أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-4-2018
1005
التاريخ: 11-08-2015
811
التاريخ: 30-03-2015
1619
التاريخ: 31-3-2017
971
|
تتصور [ الملازمة ] على وجهين :
الأول : إِنَّ كلاًّ من الأَعمال الإِجرامية أو الصالحة التي تصدر من الإِنسان في عالم الطبيعة تُوجد في النفس مَلَكَةً مناسبة لها ، بسبب تكرار العمل وممارسته. وهذه المَلَكات النَفْسانية ليست شيئاً مفصولا عن وجود الإِنسان ، بل تشكل حاقّ وجوده و صَميم ذاته. فالإِنسان الصالح والطالح إِنما يحشران بهذه الملكات التي اكتسباها في الحياة الدنيوية عن طريق الطاعة و المعصية ، ولكل ملكة أثر خاص يلازمها. و إن شئت قلت : إنّ كل نفس مع ما اكتنفها من الملكات تكون خَلاّقةً للصور التي تناسبها ، إِما الجنة والروح و الريحان ، أو النار ولهيبها و عذابها. فعلى ذلك يكون الثواب و العقاب مخلوقين للنفس قائمين بها على نحو لا يتمكن من ترك الإِيجاد. وهذا كالإِنسان الصالح الذي ترسخت فيه الملكات الصالحة في هذه الدنيا ، فإنه لا يزال يتفكر في الأمور الصالحة ، و لا تستقر نفسه و لا تهدأ إلاّ بالتفكر فيها ، و في مقابله الإِنسان الطالح الّذي ترسخت فيه الملكات الخبيثة عن طريق الأعمال الشيطانية في الحياة الدنيوية فلا يزال يتفكر في الأمور الشرّيرة و الرديئة ، و لو أراد إِبعاد نفسه عن التفكر فيما يناسب ملكتها لم يقدر على ذلك.
ويظهر من العلامة (الطباطبائي) أَنَّ الثواب والعقاب الأخرويين من الحقائق التي يكتسبها الإِنسان بأعماله الصحيحة و الفاسدة ، وهما موجودان في هذه النشأة غير أَنَّ الأحجبة تحجز بينه و بين ما أعد لنفسه من الجنة والنار ، قال : « إِن ظاهر الآيات أنَّ للإِنسان في الدنيا وراء الحياة التي يعيش بها فيها حياة أخرى سعيدة أو شقية ، ذات أصول و أعراق ، يعيش بها فيها وسيطلع ويقف عليها عند انقطاع الأسباب وارتفاع الحُجُب ».
إلى أنْ قال : « إِنَّ الأَعمال تُهيء بأنفسها أو باستلزامها و تأثيرها أموراً مطلوبة أو غير مطلوبة أي خيراً أو شراً هي التي سيطلع عليها الإِنسان يوم يكشف عن ساق » (1).
وقد استظهر ما ذكره من عدة آيات ذكرها في كتابه.
وعلى ضوء ما ذكرنا ، فالإِنسان الوارد إلى الحياة الجديدة إنما يردها بملكات طيبة أو خبيثة ، ولها لوازم تطلبها ضرورة وجود شاء أم لم يشاء ، و هذه اللوازم تتجلى بصورة النِعَم و النِقَم لكل من الطائفتين.
فعند ذلك يسقط السؤال عن الهدف من التعذيب. وهذا نظير من شرب السم فيُقْتل ، أو شرب الدواء النافع فيبرأ ، فلا يصح السؤال عن الهدف من القتل و الإِبراء.
الثاني : إِنَّ من المقرر في محله أنَّ لعمل الإِنسان صورتين ، صورة دنيوية و صورة أخروية ، فعمل الإِنسان يتجلى في كل ظرف بما يناسبه ، فالصلاة لها صورتها الخاصة في هذه الحياة من حركات و أذكار ، ولكن لها صورة أخرى في الحياة الأخروية.
كما أنَّ الصوم له وجود خاص في هذا الظرف يعبر عنه بالإِمساك عن المفطرات ، و له وجود آخر في العالم الأَعلى يعبر عنه بكونه جُنّة من النار. و هكذا سائر الأَعمال من طالحها و اطلحها. و هذا ما أخبر عنه الكتاب العزيز ، يقول سبحانه : { إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا } [النساء: 10].
وقال سبحانه : {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ} [آل عمران: 180].
وقال سبحانه : {يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} [التوبة: 35].
إلى غير ذلك من الآيات التي تدل على حضور نفس العمل يوم القيامة ، لكن باللباس الأخروي ، و هذا يعرب عن أَنَّ لفعل الإِنسان واقعية تتجلى في ظرف بصورة و في آخر بأُخرى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ الميزان ، ج 1 ، ص 91 ـ 93.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|