أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-05-30
1122
التاريخ: 23-10-2015
2617
التاريخ: 21-10-2015
2648
التاريخ: 23-10-2015
6626
|
يترتب على إعلان حالة الطوارئ تخويل السلطة التنفيذية صلاحيات استثنائية لمواجهة الظرف الاستثنائي على أن تكون على قدر كبير من الجسامة والخطورة لان من شأنها الحد من ممارسة الحقوق الفردية والحريات العامة فضلاً عن تجاوزها على اختصاصات السلطات الأخرى(1)، من اجل ذلك اقتضى ان يكون لحالة الطوارئ سند قانوني سواء ورد هذا السند في الدستور أم في التشريعات العادية .
فبالنسبة للنصوص الدستورية نرى الكثير من الدول تحرص على أن تضمن دستورها نصاً او أكثر يخول الحكومة في أوقات الأزمات سلطة استثنائية لا تملكها في الأوقات العادية ، ومن ذلك أن ينص الدستور على انه إذا طرأت ظروف استثنائية في غياب السلطة التشريعية ، او إذا قامت ظروف استثنائية جعلت من المتعذر على هذه السلطة أن تباشر وظيفتها فأن للحكومة أن تباشر الوظيفة التشريعية بنفسها لتتخذ من الإجراءات ما تتطلبه الظروف القائمة ويطلق على هذه الإجراءات (لوائح الضرورة)(2)، وخير مثال على ذلك ما أشارت إليها المادة (147) من الدستور المصري بقولها : اذا ما حدث في غيبة المجلس ما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، جاز لرئيس الجمهورية ان يصدر بشأنها قرارات تكون لها قوة القانون(3).
وقد ينص الدستور على انه يجوز للحكومة ان تطلب من السلطة التشريعية تفويضها في اتخاذ إجراءات تدخل أصلا في اختصاصها متى ما كانت الظروف الاستثنائية تتطلب ذلك ويطلق على هذه الإجراءات التي تتخذها الحكومة بناء على هذا التفويض اسم (اللوائح التفويضية) وقد انتشرت ظاهرت التفويض التشريعي في بلاد أجنبية كثيرة ومن هذه البلاد فرنسا حيث تضمن الدستور الفرنسي لسنه 1958 لأول مرة وخلافاً للدساتير الفرنسية السابقة نصاً يبيح التفويض التشريعي وهو نص المادة (38) التي تجيز للحكومة ان تطلب من البرلمان أن يأذن لها في أن تتخذ خلال مدة محددة أوامر لتنفيذ برامجها ، وتصدر هذه الأوامر من مجلس الوزراء بعد اخذ رأي مجلس الدولة ، ويعمل بها بعد تصديق البرلمان عليها ونشرها ، وهكذا فان كل تفويض يتم في ظل العمل بدستور 1958 يستمد من هذا النص سنداً دستورياً (4).
وفي هذا الصدد ايضاً ينص الدستور المصري لسنه 1971 صراحة على التفويض التشريعي في المادة (108) منه ، اذ قضى بان لرئيس الجمهورية عند الضرورة وفي الأحوال الاستثنائية ، وبناءً على تفويض من مجلس الشعب ، بأغلبيه ثلثي أعضاءه أن يصدر قرارات لها قوة القانون (5).
لكن في بعض الأحيان تواجه الدولة وشعبها أزمات ومخاطر شديدة وعاجلة ليست من قبيل الأزمات والمخاطر العادية التي تكفي لمواجهتها التشريعات المقررة في الظروف الاستثنائية، والتي تنظمها لوائح الضرورة او اللوائح التفويضية او قوانين الطوارئ او الأحكام العرفية ، إذ ان هذه الأزمات والمخاطر الخاصة قد لا تعطي الوقت الكافي للجوء إلى هذه التشريعات والنصوص الدستورية ، لذا نجد المشرع الدستوري في العديد من دول العالم يقوم بتنظيم الأوضاع القانونية في ظل هذه الظروف على الرغم من ان طبيعتها تستعصي على التنظيم ، بسبب عدم الإمكان التنبؤ بها ومعرفة أبعادها وحدودها الموضوعية، والزمنية ، مقدراً ان تنظيمها أولى وأجدر من عدم تنظيمها(6).
ويتمثل هذا التنظيم بمنح رئيس الدولة صلاحيات شبه مطلقة في اتخاذ الإجراءات السريعة لمواجهة هذا الخطر، وهو ما نصت عليه عدة من الدساتير منها الدستور الفرنسي لسنه 1958 حيث أشارت المادة (16) منه على تخويل رئيس الجمهورية سلطة اتخاذ بعض التدابير لمواجهة الأزمة الوطنية التي تمر بها البلاد ، حين تتعرض للخطر الجسيم الحال مؤسسات الدولة واستقلال الوطن وسلامة أراضيه ، أو تنفيذ التزاماته الوطنية ، أو حين يتوقف سير العمل المعتاد في المؤسسات العامة الدستورية(7).
وقد أشار الفقه الدستوري في مصر إلى ان اتجاهاً مماثلاً قد برز في نص المادة (74) من دستور 1971 وهي تخول رئيس الجمهورية جميع الصلاحيات التشريعية واللائحة والحكومية لمواجهة الظرف الاستثنائي(8).
مما سبق يتضح إن منح السلطة التنفيذية صلاحية اتخاذ الإجراءات السريعة لمواجهة الخطر، مقيدة بشرط وجود خطر جسيم حال ، ومن شان هذا الخطر تهديد مصالح حيوية للبلاد واعاقة او انقطاع مؤسسات الدولة عن اداء مهامها(9)، إلا إنه لا يجب أن يفهم من ذلك بان هذه الإجراءات مطلقة أو مفتوحة لرئيس الدولة على المجالات كافة على اساس ان الدستور لم يحددها، لان سكوت الدستور عن ذلك يرجع لصعوبة واستحالة هذا التحديد في النص الدستوري(10)، وعلى الرغم من عدم تحديد طبيعة هذه الإجراءات ، الا إن الراجح انها لا تقتصر على قرارات الجمهورية التي لها قوة القانون ، بل تشمل أي إجراء في صورة قرار فردي او تنظيمي، ومن ذلك القرارات التي تصدر بالحد من حرية الأفراد ، او فرض قيود عامة على تصرف الأفراد او الجماعات (11 ).
لابد لنا من أن نذكر ان جميع السلطات التي منحها الدستور للحكومة استثناء في أوقات الأزمات ، مقيدة بعدة قيود وشروط تكفل حسن استخدامها وعدم تجاوز الأغراض الممنوحة من اجلها ، فهي مؤقتة تنتهي بانتهاء مدة التفويض غير ان الدساتير تسمح فضلاً عن ذلك بسن قوانين تتضمن تفويضات بصفة دائمة ، بمعنى ان هذه القوانين تبقى قائمة بحيث يمكن للسلطة التنفيذية اللجوء اليها وتطبيقها فور تحقق الشروط المنصوص عليها في القانون في هذا الشأن ، وماعدا ذلك فان جميعها تتفق في انها لابد ان تصدر استناداً إلى نص دستوري ، وفي أنها تبيح للسلطة التنفيذية اختصاصات استثنائية ، وهي اختصاصات لا تستطيع السلطة التنفيذية استخدامها في الظروف العادية ، او في ظروف أخرى غير المحددة في القانون(12).
ومن أمثلة هذه القوانين ، قوانين الطوارئ ، اذ تُعَد اسبق قوانين التفويض ظهوراً سواء في مصر او فرنسا ، فقد صدرت في فرنسا عدة قوانين من شأنها توسيع سلطات الإدارة في الظروف الاستثنائية كقانون نزع الملكية في حالة الطوارئ لعام 1841 ، وقانون تنظيم الأمة في وقت الحرب لعام 1938 ، وقانون الطوارئ لعام 1955 كذلك الحال في مصر فقد صدرت عدة قوانين منها القانون رقم (27) لسنة 1960 المعدل بشان التعبئة العامة ، والقانون رقم (62) لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ(13).
وفي العراق ، صدر اخيراً ، أمر الدفاع عن السلامة الوطنية رقم (1) لسنة 2004 الذي خول رئيس الوزراء بعد موافقة هيئة الرئاسة بالإجماع إلى إعلان حالة الطوارئ في اي مكان في العراق(14) وخولته مجموعة من السلطات الاستثنائية المؤقتة لممارستها في حدود منطقة إعلان الطوارئ(15) ، وقد جاء دستور جمهورية العراق لسنة 2005 ليؤكد هذه الصلاحيات عندما نص على أن يخول رئيس الوزراء الصلاحيات اللازمة التي تمكنه من إدارة شؤون البلاد خلال مدة إعلان الحرب ، وحالة الطوارئ وتنظم هذه الصلاحيات بقانون وبما لا يتعارض مع الدستور(16)الا ان القانون لم يصدر لحد الآن.
من خلال ما تقدم ، يتبين لنا ان قوانين الطوارئ ، تتميز بأنها أقوى مظهر للتشريعات الاستثنائية ، وإنها اشد القوانين خطورة على حقوق الإنسان ، فهي قوانين دائمة بحيث يمكن للسلطة التنفيذية اللجوء إليها وتطبيقها فور تحقق الشروط المنصوص عليها في القانون ، لذلك تلجأ العديد من الدول إلى فرض العديد من القيود على السلطة التنفيذية الموكل إليها حماية الأمن والنظام العام والتي تتمتع بصلاحيات كبيرة في ظل قانون الطوارئ من اجل عدم المساس بحقوق الإنسان إلا في أضيق الحدود وبالقدر اللازم لمواجهة الحالة الطارئة(17).
______________
1- د. زكريا محمد عبد الحميد محفوظ ، حالة الطوارئ في القانون المقارن وفي تشريع الجمهورية العربية المتحدة ، الطبعة الأولى ، منشأة المعارف ، الإسكندرية ، 1966، ص198.
2- سامي جمال الدين ، لوائح الضرورة ، منشأة المعارف ، الإسكندرية ، 1982، ص63.
3- د. محمد احمد عبد النعيم ، شرط الضرورة امام القضاء الدستوري ، بدون طبعة ، دار النهضة العربية، بدون ذكر مكان النشر ، 2002 ، ص60.
4- د. ثروت عبد الهادي خالد الجوهري ، مدى ضرورة السلطات الاستثنائية في جمهورية مصر العربية والرقابة عليها ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2005 ، ص343.
5- ينظر نص المادة (108) من دستور مصر لسنة 1971.
6- د. جعفر عبد السادة بهير، التوازن بين السلطة والحرية ، الطبعة الاولى ، دار حامد ، عمان ، 2009 ، ص160.
7- احمد علي حمزة الجنابي ، اثر الظروف الاستثنائية على حقوق الإنسان ، رسالة ماجستير ، كليه القانون ، جامعة بابل ،2006 ، ص34.
8- ينظر نص المادة (74) من دستور مصر لسنة 1971.
9- حسن ضياء الخلخالي ، نظرية الضرورة كاستثناء يرد على مبدأ سمو الدستور ، اطروحة دكتوراه ، كلية القانون ، جامعة الكوفة ،2006 ، ص114،113.
10- د. محمد احمد عبد النعيم ، شرط الضرورة امام القضاء الدستوري ، بدون طبعة ، دار النهضة العربية، القاهرة ، بدون ذكر سنة النشر ، ص37.
11- د. سليمان محمد الطماوي ، السلطات الثلاث في الدساتير العربية المعاصرة ، بدون طبعة، دار الفكر العربي ، 1967 ، ص532.
12- اظين خالد عبد الرحمن ، ضمانات حقوق الانسان في ظل قانون الطوارئ ، رسالة ماجستير، الطبعة الاولى ، دار الحامد ، عمان ، 2009 ، ص55.
13- احمد طلال عبد الحميد ، اثر حالة الطوارئ في توسيع صلاحيات السلطة التنفيذية ، مجلة القانون والقضاء ، العدد السابع ، 2011، ص80،79.
14- ينظر نص المادة (1) من امر الدفاع عن السلامة الوطنية رقم (1) لسنة 2004.
15- ينظر نص المادة (2) من الامر السابق.
16- ينظر نص المادة (61/ تاسعاً / ج) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005.
17- اظين خالد عبد الرحمن ، مصدر سبق ذكره ، ص56.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|