمعه، وينجذب إليه، ويحبه.

من هنا يظهر السر في أن الخطيب، والمحدث، والمعلم، يهتمون بتركيز نظراتهم، وتوجيه كلامهم إلى من يصغي إليهم من الجمهور، أو المحدثين، أو التلاميذ، لأن الأولين يشعرون باحترام وتقدير الأخيرين لهم، ويشعرون بأن الطرف الآخر يشجعهم على الحديث. تصور أنك دُعيت إلى خطاب على جمع، وكان هذا الجمع غير مستمع إليك، منشغلا بغير خطابك، فهل تتشجع في الخطابة ؟!. وهـل تنجذب إلى مستمعيـك ؟! وهل تثني عليهم ؟!. كلا! بطبيعة الحال. والإنطباع الذي يرتسم لك عنهم أنهم غير مشجعين لك على الخطابة، لأنهم لا يلتزمون الإصغاء.

والإصغاء ليس مسألة صعبة، بل هو فن يعتمد على إتاحة الفرصة الكافية للمحدث لأن يتحدث، أو أن يبدي أفكاره، أو آراءه ووجهات نظره، ويعتمد على الاتصاف بإرادة الصبر على الصمت والتحكم في اداة المنطق، وعدم مقاطعة الطرف الآخر في حديثه، حتى يتمه، أو حتى يتم القسم أو الفكرة التي يعطينا بعدها إجازة للتحدث، أو إبداء الرأي والتعليق، مع العلم بأن استئذان الشخص الآخر للتحدث، أو إضافة تعليق أو شيء أعتراضي، من الأمور الحسنة في تنظيم الأحاديث، وفي المحافظة على كرامة الطرف الآخر، وتقديره.

وفقدان إجادة فن الإصغاء والإستماع، من الأمور غير الإيجابية في مجتمعاتنا، فقد يصادف أن يحضر المرء مجلساً، فيجد فيه أكثر من شخص يتحدثون، ويبدون الرأي والتعليق في نفس اللحظة، وبذلك يتحول المجلس إلى مقاطعات كلامية فوضوية، تذكر بالأصوات المتعددة النغمات والجهات في سوق من أسواق الخضروات! وهذا الأمر ـ ويا للأسف ـ يحدث حتى في صفوف المثقفين!

وقد يقول قائل: إن فن الإصغاء مطلوب ـ فقط ـ في الإجتماعات والجلسات الرسمية، ولكن الحقيقة أنه مطلوب في غير ذلك: في النقاش، بل وحتى في الإجتماعات الأخوية العادية، و(دردشات) الإستراحة وقضاء الوقت الطيب.

فماذا يضير المرء ـ في اجتماع أخوي عادي ـ أن يلتزم حالة تنظيمية في التحدث في ذات الوقت، وأن ينتظر حتى ينتهي من كلامه؟ بل حتى في المجالس الشعبية التي لا تركز على موضوع معين ـ في حالات كثيرة ـ ينبغي للمرء أن يجعل من نفسه مستمعاً طيباً، وأن يتكلم في الموقع المناسب.

والإصغاء لا يعمل على تنظيم المحادثة بين شخصين أو طرفين فحسب، بل بالإضافة إلى ذلك هو تقدير واحترام للشخص الآخر، الأمر الذي من شأنه كسب المرء لمحبة الناس ومودتهم. فأن تصغي لمحدثك، هذا يعني: أنك تشعُر وتشعِره بأهميته، وتقدم الإهتمام والتقدير له، ولما يطرحه من أفكار وآراء، حتى لو كنت تختلف معه في الافكار والآراء. وليس غريباً أن تجده يرتاح إليك، ويهتم بما تطرحه. وهذا ـ كما تقدم ذكره ـ هو السر في أن الخطباء يهتمون في توجيه نظراتهم، وكلامهم، إلى من يعيرهم آذاناً صاغية، واستماعاً طيباً، وإلى من يتلقى الأفكار منهم بكل اهتمام.

بل حتى أولئك الناس الذين يتصفون بالجفاف في الطباع، والغلظة في الأقوال، يلينون أمام مستمع، جيد، صبور. إن هذا الأسلوب هو الذي جعل مشتري الحلة يرضي ويقتنع بما استعمله مدير القسم في متجر كبير، فماذا كانت القصة؟ يقول أحد خبراء علم النفس الإجتماعي: اشترى أحد طلبتي ـ ذات يوم - حلة جديدة من متجر كبير معروف. وبعد أيام اكتشف أن صباغ الحلة رديء، وأن لونها يحيل إذا أصابها شيء من العرق. فأخذ الحلة، وعاد بها إلى المتجر، وقصد إلى البائع الذي باعه إياها، وقص عليه القصة. هل قلت قص على البائع؟ ـ استغفر الله، بل حاول أن يقص عليه، ولكنه لم يستطع، فقد قطع عليه البائع السبيل، وقال له: لقد بعنا آلافاً من هذه الحلل، وهذه أول شكاية نسمع بها!. تلك كانت كلماته، أما لهجته فكانت أقبح بكثير، ولم تكن لها إلا ترجمة واحدة: أنت تكذب! أتظن أنك ستحملنا على التبعة؟. حسناً، فسوف ترى لمن تكون الغلبة!

وعند احتدام المناقشة، تدخل بائع آخر في الموضوع، وقال: كل الحلل ذات اللون القاتم يحيل صباغها في أول الأمر، ولا يسعنا أن نفعل شيئاً إزاء ذلك، خاصة للحلل التي تباع بمثل هذا الثمن الرخيص!

قال تلميذي: وكنت في تلك اللحظة مجرد غاضب وحسب، فلما ألمح البائع الثاني إلى أنني اشتريت بضاعة رخيصة، بدأت أغلي كالمرجل! وأوشكت أن أقول لهم: خذوا حلتكم، واذهبوا بها إلى الجحيم!. ولكن رئيس القسم دخل علينا في تلك اللحظة، ووسعه أن يذهب غضبي، ويهدئ ثورتي، وذلك بأن استخدم ثلاثة أشياء:

اولا: استمع إلى قصتي من البداية إلى النهاية، دون أن يقاطعني بحرف واحد.

وثانياً: ما إن أكملتُ حديثي، حتى سلم معي بأن لون الصباغ قد حال فعلا، وأنذر البائع الا يبيع شيئاً قط ما لم يستوثق من جودته، ورضى العميل عنه.

ثالثاً: سألني ماذا أريد أن يفعل بالحلة، وأظهر عزمه على أن يفعل حسب ما أشير عليه.

وكنت إلى بضع دقائق خلت، على استعداد لأن أقول لهم: احتفظوا ببضاعتكم الرديئة لأنفسكم، ولكنني عندئذ أجبته: إني أسألكم النصيحة بدوري، أريد أن أعرف هل ستظل الحلة تفقد لونها، ام أن هذا طارئ مؤقت ؟ ! وهنا اقترح علي رئيس القسم أن أجرب الحلة لمدة اسبوع آخر، فإذا لم أرض عنها أرجعتها إليهم.

وغادرت المتجر راضياً. وقد صلحت حال الحلة في نهاية الاسبوع، واستعدت ثقتي التامة ببضاعة هذا المحل. وليس بعجيب ان يصبح هذا الرجل رئيساً لقسمه. أما البائعان فإنهما سيظلان (وكنت على وشك أن أقول أنهما سيظلان مجرد بائعين طول حياتهما)، كلا! بل ربما أنزلا درجة إلى قسم حزم البضائع، حيث لا تكون لهما صلة بالعملاء على الإطلاق.

إن كثيراً من الناس لا يوفقون في طبع أثر طيب في نفوس من يلتقون بهم للمرة الأولى، لأنهم لا يمنحونهم آذاناً صاغية مستمعة، وأذهاناً متوجهة، وإنما يكون همهم في التحدث، والكلام الذي سيقولونه. والناس - في الغالب ـ يفضلون من يستمع إليهم (**) وينجذبون إليه، ويحبونه، أكثر ممن يتكلم إليهم. فعلى سبيل المثال: إن المرضى يفضلون أن يصغي الطبيب لهم لكي يتحدثوا إليه بالتفصيل عن حالاتهم، ورحلاتهم مع المرض، أكثر من أن يبقوا مستمعين له، ذلك لأنهم علاوة على رغبتهم في الشفاء، ينتظرون العطف. وهكذا الحال بالنسبة لطبقات وفئات الناس الأخرى.

فالحاجة الى المستمع الطيب أمر لا ينحصر في طبقة أو فئة معينة، بل كل الناس على إختلاف طبقاتهم وفئاتهم يحتاجون إلى من يستمع إليهم ويصغي، وهم ينجذبون ويميلون الى هذا النوع من الناس.

ومن الأمور، التي هي من الأهمية بمكان في كسب ود الناس وحبهم، وترتبط بالإصغاء ولا تقل أهمية عنه، تشجيع الشخص الآخر على الكلام، وإتاحة الفرصة له في ذلك، وخصوصاً في الكلام عن نفسه(***). إن من الناس من إذا تحدث مع الآخرين قصر كلامه على نفسه، وأقاربه، وقضاياه الخاصة به، ضارباً عرض الحائط رغبة الطرف الآخر في الحديث عن نفسه، وعن القضايا التي تخصه وتتعلق به. إن إتاحة الفرصة للشخص الآخر في الحديث، وتشجيعه على الكلام عن نفسه، وعمّا يخصه، من الأمور التي لا يستهان بها في كسب مودتهم، والدخول إلى قلوبهم. وهكذا الحال بالنسبة لتشجيع المحدث على الكلام عن نفسه وعما يخصه.

إلا أن ثمة أمر هام ينبغي أخذه بعين الجد والإعتبار، وهو أن الإصغاء ـ أو الإستماع الطيب ـ يجب أن يكون لما هو مشروع وعقلائي، إذ ليس من المشروع ولا من الصحيح أن يصغي المرء إلى ما لا يصلحه، أو إلى مالا يزيده صلاحاً. ومن الأمور التي لا تصلح المرء: إصغاؤه إلى اللغو، واللهو ومن صوره الغناء، والإصغاء إلى الكلام عن الفحشاء، وتشجيع الرذيلة، كالتشجيع على البغاء، وشرب الخمور، وتناول المخدرات، ولعب القمار، وما إلى ذلك من الموبقات. وهكذا الحال بالنسبة لتشجيع المحدث على الكلام، إذ ينبغي أن يشجع فيما هو خير وفضيلة، لا أن يشجع على الكلام عن السوء والشر والرذيلة، لأن في تشجيعه ـ والحال هذه ـ تشجيعاً على الرذيلة، ودعوة إليها، وهذا ما لا يوافقه الدين والعقل.

وقد يسأل السائل: كيف الطريق إلى حسن الإصغاء أو الإستماع، وخصوصاً بالنسبة إلى من لا يجيده؟ الأمر في غاية البساطة، وهو التعود على الإصغاء والإستماع الطيبين. فمن يتعود على الإستماع الطيب، سيصبح الإستماع عادة فيه وتقليداً بلا أدنى ترديد.

والان فلكي يكسب المرء ود الناس وحبهم، حري به أن يجعل من نفسه:

ـ مستمعاً طيباً لهم.

ـ ومشجعاً، ومتيحاً الفرصة لهم في التحدث عمّا هو خير وفضيلة، سواء عن أنفسهم أو ما يخصهم أو ما يرغبون إليه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) شرح الغرر والدرر، ج7، ص167.

(2) المصدر السابق، ص168.

(3) سمير شيخاني: علم النفس في حياتنا اليومية، ص103.

(4) المصدر السابق، ص103، 104.

(*) البطريق، جمعها بطارق وبطاريق وبطارقة: رتبة من الطيور ذات غشاء بين الاصابع، تعيش في المناطق الشمالية من الكرة الارضية، ريشها أسود في الظهر وأبيض في الصدر. ويسمى بنجوين.

(**) إضافة الى أن كل الناس يرغبون الى من يستمع أليهم، هناك منهم من يغلب عليه الصمت والسكوت والاستماع الى قول المتحدث، أثناء الحديث.

(***) إذا أتاح المرء للشخص الآخر الفرصة للتحدث عن نفسه، واستمع اليه جيداً يكون بذلك قد فعل أمراً طيبا لكسب وده. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.