أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-03-2015
5483
التاريخ: 2-03-2015
6155
التاريخ: 2-03-2015
2947
التاريخ: 2-03-2015
1763
|
من سورة يوسف
بسم الله الرحمن الرحيم
قول الله عز وجل (بما أوحينا إليك هذا القرآن)(1) . (هذا القرآن) منصوب بوقوع(2) الفعل عليه . كأنك قلت : بوحينا إليك هذا القرآن .
ولو خفضت (هذا) و (القرآن) كان صوابا : تجعل هذا مكرورا(3)
ص94
على (ما) ، تقول : مررت بما عندك متاعك ، تجعل المتاع مردودا على (ما) ومثله في النحل (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب)(4) و (الكذبِ) على ذلك .
وقوله " يا أبتِ) لا تقف عليها بالهاء(5) وأنت خافض لها في الوصل لان تلك الخفضة تدل على الإضافة الى المتكلم .
ولو قرأ قارئ (يا أبتُ) لجاز وكان الوقف على الهاء جائزا ، ولم يقرأ به احد نعلمه . ولو قيل (يا أبتَ) لجاز الوقوف عليها بالهاء من جهة ولم يجز من أخرى . فأما جواز الوقوف على الهاء فأن تجعل الفتحة فيها من النداء ولا تنوي ان تصلها بألف الندبة ، فكأنه كقول الشاعر(6) :
ص95
كليني لهم يا أميمة ناصبِ
وأما الوجه الذي لا يجوز الوقف على الهاء فأن تنوي : يا ابتاه ثم تحذف الهاء والألف ؛ لأنها في النية متصلة بالألف كاتصالها في الخفض بالياء من المتكلم .
وأما قوله (إني رأيت أحد عشر كوكبا)(7) فإن العرب تجعل العدد ما بين احد عشر الى تسعة منصوباً(8) في خفضه ورفعه .
وذلك أنهم جعلوا اسمين معروفين واحدا ، فلم يضيفوا الأول الى الثاني فيخرج من معنى العدد. ولم يرفعوا آخره فيكون بمنزلة (بعلبك) إذارفعوا آخرها. واستجازوا أن يضيفوا (بعل) الى (بك) لأن هذا لا يعرف فيه الانفصال من ذا، والخمسة تنفرد من العشرة والعشرة من الخمسة،
ص96
فجعلوهما بإعراب واحد ، لأن معناهما في الأصل هذه عشرة وخمسة(9) ، فلما عدلا عن جهتهما أعطيا إعرابا واحدا في الصرف(10) كما كان إعرابهما واحدا قبل أن يُصرفا .
فأما نصب " كوكب " فإنه خرج مفسراً(11) للنوع من كل عدد ليعرف
ص97
ما أخبرت عنه . وهو في الكلام بمنزلة قولك : عندي كذا وكذا درهما ، خرج الدرهم مفسرا لكذا وكذا ؛ لأنها واقعة على كل شيء . فإذا أدخلت في أحد عشر الألف واللام أدخلتهما في أولهما ، فقلت : ما فعلت الخمسة عشر . ويجوز ما فعلت الخمسة العشر ، فأدخلت عليهما الألف واللام مرتين لتوهمهم انفصال ذا من ذا في حال . فإن قلت : الخمسة العشر لم يجز لأن الأول غير الثاني(12) ؛ ألا ترى أن قولهم : ما فعلت الخمسة الأثواب ؟ لمن أجازه تجد الخمسة هي الأثواب ولا تجد العشر الخمسة.
فلذلك لم تصلح إضافته بألف ولام . وإن شئت أدخلت الألف واللام أيضاً في الدرهم الذي يخرج مفسراً فتقول : ما فعلت الخمسة العشر الدرهم ؟ وإذا أضفت الخمسة العشر الى نفسك رفعت الخمسة ، فتقول : ما فعلت خمسة عشري ؟ ورأيت خمسة عشري ، ومررت بخمسة عشري ، وإنما عربت الخمسة أن تضاف إليها وبينهما عشر فأضيفت الى عشر لتصير اسما ، كما صار ما بعدها بالإضافة اسما . سمعتها من أبي فقعس الأسدي وأبي الهيثم العقيلي : ما فعلت خمسة عشرك ؟ ولذلك لا يصلح للمفسر أن يصحبهما ؛ لأن إعرابيهما قد اختلفا . وإنما يخرج الدرهم والكوكب مفسراً لهما جميعاً كما يخرج الدرهم من (عشرين) مفسرا لكليها فإذا أضفت العشرين دخلت في الأسماء وبطل عنها التفسير . فخطأ أن
ص98
تقول : ما فعلت عشرون درهما ، أو خمسة عشرك درهما(13) . ومثله أنك تقول : مررت بضارب زيدا . فإذا أضفت الضارب الى غير زيد لم يصلح ان يقع على زيد أبدا .
ولو نويت بخمسة عشر أن تضيف الخمسة الى عشر في شعر لجاز فقلت : ما رأيت خمسة عشر قط خيرا منها ، لأنك نويت الأسماء ولم تنوِ العدد . ولا يجوز للمفسر أن يدخل ها هنا كما لم يجز في الإضافة ،
ص99
أنشدني العكلي أبو ثروان:(14)
كلف من عنائه وشقوته بنت ثماني عشرة من حجته
ومن القراء من يسكن العين من (عشر) في هذا النوع كله ؛ إلا (اثنا عشر) . وذلك أنهم استثقلوا كثرة الحركات ، ووجدوا الألف في (اثنا) والياء في (اثني) ساكنة فكرهوا تسكن العين والى جنبها ساكن ، ولا يجوز تسكين العين في مؤنث العدد لأن الشين من (عشرة) يسكن فلا يستقيم تسكين العين والشين معا .
وأما قوله " رأيتهم لي ساجدين " فإن هذه النون والوا(15) إنما تكونان في جمع ذكران الجن والإنس وما أشبههم فيقال : الناس ساجدون والملائكة والجن ساجدون ، فإذا عدوت هذا صار المؤنث والمذكر الى التأنيث فيقال : الكباش قد ذبحن وذبحت ومذبحات ، ولا يجوز مذبحون . وإنما جاز في الشمس والقمر والكواكب بالنون والياء لأنهم وصفوا بأفاعيل الآدميين ، ألا ترى أن السجود والركوع لا يكون إلا من أفاعيل الآدميين فأخرج فعلهم على فعال الآدميين ، ومثله (وقالوا
ص100
لجلودهم لم شهدتم علينا )(16) فكأنهم خاطبوا رجالا إذ كلمتهم وكلموها . وكذلك (ياأيها النمل ادخلوا مساكنكم )(17) فما اتاك مواقعاً لعل الآدميين من غيرهم أجريته على هذا .
قوله (يا بني)(18) و (يا بني) لغتان ، كقولك : يا أبت ويا أبت لأن من نصب أراد الندبة ؛ يا أبتاه فحذفها .
وإذا تركت الهمزة من (الرؤيا)(19) قالوا : الرؤيا طلباً للهمزة وإذا كان من شأنهم تحويل الهمزة قالوا : لا تقصص رياك في الكلام فأما في القرآن فلا يجوز لمخالفة الكتاب(20) . أنشدني أبو
ص101
الجراح (21) :
لعرض من الأعراض يمسي حمامه ويضحي على أفنانه الغين يهتف
أحب الى قلبي من الديك رية وباب إذا ما مال للغلق يصرفُ
أراد رؤية ، فلما ترك الهمز وجاءت واو ساكنة بعدها ياء تحولتا ياء مشددة ، كما يقال: لويته لياً وكويته كياً والأصل كويا ولويا .
وإن أشرت (22) الى الضمة : ريا فرفعت الراء فجائز . وتكون هذه الضمة مثل قوله: (وحيل) و (سيق) ، وزعم الكسائي أنه سمع أعرابياً يقول : " إن كنتم للريا تعبرون " (23) .
وقوله " وكذلك يجتبيك ربك (24) " جواب لقوله (إني رأيت أحد عشر كوكباً) فقيل له: وهكذا يجتبيك ربك . كذلك وهكذا سواء
ص102
في المعنى . ومثله في الكلام أن يقول الرجل : قد فعلت اليوم كذا وكذا من الخبر فرأيت عاقبته محمودة ، فيقول له القائل : هكذا السعادة ، هكذا التوفيق ، و (كذلك) يصلح فيه . و (يجتبيك) يصطفيك .
قوله : (ونحن عصبة)(25) ، والعصبة : عشرة فما زاد .
قوله : (أو اطرحوه أرضاً يخل لكم وجه أبيكم )(26) جواب للأمر ولا يصلح الرفع في (يخل) لأنه لا ضمير فيه . ولو قلت : أعرني ثوبا ألبس ، لجار الرفع والجزم لأنك تريد : ألبسه فتكون رفعا من صلة النكرة . والجزم على أن تجعله شرطا .(27)
قوله (وألقوه في غيابة الجب)(28) واحدة . وقد قرأ أهل الحجاز (غيابات) على الجمع.
" يلتقطه بعض السيارة " قرأ العامة بالياء لأن (بعض) ذكر وإن أضيف الى تأنيث . وقد قرأ الحسن ـ فيما ذكر عنه ـ (تلتقطه)
ص103
بالتاء ، وذلك أنه ذهب الى السيارة ، والعرب إذا أضافت المذكر الى المؤنث وهو فعلٌ له او بعض له قالوا فيه بالتأنيث والتذكير (29) . وأنشدونا : (30)
على قبضة موجوءة ظهر كفه فلا المرء مستحي ولا هو طاعم
ذهب الى الكف وألغى الظهر لأن الكف يجزئ من الظهر فكأنه قال موجوءة كفه ، وأنشدني العكلي أبو ثروان : (31)
أرى مر السنين أخذن مني كما أخذ السرار من الهلال
وقال ابن مقبل : (32)
قد صرح السير عن كتمان وابتذلت وقعُ المحاجن بالمهرية الذقنِ
ص104
أراد : وابتذلت المحاجن وألغى الوقع . وأنشدني الكسائي : (33)
إذا مات منهم سيد قام سيد فدانت له أهل القرى والكنائس
ومنه قول الأعشى : (34)
وتشرق بالقول الذي قد أذعته كما شرقت صدر القناة من الدم
وأنشدني يونس البصري : (35)
لما أتى خبر الزبير تهدمت سور المدينة والجبال الخُشعُ
وإنما جاز هذا كله لأن الثاني يكفي من الأول ؛ ألا ترى أنه لو قال :
تلتقطه السيارة لجاز وكفى من (بعض) لا يجوز أن يقول : قد ضربتني غلامُ جاريتك ؛ لأنك لو ألقيت الغلام لم تدل الجارية على معناه .
وقوله : " لا تأمنّا(36) " تشير الى الرفعة(37) ، وإن تركت فصواب ، كلٌ قد قرئ به ، وقد قرأ يحيى بن وثاب (تيمنّا).
ص105
وقوله : " يرتع ويلعب "(38) من سكن العين أخذه من القيد والرتعة(39) وهو (يفعل) حينئذ . ومن قال (يرتع ويلعب) فهو (يفتعل) من رعيت ، فأسقطت الياء للجزم(40).
وقوله : " وجاءوا على قميصه بدمٍ كذبٍ "(41) . معناه : مكذوب والعرب تقول للكذب، مكذوب ، والضعف : مضعوف ، وليس له عقد رأي ومعقود رأي ، فيجعلون المصدر في كثير من الكلام مفعولا ، ويقولون هذا أمر ليس له معنيُ يريد معنى ، ويقولون للجلد : مجلود قال الشاعر:(42)
إن أخا المجلود من صبرا
وقال الآخر:(43)
حتى إذا لم يستركوا لعظامه لحما ولا لفؤاده معقولا
ص106
وقال أو ثروان : إن بني نمير ليس لحدهم مكذوبة ، ومعنى قوله (بدمٍ كذب) أنهم قالوا ليعقوب : أكله الذئب . وقد عمسوا قميصه في دم جدي . فقال : لقد كان هذا الذئب رفيقاً يا بني ، مزق جلده ولم يمزق ثيابه . قال : وقالوا : اللصوص قتلوه : فلم تركوا قميصه. وإنما يريدون الثياب . فلذلك قيل (بدمٍ كذب) ويجوز في العربية أن تقول : جاءوا على قميصه بدمٍ كذباً ، كما تقول : جاءوا بأمر باطلٍ وباطلا ، وحق وحقاً (44) .
وقوله (فصبرٌ جميلٌ) مثل قوله (فصيام ثلاثة أيامٍ)(45) (فإمساكٌ بمعروف )(46) ، ولو كان : فصبراً جميلا يكون كالآمر لنفسه بالصبر لجاز ، وهي في قراءة أبي (فصبراً جميلاً) كذلك على النصب بالألف .
وقوله " يا بُشرى هذا غلام "(47) و (يا بشراي) بنصب الياء ، وهي لغة في بعض قيس . وهُذيلٌ : يا بُشريَّ . كل ألف أضافها المتكلم الى نفسه جعلتها ياء مشددة . أنشدني القاسم بن معن(48) :
ص107
تركوا هوي وأعنقوا لهواهم ففقدتهم ولكل جنب مصرع
وقال لي بعض بني سليم : آتيك بمولي فإنه أروى مني . قال :
أنشدني المفضل : (49)
يطوّف بي عكَبُّ في معدِّ ويطعن بالصملة في قفيا
فإن لم تثأرا لي من عكب فلا أرويتما أبداً صديا
ومن قرأ (يا بشري) بالسكون فهو كقولك : (يا بني لا تفعل بكون مفرداً في معنى الإضافة . والعرب تقول : يا نفس اصبري ويا نفس اصبري وهو يعني نفسه في الوجهين . ويـ (يا بشراي) في موضع نصب : ومن قال (يا بشري) فأضاف وغير الألف الى الياء فإنه طلب(50) الكسرة التي تلزم ما قبل الياء من المتكلم في كل حال ؛ ألا ترى أنك تقول : هذا غلامي فتخفض الميم في كل جهات الإعراب فحطوها إذا أضيفت الى المتكلم ولم يحطوها عند غير الياء في قولك :
هذا غلامك وغلامه ؛ لأن (يا بشرى) من البشارة ، والإعراب يتبين عند كل مكني(51) إلا عند الياء .
___________________
(1) من الآية رقم (2) ونصها : (نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين).
(2) هذا الدليل على أن المدرستين كلتيهما كانتا تقران نظرية العامل منذ البداية . لكن الذي يلاحظ في عبارة الفراء هنا انه جعل اسم الإشارة (هذا) مفعولا به للفعل (أوحينا)، وذلك يخالف الرأي الذي اشتهر عن الكوفيين بعامة عن الفراء بخاصة من أن المفعول به لا ينصبه الفعل وحده وإنما ينصبه الفعل والفاعل معاً .
(3) " المكرور " يقصد به البدل ، وكان للكوفيين مصطلح خاص للبدل إذ كانوا يسمونه " الترجمة " وكانوا يسمونه أيضاً " التبيين " ، فهل كان الفراء يعني من هذا التعبير مصطلحاً علميا أم لعله استعمله تعبيراً لغوياً يقصد منه أن لفظة (القرآن) تأخذ حكم اسم الأشارة في الآية الكريمة ، وبخاصة انه استعمل كلمة (مردود) بعد ذلك بمعنى (مكرور) ؟ وعلى الجر يكون الإعراب :
الباء : حرف جر ، ما : حرف مصدري . أوحينا : فعل وفاعل . وما والفعل في تأويل مصدر في محل جر بالياء ، وشبه الجملة متعلق بالفعل نقص . هذا: أسم إشارة بدل من المصدر المؤول في محل جر . القرآن بدل من هذا مجرور بالكسرة الظاهرة .
(4) النحل آية 116 ، ونصها : (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون) وقد قرئت بأكثر من قراءة ، اما (الكذب) بالنصب فالأغلب أنه منصوب على نزع الخافض ؛ أي: لما تصف ألسنتكم من الكذب والأغلب أن اللام لام سبب أي لا تقولوا لأجل وصفكم الكذب هذا حلال وهذا حرام .
وأما (الكذب) بالجر التي ذكرها الفراء ففي توجيهها وجهان :
1- أن تكون نعتا للمصدر المؤول من ما و الفعل ؛ أي : لوصف ألسنتكم الكذب .
2- أن تكون بدلا من (ما) على أنها اسم موصول ؛ أي : ولا تقولوا للذي تصفه ألسنتكم الكذب .
(5) شرحنا قبل ذلك حكم كلمتي (أب ، أم) عند ندائهما مضافتين الى ياءا المتكلم وذلك في باب المنادى عند سيبويه . وذكرنا أن هذه (التاء) في (أبت) إنما هي عوض عن ياء المتكلم المحذوفة ، وانها يجوز فيها الكسر : يا أبت ، والفتح يا أبت ، والضم : يا أبت . ويشير الفراء هنا الى أن التاء إن كانت مكسورة لا يجوز الوقف عليها هاء ، فلا نقول يا أبه في يا أبتِ ، وذلك لأن كسرة التاء دليل على حذف الياء ، فإذا وقفنا على التاء هاء ضاعت الكسرة وضاع بذلك الدليل على المحذوف .
(6) الشاهد من بيت النابغة الذبياني :
كليني لهم يا أميمة ناصبِ وليل أقاسيه بطيء الكواكب
وقد روي بضم تاء (أميمة) وفتحها ، والفراء هنا يقصد رواية الفتح ؛ فكيف توجه هذه الرواية ؟. نقل أبو بكر الأنباري في كتابه (شرح القصائد السبع الطوال الجاهليات) عن الفراء انه قال :
" يا فاطمة أقبلي ، ويا فاطمة أقبلي . فمن قال يا فاطمة هو نداء مفرد مرفوع ، ومن قال يا فاطمة كان له مذهبان : أن تقول أردت أن أقول يا فاطم الترخيم فرددت التاء وقدرت فيها فتح الترخيم ، والمذهب الآخر أن يقول : أردت يا فاطمتاه ، فأسقطت الألف والهاء وتركت التاء على فتحتها . " ص 42 تحقيق الأستاذ عبد السلام هارون .
والفراء يقصد هنا هذين المذهبين في توجيه رواية النصب ، فمن جعل الفتحة على تاء (أميمة) من النداء لأن الشاعر كان ينوي الترخيم (أي يا أميم) ثم أرجع التاء فصارت (يا أميمة) ـ جاز له أن يقف عليها بالهاء فيقول (يا أميمة) ومن جعل الكلمة أصلها (يا أميمتاه) ـ ثم حذف هاء السكت ، وألف الندبة ، لكنهما منويتان ـ فلا يجوز له الوقف عليها بالهاء . وهكذا في (يا أبتِ) بالفتح يجوز فيها الوجهان : الوقف بالهاء أو عدمه .
(7) الآية رقم 4 ونصها : (إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين .)
(8) يقصد مبينا على فتح الجزءين .
(9) أنت تعلم أن الاسم المركب ثلاثة أنواع ؛ مركب إضافي ، ومركب إسنادي ومركب مزجي .
والحديث هنا عن المركب المزجي ، وهو الاسم الذي يتركب من كلمتين امتزجتا حتى صارتا كالكلمة الواحدة . والمركب المزجي نفسه أنواع يهمنا منه نوعان :
أ ـ نوع امتزج فيه الشطران وصارا كلمة واحد ، ويكون الإعراب على آخر الشطر الثاني مثل بعلبك ، فأنت تضع الضمة أو الفتحة على الكاف وليس على اللام وكل جزء من الجزئين كان له معنى قبل التركيب ، أما بعد التركيب فإن معنى كل منهما يزول زوالا كاملا ، ويصبح كل جزء بمنزلة الحرف الهجائي في الكلمة الواحدة . ولذلك يشير القراء هنا الى أن كلمة بعلبك لما كانت قد صارت كلمة واحدة غير مقدر فيها الانفصال جازت فيها الإضافة ، فنقول : هذه بعل بك زرت بعل بك ومررت بيعل بك .
ب ـ ونوع ثان هو ما يعرف بالمركب المزجي العددي ؛ أحد عشر الى تسعة عشر ، فإن كل واحد منهما كان له معنى قبل التركيب ، والمعنى الجديد يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمعنى الذي كان لكل منهما ، أي أنه يتكون من معنا هما السابق على تقدير واو العطف بين العددين ، فلما كانا في حكم الانفصال لم تجز إضافتهما ، ووجب النظر إليها باعتبارهما كلمة واحدة تبنى على فتح الجزئين .
(10) (الصرف) مصطلح نحوي خاص استعمله الكوفيون ، وورد منسوباً الى الفراء على وجه الخصوص ، وهو عنده علة لنصب المفعول معه ، ولنصب المضارع بعد واو المعية وفاء السببية واو .
لكن كلمة (الصرف) هنا لا تعني هذا الاصطلاح ، وإنما تعني معنى لغوياً هو التحول ، أي تحويل الجزئين من الإفراد الى التركيب .
وهذا يدل على أن المصطلحات اللغوية لم تكن قد استقرت بعد حتى عند المؤلف الواحد.
(11) المفسر هو التمييز ، يسمى أحياناً المفسر ، والتفسير والمبين ، والتبيين ، والمميز والتمييز .
(12) حين تضيف عدداً الى اسم معين دل العدد على المضاف إليه كما دل المضاف إليه على العدد فكأنهما اسم واحد ، فإذا قلت : خمسة رجال ، دلت (الخمسة) على الرجال ، كما دلت (الرجال) على (الخمسة) . ولذلك لا يصح أن تقول : الخمسة العشر لأن (الخمسة) لا تدل على (العشر) كما أن (العشر) لا تدل على (الخمسة) .
(13) يتعرض الفراء هنا لإضافة العدد . والمعروف أن العدد تجور إضافته الى غير تمييز ، سواء أكان العدد مفرداً نحو (ثلاثة) و (عشرون) أم كان مركبا نحو (خمسة عشر ) فلك أن تقول :
ثلاثة زيدٍ ، وثلاثتهم ، وثلاثتكم .
وعشر وزيد ، وعشروك .
وخمسة عشر زيدٍ ، وخمسة عشرك .
وفي هذه الحالة يمتنع ذكر التمييز ، فلا تقول ثلاثة زيد كتب مثلا ، وذلك أن العدد لا تجوز اضافته إلا بعد أن تحول من كونه عددا مبهما الى اسم معروف جنسه ، وكلمة ثلاثة هنا معروفة للمتكلم والمخاطب معا كأن يكون المعنى : هذه كتبي الثلاثة ، وهذه ثلاثتك . أي هذه كتبك الثلاثة ، فالعدد هنا في غير حاجة الى ما يوضح المقصود منه .
فإذا كان العدد المراد إضافته عدداً مركباً فلك فيه ثلاثة وجوه :
أ ـ بقاء صدر المركب وعجزه مبنيين على الفتح فنقول : هذه خمسة عشر زيدٍ ورأيت خمسة عشر زيد . ومررت بخمسة عشر زيد .
ب ـ بقاء صدره وحده مبنياً على الفتح وجر العجز بالإضافة ، فتقول :
هذه خمسة عشر زيد . رأيت خمسة عشر زيد ، مررت بخمسة عشر زيد .
جـ ـ إعراب الصدر موقعه من الجملة ، ثم إضافته الى العجز ، وإضافة العجز ما بعده، فتقول : هذه خمسة عشر زيد ، ورأيت خمسة عشر زيد ، ومررت بخمسة عشر زيد. وهذا الوجه أباه البصريون ، وجوزه الكوفيون ، وهو الذي ذكره الفراء هنا .
(14) هذا شاهد على جواز إضافة صدر العدد المركب الى عجزه مع امتناع ذكر التمييز وموضع الشاهد : ثماني عشرة ، وهو على الوجه الذي يكون فيه الصدر حسب موقعه الإعرابي ويكون العجز مجروراً بالإضافة .
(15) يقصد بالواو والنون علامة جمع المذكر السالم . والذي لفته في هذه الآية هو والكواكب غير عاقلة ، فكيف قيل عنها (ساجدين) ولم يقل (ساجدة) ؟
الجواب عن ذلك أن غير العاقل إذا صدر منه أمر لا يصدر إلا عن العاقلين جاز جمعه جمع مذكر سالما ، والسجود لا شك من خصائص العقلاء .
(16) فصلت الآية 21 ، والشاهد في الآية أن الجلود غير عاقلة ، لكنها لما اتصفت بما يخص العقلاء وهو الشهادة ، جاز أن يسند إليها الى جمع المذكر ، ولذلك لم يقل : لم شهدت ، أو لم شهدتن ، وإنما قال : لم شهدتم ، بضمير جمع الذكور ، وهو لا يستعمل الا للعاقل .
(17) النمل آية 18 ، والشاهد فيها كالآية السابقة حيث خوطب النمل بما يخاطب به العقلاء (ادخلوا مساكنكم) .
(18) من الآية رقم 5 ، ونصها : (قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوانك فيكيدوا لك كيداً إن الشيطان للإنسان عدو مبين .)
(19) (رؤيا) يجوز فيها تخفيف الهمزة فتصير (رويا) ، اما إذا أريد قلب الهمزة قلباً كاملا فإنها تقلب أولا واوا فتصير (رويا) ، فتجتمع الواو والياء والأولى ساكنة فتقلب ياء وتدغم في الثانية لتصير (رُيَّا) :
(20) من القوانين المهمة جداً في قراءة القرآن أن القراءة لا تكون بالاجتهاد وفقاً لما تراه أنت وجها من وجوه اللغة ، وذلك لأن قراءة القرآن لا تكون صحيحة إلا باعتمادها على ما نقله الأئمة الرواة الضابطون المتقنون بروايات مؤكدة منتهية الى رسول الله (ص) . والعلماء يؤكدون أن القراءة ، تؤخذ (بالأثبت في الأثر والأصح في النقل ، وليس الأفثى في اللغة والأقيس في العربية ) . ولذلك ميز الفراء هنا بين استعمال كلمة (رُيّاك) في الكلام واستعمالها في القراءة .
(21) الشاهد في البيتين قوله (رُية) بقلب همزة (رؤية) واوا ، ثم قلب الواو ياء وإدغامها في الياء الثانية لتصير (رُيَّة) .
والعرض : الوادي فيه شجر والغين جمع غيناء وهي الشجرة الخضراء : ويصرف بصوت وقد ورد البيتان في اللسان (عرض) بقوله (رنة) مكان (رية) ، وعليه فلا شاهد فيه .
(22) قوله (أشرت) معناها (أشممت) . والإشمام هنا هو النطق بحركة صوتية تجمع بين الضمة والكسرة على التوالي السريع ، بغير خلط بينهما ، فينطق أولا بجزء من الضمة ، يليه جزء كبير من الكسرة ، يجلب بعده ياء وذلك جائز في كل فعل ماض ثلاثي معل العين : بيع ـ صيم ، ويمكن تصورها على الشكل التالي suma .
(23) يوسف 42 ، والقراءة الصحيحة " إن كنتم للرؤيا تعبرون " .
(24) من الآية رقم 6 ونصها : (وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحق إن ربك عليم حكيم .)
(25) من الآية رقم 8 ونصها : " إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب الى أبينا منا نحن عصبة إن أبانا لفي ضلال مبين "
(26) من الآية رقم 9 ونصها : " اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضاً يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين . "
(27) الفعل (يخلو) وقع جوابا للأمر (اقتلوا) ولذلك جزم بحذف حرف العلة (يخلُ) والفراء يقول إن هذا الفعل لا يجوز فيه إلا الجزم في جواب الأمر لأنه ليس فيه ضمير يعود على اسم نكرة سابق بحيث تصلح الجملة أن تكون صفة فيرتفع الفعل وذلك مثل : أعرني ثوبا ألبس ، فالجزم على أنه جواب الأمر ، وجواب الأمر كأنه جواب لشرط مقدر ، إذ الأصل أعرني ثوباً فإن تعرني ألبس . وأما الرفع فعلى أن فيه ضميرا يعود على الثوب ، وبذلك تكون هناك جملة واقعة صفة لثوب وليست واقعة في جواب الأمر.
(28) من الآية رقم 10 ، ونصها : " قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابة الجب يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين . "
(29) المعروف أن المضاف المذكر يجوز أن يستفيد التأنيث من المضاف إليه بشرط أن يكون جزءاً من المضاف إليه أو مثل جزئه ، أو كلاً له ، وبشرط أن يكون المضاف صالحاً للحذف وإقامة المضاف إليه مقامه وعلى ذلك يوجه الفراء قراءة " تلتقطه بعض السيارة " فكلمة (بعض) مذكر ، ولكنها استفادت التأنيث من المضاف إليه (السيارة) ولذلك أنت الفعل (تلتقطه).
(30) هذا البيت شاهد على استفادة المضاف من المضاف إليه بالشروط السالفة ، فكلمة (ظهر) استفادت التأنيث من (كف) ولذلك أنث النعت السببي الذي قبله (موجوءة) ، ولم يقل (موجوه).
(31) (مُرّ) مذكر ، و(السنين) مؤنث ، فاستفاد المضاف التأنيث ولذلك ، قال : أخذن مني .
وسرار الشهر : آخر ليلة منه .
(32) موضع الشاهد . وابتذلت وقع الحاجن .فكلمة (وقع) مذكر استفادت التأنيث من (الحاجن) ولذلك أنث الفعل قبلها .
والمحاجن جمع وهي عصا معقفة الرأس كالصولجان .
(33) موضع الشاهد : فدانت له أهل القرى . استفاد المضاف التأنيث من المضاف إليه، ولذلك أنت الفعل .
(34) موضع الشاهد . شرقت صدر القناة . استفاد التأنيث من المضاف إليه ، ولذلك أنث الفعل .
(35) موضع الشاهد . تهدمت سور المدينة . كالأبيات السابقة .
(36) الآية رقم 11ونصها : (قالوا يا أبانا مالك لا تأمنا على يوسف وإنا له لناصحون).
(37) يريد القراءة بالإشمام . والإشمام هنا للدلالة على حالة حرف النون قبل إدغامه إذ الأصل : لا تأمنُنا .
(38) من الآية رقم 12 ونصها : " أرسله معنا غدا يرتع ويلعب وإنا له لحافظون "
(39) الرتعة : اللهو .
(40) (يرتع) بالسكون مضارع (رتع) ، و (يرتعِ) بالجزم بحذف الياء مضارع (ارتعي) .
(41) من الآية رقم 18 ونصها : " وجاءوا على قميصه بدم كذب قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون " .
(42) قدم الفراء امثلة على استعمال المصدر بمعنى اسم المفعول ، فكلمة (كذب) تدل على معنى (مكذوب) . وهذا شاهد على العكس ؛ أي على استعمال اسم المفعول بمعنى المصدر ، فأخو المجلود معناها : أخو الجلد .
(43) وهذا شاهد أيضا على استعمال اسم المفعول بمعنى المصدر فكلمة (معقولاً) هنا معناها (عقلا).
(44) النصب على الحال ، وأنت تعلم أن النحاة يقررون ان صاحب الحال ينبغي أن يكون معرفة ، ولا يكون نكرة إلا بسوغ كما ذكروه ، غير أن سيبويه أجار وجود الحال من النكرة بلا مسوغ ، وهو ما يذهب إليه الفراء هنا أيضاً .
(45) البقرة 196 ، يقصد أنه مبتدأ لخبر محذوف أي فصبر جميل لي . أو خبر لمبتدأ محذوف أي فصبري صبر جميل .
(46) البقرة 229 .
(47) الآية رقم 19 ونصها : " وجاءت سيارة فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه قال يا بشرى هذا غلام وأسروه بضاعة والله عليم بما يعملون . "
(48) هذيل تقلب ألف المقصور ياء عند إضافته الى ياء المتكلم ، ثم تدغمها فيها ، وموضع الشاهد في البيت قوله : هويَّ ، اصلها : هواي ، قلب الألف ياء ثم أدغمها في ياء المتكلم فصارت : هويَ .
(49) البيتان شاهدان على لهجة هذيل في قلب الف المقصور ياء عند اضافتها الى ياء المتكلم ثم إدغامها فيها ، وذلك في كلمتي (قفيّا) و (صديّا) والأصل: قفاي ، وصداي ..... والصلة : العصا .
(50) يريد أنه مال الى الكسرة ، فأتى بالياء هي مناسبة للكسرة .
(51) يطلق الكوفيون على (الضمير) اصطلاح المكني أو الكناية .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|