أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-12-2015
5895
التاريخ: 30-12-2015
4288
التاريخ: 13-08-2015
2253
التاريخ: 4-8-2018
1841
|
قيس (1) بن ذريح
من قبيلة كنانة، كانت عشيرته تسكن في ضواحي المدينة، وعرف بأنه رضيع الحسين بن علي، ولا نعرف شيئا عن نشأته، بل تساق لنا قصة حبه، كأنها هي كل حياته. وهي قصة محبوكة الأطراف، إذ يروي أنه مر في رحلاته بديار لبني الخزاعية، فرآها، ووقعت في قلبه ووقع في قلبها. وذهب الى أبيه، وكان كثير المال موسرا، يعرض عليه أن يخطبها له، فأبي، وحاول أن يجد عند أمه معونة على أبيه، فلم يجد عندها ما أراد، فلجأ الى رضيعه الحسين بن علي، فتوسط له عند أبيه وأبي لبني، وأعظما هذه الوساطة، وتزوج العاشقان، غير أنهما لم يرزقا الولد، وداخلت أم قيس الغيرة من كلف ابنها بلبني. ومرض قيس، فأوعزت الى أبيه أن يغريه بطلاقها والزواج من أخري، رجاء أن يرزقه الله الولد. وأخذ الأبوان يلحان عليه بعد شفائه من علته أن يفارقها وصدع لمشيئتهما. وتولاه جزع شديد، حتي قبل أن تبرح دارها الى دار أبيها، فقد تصادف أن نعق غراب قبل رحيلها، فتشاءم تشاؤما شديدا، ونظم في نعيقه أشعارا كثيرة، من مثل قوله:
لقد نادي الغراب ببين لبني … فطار القلب من حذر الغراب
وقال: غدا تباعد دار لبني … وتنأي بعد ود واقتراب
فقلت: تعست ويحك من غراب … وكان الدهر سعيك في تباب
ورحلت لبني، فاضطرمت جذوة الحب في نفس قيس اضطراما، ووجد بلبني وجدا ليس مثله وجد، ومضي لا ينعم بطعام ولا بشراب، يذكرها
365
مستيقظا ويطوف به خيالها نائما، ويقول في غرامه بها الشعر من مثل قوله:
لقد لاقيت من كلفي بلبني … بلاء ما أسيغ به الشرابا
إذا نادي المنادي باسم لبني … عييت فما أطيق له جوابا
وإني لأهوي النوم في غير حينه … لعل لقاء في المنام يكون
تحدثني الأحلام أني أراكم … فياليت أحلام المنام يقين
وكانت لبني تسمع بوجده وشعره، فلا يهنأ لها عيش، وتبكي مصيرها ومصيره. ويروي أن غلاما أتاها يوما بأربعة غربان، فذكرت أشعار قيس في غراب البين، وأخذت تنتف ريشها وهي تصيح بأشعار مختلفة من مثل قولها:
ألا يا غراب البين لونك شاحب … وأنت بلوعات الفراق جدير
فلا زلت مكسورا عديما لناصر … كما ليس لي من ظالمي نصير
ولما أضني الحب قيسا رق له بعض رفاقه، فواعدوه أن يخرجوا معه الى ديار لبني لعله يحظي برؤيتها، فمضي معهم وهو ينشد:
لقد عذبتني يا حب ليلي … فقع إما بموت أو حياة
فإن الموت أروح من حياة … تدوم على التباعد والشتات
ووقعت عينه عليها، فخر مغشيا عليه. وعادوا به، وهو لا يكاد يفيق من غشيته. وأشار عليه نفر أن يحج لعله يسلوها، فحج ورآها هناك، فعاوده فتونه، وأخذت تسيل عبراته، وهو ينشد فيها أشعاره. ولقيها فعرف أنها ما زالت تحفظ له العهد، وعاد من الحج يتغني بحبه، على شاكلة قوله:
تعلق روحي روحها قبل خلقنا … ومن بعد ما كنا نطافا وفي المهد
فزاد كما زدنا فأصبح ناميا … وليس إذا متنا بمنصرم العهد
ولكنه باق على كل حادث … وزائرنا في ظلمة القبر واللحد
366
وما زال به أبوه يلح عليه أن يتزوج من أخري، لعله ينسي صاحبته.
وتمضي القصة فتزعم أنه رأي في بعض أحياء العرب فتاة تسمي لبني فيها مخايل صاحبته، فتزوجها، ولكن حنينه الى صاحبته الاولى عاوده. وكأنما لم يكن هناك سبيل الى إطفاء جذوة هذا الحب. وتزعم القصة أيضا أن أباها شكاه الى معاوية فأهدر دمه إن تعرض لها، وأرسلت الى حبيبها بالخبر مشفقة عليه، ويروون أنها تزوجت من غيره، عله ينساها، ولكن أني له؟ لقد أمضه الغرام، ومضي الى ديار قومها فوجدها قد رحلت مع زوجها، فوضع خده على التراب، وبكي أحر بكاء منشدا:
وإن تك لبني قد أتي دون قربها … حجاب منيع ما إليه سبيل
فإن نسيم الجو يجمع بيننا … ونبصر قرن الشمس حين تزول
وأرواحنا بالليل في الحي تلتقي … ونعلم أنا بالنهار نقيل (2)
وتجمعنا الأرض القرار وفوقنا … سماء نري فيها النجوم تجول
واشتدت به المحنة، واشتد به الوجد والهيام، والحياة من حوله وحول معشوقته تمعن في القسوة، وهو لا يزال ينشد فيها الأشعار من مثل قوله:
إلي الله أشكو ما ألاقي من الهوي … ومن حرق تعتادني وزفير
ومن ألم للحب في باطن الحشا … وليل طويل الحزن غير قصير
وبين الحشا والنحر مني حرارة … ولوعة وجد تترك القلب ساهيا
تمر الليالي والشهور ولا أري … ولوعي بها يزداد إلا تماديا
ألا ليت أياما مضين تعود … فإن عدن يوما إنني لسعيد
367
وظل قيس على هذا النحو يشكو حبه وندمه على فراق صاحبته، حتي رأي رضيعه الحسين بن على ونفر من قريش تعمقهم التأثر له أن يكلموا زوج لبني في شأنه لعله يردها عليه. وصدع لمشيئتهم راضيا، فعادت لبني الى قرة عينها وظلت عنده حتي ماتت، فأكب على القبر يبكيها، ولم يزل عليلا الى أن لحق بها، فدفن الى جنبها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر في قصة قيس الأغاني (طبع دار الكتب) 9/ 180 وما بعدها والشعر والشعراء 2/ 610 وأمالي القالي 2/ 318 وراجع الموشح ص 206 وحديث الأربعاء 1/ 256.
(2) نقيل: من القيلولة وهي نصف النهار.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|