المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

دليل الانسداد
18-8-2016
المولى محمد باقر بن عبد الرزاق اللاهيجي.
28-1-2018
الظروف البيئية المناسبة لزراعة نخيل التمور
13-12-2015
في رحاب المرتضى "عليه السّلام" (ق2)
17-7-2022
التعاكس Converseness
23-4-2018
النشاط النحوي في الأندلس
4-03-2015


الصعاليك  
  
3671   04:30 مساءاً   التاريخ: 23-03-2015
المؤلف : د. علي الجندي
الكتاب أو المصدر : في تاريخ الادب الجاهلي
الجزء والصفحة : ص437-443
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الجاهلي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-04-2015 4238
التاريخ: 23-03-2015 2109
التاريخ: 1-04-2015 10737
التاريخ: 22-03-2015 8586

الصعاليك: جمع صعلوك وهو الفقير: ويطلق لفظ الصعاليك -في عالم الأدب-على فئة من الفقراء اتخذوا لأنفسهم طريقة خاصة في حياتهم، فسلكوا سلوكًا له سمات معينة، أهمها: الأنفة والإباء والترفع عن الصغائر والدنايا وحقير الأعمال، معتمدين في حياتهم على القوة والبطش وانتهاز الفرص وخفة الحركة وسرعة الجري والهجوم الخاطف والسلب والنهب والفتك بالأعداء مع الحرص على البر والاهتمام بالمرضى والضعفاء والمحتاجين.

وقد صوروا فلسفتهم في الحياة في أشعارهم، من ذلك ما يقوله عروة بن الورد(1):

لحى الله صعلوكا إذا جن ليله مضى في المشاش آلفا كل مجزر(2)

يعد الغنى من دهره كل ليلة أصاب قراها من صديق ميسر(3)

قليل التماس المال إلا لنفسه إذا هو أضحى كالعريش المحور(4)

ينام عشاء ثم يصبح قاعدًا يحت الحصى عن جنبه المتعفر(5)

يعين نساء الحي ما يستعنه فيضحي طليحًا كالبعير المحسر(6)

ولله صعلوك صفيحة وجهه كضوء شهاب القابس المتنور(7)

مطلا على أعدائه يزجرونه بساحتهم زجر المنيح المشهر(8)

وإن بعدوا لا يأمنون اقترابه تشوف أهل الغائب المتنظر(9)

فذلك إن يلق المنية يلقها حميدًا، وإن يستغن يوما فأجدر(10)

فهو يدعو بالقبح واللعنة على الصعلوك الفقير الذي ليس له حظ من المال، فيرضى بالاستكانة والمهانة، ويألف الكسل والخمول، ويكتفي في طعامه بأن يبحث في المهملات عن عظام اللحوم الملقاة المهملة فيأكل ما عليها من بقايا، أو يمتص ما بداخلها من نخاع، وإذا جاد عليه صديق بأكلة عد نفسه غنيًّا، ولا يهتم إلا بنفسه فلا يبالي بأولاده ومن عليه أن يعولهم، ويقضي ليله ونهاره في النوم على التراب والحصى، أو في خدمة ربات البيوت إذا تفضلن عليه بتكليفه بتنظيف البيوت، أو قضاء ما يحتجن إليه. لكن لله در هذا الصعلوك الشهم الأبي، فقلة المال في يده لا تؤثر على شخصيته وكرامته، بل إنه عزيز النفس مهاب، بعيد عن الدنايا، فوجهه وضاء، وجبينه مشرق، لما له في قلوب الناس من المهابة، ويحسب الأعداء له ألف حساب وحساب، مهما كانوا منه قريبين أو بعيدين؛ لأنه بطل شجاع، يملأ النفوس رهبة وفزعًا، فمثل هذا أهل للثناء والإعجاب، وهو في حياته ومماته جدير بالاحترام وحسن التقدير.

وكان الصعاليك مشهورين بالجري السريع، والهجوم الخاطف، والعراك العنيف، وانتهاز الفرص، وسرعة التصرف، ولكنهم كانوا يتمسكون بكثير من صفات البطولة والشهامة.

ومما يمثل سرعة الصعاليك في الجري ما يحكيه تأبط شرًّا عن نفسه حينما أسرته بجيلة ففر هاربا منهم، فكان يجري بسرعة هائلة لا تفوقها إلا سرعة الحصان الجامع أو الطائر الجارح، ثم أتبع ذلك بوجهة نظره في الرجل الكامل الذي يعتمد عليه ويستحق الاحترام والتقدير، فيقول(11):

إني إذا خلة ضنت بنائلها وأمسكت بضعيف الوصل أحذاق(12)

نجوت منها نجاتي من بجيلة إذ ألقيت ليلة خبت الرهط أرواقي(13)

ليلة صاحوا وأغروا بي سراعهم بالعيكتين لدى معدى ابن براق(14)

كأنما حثحثوا حصًّا قوادمه أو أم خشف بذي شث وطباق(15)

لا شيء أسرع مني ليس ذا عذر وذا جناح بجنب الريد خفاق(16)

حتى نجوت ولما ينزعوا سلبي بواله من قبيص الشد غيداق(17)

ولا أقول إذا ما خلة صرمت يا ويح نفسي من شوق وإشفاق(18)

لكنما عولي إن كنت ذا عول على بصير بكسب الحمد سباق(19)

سباق غايات مجد في عشيرته مرجع الصوت هدًّا بين أرفاق(20)

عاري الظنابيب، ممتد نواشره مدلاج أدهم واهي الماء غساق(21)

حمال ألوية، شهاد أندية قوال محكمة، جواب آفاق(22)

فذاك همي وغزوي أستغيث به إذا استغثت بضافي الرأس نغاق(23)

يقول تأبط شرا: إذا تنكر صاحبي لواجب الصداقة، وفترت مودته، وانقطعت صلته، فإني أتركه ولا أبقي عليه، وأبعد عنه بسرعة كما فعلت حينما نجوت من بجيلة عندما أثاروا جمعهم ضدي، وركضوا سراعًا ورائي أنا وصاحبي، فكنت أجري بسرعة النعام والظباء، ولم يكن يفوقني في السرعة إلا الحصان الجامح، والطائر الجارح، وكأني في اندفاعي في الجري فاقد العقل، وذلك من سرعة الهرب وقوة الطلب، حتى نجوت ولم يستطيعوا أن يمسوني بأدنى أذى. وليس من عاداتي مطلقًا أن تثيرني قطيعة صاحب لا يعرف حق الصحبة والإخاء. ولكن إذا كان لي أن أعول على أحد، أو أبكي على فقد صداقته، فهو ذلك الرجل الكامل، الخبير بوسائل المجد، السباق إلى العلا والمكارم، الدائم التجوال إلى أقاصي الجهات، الكثير الأسفار في الليالي المظلمة الطوال، ذو العزة والجرأة، وصاحب الكلمة الفاصلة، وحامل اللواء في الحروب والغارات.

فما يقوله تأبط شرًّا هنا، إنما هو تصوير للصعلوك وصفاته في نظره.

وها هو ذا الشنفرى الأزدي يتحدث عن سياسة الصعاليك وحياتهم، فيقول فيما يسوسهم به رئيسهم(24):

وأم عيال قد شهدت تقوتهم إذا أطعمتهم أَوْتَحَتْ وأقلت(25)

تخاف علينا العيل إن هي أكثرت ونحن جياع، أي آل تألت(26)

وما إن بها ضن بما في وعائها ولكنها من خيفة الجوع أبقت(27)

مصعلكة لا يقصر الستر دونها ولا ترتجى للبيت إن لم تبيت(28)

لها وفضة فيها ثلاثون سيحفًا إذا آنست أولى العدي اقشعرت (29)

وتأتي العدي بارزًا نصف ساقها تجول كعير العانة المتلفت(30)

إذا فزعوا طارت بأبيض صارم ورامت بما في جفرها ثم سلت(31)

حسام كلون الملح صاف حديده جراز كأقطاع الغدير المنعت(32)

تراها كأذناب الحسيل صوادرًا وقد نهلت من الدماء وعلت(33)

يقول الشنفرى: إن ولي أمرنا كان يقتر في الطعام، وكثيرًا ما كان يقتصد في توزيعه علينا، وذلك لخشيته من أن يأتي وقت لا نجد فيه قوتًا ونحن جياع، فيالها من سياسة عجيبة!!! إنه لا يفعل ذلك بخلًا منه، أو شحًّا بما لديه علينا، ولكن من خشية الجوع ، فقد كان يلي أمر جماعة فقراء ليس لهم مورد رزق ثابت. وهو في منتهى الوضوح والصراحة، ولا يخفي شيئًا من أمره، ولا يستر عنهم أمرًا. وليس لإقامته مكان أو وقت معروف، فهو دائم الكفاح ولا يعرف متى ينتهي ولا إلى أين يعود إلى حين يقرر هو ذلك عندما يقتنع به. وهو كامل السلاح، وجعبته دائمًا عامرة، فإذا أحس خطرًا تهيأ واستعد للقتال والنزال، وإذا أحدق الخطر بدأ يرمي بالسهام، ثم يلتحم بالعدو ويضرب بسيف أبيض صارم، حتى يشفي غلته من دم الأعداء. وفي النهاية يقول عن نفسه:

إذا ما أتتني ميتتي لم أبالها ولم تذر خالاتي الدموع وعمتي

ولو لم أرم في أهل بيتي قاعدًا إذن جاءني بين العمودين حمتي(34)

وإني لحلو إن أريدت حلاوتي ومر إذا نفس العزوف استمرت(35)

أبي لما آبي سريع مباءتي إلى كل نفس تنتحى في مسرتي(36)

يقول: لست حريصًا على الحياة، فإذا جاءني الموت فلن أعبأ به، ولن أرضى أن يثير موتي مشاعر أحد حتى ولو كان من أرهف أقاربي شعورًا نحوي فإني أؤمن بأن الموت حتم، ولو أني لم أخرج للكفاح وملاقاة الأخطار، وحبست نفسي في بيتي وبين أهلي فسوف يدركني موتي ولن تستطيع أية قوة أن تبعده عني متى انتهى أجلي. وإني لسهل لطيف لمن يكون معي سهلًا لطيفًا، ومر شديد المرارة لمن عاداني. وإذا أبيت شيئًا تركته ولن يستطيع أحد مهما كان أن يرغمني عليه، وما أسرعني إلى محبة كل من ألمس فيه ميلًا إلى ما يسرني.

وشعر الصعاليك في العصر الجاهلي، يرينا كيف كان حال الفقراء، وما كان أكثرهم في ذلك العصر، فتستطيع أن تتبين منه بوضوح، ما كانوا فيه من بؤس، وما كانوا يلاقون من شظف العيش، فقد كانوا يعيشون في أدنى درجات الكفاف، وما كان أسعد بعضهم حينما يجدون لقمة من كريم، أو يكلفون بعمل ولو حقير، ومن ناحية أخرى، يرينا شعر الصعاليك كيف حاولت بعض النفوس منهم في هذه الظروف أن يشقوا طريقهم في الحياة بوسائل القوة والإرهاب.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الأصمعيات: ص45 ب: 13-21

(2) لحاه الله: قبحه ولعنه الصعلوك: الفقير. المشاش: رءوس العظام اللينة التي يمكن مضغها. مجزر: موضع الجزر، وهو بفتح الزاي قياسًا،وكسرها سماعًا. جن ليله: أظلم.

(3) ميسر "بكسر السين المشددة": الذي سهلت ولادة إبله وغنمه، ولم يطلب منها شيئًا. يقول: إن هذا الشخص إذا ملأ بطنه عندما يجود عليه شخص حاله ميسرة، عد نفسه غنيا، ولم يبال من ورائه من عياله وقرابته.

(4) العريش: خيمة من خشب أو جريد. المحور: الساقط. يقول إذا شبع فملأ بطنه ألقى نفسه كأنه عريش قد انهار.

(5) ينام عشاء: ينام مبكرًا من أول الليل. يحت: ينفض ويزيل. يقصد أنه كسول خامل ليس بصاحب إدلاج ولا غزو.

(6) طليح: معيّى. محسر: مجهد ومتعب. يريد أنه يقضي وقته في خدمة المنازل. كلما طلبت منه ربات البيوت، حتى يبلغ منه التعب درجة كبيرة، فيصبح في منتهى الإعياء، كالبعير الذي أجهده طول العمل.

(7) صفيحة وجهه: بشرة جلده. الشهاب: شعلة من نار ساطعة. القابس: الذي يقبس النار أي يأخذها. المتنور: المضيء.

(8) مطلًّا: مشرفًا. مطلًّا على أعدائه: يغزوهم دائمًا، كأنما ينظر إليهم من مكان عالٍ، فإذا وجد الفرصة سانحة انقض عليهم بالهجوم. يزجرونه: يصيحون به كما يزجر القدح إذا ضرب. المنيح: يقصد به هنا، قدح مستعار سريع الخروج والفوز، يستعار فيضرب ثم يرد إلى صاحبه. وقيل: إن المنيح قد تكثر به القداح، ولاحظ له. وهو أكثر القداح جولانًا؛ لأنه إذا خرج منها رد فيها، وإذا خرج منها غيره مما له حظ عزل عنها. وقيل إن هناك المنيح الذي تكثر به القداح، والمنيح الذي يزجر. المشهر: المشهور.

(9) يتشوف: يوجه عينه لينظر. يقول: إن بعد أعداؤه عنه لم يلهه بعدهم عن غزوهم، وهم لا يأمنون ذلك منه، فهم يتوقعونه في كل ساعة كما ينتظر أهل الغائب غائبهم متى يقدم، فأعينهم إليه يتشوفونه.

(10) حميدًا: أهل للثناء والمدح.

(11) مفضلية رقم 1 ب 3-14

(12) الخلة: الصداقة. وتقال للصديق، وتطلق على المذكر والمؤنث والمثنى والجمع، وأنث الضمائر من أجل اللفظ. النائل: ما ينال. بضعيف الوصل: بحبل ضعيف. الأحذاق: المتقطع.

(13) بجيلة: القبيلة التي أسرته. الخبت: اللين من الأرض. الرهط: موضع. ألقيت أرواقي: استفرغت مجهودي في العدو. يقول: إن ضن عني صديقي بنائله، وكان وصاله ضعيفًا، خليته ونجوت منه كنجائي من بجيلة.

(14) العيكتان: موضع. معدى: مصدر ميمي، أو اسم مكان، من "عدا يعدو". ابن براق: هو عمرو، وهو والشنفرى صديقا تأبط شرًّا. وكانا معه ليلة انفلاته من بجيلة.

(15) حثحثوا: حركوا من الحث. القوادم: ما ولي الرأس من ريش الجناح. والحص: جمع أحص، وهو ما تناثر ريشه وتكسر، يشير بذلك إلى الظليم، وهو ذكر النعام. الخشف: ولد الظبية. الشث والطباق :نبتان طيبا المرعى، يضمران راعيهما ويشدان لحمهما. أي: كأنما حركوا بحركتهم إياي ظليمًا أو ظبية. والنعام والظباء مضرب المثل في سرعة العدو.

(16) العذر: جمع عذرة، وهي ما أقبل من شعر الناصية على وجه الفرس. الريد: الشمراخ الأعلى من الجبل. يقول: لا شيء أسرع مني إلا الفرس. ولا الطائر الجارح الذي يأوي إلى الجبل، إذ هو أسرع طيرانًا من جارح السهل. و"ليس" في هذا الموضع أداة استثناء، وتترك فيه موحدة في التثنية والجمع، وفي المؤنث بغير علامة التأنيث.

(17) السلب: ما يسلب في الحرب. الواله: الذاهب العقل. الشد القبيض: الجري السريع. الغيداق: الكبير الواسع، من "الغدق" وهو المطر الكثير. يريد: أنه نجا من بجيلة مسرعًا كالواله، فيكون قد جرد من نفسه شخصًا كان يذهب عقله من سرعة الهرب، والطلب وراءه.

(18) صرمت: قطعت.

(19) العول، بفتح الواو مع فتح العين وكسرها: مصدر بمعنى العويل، وهو رفع الصوت بالبكاء والاستغاثة، وبالكسر فقط جمع "عولة" بفتح فسكون. أو بمعنى العول عليه المستغاث به. بدأ في وصف الرجل الكامل يبكي فقد صداقته، أو الذي يعول عليه.

(20) مرجع الصوت: يصبح أمرًا ناهيًا. هدًّا: رافعا صوته، مصدر وقع حالًا. الأرفاق: الرفاق، يصفه بأنه رئيسهم، يصدرون عن رأيه بينما يأمر وينهى.

(21) الظنابيب: جمع "ظنبوب" وهو حرف عظم الساق، جعلها عارية لهزالها، والعرب تمدح الهزال وتهجو السمن. النواشر: عروق ظاهر الذراع. مدلاج: كثير سفر الليالي بطولها. الأدهم: الليل. واهي الماء: مطره شديد، سحابه لا يمسك الماء. الغساق: الشديد الظلمة. وهما نعت للأدهم. يقول: يدلج في الليل المطر المظلم، فهو ذو عزم وجرأة.

(22) المحكمة: الكلمة الفاصلة. جواب آفاق: صاحب أسفار وغزو.

(23) غزوي: مقصدي، من الغزو وهو المقصد. ضافي الرأس: كثير الشعر. نغاق ونعاق بمعنًى، وهما روايتان هنا.

(24) المفضلية رقم 20ب 19-27

(25) أراد بأم عيال: تأبط شرًّا، لأنه حين غزوا جعلوا زادهم إليه، وكان يقتر عليهم مخافة أن تطول الغزاة بهم فيموتوا جوعًا، والأزد تسمى رأس القوم وولي أمرهم "أمًّا" وفي اللسان عن الشافعي "قال: العرب تقول للرجل يلي طعام القوم وخدمتهم هو أمهم" واستشهد الشافعي بهذا البيت. أوتحت: أعطت قليلًا، كأقلت. وقد ساق القول عن تأبط شرًّا بضمير المؤنث مساوقة للفظ "أم"، وقال الأصمعي: "وكنايته عن تأبط شرا كأوابد الأعراب التي يلغزون فيها".

(26) العيل والعيلة: الفقر. أي آل تألت: أي سياسة ساست.

(27) ضن: بخل، وهو بكسر الضاد، الفتح لغة فيه، نقلها اللسان عن ابن سيده.

(28) مصعلكة: صاحبة صعاليك، وهم الفقراء. لا يقصر الستر دونها: لا تغطي أمرها، يقول: هي مكشوفة الأمر. لا ترتجي إلخ: لا ترتجي أن تكون مقيمة، إلا أن تريد هي ذلك فتجيء.

(29) الوفضة: جعبة السهام. السيحف: السهم العريض النصل. آنست: أحست. العدي: جماعة القوم يعدون راجلين للقتال ونحوه، لا واحد له من لفظه. اقشعرت: تهيأت للقتال.

(30) بارزًا نصف ساقها: يريد أنه مشمر جاد. العير: حمار الوحش. العانة: القطيع من حمر الوحش، وإنما شبهه بعير العانة لأن الحمار أغير ما يكون، فهو يتلفت إلى الحمير يطردها عن آنيته.

(31) الأبيض: السيف. الصارم: القاطع. الجفر: كنانة السهام. يعني أنه يرمي بما في كنانته ثم يحارب بسيفه.

(32) الجراز: السيف القاطع. أقطاع: جمع قطع، بكسر فسكون، كالقطعة. والمراد بأقطاع الغدير أجراء الماء يضربها الهواء فتقطع ويبدو بريقها. المنعت: مبالغة من النعت، وهو الوصف بالحسن.

(33) الحسيل: جمع حسيلة، وهي أولاد البقر. شبه السيوف بأذناب الحسيل إذا رأت أمهاتها فجعلت تحرك أذنابها، والنهل والعلل هنا للسيوف أي شربت وكررت الشرب من الدماء.

(34) لم أرم: لم أبرح. العمودين: لعله أراد بهما عمودي الخباء. الحمة: المنية وهي الموت.

(35) العزوف: المنصرف عن الشيء، ويقصد هنا صاحب الإباء وعزة النفس. استمرت: أحست المرارة. يقول: أنا سهل لمن ساهلني، مر على من عاداني.

(36) المباءة: الرجوع. أبي: صاحب إباء أي أنفة وعزة نفس. آبى: أكره. تنتحي: تقصد وتميل، وتنتحي في مسرتي. تقصد إلى ما يسرني.

 

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.