أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-05-2015
4061
التاريخ: 8-8-2016
3007
التاريخ: 10-8-2016
3139
التاريخ: 10-8-2016
2978
|
ظهر مذهب الاعتزال في أواخر القرن الأوّل للهجرة وكثر أشياعه بسرعة لارتياح العقل إلى أدلّته، وكانّ المنصور يناصر الرأي والقياس، واستقدم أبا حنيفة إلى بغداد ونشطه لهذه الغاية، وظل الميل إلى القياس متواصلاً في بني العباس والاعتزال أقرب المذاهب إلى أصحاب الرأي، لأنّ عمدة المعتزلة في إثبات مذهبهم بالبرهان العقلي، ولذلك كانوا إذا رأوا رجلاً مطّلعاً على منطق أرسطو أو أقواله في الجدل ونحوه استعانوا بما يسمعونه منه في تأييد مذهبهم، واحتاجوا إلى ذلك خصوصاً في أيّام المهدي لدفع أقوال الزنادقة ، فلعلهم احتاجوا إلى الاستعانة بمنطق اليونان وفلسفتهم،أو شعروا باحتياجهم إليها على الأقل وأخذوا في انشاء علم الكلام .
وكان البرامكة من أصحاب الرأي أيضاً وفيهم ذكاء وميل إلى العلم، فاشتغلوا في ترجمة الكتب القديمة قبل المأمون، وكانوا يعقدون مجالس المباحث والمجادلة في منازلهم، ولكن يظهر انّ الرشيد لم يكن يوافقهم على ذلك فلم يتظاهروا به فلمّا أفضت الخلافة إلى المأمون 198ـ 218هـ تغيّر وجه المسألة ،لأنّه مع فطنته وسعة علمه، شديد الميل إلى القياس العقلي، وقد تعلم وتفقّه وطالع ما نقل إلى عهده من كتب القدماء فازداد رغبة في القياس والرجوع إلى أحكام العقل، فتمسّك بمذهب الاعتزال وقرب إليه أشياخه، كأبي الهذيل العلاف وإبراهيم بن سيار النظام وجالس المتكلّمين فتمكن من مذهب الاعتزال ؛ فأخذ يناصر أشياعه وصرح بأقوال لم يكونوا يستطيعون التصريح بها خوفاً من غضب الفقهاء في جملتها القول بخلق القرآن أي انّه غير منزل، وكان المسلمون في أيّام الرشيد يخافون المأمون في ذلك، لأنّه ظهر فيه قبل تولّيه الخلافة، وكان الفضيل بن عياض يتمنّى طول عمر الرشيد لما تبيّن له من أمر المأمون من هذا القبيل ؛ فلمّا تظاهر المأمون بالاعتزال وقال بخلق القرآن، قامت قيامة الفقهاء، وعظم ذلك على غير المعتزلة، وهم أكثر عدداً، ولم يعد في وسعه الرجوع عن قوله، فعمل على تأييده بالبرهان، وجعل يعقد المجالس للمناظرة في هذا الموضوع، وتأييداً لصحة الجدل أمر بنقل كتب الفلسفة والمنطق من اليونانية إلى العربية واطّلع هو عليها، فقويت حجته وازداد تمسّكاً بالاعتزال، ولمّا يئس من إقناع الناس بالبرهان والقياس عمد إلى العنف باشر ذلك في العام الأخير من حكمه وهو خارج بغداد، فكتب إلى عامله فيها إسحاق بن إبراهيم أن يمتحن القضاة والشهود وجميع أهل العلم بالقرآن فمن أقرّ أنّه مخلوق محدث خلا سبيله ومن أبى فليعلمه به. فالراجح عندنا انّ المأمون لسعة علمه وحرية فكره ورغبته في القياس العقلي لم يكن يرى بأساً في نقل علوم اليونان إلى العربية، وانّه بدأ بنقل كتب الفلسفة والمنطق تأييداً لمذهب الاعتزال، ثمّ جعل الترجمة عامة لكلّ مؤلّفات أرسطو في الفلسفة وغيرها، وقد ابتدأ بترجمة تلك الكتب في أعوام بضعة عشر ومائتين، فتلقى المعتزلة تلك الفلسفة تلقي الظم آن لموارد الماء، وأقبلوا على تفحصها والتبحّر فيها، فاشتد ساعدهم بها فتولد من اشتغال المسلمين بالفلسفة علم الكلام، كما تولد من اشتغال النصارى بها الفلسفة الأفلاطونية الجديدة .
وكتب الدكتور إبراهيم حسن حول هذا الموضوع: ولم يكن لترجمة الكتب إلى العربية حظ كبير في عهد بني أُميّة، وكان خالد ابن يزيد بن معاوية أوّل من عنى بنقل علوم الطب والكيمياء إلى العربية، فدعا جماعة من اليونانيين المقيمين في مصر وطلب إليهم أن ينقلوا له كثيراً من الكتب اليونانية والقبطية التي تناولت البحث في صناعة الكيمياء العملية، وعمل على الحصول على الذهب عن طريق الكيمياء وذلك عرّبت الدواوين منذ عهد عبد الملك بن مروان بعد أن كانت بالفارسية واليونانية، ونقل ديوان مصر من اليونانية والقبطية إلى العربية في عهد الوليد بن عبد الملك ؛ فلمّا جاءت الدولة العباسية التي قامت بمساعدة الفرس ونشأ من ذلك اختلاط العنصرين العربي والفارسي اتجهت ميول الخلفاء العباسيين إلى معرفة علوم الفرس واليونان، فعنى أبو جعفر المنصور بترجمة الكتب، ونقل له حنين بن إسحاق بعض كتب سقراط وجالينوس في الطب، كما نقل ابن المقفّع كتاب كليلة ودمنة من الفهلوية وترجم كتاب أقليدس في الهندسة إلى العربية واشتهر في الترجمة من الفارسية إلى العربية غير ابن المقفع كثيرون، كآل نوبخت، والحسن بن سهل الذي استوزره المأمون، وأحمد بن يحيى بن جابر البلاذري مؤلف فتوح البلدان، وعمرو بن الفرّخان ؛ وقد زادت العناية بترجمة الكتب في عهد هارون بعد أن وقع في حوزته بعض المدن الرومية الكبرى، فأمر بترجمة ما عثر عليه المسلمون من كتب اليونان، كما نشطت حركة الترجمة بفضل تشجيع البرامكة للمترجمين وإدرار الأرزاق عليهم .
وفي عهد المأمون قويت حركة النقل والترجمة من اللغات الأجنبية وخاصة من اليونانية والفارسية إلى العربية، فأرسل البعوث إلى القسطنطينية لإحضار المصنّفات الفريدة في الفلسفة والهندسة والموسيقى والطب .
وروى ابن النديم أنّ المأمون كان بينه و بين ملك الروم مراسلات، وقد استظهر عليه المأمون، فكتب إليه يسأله الإذن في إنفاذ ما يختار من العلوم القديمة المخزونة المدخرة ببلد الروم، فأجاب إلى ذلك بعد امتناع، فأخرج المأمون لذلك جماعة، منهم: الحجاج ابن مطر وابن البطريق وسلما صاحب بيت الحكمة وغيرهم، فأخذوا ممّا وجدوا ما اختاروا، فلمّا حملوه إليه أمر بنقله فنقل، ولم تكد تلك الذخائر النفيسة تصل إلى بغداد حتى عهد إليهم المأمون في ترجمتها وكان قسطا بن لوقا يشرف على الترجمة من الفارسية القديمة ؛ ولم تكن العناية بالترجمة مقصورة على المأمون، بل عنى جماعة من ذوي اليسار في عهده بنقل كثير من الكتب إلى العربية، ومن هؤلاء: محمد وأحمد والحسن أبناء موسى بن شاكر المنجم، الذين أنفقوا الأموال الضخمة في الحصول على كتب الرياضيات، وكانت لهم آثار قيمة في الهندسة والموسيقى والنجوم، وقد أنفذوا حنين بن إسحاق إلى بلاد الروم فجاءهم بطرائف الكتب وفرائد المصنفات، وقد ظهرت في عهد المأمون طائفة من جهابذة الرياضيين من أمثال محمد بن موسى الخوارزمي الذي يعد أوّل من درس الجبر دراسة منظمة وجعله علماً منفصلاً عن الحساب. وكان من أثر نشاط حركة النقل والترجمة في عهد المأمون العباسي أن اشتغل كثير من المسلمين بدراسة الكتب التي ترجمت إلى العربية وعملوا على تفسيرها والتعليق عليها وإصلاح أغلاطها، نخص بالذكر من هؤلاء يعقوب بن إسحاق الكندي الذي نبغ في الطب والفلسفة وعلم الحساب والمنطق والهندسة وعلم النجوم، وقد حذا في تأليفه حذو أرسطو، وترجم كثيراً من كتب الفلسفة وشرح غوامضها.
وقصارى القول: إنّه كان هناك أربعة من مشاهير المترجمين في الإسلام، هم: حنين بن إسحاق، ويعقوب الكندي، وثابت بن قرّة الحراني، وعمر بن الفرخان الطبري ؛ وانّ العباسيين ترجموا ما وصل إليه اليونان والفرس وغيرهم من العلوم، كالفلسفة والطب والنجوم والرياضيات والموسيقى والمنطق والفلك والجغرافية والتاريخ والحكم والآداب والسير .
وقد ذكر ابن النديم انّ بني المنجم كانوا يرزقون جماعة من النقلة منهم حنين بن إسحاق وحبيش الحسن وثابت بن قرة وغيرهم في الشهر نحو خمسمائة دينار للنقل والملازمة.
ولم يكن للمكتبات شأن كبير في العصر الأموي، ولما نشطت حركة الترجمة والتأليف في العصر العباسي وتقدّمت صناعة الورق، وتبع ذلك ظهور كثير من الورّاقين واتخاذ أمكنة فسيحة يجتمع فيها العلماء والأُدباء للتزود من العلم، كثرت المكتبات التي كانت تزخر بالكتب الدينية والعلمية والأدبية .
وصارت هذه المكتبات فيما بعد أهم مراكز الثقافة الإسلامية، وكان بيت الحكمة الذي يرجح انّ الرشيد هو الذي وضع أساسه وعمل المأمون من بعده على إمداده بمختلف الكتب والمصنّفات من أكبر خزائن الكتب في العصر العباسي، وقد ظلت هذه الخزانة قائمة حتى استولى المغول على بغداد سنة 656هـ، وكانت تحتوي كلّ الكتب في العلوم التي اشتغل بها العرب، كما كان العلماء والأُدباء الذين يختلفون إليها ؛ ولم يقتصر تشجيع العلم على الخلفاء بل تعدّاهم إلى الوزراء وسائر كبار رجال الدولة، فقد ذكر المسعودي انّ يحيى بن خالد البرمكي كان يميل إلى البحث والمناظرة، وكان له مجلس يجتمع فيه أهل الكلام من أهل الإسلام وغيرهم من أهل النحل .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|